من مشروع بيئي إلى محطة تهريب: خزان "نوتيكا" تحت سيطرة المليشيا
الإثنين 18/أغسطس/2025 - 12:18 م
طباعة

في تطور خطير يكشف عن ثغرات كارثية في إدارة الأصول الأممية بمناطق النزاع، كشفت صحيفة وول ستريت جورنال عن تفاصيل صادمة تفيد بأن الأمم المتحدة، عبر مشروعها الخاص بإنقاذ السفينة المتهالكة "صافر"، ساعدت بشكل غير مباشر مليشيا الحوثي الإرهابية التابعة لإيران، بعد أن اشترت ناقلة نفط عملاقة بمبلغ 55 مليون دولار، تحولت لاحقاً إلى محطة عائمة بيد المليشيا تُستخدم في تهريب النفط وتمويل أنشطتها.
الناقلة التي أطلق عليها الحوثيين اسم "يمن" عام 2023 بدلاً من "نوتيكا"، كانت جزءاً من خطة دولية هدفت إلى تفريغ النفط من "صافر" لتفادي كارثة بيئية تُقدَّر خسائرها بعشرين مليار دولار، غير أن المشروع انقلب إلى نتيجة عكسية، بعدما سيطر الحوثيون على تشغيل وإدارة السفينة، وحوّلوها إلى أداة لتمويل اقتصادهم الحربي.
وبحسب الصحيفة، فقد نقلت الأمم المتحدة ملكية السفينة ورقياً إلى الحكومة اليمنية الشرعية، لكن السيطرة الفعلية استقرت بأيدي الحوثيين، الأمر الذي حول مشروع الإنقاذ البيئي إلى مصدر دعم مباشر لمليشيا مصنفة إرهابية، تُستغل في عمليات تهريب النفط الإيراني وتهديد الملاحة في البحر الأحمر، وهو الأمر الذي سبق أن حذر منه وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني، مؤكدًا على أن استيلاء مليشيا الحوثي على الناقلة "نوتيكا" وهي أصل أممي خاضع لاستخدام مخصص ومحدد بموجب الاتفاقات، يمثل إخلال جسيم بالتزامات الأمم المتحدة بشأن خطة إنقاذ صافر، وأن أي تصرف خارج هذا الإطار هو انتهاكاً مباشراً لسيادة الأمم المتحدة وتقويضاً لجهود المجتمع الدولي، ويمثل سابقة خطيرة تهدد سلامة العمليات الأممية حول العالم، ويفتح الباب أمام انتهاك ممتلكات المنظمات الدولية دون رادع، وأوضح الإرياني ان الامم المتحدة من يدفع الموازنة التشغيلية والصيانة لهذا الخزان والسفينة العائمة، ونبه من خطورة تسليم أي أصول أو موارد لهذه المليشيا الإرهابية، وأشار الوزير اليمني إلى أنه كان يتوقع اتخاذ إجراءات رادعة تحول دون استغلالها في تقويض الأمن باليمن والمنطقة والعالم، إلا أن الصمت الأممي المستمر يثير تساؤلات جدّية حول معايير الحياد والمسؤولية.
فالفضيحة التي كشفت عنها الصحيفة تمثل نموذجاً صارخاً لنتائج سوء الإدارة وغياب الرقابة، حيث تحولت الناقلة التي اشترتها الأمم المتحدة لتفادي كارثة صافر إلى محطة وقود عائمة بيد مليشيا مصنفة إرهابية بموجب القوانين الأمريكية وعدد من التشريعات الوطنية، تستخدم في تمويل انشطة ارهابية، ونقل النفط الإيراني، وتهديد الأمن والسلم الإقليمي والدولي.
ويعد استمرار هذه السيطرة انتهاكا للقوانين والمواثيق الدولية، وإخلالاً بمبدأ حياد الأمم المتحدة وانتهاكاً للقواعد المنظمة لإدارة ممتلكاتها في مناطق النزاع، وفقاً للأنظمة الإدارية للأمم المتحدة نفسها، بما فيها المادة (1) من ميثاق الأمم المتحدة، التي تلزم المنظمة بصون السلم والأمن الدوليين، ومنع الأعمال التي تهددهما، وهو ما يتعارض كلياً مع ترك أصول أممية تحت سيطرة مليشيا ارهابية، والمادة (25) من الميثاق، التي تلزم الدول الأعضاء بتنفيذ قرارات مجلس الأمن، بما في ذلك القرارات ذات الصلة بحظر السلاح والنفط على إيران، ومنع تمويل الجماعات الإرهابية، كما أن اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار (UNCLOS) تلزم جميع الدول والمنظمات الدولية بمنع استخدام البحر في أعمال تهريب أو تهديد للملاحة، وهو ما يحصل حالياً عبر السفينة والخزان العائم "نوتيكا".
وترى تقارير صحفية أن ما حدث يفتح الباب أمام سابقة خطيرة، حيث تحولت أصول أممية مولتها حكومات وشركات مانحة إلى أدوات تخدم مليشيا إرهابية، هذا الوضع يطرح تساؤلات حادة حول مسؤولية الأمم المتحدة وآليات الرقابة لديها، خصوصاً أن الموازنة التشغيلية والصيانة للسفينة ما زالت تُدفع من أموال أممية، أي أنها تُستخدم بشكل غير مباشر لتمويل نشاطات الحوثيين.
التقارير تؤكد أن استمرار هذا الوضع يقوّض الثقة الدولية في حياد الأمم المتحدة، ويجعل بعثاتها في مناطق النزاع عرضة للاتهام بأنها توفر غطاء لتعزيز نفوذ الجماعات المسلحة بدلاً من الحد منه.
وإزاء هذا التصعيد الخطير طالب وزير الإعلام اليمني المجتمع الدولي بالتحرك العاجل لاستعادة الإشراف الكامل على الناقلة "نوتيكا" وتسليمها للحكومة الشرعية، أو إدراجها ضمن العقوبات الدولية كأصل في حيازة جماعة إرهابية، إضافة إلى وقف أي تمويل أو دعم فني لها، وفتح تحقيق مستقل حول تورط بعض موظفي الأمم المتحدة في تسهيل هذا التمكين غير المباشر للحوثيين، كما شدد على ضرورة إعادة النظر في دور بعثة الأمم المتحدة في الحديدة، التي تحولت – بحسب تقارير محلية – من آلية رقابية إلى مظلة لحماية نفوذ المليشيا.
وشدد الوزير اليمني على أن حماية السلم والأمن الدوليين ليست خياراً انتقائياً، بل التزام قانوني وأخلاقي على المجتمع الدولي، وفي مقدمته الأمم المتحدة، الذي ينبغي أن ينتقل من البيانات الإنشائية إلى الإجراءات العملية، فالمثال القائم اليوم يبرهن أن النوايا الحسنة دون رقابة صارمة تتحول إلى أدوات بيد من يقوضون الاستقرار ويهددون مصالح العالم.