«الصراع المهمل».. شبح الإرهاب يطل مجددًا من جنوب تايلاند

الأحد 17/نوفمبر/2019 - 02:23 م
طباعة «الصراع المهمل».. أحمد سلطان
 
مساء أحد ليالي الخريف الباردة في جنوب تايلاند، استوقف مسلحو الدفاع المدني التايلاندي (قوات شبه عسكرية متحالفة مع الحكومة)، مجموعة من القرويين في إقليم يالا داخل إحدى نقاط التفتيش.
وبينما انهمك مسلحو الدفاع المدني في تفتيش القرويين، هاجم مجهولون نقطة التفتيش، ولم تمضي سوى دقائق قليلة حتى عج المكان بجثة 15 من القوات المتحالفة مع الحكومة، بينما أصيب 5 آخرون بجروح متفاوتة.
عقب الهجوم، عقد رئيس الوزراء التايلاندي برايوت تشان أوتشا اجتماعًا مع كبار مسؤولي الأمن لمناقشة وضع القوات العسكريّة التايلندية في المنطقة، ومناقشة وضع التمرد الذي تشنه جماعات إسلامية مسلحة من إثنية الملايو.
أزمة مهملة
أعاد الهجوم، إلى الواجهة الصراع المسلح في جنوب تايلاند وهو واحدًا من أكثر الصراعات المسلحة إهمالًا في العالم، بالرغم من تأثيراته على الأمن الدولي.
وبحسب مجموعة صوفان جروب الأمريكية المعنية بشؤون الأمن الدولي والاستخبارات فإن الصراع المسلح بين المسلمين والبوذيين في الملايو يعد واحدًا من أقل النزاعات في العالم تغطيةً وتحليلًا.
وبدأ الصراع في مقاطعات «يالا، وبتاني، وناراتيوات جنوبي تايلاند» في أواخر خمسينيات القرن الماضي، واشتعل الصراع مجددًا في عام 2004، وتزايد على مدار سنتين، بينما سجل العام 2019 انحسارًا في حجم نشاط المسلحين، إلى أن شنوا هجومهم الآخير على قوات الدفاع المدني قبل نحو أسبوعين.
وأسفر الصراع عن مقتل 7 آلاف شخص خلال السنوات الـ15 الماضية، وتشارك فيه عدد من الجماعات الإسلامية المسلحة (ذات الطابع المحلي) ومن أبرزها الجبهة الوطنية الثورية لتحرير فطاني.
إجراءات قمعية
تسببت الإجراءات التي اتخذتها الحكومة التايلاندية في تأجيج نيران الصراع في جنوب البلاد، إذ فرضت الحكومة لغة وقوانين مخالفة لتقاليد شعب الملايو المسلم الذي يشكل نسبة 80% من إجمالي السكان في جنوب البلاد والبالغ عددهم بنحو مليوني نسمة.
وفي عام 2013، بدأت الجماعات المسلحة والجيش التايلاندي جولات من المفاوضات بوساطة من الرئيس الماليزي، لكن الجيش أوقف المحادثات بعد فترة وجيزة من بدئها.
وتنفي الحكومة والجيش التايلاندي الاتهامات التي توجهها لها المنظمات الحقوقية حول الانتهاكات التي تُرتكب ضد مسلمي الملايو.
وحاول الجيش إعادة التفاوض مع الجماعات المسلحة في عام 2014، إلا أن جهود المفاوضات تعثرت مجددًا، لتندلع أعمال العنف في الجنوب التايلاندي من جديد.
شبح الإرهاب يطل من جنوب تايلاند
خلال الأعوام الماضية، بدأت الجماعات المسلحة في جنوب تايلاند في اتباع تكتيكات مشابهة لتكتيكات تنظيم داعش، إذ عمد أفراد تلك الجماعات إلى قطع الرؤوس، وحرق الأجساد.
وحذرت مجموعة صوفان جروب من أن الموجة الجديدة من أعمال العنف قد تكون أكثر تطورًا وانتظامًا وشدةً، متوقعةً أن تشمل نصب كمائن وتنفيذ عمليات اغتيالٍ تطال المسؤولين في الحكومة والمدنيين على حد سواء واستخدام أجهزة متفجرةٍ يدويّة الصنع، بالإضافة للهجمات المنسقة كالهجوم الذي وقع قبل نحو أسبوعين ضد قوات الدفاع المدني، وذلك للفت أنظار وسائل الإعلام والحكومة.
وفي ذات السياق، حذرت مجموعة الأزمات الدولية، والمنتدى الاقتصادي العالمي من تصاعد ما وصفوه بـ«المد الجهادي» في تايلاند.
وأصدر المنتدى الذي يتخذ من سويسرا مقرًا له، تقرير بعنوان «الحركة الجهادية في جنوب تايلاند.. شبح التهديد» حذر فيه من بزوغ فجر جديد للإرهاب من جنوب تايلاند، بعد الهزائم التي تلقاها تنظيم داعش.
ووفقًا للتقرير فإن كلًا من تنظيمي القاعدة، وداعش، فشلا إلى الآن في تحقيق أي اختراق يذكر للجماعات المسلحة التي تقاتل الجيش التايلاندي، مضيفًا أن كلا التنظيمين يستغلان الصراعات في العالم والتي يكون المسلمون طرفًا فيها للتمدد والانتشار.
الطوق الإرهابي
ويعتبر الجنوب التايلاندي محاطًا بطوق من الجماعات الإرهابية التي بايعت تنظيم داعش، وتنشط في الفلبين، وأندونيسيا، وماليزيا.
ونجح التنظيم الإرهابي في تأسيس أفرع له بنظام العمل من «الأسفل للأعلى» على حد وصف التقرير، مستفيدًا من الجماعات التي أعلنت بيعتها له.
وبحسب صوفان جروب والمنتدى الاقتصادي العالمي فإنه لاتوجد أدلة حتى الآن على  انضمام أي من الجماعات المسلحة في جنوب تايلاند، للقاعدة أو داعش وذلك راجع لرفض تلك الجماعات للأيدولوجيا السلفية الجهادية التي يعتنقها تنظيمي «القاعدة وداعش».

شارك