هجوم إرهابي في "وزير ستان".. وتصفية إرهابيين في مواجهات عنيفة مع الأمن الباكستاني

الإثنين 10/نوفمبر/2025 - 08:17 م
طباعة هجوم إرهابي في وزير محمد شعت
 

شهدت باكستان يوم الاثنين هجومًا إرهابيًا جديدًا استهدف كلية كاديت وانا في منطقة جنوب وزيرستان، في أحدث حلقة من سلسلة العمليات الإرهابية التي تشهدها البلاد منذ مطلع العام. ووفقًا لبيان إدارة العلاقات العامة بين الخدمات التابعة للجيش الباكستاني، تمكنت قوات الأمن من القضاء على اثنين من المهاجمين واحتجاز ثلاثة آخرين داخل حرم الكلية بعد مواجهة عنيفة مع المسلحين.

 

وأشار البيان إلى أن المهاجمين ينتمون إلى جماعات إرهابية مدعومة من جهات خارجية، واصفًا العملية بأنها محاولة لاختراق التحصينات الأمنية للمنشأة التعليمية. وأكد البيان أن القوات الخاصة تصدت سريعًا للمهاجمين وأحبطت مخططهم بعد أن حاولوا اقتحام الكلية باستخدام مركبة محملة بالمتفجرات، ما أدى إلى تدمير البوابة الرئيسية وإلحاق أضرار محدودة بالبنية التحتية المحيطة.

 

وأوضح الجيش أن أفراد الأمن أبدوا شجاعة عالية ومهنية في التعامل مع الموقف، ما حال دون وقوع خسائر كبيرة بين الطلاب والعاملين في الكلية. وتمكنت قوات الأمن من احتجاز ثلاثة إرهابيين تمكنوا من التسلل إلى المبنى الإداري للكلية قبل السيطرة عليهم.

 

وأشار البيان العسكري إلى أن الهجوم الأخير يحمل ملامح مشابهة للهجوم الإرهابي المروع الذي استهدف مدرسة الجيش العامة في بيشاور عام 2014، والذي أودى بحياة أكثر من 140 شخصًا معظمهم من الأطفال. وأوضح الجيش أن الهدف من هذا الاعتداء كان بث الرعب بين الجيل الشاب من أبناء المناطق القبلية الذين يحصلون على فرص تعليمية أفضل داخل مؤسسات وطنية تهدف إلى بناء مستقبل مشرق لهم ولمجتمعاتهم.

 

كما كشف الجيش أن الإرهابيين كانوا على تواصل مباشر مع قياداتهم ومشغليهم في أفغانستان، مشيرًا إلى أن العملية تتناقض مع تصريحات نظام طالبان الأفغاني الذي يزعم عدم وجود جماعات إرهابية تعمل انطلاقًا من أراضيه. وأكدت باكستان أنها تحتفظ بحق الرد على القيادات والعناصر الإرهابية المتواجدة داخل أفغانستان.

 

وفي أعقاب الهجوم، شرعت قوات الأمن الباكستانية في تنفيذ عمليات تطهير وتمشيط واسعة في المناطق المحيطة بوانا وجنوب وزيرستان للقضاء على أي خلايا نائمة أو عناصر متبقية مرتبطة بالهجوم. وأوضحت إدارة العلاقات العامة أن الحملة تأتي ضمن إطار عملية "عزم الاستقامة"، التي أقرّتها اللجنة الفيدرالية العليا لتنفيذ خطة العمل الوطنية لمكافحة الإرهاب، والتي تهدف إلى استئصال التنظيمات الإرهابية وشبكات الدعم اللوجستي داخل البلاد.

 

وشدد البيان على أن قوات الأمن ووكالات إنفاذ القانون ستواصل حملتها بلا هوادة وبأقصى سرعة ممكنة للقضاء على خطر الإرهاب الذي تدعمه جهات خارجية، في إشارة إلى أطراف إقليمية تتهمها إسلام آباد بالضلوع في تمويل وتوجيه الجماعات المتطرفة.

 

تأتي هذه التطورات في ظل تصاعد ملحوظ في وتيرة الهجمات الإرهابية داخل باكستان خلال العامين الأخيرين، خصوصًا في إقليمي خيبر بختونخوا وبلوشستان. وتشير الإحصاءات الرسمية إلى أن مقاطعة خيبر بختونخوا وحدها سجلت أكثر من 600 حادث إرهابي خلال الأشهر الثمانية الأولى من عام 2025، أسفرت عن استشهاد ما لا يقل عن 138 مدنيًا و79 من أفراد الشرطة.

 

وتربط السلطات الباكستانية هذا التصعيد بتدهور الوضع الأمني عبر الحدود بعد تولي حركة طالبان الأفغانية السلطة في كابول عام 2021، حيث وفّر المناخ الجديد مساحة أوسع لتحرك الجماعات المسلحة التي تستهدف الأراضي الباكستانية. وتؤكد إسلام آباد أنها طالبت مرارًا النظام الأفغاني بمنع استخدام أراضيه لشن هجمات ضد باكستان، إلا أن تلك الدعوات لم تلقَ الاستجابة المطلوبة.

 

وقد أدى تصاعد الإرهاب عبر الحدود إلى اشتباكات متكررة بين القوات الباكستانية والأفغانية خلال الأشهر الماضية، أبرزها في أكتوبر الماضي، حين شنت القوات الباكستانية غارات جوية دقيقة على مواقع للمسلحين في ولايتي قندهار وكابول، بعد أن أطلقت عناصر تابعة لطالبان النار على مواقع باكستانية دون مبرر. وأسفرت تلك الضربات عن مقتل أكثر من 200 من عناصر طالبان والمسلحين المتحالفين معها، فيما استشهد 23 جنديًا باكستانيًا في الاشتباكات. ورغم التوتر، تم التوصل لاحقًا إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بوساطة أفغانية، في محاولة لاحتواء الأزمة ومنع تفاقمها.

 

وتذهب قراءات إلى أن استمرار الهجمات الإرهابية داخل باكستان يعكس تحولًا في تكتيكات الجماعات المسلحة التي تسعى لاستهداف المؤسسات التعليمية والأمنية لبث الخوف وتقويض الثقة العامة في قدرة الدولة على حفظ الأمن. ويشير هؤلاء إلى أن مواجهة هذا التحدي تتطلب تعاونًا إقليميًا حقيقيًا بين باكستان وأفغانستان ودول الجوار، إلى جانب دعم المجتمع الدولي لجهود مكافحة التطرف.

 

ومع استمرار تنفيذ العمليات الأمنية واسعة النطاق في مناطق القبائل والحدود الغربية، يؤكد الجيش الباكستاني التزامه بمواصلة حملة "عزم الاستقامة" حتى تحقيق أهدافها كاملة، مشددًا على أن دماء الشهداء لن تذهب سدى، وأن باكستان ستظل موحدة في مواجهة الإرهاب بكل أشكاله.

 

شارك