داعش في مواجهة طالبان

الجمعة 20/أغسطس/2021 - 02:17 ص
طباعة داعش في مواجهة طالبان حسام الحداد
 
بعد السقوط المدوي للعاصمة كابل في يد حركة طالبان الإرهابية، تعالت بعض أصوات الجماعات الإرهابية في العالم العربي مباركة ومؤيدة لحركة طالبان، وتسابق عدد غير قليل من هذه الجماعات في ارسال برقيات التهنئة، واصفة سقوط العاصمة بالفتح المبين "فتح مكة"، إلا أن تنظيم الدولة "داعش" كان له رأي أخر، نشر هذا الرأي في صحيفة التنظيم الرئيسية "النبأ عدد 300" وقال تنظيم داعش في بداية هذا المنشور: "لا جديد ولا غرابة فيما جرى مؤخرا في المشهد الأفغاني، فما رسمه "اتفاق السلام" بين الصليبيين والمرتدين في الدوحة جرى تطبيقه بينهم على الأرض في كابل، ومَن تابع مراحل عملية السلام منذ بدايتها، يدرك تماما أن الانسحاب الأمريكي كان قرارا لا عودة فيه بالنسبة للإدارة الأمريكية، بدأه "ترامب" وأتمّه "بايدن"، وأنّ سقوط البلاد في أيدي طالبان كان نتيجة طبيعية بعلم ورضا مَن وقّع على الاتفاق."، وتنظيم "داعش" كما هو واضح يعتبر "طالبان" مجموعة من المرتدين عن الإسلام وطبقا لعقيدة داعش وطالبان معا هناك حد للردة وهو القتل مما يدل على أن "داعش" مصرة على الدخول في معارك مع طالبان على الأراضي الأفغانية، فطالبان بالنسبة لداعش ماهي إلا جماعة مرتدة وجب قتالها.
هذا من ناحية ومن ناحية أخرى مازالت داعش على وصفها للأمريكان وصف ديني "الصليبيين" مما يؤكد على فكرة الدارين "دار الكفر (الحرب)، والدار الإيمان (السلام)"، وأن طالبان حينما تخلت عن طبيق الشريعة، اعترف بها الأمريكان، حيث يقول المنشور: "ولنعد قليلا إلى الوراء، يوم آوت طالبان المهاجرين وأقامت الشريعة –منقوصة قصفتها أمريكا وأسقطت حكمها في كابل، وبعد أن تخلت طالبان عن ذلك وتعهدت بأنها لن تسمح بتكرار "خطيئة منهاتن" أعادت أمريكا الحكم إلى طالبان ومنحتها كابل دون أن تطلق طلقة واحدة!".
وتأكيدا على وصف "داعش" لطالبان وغيرها بالعمالة للعدو الأمريكي يقول المنشور: "ولقد رأينا كيف كان التنسيق المباشر بين القوات الأمريكية وطالبان أثناء التقدم نحو كابل، وكيف استمرت عمليات الإخلاء لآلاف الصليبيين والجواسيس في أجواء من الثقة العالية بين الجانبين!، تنسيق وثقة لم تكن تمنحها أمريكا لحكومات طاغوتية قديمة، بينما منحتها لطالبان بعد ساعات فقط من دخولها كابل! وبرغم وضوح ما جرى وأنه لم يكن سوى عملية انتقال سلمي للحكم من طاغوت إلى آخر، وباعتراف قادة الميليشيا أنفسهم الذين أكّدوا مرارا على أن سيطرتهم على المدن جاءت في سياق الاتفاقيات في حدود "التسليم والاستلام" وليس بالقتال؛ إلا أن أطرافا عديدة وعلى رأسها القاعدة والسرورية والإخوان المرتدون أبوا إلا أن يكملوا السيناريو الأمريكي القطري بتصوير ما جرى على أنه "فتح وتمكين"!
