بين القمع وطول الأمد.. 4 سيناريوهات متوقعة لحراك الشارع الإيراني

الإثنين 18/نوفمبر/2019 - 01:50 م
طباعة بين القمع وطول الأمد.. علي رجب
 
يبدو أن نظام «آيات الله» في إيران قرر السير في طريق النهاية، مع قراره عدم التراجع عن رفع أسعار البنزين، بعدما ظهرت مؤشرات وأصوات تدعو إلى الإلغاء، في ظل تظاهرات واسعة شهدتها المدن الإيرانية.
التظاهرات التي أشعلتها رفع أسعار البنزين كانت بمثابة الشرارة التي أشعلت النار في رماد الثورة داخل الشارع الإيراني، الذي لم يهدأ منذ قمع تظاهرات ديسمبر 2017.
وقد أعطى المرشد علي خامنئي، إشارة استمرار التظاهرات عبر رفضه سحب قرار رفع أسعار البنزين؛ رغم الاحتجاجات الواسعة في البلاد، إذ أعلن المتحدث باسم هيئة رئاسة البرلمان الإيراني، الأحد 17 نوفمبر، أنه بناء على تصريحات المرشد الإيراني علي خامنئي حول ضرورة المضي قدمًا بتطبيق قرار رفع أسعار البنزين، فقد تم سحب مشروع قرار يقضي بإلغاء رفع الأسعار.
ونقل التلفزيون الرسمي عن المرشد الأعلى قوله: إنه يجب تطبيق زيادة سعر البنزين، معلنًا مساندته لرفع سعر البنزين، ملقيًا باللوم فيما وصفها بـ«أعمال التخريب»، على من أسمّاهم بـ«معارضي الجمهورية الإسلامية والأعداء الأجانب»، على حد تعبيره.
حراك الشارع
وتتواصل التظاهرات في الشارع الإيراني، وأغلقت العديد من المدارس والجامعات أبوابها، كذلك المحال والأسواق في العاصمة طهران، وعدة مدن أبرزها أصفهان وشيراز وكرمانشاه وأذربيجان الغربية والأحواز.
وشهد الشارع الإيرانى السبت 16 نوفمبر، مظاهرات في أكثر من 50 مدينة، تم خلالها حرق مصارف، وإغلاق طرق، وإضرام النيران في مراكز شرطة، ووقعت صدامات بين المتظاهرين وبين قوات الأمن، أدت إلى مقتل أكثر من 10 أشخاص في مدن مختلفة.
وصرح أحمد كريمي أصفهاني، الأمين العام لنقابة العمال فى طهران، لوكالة أنباء العمل الإيرانية الحكومية (إيلنا) بأن بعض أجزاء من سوق طهران مغلقة.
ورأى حزب اتحاد الشعب المعارض، أن التظاهرات ليست مرتبطة بارتفاع أسعار البنزين، بل هي نتاج سياسة قمعية، وفشل رجال الدين في إدارة الدولة على مدار أربعة عقود، لافتًا إلى أن التظاهرات هي حراك ضد فساد نظام المرشد، وتجويع وتفقير الشعب.
وقال الحزب في تغريدات عبر «تويتر» إن بعض وكالات الأنباء ووسائل الإعلام تحاول وصف تظاهرات الشارع الإيراني بتظاهرات البنزين، ولكن الحقيقة هي تظاهرات ضد القمع والقتل والفساد.
سيناريوهات المستقبل
مع تطورات الأوضاع من الإصرار على بقاء رفع أسعار البنزين، والشواهد التي تشير إلى رفض شعبي لهذا القرار، يبدو أن الأوضاع تسير إلى الانفجار، إذ يرى مراقبون أن هناك أربعة سيناريوهات للشارع الإيراني بين قمع الثورة على غرار ما حدث في 2009 و2017، أو طول أمد التظاهرات في الشارع، وعدم استقرار وعودة المتظاهرين «سيناريو التظاهرات السورية»، أو طول أمد الثورة والحراك في الشارع «سيناريو التظاهرات السودانية»، وأخيرًا الانتصار بإسقاط النظام سيناريو الثورة التونسية.
