رفاق «علي عزت بيجوفيتش».. كيف لعب «إخوان البوسنة» دورا هاما في تغلغل الإخوان بأوروبا

الأحد 31/يناير/2021 - 02:11 م
طباعة رفاق «علي عزت بيجوفيتش».. علي رجب
 

إذا لعبت الهجرات الاخوانية من مصر وسوريا والعراق، دورا على وجه التحديد في زرع البذرة الأولى لجماعة الإخوان في أوروبا ، لكن تعد مأساة البوسنة والهرسك التي هزت ضمائر كل البشر، مسلمين وغير مسلمين، عندما قُتل 200 ألف بوسنوي خلال الحرب، وحدثت مذابح مثل «حصار سراييفو» و«مذبحة سرببرينتسه» التي قُتل فيها وحدها 8 آلاف إنسان، المحطة الاهم والأبرز في تغلغل الإخوان داخل اوروبا، والعمل على تواجد قوى أدى الى وجود شبكة واسعة للتنظيم في الدول الأوروبية والسيطرة على عقول وأفكار الجاليات المسلمة والاقلية المسلمة في اوروبا.


إخوان البوسنة

إخوان البوسنة

بدأت الاخوان تثبت أقدامهما في أوروبا وخاصة في منطقة البلقان، بعد مأساة الوسنة والهرسك، والتي فتح عبرها خزائن التبرعات ودعم التنظيم اقتصاديا وفي الشارع العربي والإسلامي، كنقاط استفادة بها الاخوان على المدى البعيد في توجيه التاثير على الشارع وهو ما استفادة به التنظيم في عدة دول بعد احتجاجات 2011.


وإن الباحث في تاريخ ونشاط حركة «إخوان البوسنة»، يجد بلا شك تداخلاً كبيراً بينها وبين جماعة الإخوان في مصر، حيث تتبع جماعة «الإخوان المسلمين» في جمهورية «البوسنة والهرسك»، تنظيمياً الجماعة الأم في مصر، ووصل إخوان البوسنة إلى الحكم في عام 1990 إلى 1996 عبر الرئيس البوسني علي عزت بيغوفيتش، في أعقاب انتهاء حرب البوسنة، ثم كونه عضواً في المجلس الرئاسي من 1996 إلى 2000.

جمعية الشبان المسلمين

جمعية الشبان المسلمين

ويعتبر تأسيس جمعية «الشبان المسلمين» في البوسنة هي النواة الأولى لجماعة الإخوان هناك، ومن وقتها وسعت الجماعة إلى تمرير وتطبيق أهدافها عبر حكم البلاد، من خلال حزب العمل الديمقراطي الذراع السياسية لجمعية الشبان المسلمين.

وكان عزت بيجوفيتش؛ أول رئيس للبوسنة المستقلة، عضوًا في منظمة «الشبان المسلمين»، وهي منظمةٌ أسِّست على غرار جماعة الإخوان المسلمين عندما تم إنشاؤها في البوسنة عام 1939.

وتم تفكيك منظمة «الشبان المسلمين»، في  الأربعينيات من قبل سلطات يوغوسلافيا ،وحوكم معظم قادتها، غير أن الجماعة بقيت وعملت تحت الأرض بجد لكسب الأتباع والنفوذ، وإنشاء شبكات تمتد إلى ما وراء يوغوسلافيا.

