ثلاثة أسباب تحول دون الوجود التركي المعلن في ليبيا

الخميس 02/يناير/2020 - 02:34 م
طباعة ثلاثة أسباب تحول سارة رشاد
 
بينما تسيطر حالة من الترقب على الساحة الإقليمية عمومًا والتركية بوجه خاص، انتظارًا لما ستسفر عنه جلسة البرلمان التركي، المقررة الخميس 2 يناير 2020، لمناقشة مذكرة حول تفويض يإرسال جنود إلى ليبيا، تبقى مسألة دفع أنقرة بقوات عسكرية إلى العاصمة الليبية أمرًا بعيدًا، بالنظر للتداعيات الخطيرة التي ستترتب عليه على المستوى الدولي والإقليمي والمحلي.

ورغم أن التلويح المتكرر من قبل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ومعاونيه بورقة الدفع بقوات في المشهد الليبي، يوحي بأن مسألة إرسال القوات محسومة وعلى وشك التنفيذ، إلا أن النظر إلى الوضع السياسي التركي والإقليمي يحبط "البروباجندا" التي تعكف أنقرة على تصديرها.

وتتمثل أولى تحديات وجود قوات تركيا في ليبيا بشكل معلن ورسمي، في الذاكرة الشعبية الليبية الكارهة لفترات الحكم العثماني، ودعم تقرير حديث لصحيفة «أحوال» التركية، نفس الرأي إذ قالت الصحيفة إن المشاعر المعادية للأتراك عميقة في جميع أنحاء ليبيا، على أساس قرون من الحكم العثماني السيئ. 

وتابعت: «القوات التركية لن تكون مرحب بها بل ستثير غضبًا كبيرًا في البلاد مثل الغضب الذي واجهوا به القوات الإيطالية سابقًا».

ورأت أن ذلك سيكون له تداعيات على حكومة الوفاق الحاكمة في طرابلس، باعتبارها السامحة بدخول القوات التركية، معتبرة أن الوفاق ستتهم وقتها بالخيانة والانصياع لمشروع "العثمانية الجديدة.

ويلاحظ ارتفاع في موجة القومية الليبية خلال الشهر الأخير، وفقًا لما أكده عبد المنعم اليسير، السياسي الليبي، الذي قال لـ"المرجع": "إن أنقرة تسببت في إيقاظ القبائل الليبية والعوائل للتصدي للتبجح التركي".

وبخلاف الرفض الشعبي، فثمة تحدي آخر يحول دون إعلان تركيا عن تواجدها عسكريًا في ليبيا، وهو الموقف الروسي الرافض لهذه الخطوة.

وكانت روسيا قد أعلنت رفضها للسياسات التركية في ليبيا، وهو ما فسره مراقبون بأن روسيا قد تكون جامح مناسب للتحرك التركي في ليبيا.

وأعربت موسكو، في وقت سابق، عن قلقها البالغ، إزاء احتمال نقل تركيا قوات عسكرية إلى ليبيا، وفق الاتفاق الأمني الذي أبرمته أنقرة مع حكومة فايز السراج أواخر نوفمبر الماضي، وقال مصدر في الخارجية الروسية إن موسكو قلقة بشدة من احتمال إرسال تركيا قوات إلى ليبيا، وفق ما ذكرت وكالة "إنترفاكس" الروسية للأنباء.

ويرى الباحث الليبي، محمد الزبيدي، أن الموقف الروسي جيد لوقف "أردوغان"، معتبرًا أن موسكو قد تكون الوسيلة الأنسب لكبح جماحه، مشيرًا إلى التجربة التركية في سوريا والدور الروسي في تحجمها.

ولفت "الزبيدي" إلى أن أنقرة حريصة على علاقتها بموسكو، باعتبار الأخير مصدرًا مهمًا للسلاح، في ظل التوتر القائم مع حلف الناتو، والتي تسببت في حظر تصدير السلاح لأنقرة.

داخليًّا يواجه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان موجة معارضة شعبية متصاعدة على خلفية تطورات المشهد في ليبيا، إذ اتهم سياسيون ، "أردوغان" في أكثر من مرة بالمجازفة بأرواح جنود الجيش التركي.

