خريطة جماعة الإخوان في دول المغرب العربي

السبت 23/يناير/2021 - 12:37 م
طباعة خريطة جماعة الإخوان ليلى عادل
 
اخوان تونس.. "حركة النهضة":
وضع الاخوان في تونس يشبه الى حد ما وضع الجماعة الأم في مصر، حيث استطاعت حركة " الاتجاه الإسلامي" التواجد في المجتمع من خلال التجمع بالمساجد ومنها "الزيتونة"، لقراءة القرآن والحديث النبوي وتذاكر السيرة، وكما فعل السادات مع الاخوان في مصر، لم يعارض الحزب الدستوري الحاكم هذا النشاط  في تونس، بل حاول استغلال حركة الاتجاه الإسلامي في الجامعة ضد التيارات اليسارية وفي القلب منها التيار الماركسي، وفي عام 1981 غيرت الحركة اسمها إلى "حزب النهضة"، استعدادًا للترخيص لها كحزب شرعي، واعترفت الحركة في بيانها التأسيسي بموقفها المؤيد للديمقراطية وتداول السلطة، وسمح لهم ببعض النشاط وإصدار مجلة "المعرفة" كمنبر لأفكار الحركة.
 بعد وصول "بن علي" إلى السلطة وإفراجه عن معظم قيادات الحركة بمن فيهم راشد الغنوشي قامت الحركة بتأييد النظام الجديد والتوقيع على وثيقة الميثاق الوطني التي وضعها بن على، وبعد رفض النظام السماح بإعلان الحركة كحزب علني غادر الغنوشي البلاد الى ليبيا فالسودان وبعد ذلك إلى لندن، في رحلة نفي اضطراري طالت حوالي 22 سنة.
بداية من 1990 اصطدمت الحركة بعنف مع السلطة، وبلغت المواجهة أوجها أثناء أزمة حرب الخليج، ففي مايو1991 أعلنت الحكومة إبطال مؤامرة لقلب نظام الحكم واغتيال الرئيس بن علي، وشنت الأجهزة الأمنية حملة شديدة على أعضاء الحركة ومؤيديها وبلغ عدد الموقوفين حسب بعض المصادر 8000 شخص.
ومع تأسيس التنظيم العالمي لجماعة الإخوان المسلمين رسمياً سنة 1982 على يد المرشد الخامس للجماعة مصطفي مشهور، انخرطت حركة الاتجاه الإسلامي عضواً ناشطاً في التنظيم يمثلها أميرها الشيخ راشد الغنوشي.

الإخوان في الجزائر.. "حركة حمس":
تعتبر حركة مجتمع السلم الذراع السياسي الأبرز للإخوان في الجزائر، وثاني أكبر القوى الإسلامية هناك، نشأت كحزب عام ١٩٩١م، بعدما انتقلت الحركة من مرحلة العمل السري الذي بدأ في عام ١٩٦٣م وقوي في السبعينيات، مستندا في مرجعيته إلى منهج جماعة الإخوان المسلمين العالمية تحت راية جمعية الإرشاد والإصلاح، إلى مرحلة العمل العلني في منتصف السبعينيات بمعارضة صريحة وعملية لحكومة هواري بو مدين باسم تنظيم جماعة الموحدين، بقيادة محفوظ نحناح الذي دعا إلى العمل الإصلاحي الإسلامي، وتجنب الصدام مع السلطة محاولاً فتح باب الحوار معها إلى جانب التنسيق مع كافة القوى والفعاليات الإسلامية، وبمقتضى دستور ١٩٩٦م، واستنادا للقانون الخاص بالأحزاب السياسية تغير اسم الحركة ليصبح حركة مجتمع السلم (حمس)، كما غيبت أية إشارة منفردة لمرجعيتها الإسلامية في مشروع برنامجها السياسي الجديد، الذي قدم بعد صدور القانون لتعوض بالثوابت الوطنية كمرجعية فكرية لها.
وشاركت حركة مجتمع السلم في انتخابات عام ١٩٩٧م لتبرز كقوة إسلامية لا يستهان بها تحت قبة البرلمان، فحصلت على ٦٩ مقعداً لتحتل المركز الثاني قبل جبهة التحرير الوطني.
حدث انشقاق في الصف الإخوانى في الجزائر ليخرج الشيخ عبد المجيد المناصرة (والذي أصبح نائب رئيس حركة الدعوة والتغيير)- عن الحركة وكون هو والشيخ مصطفى بلمهدي (رئيس الحركة) حركة الدعوة والتغيير في أبريل عام 2009م.
تعد حركة الدعوة والتغيير الجناح الآخر للإخوان المسلمين في الجزائر، وتمتد عبر مختلف ولايات الجزائر، ولها مجلس شورى وهيئات تتكفل بالملفات الكبرى للدعوة والتربية وقضايا الأمة، ويعد عبد المجيد مناصرة هو القيادي الأبرز بالحركة، وقائد سيناريو الخروج على أبي جرة سلطاني زعيم "حمس" ، بعد أن اتهمه بالخروج على نهج الشيخ المؤسس للإخوان في الجزائر محفوظ نحناح؛ ليؤكد للجميع على ثقته في الحصول على دعم الجماعة الأم في مصر. 

