تعاون مشترك.. إيران ترسم خارطة تركيا الدينية ببعد طائفي

السبت 04/يناير/2020 - 01:34 م
طباعة تعاون مشترك.. إيران محمد عبد الغفار
 
للدين أثره في نفوس الشعوب، خصوصًا في منطقة الشرق الأوسط، التي يرتبط مواطنوها به بصورة كبيرة، وهو ما يسعى بعض الحكام إلى استغلاله، كما هو الحال في مثلث «قطر، وتركيا، وإيران»، إذ تعد اتفاقية التعاون الديني المشترك بين طهران وأنقرة خير مثال على ذلك.



وتسعى كل من إيران وتركيا إلى التوغل ثقافيًّا وفكريًّا في الأخرى، بما يخدم مصالحها على الجانب الأيديولوجي، ويساعدها في إحداث تغيير ديموجرافي ولو بصورة طفيفة، والهدف الأساسي هو تغيير عقلية وطريقة تفكير المواطنين بما يخدم المصالح العليا.

اتفاقية ثنائية

مؤخرًا زار رئيس رابطة الثقافة والعلاقات الإسلامية في إيران «أبو ذر إبراهيمي تركمان»، تركيا، وكان في استقباله رئيس الشؤون الدينية «علي أرباش»، وشهدت الزيارة أحداثا مهمة، أبرزها توقيع اتفاقية ثنائية بين الطرفين.



ووفقًا لصحيفة «زمان» التركية في 31 ديسمبر 2019، تكون الاتفاق من 18 بندًا، تتضمن ترجمة ونشر كتب دينية خاصة بعلماء البلدين، والسماح لرجال الدين الإيرانيين المختصين في الفقه بإلقاء محاضرات داخل كليات الشريعة في أنقرة.



كما كشفت صحيفة «ميبا نيوز» التركية نقلًا عن جريدتي «برس تي في» و«فارس نيوز» الإيرانيتين، أن الاتفاقية تتضمن أيضًا تنظيم أنشطة وفعاليات دينية مختلفة ما بين الطرفين.


تكتم تركي وانفتاح إيراني

لم تتضح تفاصيل الزيارة إلا بعد عدة أيام من حدوثها، حيث التزم الطرف التركي أقصى درجات الحذر، وبالنظر إلى الموقع الرسمي لرئاسة الشؤون الدينية التابع لرئاسة الجمهورية التركية، نجد أنه تمت تغطية الخبر تحت عنوان «عندما ترتفع الحرائق في العالم الإسلامي، يجب أن تكون آلامنا ومتاعبنا وأدعيتنا مشتركة».


وتناول الخبر الزيارة من خلال حديث الطرفين عن القضية الفلسطينية، وضرورة دعمها بصورة إقليمية، بالإضافة إلى انقسام العالمين العربي والإسلامي والنزاعات المنتشرة به.



وركز الموقع التركي على العبارات والشعارات الرنانة مثل: القضية الفلسطينية والمسجد الأقصى وغيرهما، بهدف صنع صورة ذهنية جيدة عن اللقاء لدى المتابعين.



ورغم نقل الموقع الرسمي لرابطة الثقافة والعلاقات الإسلامية الإيراني، تفاصيل اللقاء بصورة مقاربة من الموقع التركي، فإن الأخبار التالية كانت أكثر وضوحًا، إذ بدأ في نشر تفاصيل اللقاء بعد يومين من حدوثه، ناقلًا على لسان رئيسه «أن توقيع مذكرة تفاهم التعاون المشترك يمهد لتنمية العلاقات الدينية بين البلدين»، معتبرًا أنها خطوة عملية لتنمية التعاون المشترك والمتبادل بينهما، على حد تعبيره.



كما أوضح الموقع الإيراني في تقرير آخر نقلًا عن وكالة الأنباء القرآنية الدولية «إكنا»، افتتاح رئيس رابطة الثقافة والعلاقات الإسلامية معرضًا قرآنيًّا مشتركًا خلال وجوده في أنقره، ضم تفسير «الخميني» للقرآن الكريم، بالإضافة إلى عدة تفاسير أخرى مثل «تفسير تسنيم، والحداد»، واستمر المعرض لمدة أسبوع، في مقر منظمة الشؤون الدينية التركية.

تعاون خجل ولكن مستمر
سعت تركيا إلى إقناع العالم العربي السني بأنها تسعى لتكوين هلال سني في وجه الهلال الشيعي، لكنها أخفت وراء هذه الشعارات علاقات جيدة مع إيران، ليس فقط على المستويين الاقتصادي والسياسي، ولكن أيضًا على المستوى الديني.



وظهر هذا التعاون في عدة مناسبات، منها اجتماع رئيس هيئة الشؤون الدينية التركية «علي أرباش» مع عميد جامعة المذاهب الإسلامية الإيرانية محمد حسين مختاري، في 17 سبتمبر 2018، بهدف بحث سبل التعاون بين الجامعات الدينية في البلدين.



واعتبر «أرباش» خلال اللقاء أنه من المهم تبادل الرؤى والأفكار بين الأساتذة في جامعات البلدين، وتحديدًا على مجال العلوم الدينية.



وأضاف أن تركيا تهدف لإقامة جامعة إسلامية دولية في إسطنبول، على أن يتم الانتهاء منها في عام 2020، وسوف يتم استقطاب أعضاء هيئة تدريس من جامعة المذاهب الإسلامية الإيرانية لتدريس المذهب الشيعي والتيارات الشيعية الحديثة في الجامعة التركية.



وبعد اللقاء بثلاثة أشهر، ديسمبر 2018، مدح رئيس هيئة الشؤون الدينية التركية الفكر الديني الإيراني، معتبرًا أنه وسيلة مهمة في مواجهة الإرهاب والتطرف في المنطقة، ومشاعر الإسلاموفوبيا الغربية.



وأشار «أرباش» إلى أن أنقرة وطهران عاصمتان كبيرتان بما يكفي للوقوف أمام أطماع «الإمبريالية الغربية»، الهادفة إلى الاصطدام بالدين الإسلامي، وإظهار المسلمين كدعاة عنف وإرهاب.

شارك