مقاطعة انتخابات الملالي.. الشعب الإيراني يتصدى لأذرع المرشد

الإثنين 10/فبراير/2020 - 02:12 م
طباعة مقاطعة انتخابات الملالي.. نورا بنداري
 
مع اقتراب الانتخابات البرلمانية الإيرانية المزمع انعقادها في 21 فبراير 2020، تتزايد دعوات المنظمات والأحزاب المعارضة وأيضًا العديد من فئات الشعب الإيراني، لمقاطعة هذه الانتخابات، لرؤيتهم أنها لن تجدي بأي شيء، بل ستأتي بأذرع المرشد الإيراني من الأصوليين، خاصة بعد ظهور بعض الأدلة التي تفيد بوجود تنافس قوي بين التيارين الأصولي والإصلاحي.

 

وتأتي تلك الانتخابات في الوقت الذي يشهد تعنت مجلس صيانة الدستور تجاه المرشحين من التيار الإصلاحي ورفضه للكثير من أوراقهم بمزاعم كاذبة، وهو ما رفضه الرئيس الإيراني «حسن روحاني» مطالبًا بجعل الانتخابات تشمل جميع التيارات، وعدم ترك تيار واحد يسيطر على زمام الأمور.

مطالبات بالمقاطعة

في هذا السياق، أصدرت أحزاب ومنظمات سياسية إيرانية بيانًا طالبت فيه الشعب الإيراني بمقاطعة الانتخابات المقبلة؛ لرؤيتهم أنها انتخابات شكلية ولن تجدي نفعًا لصالح الشعب بل إنها ستزيد من سوء الأوضاع الإيرانية في ظل حكم ولاية الفقيه.

 

ونشر موقع «إيران انترناشونال» في 8 فبراير 2020، بيان الأحزاب المعارضة للانتخابات، إذ ضم كلًا من «اتحاد الجمهوريين الإيراني، ومنظمة فدائيي خلق الإيرانية، ومنظمات الجبهة الوطنية الإيرانية خارج البلاد».

 

وجاء في البيان أنه على مدى العقود الأربعة الماضية، ضاق نطاق المشاركة السياسية واجتياز فلتر مجلس صيانة الدستور، وأن هذه العملية استمرت حتى الانتخابات الراهنة بشكل أشد، مؤكدًا أن المرشد «خامنئي»، والحرس الثوري، والأصوليين قرروا الهيمنة على الأغلبية الساحقة في البرلمان وتوحيده.

 

ولفت البيان إلى أنه على الرغم من الأوضاع المتأزمة في البلاد، فإن النظام لا يخضع للتغيير السياسي في أدائه بل يسعى إلى تضييق دائرة السلطة بهدف توحيدها وتشديد الأجواء الأمنية، ويحاول إقامة انتخابات برلمانية بشكل صوري وشكلي أكثر من ذي قبل، وذلك من أجل إسكات آخر أصوات الاحتجاج في البرلمان، والموافقة على المترشحين المنصاعين إلى «خامنئي» فقط، من أجل تعزيز نفوذ المؤسسات العسكرية والاستخباراتية والأمنية في مختلف المجالات السياسية والاجتماعية، وبالتالي الحفاظ على حصتها من الموارد الاقتصادية في البلاد.

 

ولذلك طالبت الأحزاب المعارضة في بيانها ترك صناديق الاقتراع فارغة، ومقاطعة الانتخابات؛ لتعزيز الحركة الاحتجاجية وتوجيه صفعة أخرى لنظام الملالي وسلب مصداقيته أكثر من أي وقت مضى، موضحًا أن مقاطعة الانتخابات تمثل فرصة مناسبة لاستمرار الاحتجاجات والنهوض بها إلى مستوى حركة اجتماعية نشطة وشاملة، لافتًا إلى أن مقاطعة الانتخابات تمثل فرصة مناسبة لربط رفض التصويت مع احتجاجات الشارع التي اندلعت في نوفمبر 2019.

 

يذكر أن بيان الأحزاب المعارضة بشأن مقاطعة انتخابات الملالي، لم يكن الأول، فقد سبقه العديد من النشطاء الإيرانيين المقيمين بالخارج، الذين أصدروا بيانًا في 6 فبراير 2020 دعوا فيه الشعب إلى مقاطعة الانتخابات البرلمانية، وبل وطالبوه بالدفاع عن حقوقه من خلال العصيان المدني وعدم المشاركة في الانتخابات، ووصف البيان الذي وقع عليه 164 ناشطًا سياسيًّا ومدنيًّا بالخارج، الانتخابات المقبلة بـ"الشكلية"، وبينوا أن  هناك نحو 70% من الدوائر الانتخابية معينة مسبقًا بهندسة مؤسسة المرشد ومجلس صيانة الدستور والقوات العسكرية والأمنية.

