رفض ولاية الفقيه والدولة الدينية.. من هوالعلامة الشيعي اللبناني محمد حسن الأمين؟

الأحد 11/أبريل/2021 - 02:59 م
طباعة رفض ولاية الفقيه علي رجب
 

توفي العلامة الشيعي السيد محمد حسن الأمين، السبت 10 أبريل 2021، إثر اصابته بفيروس «كورونا».

وقد نعى المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى – لبنان برئاسة الشيخ عبد الأمير قبلان الشيخ محمد حسن الأمين،واصفا إياه بفقيد العلم والعلماء المفكر الإسلامي.

وقال المجلس في بيان له ينعي الشيخ عبد الأمير قبلانالى المسلمين عامة واللبنانيين خاصة فقيد العلم والعلماء المفكر الإسلامي والاديب العلامة العلم السيد محمد حسن الامين عن عمر شريف ناهز 75 عاماً قضى معظمه في خدمة الدين والمجتمع وتبليغ الاحكام الشرعية ودعم القضايا المحقة للشعوب المستضعفة، وأسهم الراحل الكبير في تعزيز الحوار والانفتاح بين التيارات الفكرية والثقافية المتنوعة خدمة للوطن وشعوب الامة.

وتابع الشيخ قبلان: كان العلامة الامين رجل علم وفكر وداعية حوار وانفتاح عرفنا فيه مزايا العالم العامل نصرة لقضايا الوطن وشعبه والتزماً بقضايا الامة وشجونها وفي طليعتها القضية الفلسطينية التي سكنت في عقله وقلبه، ولقد أغنى المكتبة الإسلامية بأبحاثه ومؤلفاته التي اشتملت حقول المعرفة والعقيدة والادب والفكر، وخسرت الحوزات والمراكز الدينية ومنديات الفكر والحوار والثقافة برحيله عالماً جليلاً واستاذاً باحثاً ومفكراً فذاً».

والعلّامة الراحل صاحب مسيرة طويلة في العلم والبحث والقضاء الشرعي وفلسفة الحياة ودين الإنسان والحوار والانفتاح، وقد أصابته الجائحة قبل أسبوعين، فلم يصمد أمامها قلبه.

والسيد محمد حسن الأمين هو ابن السيد علي مهدي الأمين، من مواليد بلدة شقرا قضاء بنت جبيل سنة 1946. تابع دراسته الابتدائية والمتوسطة في بلدته في الوقت الذي كان يتابع فيه دراسته على يد والده في علوم اللغة والنحو والصرف والمنطق، قبل أن يسافر إلى النجف، ويلتحق بكلية الفقه ويتخرّج منها في العام 1967.

 

وتابع دراساته العليا حتى العام 1972، حيث عاد إلى جبل عامل وسكن بلدته شقراء حتى العام 1975. دخل سلك القضاء الشرعي الجعفري عام 1975، وعُين قاضياً في مدينة صور حتى عام 1977 حيث انتقل إلى مدينة صيدا وبقي رئيساً لمحكمتها حتى سنة 1997 حين نُقل إلى المحكمة العليا مستشاراً.

فقد تحول عنوان السيد الأمين الى جانب مهامه القضائية، التي أبدع في فقهها وتسخير أحكامها في خدمة الله والانسان على حد سواء، الى قِبلة ثقافية نضالية دعما لحقوق المستضعفين من اللبنانيين والفلسطينيين، يخوض أمامهم معركة  استرجاع الحقوق المسلوبة، من اي جهة كانت.

ومحمد حسن الأمين غني عن التعريف، فقد بلغت شهرته الآفاق، وترك اسمه علماً بارزاً في سجل نهج الاعتدال والوسطية، وله جهود وطنية وعربية وإسلامية مشكورة في جمع الكلمة وتوحيد الصف والتقريب بين المذاهب وحوار الأديان، إن المصاب بفقده جلل، نسأل الله أن يعوض المسلمين خيراً.

عرف عنه مواقفه القوية ضد ولاية الفقيه وتشدد مراجع قم فيايران، وخاصة مع  اطلاق مؤسس الجمهورية الاسلامية الموسوي الخميني، نظرية ولاية الفقيه كأساس في الحكم.

