إسبانيا.. أرض السياحة والإرهاب والباب الأوروبي لتسلل المتشددين

الجمعة 15/نوفمبر/2019 - 12:47 م
طباعة إسبانيا.. أرض السياحة محمد عبد الغفار
 
يؤثر الإرهاب على سير الحياة الطبيعية في الدول التي يضربها بعمليات متواصلة؛ لما يخلفه من ضحايا، وآثار سلبية تعمل الحكومات على إصلاحها، بما لا يؤثر على استقرارها السياسي، فعلاوة على تعزيز الإرهاب لإحساس الخوف والفزع لدى المواطنين، يمثل أيضًا تهديدًا مباشرًا للنمو الاقتصادي في الدولة، خاصة قطاع السياحة الذي يضربه الإرهاب في مقتل، نظرًا لاعتماد بعض الدول عليه في مؤشرات اقتصاداتها، مثل إسبانيا على سبيل المثال.

إسبانيا نموذجًا
تعد إسبانيا لاعبًا فاعلًا في المشهد الدولي لمكافحة ومواجهة الإرهاب؛ حيث أفاد المرصد الدولي للدراسات حول الإرهاب، فبراير 2018، عن وجود تزايد مضطرد في أعداد المتعاطفين الإسبان مع التنظيمات الإرهابية، وكذلك المهاجرين العرب والأفارقة إليها، خصوصًا القادمين من شمال أفريقيا.
وهو ما دفع الحكومة الإسبانية إلى التحذير في تقرير رسمي، يونيو 2018، من احتمالية استغلال تنظيم داعش الإرهابي للمساجين المغاربة الموجودين داخل سجونها، سواء بتهم إرهابية أو لا، بهدف تحويلهم إلى ذئاب منفردة.
كما أوضح تقرير آخر للمركز، في أغسطس 2017، عن وجود مركز للفكر الجهادي المتطرف في إقليم كتالونيا الإسباني؛ حيث شكلت مدينة برشلونة، عاصمة الإقليم، ملاذًا جيدًا لهذا الفكر، ويظهر ذلك في القبض على 723 جهاديًّا بها منذ عام 2004.
وشهدت إسبانيا هجومين كبيرين في أغسطس 2017؛ حيث استهدفت عناصر إرهابية أماكن سياحية في برشلونة ومنتجع كامبريلس في غربي البلاد؛ ما أسفر عن مقتل 16 شخصًا، وإصابة أكثر من 100 شخص آخرين من 35 جنسية مختلفة كانوا في زيارة للدولة الأوروبية.


علاقة طردية
هناك علاقة طردية ما بين السياحة والإرهاب في إسبانيا؛ حيث تتراجع أعداد السياحة الوافدة إلى الدول في حالة وقوع أعمال إرهابية، بينما تتزايد أعداد السياح إذا ما اتسمت الأوضاع الداخلية سياسيًّا واقتصاديًّا بالهدوء والاستقرار.
وينطبق المثل السابق على الأوضاع في إسبانيا، الذي يعتمد اقتصادها على السياحة بنسبة 11%؛ حيث شهدت البلاد تزايدًا كبيرًا في أعداد السياح خلال عام 2016، بعد تعرض مصر لهجوم إرهابي على الطائرة الروسية، وتونس لهجوم في متحف باردو وفنادق أخرى؛ ما دفع السياح إلى الذهاب إلى هناك.
وعلى النقيض، شهدت إسبانيا تراجعًا كبيرًا في أعداد السياح عقب هجمات برشلونة، وفي تصريح لوكالة فرانس برس، قال مدير مطعم سياحي في ساحة بلاسا دي كاتالونيا: إن 40% من حجوزات المطعم ألغيت، ويخشى الناس الجلوس في المكان الخارجي، وتراجعت أرباح المطعم إلى 6 آلاف يورو.
وفي يوليو 2017، قاد يونس أبو يعقوب شاحنة، وقام بعملية دهس للعشرات؛ ما أسفر عن مقتل 13 شخصًا، وإصابة آخرين من جنسيات مختلفة، وهو ما أثر بشكل مباشر على السياحة؛ حيث صرح مدير الاستقبال في فندق ريالتو فيسانتية رودريجو، في تصريحات صحفية عقب أسبوع من الحادق، أن هناك 5 من كل 80 حجزًا يتم إلغاؤهم داخل الفندق.

إجراءات أمنية
تعلم الحكومة الإسبانية أن السياحة تعد مصدرًا أساسيًّا للدخل بها، وتؤمن بأن العلاقة ما بين الأمن ووفود السياح طردية بصورة قوية؛ ما يجعل الحفاظ على الإجراءات الأمنية بصورة مشددة أمر حيوي وضروري بها.
على الصعيد ذاته، اضطرت الشرطة الاسبانية إلى استدراك الأزمات الأمنية بها؛ حيث منعت مرور المركبات في المناطق المكتظة بالسياح، عن طريق وضع حواجز لحماية المارة من السياح، وأعلنت وزارة الداخلية تشكيل لجنة تقنية لاتخاذ إجراءات مناسبة.
كما صرح وزير الداخلية في حكومة كتالونيا جواكيم فورن، أغسطس 2018، بأن قوات الأمن سوف تكثف من وجودها في الأماكن السياحية والكنائس، خصوصًا التي تشهد زيارة واسعة من السياح مثل كنيسة ساجرادا فاميليا، مع التأكيد على عدم شعور الحضور بهذه الإجراءات.

شارك