عقوبات أمريكية جديدة.. ضربة مباشرة لتمويل حزب الله وشركات الصرافة المتواطئة في لبنان
الأحد 09/نوفمبر/2025 - 10:52 ص
طباعة
فاطمة عبدالغني
أعلنت وزارة الخزانة الأمريكية ممثلةً بمكتب مراقبة الأصول الأجنبية (OFAC) عن فرض عقوبات جديدة تهدف إلى دعم جهود نزع سلاح حزب الله، من خلال استهداف أفرادٍ تورطوا في تحويل عشرات ملايين الدولارات من إيران إلى حزب الله خلال عام 2025، عبر شركات صرافة استغلت طبيعة الاقتصاد اللبناني القائم على التعامل النقدي.
وقالت الوزارة إن حزب الله يستخدم هذه الأموال في تمويل قواته شبه العسكرية، وإعادة بناء بنيته التحتية الإرهابية، ومقاومة جهود الحكومة اللبنانية لاستعادة سيادتها الكاملة على أراضي البلاد.
كما شددت على أن استغلال حزب الله لشركات الصرافة والاقتصاد النقدي لغسل الأموال غير المشروعة يشكل تهديداً خطيراً لنزاهة النظام المالي اللبناني، إذ يخلط بين تمويل الإرهاب والتجارة المشروعة.
وأكد وكيل وزارة الخزانة لشؤون الإرهاب والاستخبارات المالية جون ك. هيرلي أن "لبنان لديه فرصة ليكون بلداً حراً ومزدهراً وآمناً، لكن ذلك لن يتحقق إلا إذا جرى نزع سلاح حزب الله وقطع صلاته بإيران وتمويلها"، مضيفاً أن واشنطن ستواصل العمل مع شركائها اللبنانيين لبناء اقتصاد متين يضع مصلحة جميع المواطنين في المقدمة.
وتستهدف العقوبات الجديدة شبكة مالية تابعة لحزب الله مسؤولة عن نقل الأموال من إيران، بما في ذلك الأموال الناتجة عن صفقات تجارية سرية يديرها فريق التمويل في الحزب، من خلال بيع النفط الإيراني وسلع أخرى، وإدخالها إلى لبنان عبر شركات صرافة مرخصة وأخرى غير مرخصة، وتسمح هذه الشركات، التي تتغاضى عن فحص عملائها بشكل كافٍ، لحزب الله باستغلال الاقتصاد اللبناني النقدي لغسل أمواله المشبوهة.
وأوضحت الوزارة أن هذا الإجراء يؤكد الحاجة الملحّة للبنان إلى مواجهة المخاطر المتزايدة الناتجة عن الأنشطة المالية لحزب الله وتفشي شركات الصرافة غير الخاضعة للرقابة، خصوصاً بعد الانهيار المالي الكبير الذي شهدته البلاد عام 2019.
وكانت وزارة الخارجية الأمريكية قد صنّفت حزب الله تنظيماً إرهابياً عالمياً في 31 أكتوبر 2001، ومنظمة إرهابية أجنبية في 8 أكتوبر 1997.
وبحسب بيان وزارة الخزانة أظهرت المعلومات أن فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، والمصنف أمريكياً كمنظمة إرهابية، حوّل أكثر من مليار دولار إلى حزب الله منذ يناير 2025، غالبيتها عبر شركات صرافة.
ومن بين الأفراد المستهدفين بالعقوبات:
أسامة جابر، أحد عناصر حزب الله المسؤول عن عمليات جمع وتحويل الأموال عبر شركات صرافة لبنانية، بين سبتمبر 2024 وفبراير 2025، جمع أو حوّل عشرات الملايين من الدولارات عبر مؤسسات بعضها مملوك أو مرتبط بعناصر من الحزب.
جعفر محمد قصير، نجل القيادي الراحل محمد قصير الذي كان يدير شبكة التمويل المركزية لحزب الله قبل مقتله في أكتوبر 2024، وقد تولى جعفر الإشراف على إدارة الفريق المالي للحزب ومحفظته الاقتصادية.
سامر كسبر، مدير شركة “Hokoul SAL Offshore” المصنفة واجهة مالية لحزب الله، والمتعاون مع رجال أعمال سوريين وإيرانيين في تهريب النفط والمعادن والمواد الكيميائية.
وأشارت وزارة الخزانة إلى أن العقوبات تأتي في وقت يعاني فيه حزب الله من انهيار مصادر تمويله الإقليمية بعد سقوط نظام بشار الأسد في سوريا في ديسمبر 2024، ما دفعه إلى الاعتماد المتزايد على إيران وشبكات الصرافة في لبنان.
وختم البيان بالتأكيد على أن الولايات المتحدة ستواصل جهودها لعزل حزب الله مالياً وتجفيف موارده الاقتصادية التي يستخدمها في زعزعة استقرار لبنان والمنطقة، داعية السلطات اللبنانية إلى اتخاذ خطوات جادة لضبط الاقتصاد النقدي ومكافحة غسيل الأموال الذي يستغله الحزب لتعزيز نفوذه السياسي والعسكري.
ويرى المراقبون أن العقوبات الأمريكية الجديدة تمثل خطوة نوعية في مواجهة شبكة التمويل المعقدة التي يعتمد عليها حزب الله، خصوصاً بعد أن تحوّل الاقتصاد اللبناني النقدي إلى بيئة خصبة لأنشطة الحزب المالية. ويعتبر المراقبون أن هذا الإجراء الأمريكي يعكس تحوّلاً واضحاً في استراتيجية واشنطن، من التركيز على استهداف القيادات العسكرية إلى ضرب البنية الاقتصادية التي تمكّن الحزب من الاستمرار والتمدد داخل لبنان وخارجه.
ويشير الخبراء إلى أن توقيت العقوبات يحمل دلالات سياسية واقتصادية مهمة، إذ يأتي في ظل ضغوط متزايدة على الحزب بعد فقدانه العديد من مصادر التمويل الإقليمية، خاصة مع تراجع الدعم السوري والإيراني نتيجة الأزمات المتلاحقة في طهران ودمشق.
كما يؤكد المحللون أن واشنطن تسعى عبر هذه الخطوة إلى دفع الحكومة اللبنانية إلى تحمل مسؤولياتها في ضبط سوق الصرافة غير المنظم، والحد من تسرب الأموال إلى الحزب الذي يواصل، برأيهم، اختطاف القرار المالي والسياسي للدولة.
ويذهب آخرون إلى أن العقوبات قد تفتح مرحلة جديدة من المواجهة الاقتصادية بين الولايات المتحدة وحزب الله، قد تؤثر بشكل مباشر على تدفقات الدولار في السوق اللبنانية وتزيد من الضغوط على المصارف المحلية، لكنها في الوقت نفسه تُعيد التأكيد على أن بقاء حزب الله مسلحاً ومرتبطاً بإيران يشكل عقبة أساسية أمام استقرار لبنان وتعافيه المالي.
ويرى المراقبون أن نجاح هذه العقوبات في كبح نفوذ الحزب سيعتمد إلى حد كبير على مدى تجاوب السلطات اللبنانية والتزامها بتطبيق الإصلاحات والرقابة المالية المطلوبة.
