الصومال تكثّف حملتها ضد الإرهاب.. عمليات نوعية تفكك البنية المالية والعسكرية لـ"حركة الشباب"
السبت 08/نوفمبر/2025 - 10:27 ص
طباعة
فاطمة عبدالغني
تواصل الحكومة الصومالية حربها الواسعة ضد الإرهاب في محاولة حاسمة لتفكيك البنية العسكرية والمالية لحركة الشباب، التي تشكل الخطر الأكبر على استقرار البلاد منذ أكثر من عقد.
وتشهد الساحة الصومالية تصعيداً عسكرياً غير مسبوق في إطار المرحلة الثانية من الحملة الشاملة التي أطلقتها مقديشو ضد الجماعة المتطرفة، بدعم مباشر من شركاء أمنيين دوليين، من بينهم الولايات المتحدة وبعثة الاتحاد الإفريقي.
وفي هذا السياق أعلنت وزارة الإعلام الصومالية أن قوات الجيش الوطني، بالتنسيق مع وكالة الاستخبارات والأمن الوطني، نفذت عملية نوعية استهدفت مواقع لحركة الشباب في قرية بولو مادينو بمنطقة شبيلي السفلى، أسفرت عن مقتل 49 مسلحاً وتدمير مركبات ومخازن أسلحة كانت تُستخدم في التحضير لهجمات إرهابية، وأكدت الوزارة أن العملية تأتي في سياق توسيع رقعة المواجهة مع الحركة، ضمن استراتيجية تهدف إلى استئصال شبكاتها في جنوب البلاد وقطع خطوط إمدادها.
وفي عملية أخرى في منطقة باي بولاية جنوب غرب الصومال، تمكنت وحدات من الجيش من القضاء على المسؤول المالي البارز في حركة الشباب الملقب بـ"أبو خالد (يحيى)" ونائبه وعدد من مرافقيهما، في ضربة وصفتها مصادر عسكرية بـ"الموجعة" للجهاز المالي للتنظيم.
وذكر العقيد علي محمد عدن، قائد اللواء الثامن، أن العملية استهدفت شبكة تمويل رئيسية كانت تموّل هجمات الحركة في قرى بول دورو وكور إنغ روغي ودامبالكا وبور رورينج، وهو ما يمثل تراجعاً كبيراً لقدرة التنظيم على تمويل عملياته وشراء الولاءات في المناطق الريفية.
ويأتي هذا التصعيد بعد تأكيد رئيس الوزراء حمزة عبدي بري أن القوات الحكومية قتلت خلال الأشهر الثلاثة الماضية أكثر من 600 مسلح من حركة الشباب وأصابت 1200 آخرين، واستعادت 68 بلدة في إطار حرب "عسكرية واقتصادية وأيديولوجية" ضد الإرهاب.
من جهته، كشف وزير الدفاع أحمد معلم فقي أن أكثر من 800 عنصر من الحركة، بينهم 50 قيادياً، قُتلوا خلال العام الماضي في عمليات منسقة ضد تنظيمي الشباب وداعش، مشيراً إلى أن الجماعات الإرهابية تمر بمرحلة ضعف وانحسار غير مسبوقة نتيجة خسائرها المتكررة في صفوف القيادات الميدانية.
لكن هذه الانتصارات لم تأتِ من دون ثمن؛ إذ كشف رئيس أركان الجيش الجنرال أودوا يوسف راجه أن ما بين 10 و15 ألف جندي صومالي قُتلوا أو أُصيبوا خلال السنوات الثلاث الماضية في العمليات العسكرية ضد حركة الشباب، داعياً إلى زيادة موازنة الدفاع لضمان دعم القوات الوطنية التي تخوض حرب استنزاف طويلة الأمد.
كما أشار إلى أن هذه الأرقام لا تشمل ضحايا الميليشيات العشائرية والقوات الإقليمية المتحالفة مع الجيش، في إشارة إلى حجم التضحيات المبذولة على الأرض.
من جانب آخر، أكد وزير الدفاع أن الشركاء الدوليين نفذوا أكثر من 220 غارة جوية دعماً للجيش الصومالي، أدت إلى مقتل نحو 900 من عناصر الحركة، بينهم قادة ميدانيون.
ورغم المكاسب الميدانية الكبيرة، اعترف المسؤولون بأن حركة الشباب ما زالت قادرة على إعادة تنظيم صفوفها وشن هجمات مضادة في بعض المناطق، خصوصاً في إقليمي شبيلي الوسطى وجنوب غرب البلاد، حيث تواصل الاحتفاظ بموطئ قدم في مواقع استراتيجية.
وتشير تقارير ميدانية إلى أن طائرات حربية استهدفت مواقع للتنظيم في مناطق تابعة لبلدة "عيل برف" بشبيلي الوسطى، في استمرار للعمليات الجوية ضد معاقل الحركة.
ويرى المراقبون أن التطور اللافت في أداء الجيش الصومالي، سواء على المستوى الاستخباراتي أو العملياتي، يعكس انتقال الحرب ضد الإرهاب إلى مرحلة جديدة تركز على استهداف البنى التحتية المالية والتنظيمية للحركة، وليس فقط على المواجهات الميدانية المباشرة.
كما أن اتساع نطاق العمليات بين شبيلي السفلى وباي يعزز فرضية أن الحكومة تنتهج استراتيجية متكاملة لتفكيك شبكات النفوذ الجغرافية والاقتصادية للتنظيم، تمهيداً لإضعافه بشكل دائم.
ويؤكد الخبراء أن الحرب ضد الإرهاب في الصومال لا تزال معركة طويلة الأمد، لكنها بدأت تؤتي ثمارها في الحد من قدرة حركة الشباب على المناورة والتمويل، غير أن استمرار ضعف التسليح وغياب الموارد الكافية يشكل تحدياً أمام تحقيق نصر نهائي ومستدام، ما يجعل دعم الشركاء الدوليين حاسماً في هذه المرحلة الحساسة من الصراع.