وقال العلامة الأمين في حواراته « أنا لست مع قيام دولة دينية، قد تقولين إسلامية بمعنى أن المسلمين يقيمون دولتهم نعم، ولكن ليس دولة دينية، الدولة شأن بشري. أما إذا أصبح في الدولة مقدسات، فذلك شأن خطير جداً، لأننا نسقط حينئذ المقدس على غير المقدس، وإذا أراد رجل الدين أن يكون جزءاً من الدولة، فيجب عليه أن يكون جزءاً من الدولة بوصفه مواطناً لا بوصفه ناطقاً باسم الدين، وهنا خطورة قيام الدولة الدينية.

وتابع العلامة الأمين قائلا: «تجربة ولاية الفقيه لم تقدم للإيرانيين أو للمسلمين أي شيء »، لافتا إلى أن «كل أيديولوجيا ستنهار وينهار معها جزء من الدين أيضاً. أعتقد أننا بنينا دولة إسلامية عن طريق الإيديولوجيا وأنجزنا بعض المنافع، ولكن هذه الايدولوجيا ستكون فاشلة أمام التحديات الكبرى، ومنها تحديات التنمية وبناء الدولة الحديثة وإلغاء الفقر... وبالتالي ستكون النتيجة أن الناس عموماً سوف تصاب بخيبة أمل من هذه الإيدولوجيا الدينية، وستكتشف أنها في جانب منها مُضلِّلة وليست مرشدة إلى الحقيقة والواقع، حتى لو كانت فيها فوائد لكنها ليست تعبيراً عن الدين، وهي تعزل العقل عن الدين. الأيديولوجي الإسلامي هو الذي يقدم لكِ ثمرة عقله الإسلامي».

وتطرق الأمين قائلا ان «السياسة لا يوجد فيها مقدس والدين في رأيي شأن إلهي ولكن السلطة شأن بشري»، رافضا «أن يأتي شخص يمارس سلطة عليّ بدعوى الحق الإلهي فهذا يتنافى مع مبدأ الحرية العليا في الإسلام».

كان داعما للشيعة العرب، ومن اشد المعارضين لسياسية حزب الله التابعة لإيران، قائلا :ليس من الطبيعي على الاطلاق لرجلٍ أمضى حياته منحازاً إلى قضايا الحرية والعدالة والكرامة وتداول السلطة، ألا يتعاطف مع شعب سورية وهو يناضل من أجل تحقيق هذه الأهداف، خصوصاً أن مواقف بعض اللبنانيين تجاه الثورة السورية تستند إلى اعتبارات طائفية أحياناً، وسياسية منحازة إلى أنظمة سياسية إقليمية في المنطقة أحياناً أخرى. وبوصفي عالِماً شيعياً ومرجعاً شيعياً لا يسعني إلاّ أن أدافع عن التشيُّع نفسه، لأنني من الذين يرون التشيّع ومبرر وجوده بكونه وقفة إلى جانب المظلوم ضد الظالم، وقفة إلى جانب الحرية في الكيان الانساني، وقفة إلى جانب العدالة. وانطلاقاً من كل هذه المعطيات كان من الطبيعي أن أُصدر بياناً على الأقل لإبراء ذمتي تجاه انتمائنا الوطني والقومي والإسلامي والشيعي في آن واحد».

نشاطه الأدبي

وقال عنه السيد حسن الأمين في سياق ترجمة لوالده: «سلك طريق والده في طلب العلم وتخرّج من معاهد النجف،…. شاعر مبدع وأديب بارع، خير خلف لخير سلف». كتب الشعر في فترة مبكرة من عمره.

 

وشارك في إصدار وتحرير (مجلة النجف) مع نخبة من الأدباء، وله كتابات فيها. وشارك في إصدار وتحرير (مجلة الكلمة) في النجف ،وله كتابات فيها. وكتب العديد من المقالات في مجلة “عبقر” أيام تواجده في النجف.

 

ومن مؤلفاته: الاجتماع العربي الإسلامي، نقد العلمنة والفكر الديني، بين القومية والإسلام، الإسلام والديموقراطية، مساهمات في النقد العربي، وضع المرأة الحقوقي بين الثابت والمتغير، حقوق وواجبات المرأة المسلمة في لبنان (مع آخرين)، الإمام الشهيد السيد محمد باقر الصدر، سمو الذات وخلود العطاء.

شارك