الجارة الغربية.. ليبيا في حماية مصرية حفاظًا على الأمن القومي للدولتين والمنطقة

الجمعة 17/يناير/2020 - 11:30 ص
طباعة الجارة الغربية.. شيماء يحيى
 
لاقت الأزمة الليبية اهتمامًا مصريًّا كبيرًا، خاصةً بعد التطورات التي شهدتها الجارة الغربية من فرض السيطرة على العاصمة طرابلس بعد سنوات من سقوطها في قبضة الميليشيات الموالية لحكومة الوفاق، وبعد الاتفاق المبرم بين السرّاج وتركيا.

أهمية ليبيا لأمن مصر
تعتبر ليبيا دولة معبر، فهي على الحدود الغربية لمصر، ولم تعد الأزمة الراهنة تخص ليبيا داخليًّا فقط، بل صارت تداعيتها تؤثر بشكل كبير على أمن واستقرار المحيط الإقليمي، ليست مصر فقط بل المنطقة العربية كاملًا.
وتشكل الحدود الغربية بين مصر وجارتها الليبية، الممتدة لمسافة 1200 كم، مصدر قلق وتهديد دائم لمصر؛ إذ شهدت صحراء الواحات المشتركة بين مصر والحدود الليبية العديد من العمليات الإرهابية البشعة، التي لم تكتفِ برصد قوات الأمن والجيش فحسب، بل استهدفت المواطنين الأقباط في تلك المنطقة النائية، التي راح ضحيتها 21 من المصريين، وكذلك شهدت الصحراء بين الحدود العديد من العمليات الإرهابية، التي أتاحت لعناصرها الإرهابية الفرار عبر الحدود، ومثالًا على ذلك الإرهابي هشام عشماوي، الذي استهدف عناصر الجيش وقوات الأمن داخل مصر، وتم القبض عليه في ليبيا، وفق التنسيق بين الدولتين.

انعكاسات الأزمة
كانت الأزمة الليبية حاضرة دومًا في أجندة المسؤولين المصريين، ولكنها لاقت اهتمامًا كبيرًا بعد التطورات التي شهدتها البلاد الليبية من توقيع مذكرتين إحداهما للتعاون العسكري والأخرى لتعيين الحدود البحرية بين تركيا وحكومة الوفاق، وهي الاتفاقية التي اعتبرتها مصر باطلة، لما يُمثل هذا خطورة شديدة؛ ما يؤدي لتصعيد الموقف، وتورط عدد أكبر من الدول في الساحة الليبية.
فهناك تخوفات مصرية من حالة الانفلات الأمني الذي شهدته ليبيا، وتحولها لبؤرة داعمة لأشكال الإرهاب؛ إذ شكّلت تهديدًا أمنيًّا على دول الجوار، من مساندة التنظيمات الإرهابية الجديدة في دول شمال أفريقيا ومنطقة الساحل والصحراء مثل تنظيم «القاعدة» في بلاد المغرب الإسلامي، وجماعة أنصار بيت المقدس في مصر، والتخوف العام من الربط الإقليمي بين هذه التنظيمات وبين تنظيم «داعش» في سوريا والعراق، إضافةً للمتمردين من الطوارق في كل من مالي والنيجر.
وباتت مصر أمام ملفات عدة تحتم عليها مواجهتها، منها تأمين حدودها الشرقية مع ليبيا، التي أصبحت تشكل خللًا أمنيًّا وخطرًا يُداهم مصر، وهناك أيضًا التهديدات الإقليمية التي تشترك فيه مصر والدول المجاورة في التعامل معه، كتهريب السلاح أو المساعدة في الهجرة غير الشرعية أو خطر الاتجار في البشر أو تسهيل المخدرات.

الدور المصري
كان لمصر دورٌ ساهم كثيرًا في مساندة جارتها الغربية فيما آلت إليه الأوضاع في الآونة الأخيرة، فحاول المسؤولون تقديم وتفعيل كل الحلول السلمية للوصول لأفضل وضع دون الخوض في الحروب، أو إراقة الدماء.
وفي ظل تلك المساندات، فإن الجيش المصري على أهبة الاستعداد لمواجهة أي من التدخلات الأجنبية في المنطقة الليبية، وذلك بعد دعوة رئيس البرلمان الليبي عقيلة صالح القوات المسلحة المصرية للتدخل إذا حدث تدخلٌ أجنبيٌ في بلاده، ورغم أن مصر تمتلك القوة والعتاد اللازم لوقف أي محاولات هيمنة قوى الإرهاب على دول الجوار، فإنها لا تلجأ للحلول العسكرية أولًا، وتسعى لتقديم التسوية السلمية، وتمثل ذلك سابقًا في دعوة مصر الأطراف الليبية ومن ضمنهم رئيس حكومة الوفاق للجلوس على مائدة التفاوض، وطرحت حلولًا سلميّة ملائمة للأزمة.
وهذا ما تم التأكيد عليه خلال اتصال هاتفي في 10 يناير2020، بين الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، واللذان شددا خلاله على أن التدخلات الخارجية في ليبيا تلقي بتداعياتها السلبية على مجمل القضية من جميع الجوانب وتقوض المساعي الرامية إلى تحقيق الأمن والاستقرار في ليبيا.
وفى 12 يناير2020، وخلال اتصال هاتفي بين الرئيس «السيسي»، والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، تم توافق «مصري ــ ألماني» على ضرورة الحل السياسي لإنهاء الأزمة الليبية، وضرورة أن تتم صياغة هذا الحل في إطار شامل يتناول جميع جوانب القضية من الناحية السياسية والاقتصادية والأمنية والعسكرية، وكذلك تقويض التدخلات الخارجية غير المشروعة في الشأن الليبي.
ولم تهدأ المساعي المصرية الرامية للحل السلمي للأزمة الليبية، إذ استقبل الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، في القاهرة في 12 يناير2020، رئيس المجلس الأوروبي، شارل ميشيل، وأعرب «السيسي» خلال اللقاء عن تطلع مصر الدائم لتعظيم قنوات التشاور مع الاتحاد الأوروبي في الشأن الليبي، وضرورة العمل على التوصل إلى تسوية سياسية شاملة للقضية الليبية، بما يحافظ على المؤسسات الوطنية، ويصون سيادتها ووحدة أراضيها، ويحد من التدخلات الخارجية غير المشروعة، حتى يمكن استعادة الاستقرار بالمنطقة وتوفير مستقبل أفضل لشعوبها.

شارك