راشد الغنوشي «المراوغ».. هل يلقى مصير بن علي؟

السبت 23/يناير/2021 - 12:41 م
طباعة راشد الغنوشي «المراوغ».. حسام الحداد
 
لطفي زيتون القيادي البارز في حركة النهضة "اخوان تونس" والوزير السابق والصديق المقرب من راشد الغنوشي زعيم حركة النهضة، والذي استقال من الحركة منذ شهور قليلة "اكتوبر 2020"، احتجاجا ورفضا لسياسات وممارسات حركة النهضة، وزعيمها الغنوشي وجه ما أسماه "نصيحة" للغنوشي بضرورة الاستماع لصوت الشارع التونسي الرافض للكثير من سياسات النهضة، والمعترض بشكل خاص على ممارسات وتصريحات الغنوشي الصادمة، والتي كان أخرها بدايات يناير الجاري، موجها حديثه للقوى السياسية والشعب "الحوار أو القتال"، على خلفية تصاعد المواجهة داخل البرلمان والشارع بين جماعة الاخوان "النهضة"، والقوى المدنية في تونس، وحذر زيتون الغنوشي بأنه في حال عدم الانصات لصوت الشارع التونسي سيلقى مصير بن علي في إشارة للرئيس السابق زين العابدين بن علي الذي أطاح به الشعب في ثورة شعبية منذ عشر سنوات.
ويري متابعون أن الغنوشي حاول خلال فترة وجوده بالخارج أن يظهر بشكل أكثر ليبرالية، وقدم مفردات وخطابات تنافس الليبراليين، إلا انه حينما عاد لتونس قدم خطابات متشددة، معتبرين انها تكشف عن الوجه الحقيقي للغنوشي.
مع تأسيس التنظيم العالمي لجماعة الإخوان المسلمين رسمياً سنة 1982 على يد المرشد الخامس للجماعة مصطفي مشهور، انخرطت حركة الاتجاه الإسلامي عضواً ناشطاً في التنظيم يمثلها أميرها الشيخ راشد الغنوشي.
واضطلع الغنوشي بدور محوري في أوروبا والمغرب العربي لصالح التنظيم الدولي للإخوان المسلمين، والذي بدا بشكل مبكر ومنذ بدايات نشأة الحركة الإسلامية في تونس، وفي شهادة قدمها الشيخ عبدالكريم مطيع الحمداوي، مؤسس الحركة الإسلامية بالمغرب الأقصى ، اتهم فيها الغنوشي "بالعمل على اختراق الحركة الإسلامية في المغرب بتكليف من جماعة الإخوان المسلمين نهاية السبعينيات، من القرن الماضي والتجسس لفائدة التنظيم العالمي للجماعة"، على حد قوله. 
في شهر أبريل 2012، عندما كان حزب النهضة في نشوة توليه السلطة وفوزه فوزا بيِنا بأول انتخابات بعد الثورة، خاطب الغنوشي مجموعة من قادة الجماعات السلفية التونسية بقوله: "إن مؤسستي الجيش والأمن غير مضمونتين" ومضى يقول لهم إنكم "تذكرونني بأيام الشباب". هذه التصريحات التي بثت مقتطفات منها في فيديو على يوتيوب، أشعلت غضب النخب السياسية التونسية المتشبعة بالعلمانية ورأت فيها اعترافا من الغنوشي بسعيه للسيطرة على مؤسسات الدولة و"أسلمتها"، وبكونها تكشف وجها "خفيا" للغنوشي مخالفا للوجه المعتدل الذي يسعى دائما للظهور به.
في 19 مارس 2019، طرد مواطنون من مدينة بن قردان جنوب تونس رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي، وطلبوا منه الرحيل عن مدينتهم في مؤشر على تنامي السخط الشعبي اتجاه هذا الحزب وقياداته.