ويمكن القول إن إيران ترقد على بركان هائج وقابل للانفجار في أي لحظة، إذ يحمل قرار «خامنئي» العديد من السيناريوهات لحراك الشارع الإيراني، أولها وجود خطة لدى النظام ومؤسساته العسكرية (الجيش والحرس الثوري)، والأمنية (الداخلية وأجهزة الاستخبارات والأمن)، وشبه العسكرية (الباسيج- ميليشيات الأحزاب المتشددة)، لقمع الثورة كما حدث في 2009 و2017، كاحتجاجات المياه في أصفهان، واحتجاجات الشعوب غير الفارسية في الأحواز وكردستان إيران، وأذربيجان الغربية والشرقية، وسيستان وبلوشيستان.
وهذا السيناريو يعتمد على مدى صبر المتظاهرين في الشارع الإيراني، ودعم القوى السياسية المناهضة لنظام رجال الدين، للمتظاهرين في الشوارع.
السيناريو الثاني هو تحول التظاهرات إلى حالة «سوريا» من كر وفر وصراع مسلح في أكثر من نقطة، خاصة في المناطق غير الفارسية، وهذه السيناريو يخدم بقاء النظام، ويخرج الاحتجاجات من ثورتها السلمية إلى العسكرية، بما يعني دخول البلاد مرحلة جديدة من الصراع الداخلي، ومعها تتحول إلى نقطة عدم استقرار بما يمهد لتغيير شكل النظام.
السيناريو الثالث وهو «الثورة السودانية» إذ شهد السودان منذ 2011 بداية ما يسمى الربيع العربي، تظاهرات مختلفة تجاه نظام الرئيس السابق عمر البشير، كان أبرزها تظاهرات الخرطوم 2013، ونجح نظام البشير في قمعها، مع إطلاق وعود بالإصلاح السياسي والاقتصادي، ولكن هذه الوعود لم «تنفذ» فعاد الشارع المحتقن للانفجار في ديسمبر 2018 ليسقط البشير في أبريل 2019، بعد نحو 5 أشهر من التظاهرات المتواصلة، وأعمال الكر والفر بين الشارع السوداني والأمن.
السيناريو الرابع والأخير هو سيناريو «تونس»، أي أن تشهد البلاد تظاهرات حاشدة، وينجح المتظاهرون في التظاهر بالعاصمة، والحشد لإسقاط النظام، ويفشل الحرس الثوري ومؤسسات النظام العسكرية والأمنية وشبه العسكرية في مواجهة وقمع التظاهرات، مع دعم قوي من المجتمع الدولي، فيؤدي هذا إلى سقوط النظام، وهو سيناريو يتوقف على قوة هذا الحراك في الشارع، ومدى وحدة الشارع الإيراني بأطيافه ومكوناته المختلفة في مواجهة النظام.
من جانبه، يرى طه الياسين، نائب رئيس المنظمة الأوروبية الأحوازية لحقوق الإنسان، أن الأوضاع في إيران ضبابية، وكل السيناريوهات مفتوحة، سواء كان بتمدد الاحتجاجات واستمرارها أو بقدرة النظام على قمعها بطرق عدة، منها التضحية بأوراقه باكرًا.
وأضاف في تصريح لـ«المرجع» أن استمرار الاحتجاجات وتحولها إلى ما يشبه الانتفاضة سيهز صورة إيران في المنطقة، ومن شأن تداعيات ذلك أن يغير الخريطة السياسية في العراق ولبنان، ولا ننسى اليمن أيضًا.
وتابع الناشط الأحوازي قائلا: «إذا لم يسقط النظام الإيراني بسرعة فإن قدسيته انتهت بالتأكيد، خصوصًا عندما مزق المتظاهرون العلم الإيراني، وصور خامنئي، ودهسوها تحت أقدامهم».

شارك