واشنطن تصعّد ضغوطها.. عقوبات أمريكية تستهدف شبكة تمويل حوثية عابرة للحدود

الثلاثاء 29/يوليو/2025 - 11:16 ص
طباعة واشنطن تصعّد ضغوطها.. فاطمة عبدالغني – أميرة الشريف
 
تشير الإجراءات الأخيرة الصادرة عن مكتب مراقبة الأصول الأجنبية (OFAC) التابع لوزارة الخزانة الأمريكية إلى تصعيدٍ جديد في مساعي واشنطن لتجفيف منابع تمويل جماعة الحوثي في اليمن، فبعد سنوات من تتبع الشبكات الاقتصادية التي تُغذي الجماعة المدعومة من إيران، أعلنت الخزانة الأمريكية عن إدراج فردين وخمسة كيانات ضمن قائمة العقوبات، في خطوة تستهدف شبكة واسعة من غسيل الأموال واستيراد المنتجات النفطية التي تُدرّ أرباحًا ضخمة تُستخدم في تمويل العمليات العسكرية الحوثية وتهديد أمن المنطقة.
وبحسب البيان الصادر عن وزارة الخزانة، فإن الحوثيين يستفيدون من شراكات مع رجال أعمال يمنيين لفرض ضرائب على واردات النفط، مما يدرّ مئات الملايين من الدولارات سنويًا، هذه الأموال تُستخدم في دعم أنشطتهم المسلحة، بينما يُحرم منها الشعب اليمني الذي يتحمل عبء ارتفاع الأسعار وتدهور الوضع الإنساني، ويأتي هذا الإجراء ضمن سلسلة من العقوبات التي استهدفت البنية التحتية المالية للحوثيين خلال العام الماضي، والتي شملت ثماني جولات من التصنيفات، إلى جانب إعادة تصنيف الجماعة كمنظمة إرهابية أجنبية في مارس 2025، بعد أن كانت قد صُنّفت ككيان إرهابي عالمي محدد في فبراير من العام ذاته.
ووفقًا لوزارة الخزانة تركز الإجراء الجديد على رجل الأعمال محمد السنيدر، الذي يدير شبكة شركات في اليمن والإمارات تشمل "أركان مارس للبترول" وفروعها DMCC  وFZE  هذه الشركات لعبت دورًا رئيسيًا في نقل شحنات نفطية، بما في ذلك شحنات إيرانية، إلى المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون عبر ميناءي الحديدة ورأس عيسى، وقد تم توثيق تعاونهم مع شركة "الخليج الفارسي للصناعات البتروكيماوية التجارية" الإيرانية، التي سبق أن وُضعت على قوائم العقوبات لدعمها المباشر للحرس الثوري الإيراني، هذا التعاون نَتج عنه تسليم شحنات بترولية بلغت قيمتها نحو 12 مليون دولار لصالح الجماعة.
أما يحيى محمد الوزير، فتم تصنيفه بسبب ضلوعه في عمليات غسل أموال لصالح الحوثيين، من خلال شركة "السعيدة ستون للتجارة"، التي رغم إعلانها العلني كتاجر قرطاسية، نفّذت سلسلة من التحويلات المالية بين نوفمبر وديسمبر 2024 لشراء الفحم بكميات كبيرة يُرجّح استيرادها إلى اليمن، في سلوك يدل على استخدامها كشركة واجهة، كذلك شمل الإجراء مصنع عمران للأسمنت، الذي يخضع لسيطرة الحوثيين ويُستخدم ليس فقط في توليد العائدات المالية، بل أيضًا كغطاء لتطوير منشآت عسكرية وتحصينات في محافظة صعدة، معقل الجماعة.
ويرى المراقبون أن هذا الإجراء الأمريكي يعكس فهمًا دقيقًا لتعقيد الشبكة الاقتصادية التي يستند إليها الحوثيون، لا سيما في ظل انخراط كيانات تجارية متعددة الجنسيات، وشركات واجهة تعمل على تضليل الأنظمة المالية الدولية، كما يعتبرون أن استهداف هذه الشبكات يمثل خطوة استراتيجية تُضعف قدرة الجماعة على الاستمرار في تمويل حربها، خصوصًا في ظل القيود المتزايدة على الحرس الثوري الإيراني، الذي يُعتبر الداعم الرئيسي لها. 
ويشير المراقبون إلى أن تكرار العقوبات دون انقطاع يشير إلى تحوّل في طبيعة المواجهة مع الحوثيين، من المواجهة العسكرية إلى الخنق الاقتصادي، وهو مسار قد لا يؤدي إلى انهيار فوري للجماعة، لكنه يُراكِم الضغط بشكل تدريجي، ما قد يفتح الباب أمام مسار تفاوضي جديد في المستقبل القريب.

شارك