مؤتمر ميونخ للأمن.. سباق تسلح جديد وحلول غامضة

السبت 15/فبراير/2020 - 02:32 م
طباعة مؤتمر ميونخ للأمن.. أميرة الشريف
 
تستضيف مدينة ميونخ الألمانية، خلال الفترة من الرابع عشر حتى السادس عشر من فبراير الجارى، أعمال مؤتمر "ميونخ الأمنى " فى دورته الـ"56" ، بمشاركة عدد من زعماء الدول ورؤساء الحكومات ، لبحث التهديدات المحدقة بالسلم العالمى، كما سيتم مناقشة تغير موازين القوة فى العالم، ويتوقع أن يشارك فى أعمال المؤتمر أكثر من خمسمائة من صانعى القرار وشخصيات "رفيعة المستوى "، حيث يناقش المشاركون فى المؤتمر الأزمات الحالية والتحديات الأمنية المستقبلية .
وحسب موقع "مؤتمر ميونخ للأمن"، شارك فى أعمال المؤتمر كل من  الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون ، ورئيس الوزراء الكندى جاستين ترودو، ووزراء الخارجية والدفاع والطاقة فى الولايات المتحدة، بجانب وفود من الكونجرس من كلا الطرفين ، بما فى ذلك رئيسة مجلس النواب نانسى بيلوسى ، والأمين العام لحلف "الناتو" ينس ستولتنبرج ، ورؤساء بوركينافساسو ، والنيجر، وتشاد ، ووزراء خارجية العديد من دول الغعالم بمن فيهم وزراء خارجية روسيا والصين واليابان.
وينعقد مؤتمر ميونخ للأمن وسط أزمات عالمية، وتمثل سوريا وليبيا قضيتين من أهم القضايا التي تتناولها فعاليات مؤتمر ميونيخ الدولي للأمن، الذي أكد رئيسه أن الدبلوماسية القوية تقتضي التهديد بالوسائل العسكرية في حالة الضرورة.
وأكد رئيس مؤتمر ميونيخ الأمني، الدبلوماسي الألماني فولفغانغ إشينغر، الحاجة إلى “هديد بفرض عقوبات في حالة عدم الامتثال لقرارات مؤتمر برلين بشأن ليبيا.
وقال إيشينجر في حالة عدم الامتثال للقرارات بشأن ليبيا التي تم التوصل إليها في مؤتمر برلين والتي تم تضمينها في القرار الذي تبناه مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بشأن ليبيا، سنحتاج في أي حال إلى تهديد بفرض عقوبات وآلية مراقبة دولية”، مضيفًا ما دام قائد الجيش خليفة حفتر يعتقد أنه يمكن أن يقترب بضعة كيلومترات من طرابلس لن ينجح اتفاق السلام.
واستضافت العاصمة الألمانية برلين، يوم 19 يناير الماضي، فعاليات مؤتمر برلين حول ليبيا، بمشاركة دولية رفيعة المستوى، وذلك بعد المحادثات الليبية – الليبية، التي جرت مؤخرا في موسكو، بحضور ممثلين عن روسيا الاتحادية وتركيا.
ودعا البيان الختامي لمؤتمر برلين جميع الأطراف إلى الامتناع عن أي أنشطة تؤدي إلى تفاقم النزاع أو تتعارض مع حظر الأسلحة الأممي أو وقف إطلاق النار، بما في ذلك تمويل القدرات العسكرية أو تجنيد المرتزقة، كما دعا البيان، مجلس الأمن الدولي إلى فرض عقوبات مناسبة على الذين يثبت انتهاكهم لإجراءات وقف إطلاق النار، وضمان تطبيق تلك العقوبات.
ومن الملفات الأكثر صعوبة علي الإطلاق، ملف سباق التسلح النووي مابين أمريكا وروسيا والصين، والملف الليبي الذي دفع حضوره بشدة على أجندة المؤتمر وكذلك وسط أروقة المؤتمر وقاعات الحوار والنقاش، ملف دفاع أوروبي مشترك، وتهديدات إيران للامن الاقليمي والدولي، ومكافحة الإرهاب ومحاربة تنظيم داعش.
