أزمة تشكيل الحكومة.. إخوان تونس ضد الرئيس في حرب الصلاحيات السياسية

الثلاثاء 18/فبراير/2020 - 02:09 م
طباعة أزمة تشكيل الحكومة.. أسماء البتاكوشي
 
دخلت العلاقة بين الإخوان في تونس- ممثلة في حركة النهضة، والرئيس التونسي قيس سعيد- في نفق التعقيد السياسي، بعد محاولة فرض الحركة سيطرتها، على المسارات السياسية في البلاد، فكلما اقتربت نهاية مهلة رئيس الوزراء المكلف من قبل الرئيس التونسي «إلياس الفخفاخ» لتشكيل الحكومة توترت العلاقة بين الرئيس والجماعة حول مدى أحقية أي منهما باحتكار المشهد لصالحه.



تراشق بالوكالة



وينتشر الحديث في الأوساط التونسية عن الحرب الكلامية بالوكالة بين «سعيد» وزعيم حركة النهضة «راشد الغنوشي»؛ فضلًا عن رفض الفخفاخ لكل مقترحات النهضة في التشكيلة الوزارية الجديدة.



في هذا السياق وصف رضا شهاب المكي (الصديق الشخصي لـقيس سعيد وقائد حملته الرئاسية) «الغنوشي» بـ«الماسوني والمنافق والمخاتل»، متوعدًا له بتحركات شعبية ضد سياسات الفشل الاقتصادي والاجتماعي للحكومات الإخوانية؛ فضلًا عن اتهامه للنهضة ومناصريها بعرقلة مسار الإصلاح في تونس من خلال التشبث بالنظام البرلماني.



بينما تشن الصفحات الموالية لحركة النهضة والشخصيات المحسوبة عليها هجومًا على «قيس سعيد»؛ الذي يشكل حجر عثرة أمام مساعي الحركة لإعادة تجربة التوافق، من خلال رفض إشراك حزب قلب تونس برئاسة نبيل القروي في مشاورات تشكيل الحكومة، بهدف فرض مزيد من الضغوط على الرئيس لرفع يده عن مسار تشكيل الحكومة.



واتهم الوزير السابق في عهد الترويكا -حكومة ائتلافية كانت تقودها النهضة من عام 2011 إلى 2014- «أبويعرب المرزوقي»، «قيس سعيد»، بالعمالة إلى أنظمة أجنبية، واصفًا إياه بــ«الدمية الإيرانية».



إضافة إلى هذا اعتبر «الغنوشي» أن قيس سعيد لم يختر الشخصية الأفضل لتشكيل الحكومة، في إشارة إلى الفخفاخ رئيس الحكومة المكلف، لافتًا إلى أن الأسماء التي اقترحتها النهضة على الرئيس التونسي، كانت أفضل من إلياس الفخفاخ لكن سعيد لم يختر الشخصية الأفضل، بحسب قوله.



أزمة الحكومة



وفيما يتعلق بالتشكيل الحكومي قال عضو لجنة المفاوضات بحركة النهضة سامي الطريقي: إن المفاوضات بين حركته والفخفاخ تتجه نحو الفشل، مشيرًا إلى أن هذا هو الموقف الرسمي الذي انتهت إليه اللجنة هو موقف رسمي انتهت إليه اللجنة المكلفة بالتفاوض مع رئيس الحكومة المكلف وبقية الحزام السياسي لحكومته المنتظرة.



واتهم «الطريقي» في تصريحات صحفية له: الفخفاخ أنه لم يعامل الحركة وفق حجمها وأهمية الخلافات لمعالجة الخلافات بينهما وهي خلافات تشمل الأرضية السياسية والأرضية الهيكلية للحكومة؛ ما يدفع الحركة لإمهاله إلى الجمعة الموافق 14 فبراير 2020 لمراجعة الأمر.



وتابع أن ما استفز النهضة هو تعامل الفخفاخ معها في ملف هيكلة الحكومة؛ إذ أشار الطريقي أن رئيس الحكومة المكلف طلب من الحركة الإخوانية تقديم مقترحات للوزارات، فقدمت ثم بعد ذلك رفضها الفخفاخ كلها على غرار التنمية والتعاون الدولي والزراعة والتجارة.



وفي محاولة من النهضة أن تسيطر على أي من الوزارات قبلت بما يعرضه الفخفاخ عليها من وزارات؛ إذ تراجعت من 7 وزارات إلى 5 وزارات، وقدمت أسماء لتولي هذه الحقائب ووقع الاتفاق مع الفخفاخ السبت الموافق 8 فبراير 2020.





لكن الفخفاخ عاد وتراجع عما وقع الاتفاق عليه، فضلًا عن رفضه تقلد شخصيات من النهضة للمناصب الوزارية بعد أن اقترح هو الأمر.



يشار إلى أنه في الفترة الأخيرة غير قيس سعيد مدير ديوانه المقرب من الإخوان «عبدالرؤوف بالطبيب»؛ ما يعد محاولة من الرئاسة التونسية تحصين قصر قرطاج ضد الاختراقات الإخوانية، كما حدث في عهد الرئيس الأسبق المنصف المرزوقي، بحسب وسائل الإعلام التونسية.



بدوره قال الكاتب والمحلل التونسي «بلحسن اليحياوي»: إن الغنوشي اتخذ من الرئيس التونسي قيس سعيد خصمًا له في لعبة «الطاولة»، ورميا نرديهما؛ إذ إن الغنوشي هو أول من ألقى بنرده «الحبيب الجملي»، الذي سرعان ما تاه بين دعاوى الاستقلالية وأسطورة التكنوقراط.



وتابع اليحياوي في منشور على صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك» أنه بعد ذلك أفسح الطريق للفخفاخ، «النرد الأكفأ» لرئيس الجمهورية، والذي صدق سريعًا أن شعبية الرئيس المنتخب عملة يمكن صرفها في البرلمان، فأعلن من البداية نفسه مرشحًا لقوى الثورة. 



وأكد أن الغنوشي سرعان ما التقط طرف الخيط، وقرر تأديب الشخصية الأكفأ لرئيس الجمهورية، فأخرج من جلبابه مقولات التوافق، وضرورات المرحلة، والمصالحة متناسيًّا محاربة الفساد.

شارك