بنين تنجو من الانقلاب.. كيف أجهض تدخل إيكواس مدبري التمرد في ساعة الحسم
الأربعاء 10/ديسمبر/2025 - 01:48 م
طباعة
محمود البتاكوشي
شهدت بنين، الدولة الواقعة في غرب إفريقيا، نهاية الأسبوع الماضي، اختبارًا دقيقًا لقدرة مؤسساتها العسكرية والسياسية على الصمود أمام محاولة انقلاب خاطفة كادت أن تغيّر مسار الدولة بالكامل. لم يكن الحديث عن مواجهة عسكرية عابرة، بل عن تحد استثنائي اتسم بالسرعة والارتباك، حيث كان مصير الرئيس باتريس تالون وبلاده على المحك، إضافة إلى تهديد واضح لاستقرار المنطقة بأسرها.
الانقلاب والرد الفوري
صباح الأحد، اندلعت اشتباكات عنيفة بين الحرس الجمهوري والجنود المتمردين أمام مقر إقامة الرئيس، وأسفرت المواجهات عن خسائر بشرية في كلا الجانبين، بما في ذلك وفاة زوجة مدير الديوان العسكري للرئيس إثر إصابتها في هجوم الانقلابيين. لكن، على عكس ما شهدته النيجر العام الماضي، استجابت بنين بسرعة، وطلبت دعمًا عسكريًا عاجلًا من نيجيريا وكوت ديفوار.
إيكواس والدروس المستفادة
تجربة النيجر الأخيرة كانت درسًا حاسمًا لمنظمة الجماعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (إيكواس)، إذ دفع التأخر في التدخل حينها إلى سيطرة الانقلابيين على السلطة وإطاحة الرئيس محمد بازوم. في بنين، تأكد القادة الإقليميون أن التأخير سيكون مكلفًا، ما دفعهم لتنسيق سريع واتخاذ قرار حاسم بالتدخل.
انطلقت محادثات عاجلة بين رؤساء دول غرب إفريقيا، وحرصت نيجيريا وكوت ديفوار على تنظيم تدخلها ضمن إطار إيكواس، بينما شددت السلطات على ضرورة التحرك الفعلي وليس الاكتفاء بالتصريحات، حفاظًا على مصداقية المنظمة الإقليمية، كما أكد الرئيس الحالي لإيكواس، الجنرال جوليوس مادا بيو: "إذا لم نتدخل هذه المرة، فستنتهي مصداقيتنا".
تدخل إقليمي وفرنسي فاعل
تقرر إرسال قوة إقليمية مشتركة تضم قوات من نيجيريا وغانا وكوت ديفوار وسيراليون، ولعبت الاستخبارات الفرنسية دورًا مهمًا في نجاح العملية، من خلال توفير معلومات دقيقة ساهمت في إحباط الانقلاب قبل أن يتمكن المتورطون من السيطرة على مفاصل الدولة.
النتائج والتداعيات
أعلنت الحكومة بعد الاجتماع الطارئ لمجلس الوزراء عن إحباط الانقلاب ومقتل عدة أشخاص، واعتقال بعض المتورطين بينما لا يزال آخرون طلقاء.
ووفقًا للأمين العام للحكومة، فإن المجموعة الصغيرة من الجنود حاولت في البداية تحييد أو خطف بعض كبار الضباط والسيطرة على مؤسسات الدولة، لكن حسم الموقف الإقليمي والدعم الاستخباراتي حال دون نجاحهم.
في النهاية يعكس الحدث في بنين حقيقة مفادها أن الاستجابة السريعة والتنسيق الإقليمي يمكن أن يحول دون تحول الانقلاب إلى كارثة سياسية. كما يسلط الضوء على أهمية الدروس المستفادة من تجارب سابقة، وتوظيف قدرات الاستخبارات الدولية والإقليمية بشكل فعال.
كذلك يبرز الدور الحاسم لمصداقية المنظمات الإقليمية في تثبيت استقرار الدول الأعضاء، خاصة في مناطق تشهد تقلبات أمنية وسياسية متكررة.
باختصار، تجربة بنين تؤكد أن مواجهة الانقلابات ليست مجرد مسألة عسكرية، بل معركة معقدة تجمع بين الزمان، الاستراتيجية، الدعم الإقليمي، والمعلومات الاستخباراتية الدقيقة، لضمان حماية الدولة واستقرار المنطقة بأسرها.