إخوان البوسنة وإيران

إخوان البوسنة وإيران
ولكن بعد الافراج عن «علي عزت بيجوفيتش» في 1990 بفعل انهيار الاتحاد السوفيتي، عاد لحيا تنظيم «الشبان المسلمين»،  وسهل له ذلك دعم التنظيم الاخواني في مصر، وكذلك تواصل « علي عزت بيجوفيتش» مع نظام الخميني في ايران.
ولعبت إيران دورا مهما في دعم العمل العسكري لعلي عزت بيجوفيتش، قررت طهران مدّ قدم نحو منطقة البلقان، باعتبارها محطة همة في الوصول إلى اوروبا.وهناك فيديو شهير لـ علي عزت» يقول فيه « لولا إيران لما كانت هناك البوسنة».
واعتمدت إيران استراتيجية الانخراط العسكري غير المباشر، من خلال حزب الله اللبناني، الذي أرسل وفق أوامر إيرانية نحو 50 عسكرياً من عناصره إلى البوسنة في العام 1992،  صاحب ذلك إرسال شحنات من الأسلحة الإيرانية، ولفتت تقارير دولية إلى وجود تنسيق بين الاستخبارات الإيرانية والمافيا الإيطالية؛ لتسهيل عمليات تهريب السلاح، وساعد التغير الاستراتيجي الذي انتهجته إدارة الرئيس الأمريكي، بل كلنتون، على تمريرها، وتحت أعين السفارة الأمريكية في كرواتيا، جرى إدخال نحو 4000 عنصر من قوات حزب الله وفيلق القدس الإيراني، إلى الأراضي البوسنية، ووفقاً لتصريحات القائد الميداني للقوات الإيرانية في البوسنة، العميد سعيد قاسمي، جرت هذه التحركات تحت غطاء الهلال الأحمر الإيراني.

إخوان البوسنة وأردوغان

إخوان البوسنة وأردوغان

 وكذلك كانت نقطة وصول حزب العدالة والتنمية برئاسة رجب طيب أردوغان إلى تركيا محطة هامة في اعادة توهج الاخوان في البوسنة والهرسك ومنطقة البلقان، حيث تم انتخاب بكر عزت بيجوفيتش-زعيم حزب العمل الديموقراطي الإخواني- ونجل أول رئيس بوسني علي عزت بيغوفيتش، لمنصب عضو مجلس الرئاسة البوسني في البوسنة والهرسك في مارس 2010 وحتى نوفمبر 2020.
وقال رئيس حزب العمل الاخواني في البوسنة بكر عزت بيغوفيتش، إن صحبته للرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، ورثها عن والده أول رئيس لجمهورية البوسنة والهرسك، علي عزت بيجوفيتش.
وأضاف حول طبيعة علاقة «علي عزت» بأدوغان، قائلا : «كانت تربط بين الرئيس أردوغان ووالدي علاقة صداقة قوية، وهذه الصحبة ورثتها عن أبي، وأعتقد أنه يوما بعد آخر ستصبح العلاقات بين البوسنيين والأتراك أقوى».
وتابع الاخواني البوسني قائلا: «أبوابنا مفتوحة دائما أمام الرئيس أردوغان، فهو يساعد في بقاء السلام بمنطقة البلقان، ويدعم مساعي البوسنة للانضمام إلى الناتو (حلف شمال الأطلنطي) والاتحاد الأوروبي».
صحيفة دي فيلا الألمانية علقت على التعاون التركي البوسني، قائله إن بات إحياء التراث العثماني هو الشغل الشاغل للرئيس التركي أردوغان في دول البلقان، وخاصة في دولة البوسنة والهرسك، مشيرة إلى أن الفعاليات والأنشطة المتنوعة التي تقوم بها تركيا من أجل تقوية دور وتأثير نفوذها في دول البلقان، وبالتحديد في البوسنة والهرسك.
وتحت عنوان «التوجه الأردوغاني في بلاد البلقان»، نشرت الصحيفة  مقالًا قالت فيه  إن أردوغان يضخ أموالًا طائلة من أجل إحياء الدور العثماني الميت في دول البلقان، مؤكدة أن مخططه يعتمد على تنفيذ مشروعات استثمارية كبيرة داخل البوسنة والهرسة وإدخال الدين فيها عنصر أساسي من أجل تقوية نفوذه في بلد عاني من الحرب الأهلية ويحاول منذ ذلك الوقت انفكاك السياسة عن الدين واتخاذ الليبرالية منهجًا.

اخوان مصر

اخوان مصر

الدعم الإخواني لـ«إخوان البوسنة» في سنواته الاولى عاد برد الجميل بعد وسعت جماعة الإخوان في دولة البوسنة خلال الفترة الماضية وتحديداً التي أعقبت ثورة 30 يونيه 2013 واسقاط حكم الاخوان، باستضافت البوسنة عددا من اجتماعات التنظيم الدولي للإخوان الذي تولى زمام الأمور بعد سقوط الجماعة في مصر بلد النشأة، لاتخاذ قرارات تجاه الأحداث المتلاحقة في مصر.

