تصفية داعية يمني.. حين يتحوّل تعليم القرآن إلى تهمة في قاموس الحوثيين
السبت 05/يوليو/2025 - 11:44 ص
طباعة

في واقعة جديدة تعكس تصاعد النهج الدموي لمليشيا الحوثي الإرهابية المدعومة من إيران، أقدمت المليشيا على ارتكاب جريمة مروّعة تمثلت في تصفية الداعية صالح حنتوس، أحد أبرز معلمي القرآن الكريم في محافظة ريمة وحفيده حمزة، بعد حصار طويل لمنزلهما في مديرية السلفية.
هذه الجريمة الوحشية التي تم تنفيذها بدم بارد، تمثل انتهاكاً صارخاً لكل القيم الدينية والإنسانية، وتسلط الضوء على طبيعة المشروع الحوثي القائم على العنف والإرهاب وتصفية الخصوم وكمّ الأفواه، لا سيما من الشخصيات الدينية والاجتماعية التي تمثل صوتاً للمجتمع اليمني الحرّ.
وبحسب المعلومات الرسمية فقد شنت مليشيا الحوثي هجوماً عسكرياً مكثفاً على منزل الشيخ حنتوس، البالغ من العمر 75 عاماً، مستخدمة أكثر من 20 طقماً عسكرياً، بالإضافة إلى قذائف الـ"آر بي جي" وأسلحة ثقيلة أخرى، في مشهد يفتقر لأي مبرر قانوني أو أخلاقي، وقد أسفر الهجوم عن إصابة الشيخ حنتوس وزوجته بجروح خطيرة، وتدمير الجزء العلوي من المنزل، إضافة إلى إحراق منازل مجاورة، قبل أن تقوم الجماعة لاحقاً بتصفية الشيخ مع حفيده حمزة، في مشهد يثير الاشمئزاز ويؤكد مضي الجماعة في سياسة التصفيات الجسدية.
وقد أثارت هذه الجريمة ردود فعل غاضبة من الأوساط الدينية والعلمية، أبرزها الإدانة الشديدة التي صدرت عن الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، والذي وصف اغتيال الشيخ حنتوس بـ"الجريمة الكبرى والانتهاك الصارخ لحرمة النفس والدين"، وفي بيان ناري أكد الاتحاد أن قتل العلماء وحفظة القرآن الكريم يمثل "مظهراً من مظاهر الظلم والفوضى" التي تضرب اليمن منذ استيلاء المليشيا الحوثية على العاصمة صنعاء وانقلابها على الدولة.
البيان لم يكتفِ بالإدانة، بل حمّل المليشيا المسؤولية الأخلاقية والشرعية عن هذه الجرائم، وأكد أنها "مدانة بكل المقاييس الشرعية والإنسانية"، وأنها لن تزيد أهل القرآن إلا ثباتًا على دربهم، كما دعا الاتحاد الشعب اليمني إلى الحفاظ على وحدته في مواجهة المشروع الحوثي "الهدام"، ووجّه رسالة تحدٍ إلى العلماء وطلاب القرآن لمواصلة تعليم كتاب الله، والتمسك بثقافة الخير والسلام في وجه آلة القتل الحوثية.
وفي السياق ذاته، أصدرت هيئة علماء اليمن بياناً شديد اللهجة، اعتبرت فيه ما جرى "جزءًا من مخطط ممنهج لاستهداف هوية اليمنيين وعقيدتهم الصحيحة"، محملةً المليشيا الحوثية كامل المسؤولية القانونية والشرعية عن الجريمة، ومؤكدة أن "السكوت على هذه الجرائم تواطؤ مع الباطل الدموي الذي لا يعرف حرمة لعلم ولا قرآن".
وعلى صعيد متصل، أدانت واستنكرت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات بأشد العبارات الجريمة البشعة التي ارتكبتها المليشيا بحق الشيخ صالح حنتوس.
وقالت في بيان لها "لقد صعّدت مليشيا الحوثي جرائمها وانتهاكاتها بحق المدنيين من قتل وتهجير وتفجير للمنازل، واعتدت على القرى والعزل في مختلف المناطق الخاضعة بالقوة لسيطرتها، امتداداً لمسلسل الإرهاب المتجذر الذي تمارسه منذ الانقلاب، ضمن محاولاتها كسر إرادة اليمنيين وإخضاعهم لمشروعها الانقلابي وأفكارها المتطرفة المستوردة من إيران".
ودعت الشبكة المجتمع الدولي والأمم المتحدة ومبعوثه الخاص ومنظمات حقوق الإنسان إلى إدانة صريحة لهذه الجرائم النكراء، كما طالبت الشبكة بتحرٍّ جاد لحماية المدنيين ودور العبادة والمؤسسات التعليمية من الاستهدافات الحوثية الممنهجة.
وأكدت الشبكة الحقوقية أن هذه الجريمة الوحشية تجسد الوجه الحقيقي للمليشيا الحوثية التي دأبت على ارتكاب جرائم التصفية والقتل خارج نطاق القانون بحق الأبرياء، في تحدٍ سافر لكل القوانين الدولية والمواثيق الإنسانية
من ناحية أخرى حمّل المراقبون صمت المجتمع الدولي جزءاً كبيراً من المسؤولية عن تمادي المليشيا في جرائمها، فقد أدّت ردود الفعل الدولية الباهتة وضعف آليات المساءلة، إلى تمكين الجماعة من تنفيذ انتهاكاتها دون رادع، كما أن استمرار التغاضي عن تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية، رغم وضوح سلوكها الإجرامي وطابعها المليشياوي الطائفي، يعكس تواطؤاً ضمنياً يسمح للجماعة بالتمدد، ويفاقم من معاناة المدنيين.
ويرى المراقبون أن حادثة مقتل الشيخ حنتوس وحفيده يجب أن تشكل نقطة تحول في التعامل مع الجماعة، ليس فقط من حيث الإدانة الإعلامية والحقوقية، بل من خلال تحركات سياسية وقانونية دولية جادة، تبدأ بتصنيف مليشيا الحوثي كمنظمة إرهابية، وفرض عقوبات فردية على قادتها ومموليها، وتفعيل آليات المساءلة في المحافل الدولية، بما في ذلك محكمة الجنايات الدولية.
ولا يقتصر الأمر على المساءلة، بل يجب أن يشمل دعماً حقيقياً للحكومة اليمنية والمجتمع اليمني في معركتهما لاستعادة الدولة، وحماية النسيج الاجتماعي والفكري من محاولات الطمس والاختطاف التي تنفذها المليشيا بغطاء أيديولوجي وأدوات عسكرية، فاستقرار اليمن لم يعد مطلباً محلياً فحسب، بل ضرورة إقليمية لضمان أمن المنطقة ومنع تمدد النفوذ الإيراني عبر وكلائه المسلحين.