في 29 أبريل 2020، أثار مشروعان لاتفاقيتين تجاريتين "مشبوهتين" مع تركيا وقطر، جدلا في تونس، دفع البرلمان إلى تأجيل التصويت عليهما، صاحبته اتهامات من النواب لرئيس البرلمان راشد الغنوشي باستغلال سلطته، لتمكين الدولتين من المزيد من التغلغل وإحكام القبضة على الاقتصاد التونسي، في إطار أجندة سياسية مرتبطة بالمشروع الإخواني في تونس.
وادى الرفض الشعبي ولعدد من نواب المعارضة للاتفاقيتين الى تأجيل النظر فيهما 
ووصفت رئيسة كتلة الحزب الدستوري الحر عبير موسى في مؤتمر صحفي الاتفاقيتين بالمشبوهتين وبانهما استعماريتين وان حركة النهضة ورئيسها يزجان بتونس في لعبة المحاور.
في مطلع مايو 2020،  لفت انتباه الشعب التونسي تضخم ثروة الغنوشي مما أدى بالشعب إلى اتخاذ اجراءات للضغط على الحكومة في سبيل التحرك لكشف لغز ثروة رئيس البرلمان وزعيم حركة النهضة وفتح ملفه المالي المشبوه، بعدما تحول من مجرد مدرّس إلى واحد من أبرز أغنياء تونس، وأصبح يتمتع في أقل من عقد بثروة كبيرة، كان لها دور كبير في سيطرة حزب النهضة على الحكم في تونس بعد ثورة 2011.
وفي هذا السياق، وجد التونسيون في عريضة إلكترونية عنوانها" من أين لك هذا؟"، تطالب بالتحقيق في مصادر ثروة الغنوشي، فرصة لمحاصرته والبحث عن أجوبة للتساؤلات والتخمينات الكثيرة، في علاقة بأمواله الضخمة وطريقة حياته الباذخة دون وجود أنشطة مهنية واقتصادية فعلية له في تونس، وانتمائه لعائلة متواضعة تعمل في مجال الزراعة.
ويفسر تفاعل التونسيين مع هذه المبادرة التي تدعو للكشف عن مصادر ثروة الغنوشي تزايد الغضب وانعدام الثقة تجاه هذا الرجل الذي تعددت زلاّته في الفترة الأخيرة وخاصة منذ توليه منصب رئاسة البرلمان، حيث باتت الاتهامات تحاصره من كل الجبهات، بعضها ارتبط بالإرهاب وبعضها الآخر بالتخابر مع جهات أجنبية.
في مطلع يناير الجاري ووسط تصاعد أصوات المعارضة الداخلية ضده، تلقى رئيس حركة النهضة التونسية، راشد الغنوشي ضربة قوية بعد فشل أغلب المقربين منه في انتخابات المكتب التنفيذي للحركة، وصعود قيادات وعناصر من الجناح المعارض.
وأعلنت حركة النهضة، يوم السبت 2 يناير 2021، التشكيلة الجديدة لمكتبها التنفيذي المؤلف من 17 عضواً، عقب انعقاد الدورة الـ 47 لمجلس الشورى.
وأسفرت النتائج عن سقوط العديد من القيادات المقربة من الغنوشي على رأسهم صهره، وزير الخارجية السابق رفيق عبد السلام ووزير النقل السابق أنور معروف، ورئيس مجلس الشورى السابق فتحي العيادي ورضا السعيدي، وزير الاقتصاد السابق، إلى جانب كل من رضا إدريس ومحمد القوماني.
في المقابل، صعدت إلى المكتب التنفيذي الجديد قيادات تنتمي للجناح المعارض للغنوشي، والذي يسمى "مجموعة الـ100"، أبرزها وزير الصحة السابق عبد اللطيف المكي، والذي يعتبر قائد المعارضة الداخلية في حركة النهضة، ورضا الباروني، أحد الذين تتهمهم هيئة الدفاع عن شكري بلعيد ومحمد البراهمي بالانتماء للجهاز السري الخاص للحركة.

شارك