بـ«المدارس والجمعيات والطرق الصوفية».. هكذا تغزو تركيا أوروبا

الخميس 09/يناير/2020 - 02:30 م
طباعة بـ«المدارس والجمعيات محمد يسري
 

لا تتوقف الأطماع العثمانية ومحاولات فرض النفوذ على بلدان الشرق الأوسط وأفريقيا وحدها، بل تمتد لاختراق أوروبا عن طريق الغزو الثقافي الناعم، الذي يتمثل في المدارس، والمراكز والاتحادات والمساجد الإسلامية، بل والطرق الصوفية أيضًا التي تحظى باحترام الأوروبيين، نظرًا لما يرونه فيها من صورة معتدلة بعيدًا عن فكر الجماعات الحركية المتطرفة التي تثير إزعاجهم.

وتنتشر المدارس التركية  في كثير من الدول الأوروبية، التي بدأت تتنبه لخطورتها، وتأثيرها على المواطنين الأصليين، وليس الجالية التركية وحدها، كما تستقطب هذه المدارس أبناء الجاليات الإسلامية، وتغرس فيهم الثقافة التركية؛ لكسب ولائهم، وتشكل أزمة كبيرة في الاندماج المجتمعي الأوروبي.

وقد تنبهت ألمانيا لخطورة هذه القضية، التي تخفي نية النظام التركي في فرض الثقافة التركية على أوروبا خدمة لطموحاته وأحلامه التوسعية، بحجة وجود مدارس ألمانية على الأراضي التركية.

وفي يناير 2010، صرح الرئيس التركي أردوغان- وكان وقتها رئيسًا للوزراء- بضرورة وجود مدارس تركية في ألمانيا وقال: «يجب في أن يتعلم الشخص لغته الأم أولًا، أي التركية، ولكن للأسف هذا لا يحدث إلا نادرًا». 

وأكد على أهمية وجود نظام تعليمي بعد الثانوية، ذي طابع تركي في ألمانيا، وقال:"أرى أن هذا ليس رفاهية وإنما مساهمة من أجل تحقيق الاندماج" الأمر الذي واجه وقتها معارضة قوية من السياسيين وعلى رأسهم المستشارة الألمانية إنجيلا ميركل والتي رفضت هذا الاقتراح.

كما سعت تركيا لإنشاء مدارس داخلية للأتراك والجاليات الأجنبية، خاصة العربية، وبالفعل أنشأت مدارس تضم مناهج لتعليم الثقافة التركية، تحت مزاعم أنها مدارس إسلامية تضم أقسامًا داخلية وتدفع تركيا رواتب المعلمين بها، ومنها مدرسة إسلامية تركية في بلدة واتنجتاط الألمانية ويضم القسم الداخلي بها 150 طالبًا.

وفي فرنسا انتقدت صحيفة «لوفيجارو» الفرنسية، مطلع مايو 2019، مساعي الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في افتتاح مدرسة لتعليم المناهج التركية في فرنسا، معتبرة أنها تتنافى مع القيم الجمهورية، مؤكدة أن أردوغان لا يخفي رؤيته التي يطمح إليها بإعادة الخلافة العثمانية بنشر الأفكار المتطرفة، لاسيما في المجتمعات الغربية.

وقالت مجلة «لوبوان» الفرنسية، إن المدارس الثانوية الفرنسية في تركيا لا تستقبل فقط أبناء الفرنسيين المغتربين في تركيا، إنما أبناء قادة حزب «العدالة والتنمية» الذي يعرف بأنه «إسلامي قومي محافظ».

ونقلت المجلة عن مسؤول فرنسي أن الفرنسيين يجدون أنفسهم تحت ضغط في إسطنبول وأنقرة من قبل سلطة أردوغان للتوسط لزرع مدارس للمناهج التعليمية التركية في فرنسا.

يعتمد الرئيس التركي أردوغان بدرجة كبيرة على كتلة هائلة من الاتحادات المنتشرة في جميع دول الاتحاد الأوربي، التي تُظهر الدعوة إلى الإسلام، وتعد هذه الكيانات مراكز جذب للجاليات المسلمة، جنبًا إلى جنب مع مسلمي هذه الدول، وتخفي هذه المراكز مناهج فكرية مفخخة، إذ الإسلام بها عبارة عن منهج للتنظيمات الإرهابية، وعلى رأسها جماعة الإخوان، التي تمثل خطرًا مزدوجًا على الإسلام، عن طريق نشره بصورة مشوهة، وفي الوقت نفسه تحمل الأهداف التوسعية الناعمة المشتركة بين الإخوان وتركيا.

من بين هذه الكيانات: الاتحاد الإسلامي التركي في ألمانيا «ديتيب» الذي يتبنى فكر جماعة الإخوان، ويعد هذا إحدى الأذرع الخارجية للرئيس التركي، أردوغان.

ويضم الاتحاد نحو 900 مسجد في ألمانيا، ويعد امتدادًا لوزارة الشؤون الدينية التركية، التي تشرف على إرسال الخطباء والوعاظ إليه وتخصص لهم الرواتب.

ومثلما يعتمد النظام التركي على الاتحادات الإسلامية ذات التوجه الحركي، يستغل شغف الدول الأوروبية بالحركة الصوفية، التي تدعم سياسات مكافحة الإرهاب، باعتبارها نافذة إسلامية تقدم نفسها في صورة معتدلة متسامحة مع الجميع، عن طريق نشر الثقافة التركية خلال احتفالياتها وجلساتها.

ومن أبرز الطرق الصوفية التركية في أوروبا الطريقة النقشبندية والمولولية والبكتاشية.

وتعتبر الطريقة النقشبندية الأوسع انتشارًا في أوروبا خاصة في كل من فرنسا وإسبانيا التي تجد مغذيات لنشرها من خلال الصوفية المغاربة المهاجرين إلى أوروبا، وهذه الطريقة أصولها تركية، وتحمل الثقافة التركية، ويعتبر الشيخ ناظم حقاني المقيم في قبرص هو الأب الروحي لها، وتنتشر في مناطق كثيرة من فرنسا من خلال عدد من الجمعيات والأندية خاصة في باريس كجمعية أدب Association Adab التي تنظم فعاليات الموسيقى الصوفية التي تحمل الثقافة التركية مخلوطة بالذكر النقشبندي، وتمتلك الطريقة سلسلة من المكتبات الصغيرة لبيع كتب التصوف والموسيقى الصوفية ذات الأصول التركية.

شارك