 
مزاعم المرشد

وردًا على دعوات المقاطعة، وعلى ما أعلنه الرئيس «روحاني» مسبقًا عندما انتقد مجلس صيانة الدستور لاستهدافه المرشحين الإصلاحيين، وطالبه باحترام الشعب والسماح للتيارات المختلفة بالمشاركة في الانتخابات؛ طالب المرشد «خامنئي» في خطبته 5 فبراير 2020، المواطنين الإيرانيين بعدم الانصياع للأصوات المعارضة والمشاركة الفعالة في الانتخابات البرلمانية، ودافع «خامنئي» عن مجلس صيانة الدستور مشيدًا بنزاهته، واعتبر الانتخابات المقبلة هي الأكثر نزاهة على صعيد العالم، مطالبًا المسؤوليين في الحكومة والبرلمان والناشطين على وسائل التواصل الاجتماعي بالانتباه لمواقفهم.


وتضمنت تصريحات المرشد انتقادات وجهها لـ«روحاني» وآخرين -دون تسميتهم- لمهاجمتهم مجلس صيانة الدستور بسبب رفضه أهلية العديد من مرشحي الإصلاحيين، واصفًا مهاجمة المجلس وتوجيه الاتهامات إليه، من أسوأ الأعمال التي تعتبر من كبائر الذنوب وتستوجب التوبة، واتهم المرشد من المرشحين السابقين الذين رأوا أن الانتخابات المقبلة ستكون انتخابات شكلية، قائلًا  "للذين تولوا مناصب عبر الانتخابات لكنهم يشككون فيها، نقول إنه عندما تكون الانتخابات لصالحكم فهي صحيحة، لكنها عندما لا تصب في صالحكم فهي باطلة؟


فشل سياسة الملالي

يبدو أن الشعب الإيراني أدرك ما يقوم به المرشد والمؤسسات الداعمة له، خاصة بعد فشل هذه المؤسسات في حل الأزمة الاقتصادية التي تواجهها إيران منذ فرض الولايات المتحدة عقوبات اقتصادية عليها، إضافة إلى استمرار النظام في فرض سياسة تقشفية لحل أزمته.

ولذلك فإن الإيرانيين أصبح لديهم وعي بما يجري داخل مؤسسة ولاية الفقيه، وهذا ما ظهر جليًا في استطلاع الرأي الذي نشرته قناة «خبر» التابعة لهيئة الإذاعة والتلفزيون الإيرانية الحكومية؛ وأجراه التليفزيون الإيراني في 6 فبراير 2020، عبر تطبيق تليجرام، وأفاد بأن 80% من الإيرانيين قرروا عدم المشارکة في الانتخابات البرلمانية المقبلة، بعدما صوت 670 ألف متابع برفضهم المشاركة في الانتخابات.

 

إضافة لمطالبة الإيرانيين على موقع «تويتر» في 8 فبراير 2020، بمقاطعة الانتخابات وعدم المشاركة فيها والتصدي بقوة لحكم ولاية الفقيه، ونشروا هاشتاج «تحريم الانتخابات» وأرفقوا مطالبتهم بصورة كاريكاتيرية جاء فيها مرشحو المرشد فقط هم الذين يشاركون في الانتخابات، والقرار محسوم من البداية، لذلك لا داعي للنزول والمشاركة.

ولذلك من المتوقع ألا تشهد الانتخابات المقبلة حضورًا شعبيًّا كثيفًا لغياب أصوات بعض شرائح المجتمع فيها، ويرجع هذا لاستمرار النظام الإيراني بقيادة المرشد في اتباع نفس النهج القائم على تغليب المصلحة لصالح المرشد ومؤسساته وداعميه فقط ولا عزاء للشعب الإيراني الذي يمارس ضده الأساليب القمعية كافة.

برلمان المرشد

وفي تصريح خاص لـه، قال محمد عبادي، الباحث المتخصص في الشؤون الإيرانية، مدير مركز جدار للدراسات الإيرانية، إن المعارضة الإيرانية تحاول استغلال فرصة التوتر بين المرشد والرئيس «روحاني»، على خلفية استبعاد مجلس صيانة الدستور لعدد كبير من مرشحي التيار الإصلاحي من خوض الانتخابات البرلمانية التي ستعقد خلال الشهر الحالي.

وأوضح أن الانتخابات تأتي في ظل ظروف صعبة يعيشها النظام الإيراني، بسبب أزمات الداخل ومعاداة الخارج، والتي من المتوقع أن يكون لها أثر كبير على مشاركة قطاعات واسعة من الشعب في الانتخابات.

ولفت «العبادي» إلى أنه على بالرغم من العزوف الانتخابي من الشعب الإيراني، فإنه من المتوقع أن يتم انتخاب مرشحي التيار المتشدد لتكون النتيجة برلمان الصوت الواحد، حسب ما يريد المرشد الإيراني، فمن الواضح أن النظام لم يعد احتمال حتى انتقادات الإصلاحيين التي تأتي على استحياء، ويرغب في برلمان متسق تمامًا مع المرشد والحرس الثوري.

شارك