الحوثيون وتغيير قواعد المواجهة عبر اقتصاد المخدرات
الثلاثاء 01/يوليو/2025 - 12:03 م
طباعة

في تصريح جديد يعكس تصاعد حجم التهديدات المرتبطة بميليشيا الحوثي المدعومة إيرانيًا، حذر وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني من خطورة ما كشفته الأجهزة الأمنية اليمنية، وأعلنه مدير أمن العاصمة المؤقتة عدن اللواء مطهر الشعيبي، بشأن تورط النظام الإيراني عبر تسهيل مباشر من مليشيا الحوثي في إنشاء مصنع لإنتاج حبوب الكبتاجون المخدرة في محافظة المحويت شمال غرب اليمن.
هذا التطور لا يعد حالة معزولة أو مفاجئة، بل يمثل حلقة جديدة في سلسلة ممنهجة من استغلال المخدرات كأداة رئيسية لتمويل الأنشطة الإرهابية لإيران وأذرعها المسلحة، بعد أن تقلصت قدرة النظام السوري – الذي كان يمثل البوابة الكبرى لتجارة الكبتاجون – بفعل الضربات الدولية التي استهدفت مصانع المخدرات في ريف دمشق، لا سيما في مدينة دوما.
المعطيات التي قدمها الإرياني تشير إلى أن جماعة الحوثي تسعى حثيثاً لتحويل اليمن إلى نقطة انطلاق بديلة لصناعة وتهريب المخدرات، مستهدفة دول الجوار، وتحديداً المملكة العربية السعودية ودول الخليج العربي، بأساليب وصفت بأنها قذرة وتخريبية، تتجاوز فكرة الاتجار غير المشروع لتصبح جزءاً من حرب غير تقليدية تهدف إلى ضرب استقرار المجتمعات وتفكيك نسيجها الداخلي من خلال الإغراق بالمخدرات، وبهذا لم تعد الجماعة مجرد تهديد أمني تقليدي، بل باتت تستخدم أدوات الجريمة المنظمة لتوسيع نفوذها ورفد أنشطتها العسكرية والاقتصادية في سياق المشروع الإيراني في المنطقة.
ووفق المعلومات الأمنية، لم تكتف الجماعة باستخدام مناطق نائية مثل المحويت كمقر للمصانع الجديدة، بل قامت بتحويل جزء من مصانع الأدوية الواقعة في العاصمة المختطفة صنعاء إلى معامل سرية لإنتاج الكبتاجون، ما يعكس نمطاً مزدوجاً من الجرائم وانتهاك صارخ لمقدرات الشعب اليمني وموارده المدنية، وتحويلها إلى أدوات في خدمة أجندة عابرة للحدود، تقوّض الأمن الإقليمي وتفاقم معاناة المواطنين في الداخل، هذه الأفعال تمثل جريمة مركبة بامتياز، تجمع بين استغلال المؤسسات المدنية وانتهاك السيادة الوطنية وتغذية السوق السوداء الإقليمية بالسموم.
وقد نجحت الأجهزة الأمنية اليمنية في الآونة الأخيرة، في إحباط عدد من عمليات التهريب الكبرى المرتبطة بمليشيا الحوثي، حيث تم ضبط كميات ضخمة من المخدرات كانت في طريقها إلى السعودية، ما يشير إلى يقظة متزايدة من قبل الدولة اليمنية تجاه هذه الحرب الخفية، التي لم تعد تقتصر على ساحات القتال التقليدية، بل تتسلل عبر المعابر والموانئ في محاولة لاختراق بنية المجتمعات الخليجية من الداخل.
ويرى المراقبون أن ما يحدث ليس مجرد انحراف فردي من قبل جماعة مسلحة، بل هو جزء من مشروع إقليمي أوسع تديره إيران وتنفذه أدواتها بالوكالة مثل مليشيا الحوثي، بهدف زعزعة استقرار الدول العربية وإطالة أمد الفوضى في اليمن والمنطقة.
كما يشير المراقبون إلى أن تجارة المخدرات باتت تمثل أحد أبرز مصادر تمويل هذه الجماعات، بعد أن واجهت تضييقاً على مصادرها التقليدية، ما يفرض على المجتمع الدولي مسؤولية مضاعفة لمواجهة هذا التهديد متعدد الأوجه، الذي لا يستهدف الأنظمة السياسية فحسب بل يهدد بنية المجتمع وصحة أجياله.
وفي ضوء هذا التصعيد، يطالب المراقبون بموقف دولي حازم وشامل لا يقتصر على الإدانة السياسية، بل يتضمن إجراءات عملية لتجفيف مصادر تمويل الحوثيين ومحاسبة المتورطين في هذه الجرائم العابرة للحدود، ودعم الحكومة اليمنية في جهودها لاستعادة السيطرة على كامل التراب الوطني، إذ إن التهاون مع ملف المخدرات الحوثي يعني عملياً فتح المجال أمام تحوّل اليمن إلى مركز إقليمي لإنتاج وتهريب السموم، في خدمة مشروع توسعي مدمّر يتجاوز حدوده الجغرافية ويهدد الأمن القومي العربي برمته.