اخوان المغرب.. "حزب العدالة والتنمية":
البداية كانت من خلال محاولة جماعة الإخوان في إنشاء شعب لها في المغرب العربي، واعتمد الإخوان المسلمون في يونيو 1937 ضمن شُعبهم في العالم الإسلامي شُعْبَتين في المغرب الأقصى، إحداهما كانت في فاس وكان مندوبها محمد بن علال الفاسي، والأخرى كانت في طنجة وكان مندوبها أحمد بن الصديق، إلا أنه تم اعتقال محمد بن علال الفاسي، ونفته خارج البلاد في عام 1937؛ مما أدى إلى انكماش دعوة الإخوان في المغرب وعدم انتشارها.
ونشطت حركة الإخوان في الستينييات على يد الدكتور عبد الكريم الخطيب والذي يعتبر مؤسس حركة العدالة والتنمية في المغرب، حيث تأسست الحركة عام 1967م، وكان الخطيب وقتها رئيس البرلمان المغربي، غير أنه مورس ضده التضييق من قبل الدولة.
وفي عام 1992 وبعد أن تعذر على حركة الإصلاح والتجديد- الجماعة الإسلامية سابقا- تأسيس حزب التجديد الوطني اتصلت قيادة الحركة بالدكتور عبد الكريم الخطيب عارضة عليه إعادة إحياء الحزب ووافق الخطيب بشروط ثلاثة، هي: "الإسلام-الاعتراف بالملكية الدستورية- نبذ العنف"، وفي عام 1996 عقد الحزب مؤتمرا استثنائيا لتمكين القيادات الإسلامية من العضوية في أمانته العامة، ومنذ ذلك الحين بدأ ينظر إلى الحزب باعتباره حزبا إسلاميا.
وفي هذه الفترة كانت الحركة الإسلامية تدبر مشروعا اندماجيا بين فصيلين هما حركة الإصلاح والتجديد ورابطة المستقبل الإسلامي، وتوجت هذه الجهود بالإعلان عن تنظيم جديد يضم الفصيلين هو: "حركة التوحيد والإصلاح" بقيادة الدكتور أحمد الريسوني.
يرى المتابعون أن حزب العدالة والتنمية المغربي خلال السنوات الماضية كان يسير على خطى حزب العدالة والتنمية التركي، حيث يتشابهان، في الاسم والشعار واتخاذ "فانوس" شعارا لحزبيهما، وأيضا على مستوى الأفكار التي تؤمن بالعلمانية الجزئية في الحياة السياسية، وهذا التشابه الكبير حاول أمين حزب العدالة والتنمية المغربي عبدالإله بنكيران نفيه في أحد حواراته الصحفية حينما قال: إن عبد الإله بنكيران ليس أردوغان.
اخوان موريتانيا.. "حاسم، حمد، تواصل":
تأخّر ظهور تيار الإخوان في موريتانيا إلى النصف الثاني من السبعينيات كتنظيم سياسي معترف به قانونًا، وإن كانت التعبيرات الإسلامية سابقة على ذلك العهد، من خلال بعض الجمعيات الدينية والخيرية، نظرا للطبيعة المحافظة للبلاد.
وكان تنظيم "الجماعة الإسلامية" أول من ظهر عام 1978، لكن كجمعية فقط، وفي عام 1990 انضوى عدد من الجمعيات الإسلامية في تنظيم سياسي أطلق على نفسه لقباً مختصرا هو "حاسم"، نسبة إلى الحركة الإسلامية في موريتانيا، ذات الخلفية الفكرية المتأثرة بجماعة الإخوان المسلمين في مصر.
وقد خاض الإسلاميون الموريتانيون الانتخابات البلدية في تلك الفترة، وعندما صدر القانون المنظم للأحزاب في 25 يوليو 1991 تقدموا بطلب تأسيس حزب سياسي لكن السلطة رفضت، فانخرطوا في المعارضة السياسية لنظام الرئيس معاوية ولد الطائع، وبعد سقوط هذا النظام عام 2005 حاولوا مجددا دخول المعترك السياسي، فتم إنشاء حزب الملتقى الديمقراطي (حمد) ثم حركة "الإصلاحيين الوسطيين"، وأخيرا تجربة حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية (تواصل)، وهي كلها تعمل اليوم تحت الإطار القانوني.
عمل الإسلاميون بقوة على معارضة انقلاب 2008، في إطار الجبهة الوطنية للدفاع عن الديمقراطية، وما أن توصلت الأطراف السياسية إلى اتفاق دكار، وهو الاتفاق الذي بموجبه شارك كل الطيف السياسي في الانتخابات الرئاسية وكان برعاية دولية، وأجريت الانتخابات الرئاسية في عام 2009، حتى عمدوا إلى الاعتراف بنتائج الانتخابات، وكانت تلك بمثابة رسالة منهم للنظام رغم رفض بعض أحزاب المعارضة لذلك، وتوج ذلك الاعتراف بالتحالف مع النظام في ترشيحات مجلس الشيوخ 2011 ضمن ما عُرف حينها بـ"المعارضة الناصحة" التي استمرت أكثر من عام، قبل أن يتخلوا عن مهادنة النظام وصولًا إلى "المعارضة الناطحة" مع بزوغ ثورات الربيع العربي، حيث نسقوا جهودهم مع المعارضة لرفع سقف مطالبهم، ودفعها نحو مطلب رحيل النظام الحالي، وهو المطلب الذي وضع المعارضة أمام رهان صعب بين المطلب والقدرة على تنفيذه، خاصة مع وجود تشققات داخل جدار المعارضة، جعلها سهلة الاختراق، وضعيفة المقاومة، أمام إغراءات النظام، فاستمال بعضها وبقي البعض مُمانعًا.

شارك