الانتخابات الأوغندية 2026.. شرعية سياسية أم ورقة أمنية ضد الإرهاب؟
الإثنين 27/أكتوبر/2025 - 10:36 ص
طباعة
محمود البتاكوشي
تدخل أوغندا مرحلة سياسية فارقة مع إعلان اللجنة الانتخابية موعد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في 15 يناير 2026، في مشهد يعكس صراعًا بين الاستمرارية السلطوية ومحاولات التغيير المتأرجحة منذ أربعة عقود.
غير أن الاستحقاق المقبل لا يقتصر على التنافس على الحكم، بل يتجاوز ذلك إلى كونه امتحانًا لمتانة النظام السياسي الأوغندي، وقدرته على تحقيق توازن بين الأمن والاستقرار الداخلي من جهة، والانفتاح السياسي من جهة أخرى، في بيئة إقليمية متوترة تتغذى على عوامل التطرف والإرهاب.
حركة المقاومة الوطنية
الرئيس يوويري موسيفيني، الذي يمسك بالسلطة منذ عام 1986 ممثلًا لـ«حركة المقاومة الوطنية»، يدخل المعترك الانتخابي مدعومًا بإرث طويل من السيطرة الأمنية وبنية مؤسسية راسخة، إلا أن هذا الإرث نفسه بات عبئًا على شرعية النظام، في ظل تصاعد الانتقادات بشأن تقييد الحريات وتآكل آليات التداول السلمي للسلطة، فضلًا عن التراجع الاقتصادي والبطالة المتزايدة بين الشباب، وهي عوامل تخلق بيئة خصبة للغضب الاجتماعي الذي قد يتحول إلى بوابة محتملة للتطرف، إذا استمر الانسداد السياسي وانعدام الثقة بين الدولة والمجتمع.
صوت الجيل الشاب
في المقابل، يمثل المرشح المعارض روبرت كياغولاني، المعروف بـ«بوبي واين»، صوت الجيل الشاب الباحث عن كسر احتكار السلطة بخطابه التعبوي القائم على الربط بين العدالة الاجتماعية والتغيير السياسي، يحاول «واين» إعادة تشكيل الوعي الجمعي لجيل ولد في ظل حكم موسيفيني ولم يعرف بديلًا له ورغم افتقاره إلى الخبرة المؤسسية، إلا أنه يجسد ظاهرة احتجاجية أكثر منها حزبية، قد تدفع النظام الحاكم إلى مزيد من التشدد الأمني، وهو ما يثير مخاوف من أن تتحول الانتخابات إلى ساحة مواجهة بين السلطة والشباب، بما يحمل من احتمالات انزلاق نحو اضطرابات قد تستغلها الجماعات المتطرفة.
فراغ سياسي أو اضطراب اجتماعي
فالخطر لا يكمن في نتائج الانتخابات بقدر ما يتمثل في ما قد تخلفه من فراغ سياسي أو اضطراب اجتماعي فكمبالا تمثل أحد الأعمدة الأمنية في شرق أفريقيا، ولها أدوار مباشرة في مكافحة الإرهاب في الصومال وجنوب السودان والكونغو الديمقراطية، وأي اهتزاز في استقرارها الداخلي قد ينعكس سلبًا على جهود مكافحة الإرهاب الإقليمي، خاصة مع تمدد نفوذ حركة الشباب الصومالية وشبكات «داعش» في وسط القارة، فالنظام الأوغندي، رغم طابعه السلطوي، كان جزءًا من منظومة الردع الإقليمية ضد التنظيمات الإرهابية العابرة للحدود.
معادلة معقدة
من هنا، تبدو الانتخابات المقبلة معادلة معقدة بين ضرورات التحول الديمقراطي ومتطلبات الأمن القومي فإذا استمرت الدولة في الاعتماد على القبضة الأمنية، فقد تدفع فئات واسعة نحو الهامش، ما يزيد فرص تجنيد الشباب الساخط في شبكات العنف المسلح، أما إذا تمكنت المعارضة من فرض مساحة حقيقية للمنافسة السياسية، فربما تشكل الانتخابات فرصة لخفض الاحتقان وإعادة بناء الثقة، بما يعزز الاستقرار على المدى الطويل.
ومما لا شك فيه أنه لا يمكن فصل المشهد الانتخابي الأوغندي عن البنية الأوسع لصراعات شرق أفريقيا، حيث تتحول الأنظمة السياسية الهرمة إلى نقاط ضعف في مواجهة الإرهاب.
