دماء في بيوت الله.. تاريخ من تفجير «المساجد» بدعوى أنها ضرار

الثلاثاء 26/نوفمبر/2019 - 06:33 م
طباعة دماء في بيوت الله.. أحمد سلطان - معاذ محمد
 
خلال السنوات الماضية، شنت الجماعات الإرهابية سلسلةً من الهجمات، ضد المساجد دون مراعاة لحرمة دور العبادة أو استهداف المصلين.
وبالرغم من أن الجماعات الإرهابية في بدايتها، ركزت على استهداف مساجد الشيعة أو «الحسينيات»، بدعوى أن الشيعة «رافضة» يجوز قتلهم وهدم الأماكن التي يصلون بها، إلا أن السنوات القليلة الماضية شهدت إرهابًا من نوع مختلف؛ إذ عمد أفراد تلك الجماعات إلى شن هجمات ضد مساجد السنة أو المساجد التي يصلي بها العوام.
عمل منظرو الجماعات الإرهابية على التبرير الشرعي لمسألة استهداف المساجد، وفقًا للفقه الحركي للتنظيمات الإرهابية، تحت دعوى أن المساجد التي يستهدفونها مساجد «ضرار»، وهي تسمية مشتقة من آية قرآنية نزلت في حادثة محددة في عهد النبي محمد.
وأصدر 2 من أبرز منظري الجماعات الإرهابية، هما «عاصم البرقاوي أبومحمد المقدسي، وأبوقتادة الفلسطيني»، فتاوى تجيز استهداف وتدمير ما يصفونه بـ«مساجد الضرار».
وقال «الفلسطيني»: إنه ينبغي تحريق وهدم المساجد التي بناها حكام الدول العربية أو تسمت بأسمائهم بدعوى أنها مساجد ضرار، وأشار أبومحمد المقدسي إلى أن مساجد الضرار هي المساجد الحكومية، وزعم المقدسي في كتابه أن تلك المساجد يجوز هدمها.

تاريخ من تفجير المساجد
بدايةً من عام 2014، ومع بروز تنظيم داعش، شهدت عددًا من المساجد هجمات إرهابية، كان أولها الهجوم الذي استهدف مسجد مصعب بن عمير بالعراق، وأسفر عن مقتل 70 من المصلين، وشهدت العاصمة اليمنية صنعاء هجمات نفذها التنظيم الإرهابي ضد مساجد أثناء صلاة الجمعة.
وتكرر الأمر في مسجد الروضة ببئر العبد، ومسجد بيعة الرضوان بمدينة بنغازي الليبية، كما شهدت نيجيريا والكاميرون، وأفغانستان هجمات ضد المساجد في أثناء صلاة الجمعة.
وكشف عناصر منشقون عن تنظيم داعش في اليمن في إصدارات مرئية سابقة، أن التنظيم الإرهابي عمد إلى استهداف مساجد أهل السنة وتفجيرها خلال الصلوات، وزعم في بيانته أنها مساجد ومقرات تابعة لجماعة الحوثي ليبرر جرائمه ضد المصلين.