الخلافات بين ضفتي الاطلسي مازالت الشغل الشاغل الى بعض دول اوروبا تحديدا المانيا وفرنسا، وهذا ماعبر عنه الرئيس الألماني، شتاينماير قائلا: إن شعار نظيره الأميركي دونالد ترامب "أميركا أولاً" هز النظام العالمي وأجج انعدام الأمن في عالم غير مستقر. وقال شتاينماير في افتتاح مؤتمر ميونيخ للأمن، التجمع السنوي الذي يناقش تحديات الأمن العالمية: "نشهد اليوم زخماً مدمراً متزايداً في السياسات الدولية".
وخصّ شتاينماير بالذكر الولايات المتحدة "أقرب شركاء" أوروبا لتراجعها عن المسرح متعدد الأطراف في وقت تتفاقم فيه التوترات بين قوى عسكرية كبرى. وفي إشارة إلى شعاري "لنعيد العظمة إلى أميركا" و"أميركا أولا" قال شتاينماير إن الإدارة الأميركية الحالية تصدر إشارات إلى أن على كل دولة التصرف فقط في سبيل مصالحها الخاصة، نهج يميل إلى إفادة الأقوياء فقط.
كما انتقد الرئيس الألماني تصرفات القوتين العظميين روسيا والصين، وقال: "أقرب حلفائنا، الولايات المتحدة، ترفض، في ظل الإدارة الحالية، فكرة المجتمع الدولي".
وأضاف أنه لا يصح أن تتعايش أوروبا مع مزيد من العزلة بين بلدانها، وهي إشارة الى حالة الانقسام التي تعيشها أوروبا من الداخل خاصة مابين شرق اوروبا وغربها.
في سياق متصل، رفض وزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو أثناء مؤتمر الأمن بميونيخ جنوب ألمانيا انتقادات الرئيس الألماني ومسؤولين أوروبيين آخرين بشأن سياسة الانطواء وأنانية إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، مؤكداً أنها "لا تعكس الواقع". 
وقال بومبيو إن "الغرب ينتصر ونحن ننتصر معاً"، مضيفا: "يسرني أن أبلغكم أن فكرة أن التحالف بين ضفتي الأطلسي قد مات، مبالغ فيها إلى حد كبير".
ورد بومبيو بالتأكيد أن بلاده ساهمت في تعزيز حلف شمال الأطلسي في شرق أوروبا بالقرب من الحدود مع روسيا وأنها قادت الجهود للقضاء على "الخلافة" التي أعلنها تنظيم "داعش" في سوريا.
وتساءل "هل ترفض الولايات المتحدة الأسرة الدولية؟"، موضحاً أن "الغرب في طريقه إلى النصر". وأضاف "نحن في طريقنا إلى الانتصار ونفعل ذلك معا"، وذلك رداً على المشككين في تماسك المعسكر الغربي والعلاقات بين جانبي الأطلسي. 
وتابع أن "الغرب لديه مستقبل أفضل من البدائل غير الليبرالية"، مديناً تطور دول مثل روسيا والصين وإيران. ومضى بومبيو إلى القول: "الغرب يكسب، معا نكسب... اذكروا لي مثالا من التاريخ ينتصر فيه الضعفاء والانهزاميون".
وظهر مصطلح جديد في مؤتمر ميونخ لهذا العام وهو، إنعدام التوجه الغربي، العالم يفقد من ثقله الغربي، وهو مصطلح او عبارة فضفاضة، ربما تقبل أكثر من تفسير، ويمكن ان تكون احدى التفسيرات هو تهديد الديمقراطيات في أوروبا، والعودة الى الدول القومية، وتمدد اليمين المتطرف.