فلا يعترف تنظيم داعش بانتصار طالبان حيث يؤكد أن ما حدث كان ضمن اتفاق الدوحة، ليس هذا فقط بل يعتبر ما حد كفر وتنازل من جانب طالبان بغية الوصول للسلطة ليس أكثر ولا أقل فيقول: "إن مفهوم النصر تعرض لنكسات كبيرة في التاريخ المعاصر، تسببت بهذه النكسات الأحزاب والحركات المرتدة التي أصبحت تطلق النصر على كل ما يوافق أهواءها ويحقق مصالحها ولو كان كفرا وتنازلا!، وصارت تطلق الهزيمة والفشل على كل ما يخالف أهواءها ولو كان توحيدا وثباتا، فصار الموت في ظلال الشريعة فشلا! بينما العيش في أحضان الطواغيت ووفقا لأجنداتهم نصرا وتحريرا."
ويقوم تنظيم داعش بتوجيه سهامه ورماحه إلى القاعدة وجماعة الإخوان قائلا: "ومن زاوية أخرى، فإن بسيطرة طالبان على الحكم، تسقط أكاذيب المعطّلين لحكم الشريعة من القاعدة والإخوان وغيرهم عدم امتلاك المعابر وغيرها من الحجج التي أفنوا أعمارهم وهم يرددونها، فها هو التمكين -وفق شروطهم- قد تحقق لطالبان؟! فهل سنرى حكما للشريعة الإسلامية قريبا في أفغانستان؟! أم ستبطل شبهة "التمكين" ويختلقون شبها أخرى فرارا من الشريعة؟!" 
ويؤكد تنظيم داعش في بيانه أن التحالف الدولي لمواجهة داعش أدرك فشل النموذج الإخواني في مواجهة داعش ومن أجل ذلك قدم نموذج طالبان في محاولة لمواجهة مشروع "داعش" عسكريا وفكريا فيقول البان: "وفي أبعاد الترويج الممنهج لنموذج "طالبان الجديدة"؛ فإن قادة التحالف الصليبي لم يتوقفوا عن الترديد أنه لا سبيل لهزيمة الدولة الإسلامية عسكريا دون محاربتها فكريا، ولا شك أن الصليبيين أدركوا فشل نموذج الإخوان المرتدين في تولي كبر الحرب الفكرية ضد الدولة الإسلامية حتى بعد وصولهم إلى سدة الحكم، فكان لا بد من البحث عن نموذج آخر يرون فيه فرصة أفضل لمجابهة الدولة الإسلامية وتقديمه كبديلا لها بين أبناء المسلمين؛ فكانت "طالبان الجديدة" هي البديل الذي يجمع بين المواجهة العسكرية والفكرية معا."
وتأكيدا لهذه الفكرة يقول البيان: "وليس من قبيل الصدفة أن تكون كل الأطراف التي حاربت الدولة الإسلامية، هي نفسها الأطراف التي تشارك في الترويج لنموذج طالبان في نسخته قبل الأخيرة المعدّلة في استوديوهات الدوحة."
ومن المفارقات، أن المرتدين والمنافقين اتهموا الدولة الإسلامية بعد سيطرتها على بعض مدن العراق والشام، بالعمالة لأمريكا! وأن ما جرى "مسرحية ومؤامرة كونية"، بينما تسقط أفغانستان بعواصمها ومقارها في غضون أيام دون أي قتال، ثم لا نسمع لنفس تلك الأصوات النشاز أي حديث عن "مسرحية" أو "مؤامرة" أو حتى "اتفاق"!، بل أصبح نصرا مؤزرا يمدحه المرتدون ويثني عليه الديمقراطيون ويتقبله الصليبيون.
ومن كل ما تقدم نجد أن بيان داعش يؤكد على رفضه التام لما حدث في أفغانستان والاتفاق الطالباني الأمريكي، وأن القاعدة والإخوان وغيرهما من الجماعت والحركات التي أيدت طالبان انما هي مرتدة عن الاسلام ويجب قتالها، وأن طالبان جماعة كافرة تنازلت عن الشريعة من أجل الحكم، هذا وغيره يؤكد أن الايام القليلة القادمة ربما تشهد حربا مشتعلة بين طالبان وداعش على الأراضي الأفغانية، ليس هذا فقط بل من المرجح أن تتأثر بعض المناطق المشتعلة بهذه الحرب وأن تكون بين جماعات إرهابية بعضها البعض، وأقرب الأماكن المحتملة لصراع إرهابي إرهابي سوريا وغرب أفريقيا ومنطقة الساحل وأفغانستان في المقام الأول.

شارك