دراسة مرصد الفتاوى التكفيرية
في السياق ذاته، نشر مرصد الفتاوى التكفيرية والآراء المتشددة التابع لدار الإفتاء المصرية دراسة مطولة عن خرائط العنف والإرهاب على المساجد خلال السنوات العشر الماضية، وذلك تزامنًا مع ذكرى مذبحة الروضة.
وأوضحت الدراسة، أن المساجد ودور العبادة المسلمة هي أكثر دور العبادات تعرضًا للعنف والإرهاب، لافتةً إلى أن الجماعات الإرهابية «التي تدعي أنها تحارب باسم الإسلام»، لا تراعي في مقاصد الشريعة الإسلامية في حفظ الدين والنفس والمال والعرض للمسلمين وغير المسلمين. 
وأشارت نتاج الدراسة إلى أنه تم  تنفيذ (184) عملية إرهابية في (36) دولة خلال الـ10 سنوات الماضية، وقد راح ضحيتها أكثر من (3447) شهيدًا وإصابة أكثر من (6333). 
كما تصاعد منحنى العمليات الإرهابية ضد المساجد منذ عام 2015 وذلك بسبب صعود تنظيم داعش في سوريا والعراق، وتنامي نشاط تنظيم بوكو حرام وحركة طالبان باكستان وهي الجماعات الأكثر تنفيذًا للعمليات الإرهابية ضد المساجد. 
وأكدت نتائج الدراسة أن الهجوم على «مسجد الروضة» يعد أكثر الهجمات عنفًا ودموية ضد المساجد خلال السنوات العشر الماضية.
وقد كشفت نتائج الدراسة بأن أعوام (2015، 2019، 2018) هي أكثر السنوات عنفًا ودموية ضد المساجد؛ حيث يعتبر عام 2015 الأكثر عنفًا ضد المساجد فنُفِّذ أكثر من (17%) من حجم العنف خلال السنوات العشر الماضية ضد المساجد، وسقط جراءها (25%) من شهداء العنف على المساجد خلال تلك الفترة، وأدت إلى إصابة (51%) من حجم الإصابات خلال تلك الفترة، فيما يتقارب عام (2019) من حيث عدد العمليات المنفذة ضد المساجد بنسبة بلغت (17%) من حجم العمليات المنفذة خلال السنوات العشر الماضية، ولكن تأثيرها أقل حيث سقط عدد قليل من الشهداء بنسبة بلغت (6%) من حجم الشهداء الكلي خلال فترة الرصد، ونتج عنها إصابة (3%) من حجم الإصابات الكلي خلال نفس الفترة.
كذلك ذكرت نتائج الدراسة أن خمس دول هي «العراق، باكستان، نيجيريا، أفغانستان، سوريا» تعد بالترتيب هي الأكثر معاناة من عنف وإرهاب الجماعات المتطرفة على المساجد، فقد عانت تلك الدول الخمس مجتمعة عمليات إرهابية بلغت نسبتها (61%) من جملة هجمات العنف على المساجد خلال السنوات العشر الماضية، راح ضحيتها (38%) من جملة الشهداء. 

من تركيا إلى سيناء
من جهته، قال هشام النجار، الباحث في شؤون الحركات الإسلامية، إن استهداف مسجد الروضة، كان له ظروفه الخاصة، مشيرًا إلى أن تنظيم داعش كان يشهد في تلك الفترة تراجعًا كبيرًا، نظرًا لسقوط العديد من كوادره المصريين، وسعى من خلال هذه الهجوم الكبير إلى إثبات وجوده مرة أخرى، متابعًا: «الضرب بقوة في المساجد عملية تحدث ضجة».
وأوضح «النجار» في تصريحات خاصة له، أن داعش في تلك الفترة كان يستمد الدعم من المخابرات التركية، التي دعمت دخول عناصره إلى سيناء، مستدلًا بتصريح الرئيس رجب طيب أردوغان، في 6 ديسمبر 2017، بأن قادة التنظيم المتطرف الذين فروا من مدينة الرقة أصبحوا في سيناء.
وأكد الباحث في شؤون الحركات الإسلامية، إلى أن تنظيم داعش هو الوحيد الذي استهدف المساجد، إضافةً إلى أن اليمين المتطرف كان يقوم بمثل هذه العمليات في دول الغرب، كردة فعل على ممارسات «داعش»، واستيلاء تركيا على بعض المساجد.
وأضاف «النجار»، أن إعادة خطاب الغزو من قبل «أردوغان»، وحديثه ضد المسيحيين، بالإضافة إلى انتشار السلفية الجهادية، تسبب في إشعال الفتنة في الغرب، ما أدى إلى استهداف المساجد، للرد على ذلك.

شارك