وكان حزب الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة، قد أعلن أن هذا التحرك من شأنه أن "يفاقم الصراع في ليبيا"، في رد فعل على اتفاقية أبرمها الرئيس رجب طيب أردوغان مع رئيس حكومة الوفاق، فايز السراج، تسمح بالتعاون العسكري. 

وقال أونال شفيق أوز نائب رئيس الحزب عقب محادثات مع وزير خارجية بلاده "مولود جاويش أوغلو": إن حزبه يعارض الخطوة، مضيفاً أنه "ينبغي أن تكون الأولوية للدبلوماسية وليس لأن نكون جزءًا من حرب بالوكالة".

وأبرز الحزب على لسان شفيق أوز أن ما يجري حاليًا "هو القيام باستعدادات لزيادة الوضع الحالي سوءًا"، لافتًا إلى أنه أبلغ الخارجية أن هذا "ليس صوابًا"، وأن "إرسال قوات إلى هناك في هذه الحالة سيوسع تأثيرات الصراعات في المنطقة ويؤدي لانتشارها".

في السياق نفسه كانت تصريحات زعيم "الشعب الجمهوري"، كمال كليجدار أوغلو، الذي قال للصحفيين: إن السياسة الخارجية تفتقر إلى العمق والتاريخ والخبرة في وزارة الخارجية. إنها مبنية على تنظيم الإخوان"، معتبرًا أن السياسة التركية في الشأنين السوري والليبي "ستجلب المزيد من الأضرار أكثر من المكاسب ".  

ولم تقتصر المعارضة على الشق السياسي، إذ حذّر المعارض التركي، إسماعيل قونجوق، نائب حزب الخير المعارض، من أوضاع اقتصادية في 2020 قال إنها الأسوأ، محملا نظام رجب طيب أردوغان، مسؤولية الأزمة الاقتصادية، معتبرًا إنها أحد تبعات السياسة الخارجية لتركيا أردوغان.

وقال "قونجوق" في تصريحات صحفية، نقلتها صحيفة "برغون" التركية: "إلى من ينتظرون انفراجة في الأزمة الاقتصادية عام 2020، أحذركم من سوء الأوضاع أكثر مما هي عليه، فالعام المقبل سيكون الأسوأ من حيث فرض الضرائب التي أنهكت المواطنين لدرجة بات معها من الصعب صبرهم أكثر من ذلك".

وأمام هذا التصعيد الداخلي، رأت الإعلامية الليبية، فاطمة غندور، في تصريحات سابقة لـ"المرجع" أن ذلك قد يكون حائل دون إعلان تركيا عن تواجدها رسميًّا في ليبيا، معتبرة أن "أردوغان" رغم إنه دائمًا ما يتحدى جبهته الداخلية إلا أنه في هذه المرة قد يضطر لعدم تنفيذ تهديداته بإرسال القوات.

ودعمت وجهة نظرها بأن "أردوغان" لجأ للدفاع بمرتزقة مدعومين منه، حتى ينوبوا عن التواجد التركي الرسمي، ولتجنب الصدام مع شعبه وموسكو.

وعلى مدار الأسبوع الأخير من 2019 تسربت معلومات عن إرسال تركيا مرتزقة سوريين إلى ليبيا للحرب إلى جانب المليشيات المسيطرة على طرابلس، وفقًا لما قال المرصد السوري لحقوق الإنسان، في تقرير صدر الاثنين 30 ديسمبر.

ونوه المرصد إلى أن عدد الذين وصلوا إلى المعسكرات التركية لتلقي التدريب وصل إلى ما لا يقل عن 1600 مرتزق من مقاتلي فصائل "السلطان مراد وسليمان شاه وفرقة المعتصم" الموالية لتركيا، موضحا أنه تم نقلهم من منطقة عفرين بعد تسجيل أسمائهم في الوقت الذي تتواصل عملية تسجيل الأسماء بشكل واسع. 

شارك