وتأتى ابرز المحطات هو استقبال الرئيس السابق للبوسنة ورئيس حزب العمل باكر علي عزت، وفد من أعضاء تحالف الإخوان، برئاة المستشار الهارب وليد شرابي، في محاولة من شرابي ورئيس البوسنة تدويل ما يحدث في مصر.

كما تضمنتِ المقالات صورة لبكير عزت بيجوفيتش عليها رمز «رابعة»، وهي إشارة معروفة من جماعة الإخوان المسلمين.

وتسبب ذلك في عاصفةٍ سياسية في البوسنة، واضطر بكير إلى الادّعاء بأنه لا يعرف أن الوفد ينتمي لجماعة الإخوان المسلمين. وبالمثل، واجه بكير مقاومة في تقديم دعمه لحكم الإخوان في مصر قبل سقوطه في 30 يونيو.

الفاتح علي حسنين محمد شريف

الفاتح علي حسنين
بالاضافة الى ذلك، هناك دور يجب أن يلقى الضوء عليه لمترجم « علي عزت بيجوفيتش» ، القيادي الإخواني السوداني الدكتور الفاتح علي حسنين محمد شريف الذي ولد في السودان واستقر به المطاف في يوغوسلافيا حيث أنشأ هناك تنظيماً سرياً في عام 1966 اسمه «اتحاد الطلاب المسلمين» ثم أنشأ تنظيماً سرياً آخر بشرق أوروبا مقره مدينة بلغراد في عام 1967 ثم أسس المجلس الإسلامي لشرق أوروبا مقره في فيينا عام 1987 وهو يعمل كمجلس للقيادات السرية العاملة في كل من بلغاريا واليونان ورومانيا وألبانيا وصربيا والبوسنة والهرسك ومقدونيا وكوسوفو والمجر وسلوفاكيا والتشيك وبولندا ومولدافيا. 
وكانت ثمرة جهود القيادي الاخواني السوادني الفاتح مع «علي عزت بيجوفيتش» تأسيس حزب العمل الديمقراطي الذي تولى الحكم في البوسنة عام 1991 وهو ما يعرف باسم «إخوان البوسنة».
 وأنشأ الفاتح وكالة إغاثة العالم الثالث التي تقوم بأنشطة متباينة وتشكل ستار لدعم الاخوان في اوروبا والعالم العربي.

مستقبل اخوان البوسنة

مستقبل اخوان البوسنة

ولفت تقرير مشترك بين مركز جلوبسيك (GLOBSEC) ومشروع مكافحة التطرف (CEP)، أن «هناك مزاعم تربط شخصية بارزة أخرى في البوسنة والهرسك، هي الدكتور مصطفى سيريتش مفتي البوسنة السابق، بجماعة الإخوان المسلمين وقيادتها».

 ويضيف التقرير أن «سيريتش عضو في المجلس الأوروبي للفتوى والبحوث المرتبط بجماعة الإخوان المسلمين، إلى جانب القرضاوي وغيره من الشخصيات البارزة في جماعة الإخوان المسلمين. بالإضافة إلى ذلك، فهو عضو في منظمة «المنهج الوسطي الراديكالي» التي تتخذ من بريطانيا مقرًا لها، التي أتاحت له الفرصة للتواصل مع العديد من العلماء المرتبطين بجماعة الإخوان المسلمين».


ورصد التقرير أيضا الدور الذي لعبه اخوان البوسنة في تغلغل الإخوان أوروبيا، ففي خارج الحكومة والمؤسسات الرسمية، كان التأثير الإخواني الأبرز يتمثل في «جمعية الثقافة والتعليم والرياضة (AKOS)»،  التي لها صلات بـ«اتحاد المنظمات الإسلامية في أوروبا (FIOE) » وهي منظمة إخوانية مقرها في بروكسل. ورغم أن جمعية الثقافة والتعليم والرياضة هي منظمة صغيرة نسبيًا يقل دخلها السنوي عن 50 ألف دولار، وتمتلك موقعًا على شبكة الإنترنت يحصل على بضعة آلاف من الزيارات يوميًا، فإنها توفر بوابة لتجنيد مسلمو أوروبا  تيارات الإسلام السياسي.


 


 


 


 

شارك