وتركزت النقاشات الجانبية داخل المؤتمر على الملف الليبي، وبدى واضحا من خلال النقاشات والرؤى، أن برلين فشلت في دورها في ليبيا، إشارة الى مخرجات مؤتمر برلين الذي عقد خلال شهر يناير الماضي 2020. وهناك اجماع لدى المراقبين، بانه لايمكن تنفيذ  مخرجات برلين ونشر قوات على الارض، مالم يكون هناك وقف اطلاق نار. 
وتناقلت المناقشات الجانبية، عبر البث المباشر لمؤتمر ميونخ للأمن، تعقيد الملف الليبي، ليمكن وصفه بالملف الشائك.
ووفق تقارير إعلامية نشرتها الاندبندنت بالعربية، تسعى الدول الاوروبية، إلى تحقيق مصالحها في ليبيا، وكذلك في افريقيا، بدل من إطلاق يد تركيا وروسيا في دول المنطقة وافريقيا، لقد وجدت أوروبا نفسها متأخرة امام واقع حال، يتعلق،  بخطوات عملياتية على الارض، خاصة، الوجود العسكري، وهذا ماتفتقده دول اوروبا، ربما ماعدا فرنسا.
ويدفع الملف الليبي، بدول أوروبا، السعي إلى إيجاد نهج دفاع مشترك وكذلك سياسات متقاربة في موضوعات الامن والهجرة، بسبب انعكاسات تردي الوضع في ليبيا وتمدد الفوضى. وبدون شك التدخل التركي العسكري المباشر ونقل الجماعات الارهابية والمرتزقة، يمثل تصعيدا جديدا، لايتماشى مع مساعي اوروبا في ليبيا ومناطق الصراع الدولية الاخرى.
وعلي ارغم من أن مؤتمر ميونخ لايعزز أمن،ولايمنع إرهاب، فانه يبقى منتدى هام إلى عقد اللقاءات والاجتماعات بين كبار اللاعبين في مجال السياسة والامن، بعيدا عن قيود الدبلوماسية، وهذا يعني ان مؤتمر ميونخ تكمن اهميته، بنوع الشخصيات المشاركة. ويمكن اعتباره  : فرصة ليس فقط لتقييم الوضع الأمني الدولي، بل أيضا وضع الغرب على وجه الخصوص. مؤتمر ميونخ للامن وتهديد الامن الدولي.
ويبقى دور مؤتمر ميونخ للأمن منحصرا بالتحذير والتنبيه الى المخاطر التي تهدد الامن الدولي،مؤتمر ميونخ ، يضرب جرس الانذار الى تفكك الامن الدولي، ومايعنيه مؤتمر ميونخ هو تفكك التحالف مابين دول اوروبا والولايات المتحدة، وتهديات موسكو الى شرق أوروبا، التي تصاعدت، بعد تخفيض حلف الناتو التزاماته في حماية أوروبا.
ووفق مراقبون، تكمن أهمية مؤتمر ميونخ ، كونه مؤتمر غير رسمي، يحرر القادة من بروتكولات الدبلوماسية، ويعطيها حرية ومرونة الحركة مابين أروقة المؤتمر لعقد اجتماعات ثنائية، وفرصة الى المعنيين بالامن على مستوى الخبراء لتبادل الراي والمشورة. يذكران مؤتمر ميونخ عادة لايخرج بمخرجات او قرارات ، بقدر مايخرج بتنبيهات او توصيات لحل مشكلات الأمن الدولي. 
يذكر أن مؤتمر ميونخ للأمن عقد للمرة الأولى عام 1963 ، تحت اسم :" اللقاء الدولى لعلوم الدفاع"، وكان الآباء المؤسسون : الناشر الألمانى إيفالد فون كلايست، وهو أحد مؤيدى المقاومة ضد النازية ، والفيزيائى إدوارد تيلر ، غير أن المؤتمر غير اسمه لاحقاً إلى "المؤتمر الدولى لعلوم الدفاع"، ليصبح "مؤتمر ميونخ للأمن".

شارك