خبير ألماني: داعش يهدف لزعزعة تركيا بإضعاف اقتصادها

الإثنين 18/يناير/2016 - 10:43 م
طباعة خبير ألماني: داعش
 
ظلت الحدود التركية مخترقة من قبل مقاتلي "داعش" من وإلى سوريا، غير أن حكومة أنقرة باتت تحارب التنظيم الإرهابي، وبالتالي تحول الرئيس أردوغان إلى عدوها الأول، كما اعتبر الخبير الألماني جونتر مايررئيس مركز بحوث العالم العربي في مقابلة مع دويتشه فيله.


 هل يحمل اعتداء اسطنبول بصمات تنظيم "داعش" الإرهابي؟
كل شيء يؤشر إلى ذلك. عايشنا اعتداء سابقا في حزيران 2015 في سروج على مقربة من الحدود السورية. كما وقع هجومان إرهابيان في أكتوبر في أنقرة أوقع حوالي مائة قتيل وأكثر من 240 جريحا. وهذا الاعتداء الأخير يدخل في سلسلة الهجمات، علما أن دعاية تنظيم "الدولة الإسلامية" ركزت في الأشهر الماضية بشكل متزايد على اردوغان. فهم ينادون في فيديوهات دعائية للقتال ضد اردوغان. وفي النسخة الأخيرة من المجلة الدعائية "دابق" التابعة "للدولة الإسلامية" يتم إدراج أوباما واردوغان كأعدائهم الكبار. وعلى هذا الأساس فإن كل شيء يؤشر إلى أن تنظيم "داعش" يتحمل المسؤولية أيضا في الاعتداء باسطنبول.

الشرطة التركية على ما يبدو ألقت القبض على مواطنين روس يُفترض أنهم على ارتباط بالتنظيم الإرهابي. كيف يمكن تفسير هذا الأمر؟
في حال التحدث هنا عن روس معتقلين، فإنه من المرجح أن يكونوا جهاديين من القوقاز، لاسيما من الشيشان. فمنذ خريف 2014 ارتفع عدد المقاتلين في صفوف "داعش" المنحدرين من تلك المنطقة إلى أكثر من 1500 فردا. وتركيا سمحت إلى حد الآن بمرور مقاتلي "داعش" ودخول أكثر من ألفين من الجهاديين من الجمهوريات الإسلامية التي كانت جزءا من الاتحاد السوفياتي سابقا في آسيا الوسطى والذين انضموا بعدها إلى "داعش" في سوريا والعراق.

تُوجه من حين لآخر الاتهامات إلى تركيا بأنها تغض البصر عن تنظيم "داعش" داخل البلاد. وغالبا ما يُذكر أنها تتحمله، لأن مقاتلين أجانب يمكن لهم العبور بدون قيود من تركيا إلى سوريا. فلماذا يحارب "داعش" تركيا تحديدا؟
في السابق كان تنظيم "داعش" من منظور تركي يدعم الهدفين الرئيسيين اللذين كان اردوغان يريد تحقيقهما في سوريا. وهما من جهة الإطاحة بنظام بشار الأسد الذي يراد له أن يُعوض بنظام سني موال لتركيا. ومن جهة أخرى يريد اردوغان بكل الوسائل تفادي قيام منطقة كردية مستقلة أو حتى دولة كردية في الأرض السورية على الحدود الجنوبية لتركيا. والنجاحات العسكرية السابقة "للدولة الإسلامية" ضد الأكراد في شمال سوريا وغزو كوباني كانت بلا شك في مصلحة تركيا. لكن ما نعايشه حاليا هو تحول، لاسيما لأن تركيا سمحت للولايات المتحدة الأمريكية باستخدام القاعدة الجوية في انجرليك لتنفيذ هجمات جوية من هناك على أهداف "داعش". وحتى طائرات تورنادو الاستطلاعية الألمانية تنطلق من انجرليك. فذلك ليس بالتأكيد في مصلحة التنظيم الإرهابي.

وبذلك تكون تركيا قد أصبحت جزءا من التحالف المناهض لـ"داعش". وذلك يضعفها في آن واحد عندما تحارب الأكراد. كيف تتلاءم هذه المعطيات؟
تركيا لم تدعم في السابق فقط صادرات الأسلحة وموارد تنظيمية أخرى لـ"داعش"، بل إنها سمحت بمرور متعاطفين أجانب مع "داعش" إلى سوريا. وبعض الجرحى من "داعش" تم تطبيبهم في مستشفيات تركية. وحتى الدعم المالي من أنصار "داعش" من العالم الإسلامي مر عبر تركيا. واستفادت تركيا من شراء البترول السوري (المهرب من داعش) وضمنت بالتالي أحد أهم الموارد المالية لـ"داعش". ولكننا اليوم نعايش تحولا تاما، إذ أن الدعم التركي لـ"داعش" تراجع بالخصوص بسبب ضغط الولايات المتحدة الأمريكية.

من سيتولى مكافحة "داعش" المنشودة من قبل أنقرة وواشنطن في سوريا إذا لم يكن الأكراد؟
الأمل الكبير من منظور أمريكي يُعلق على القوى الديمقراطية في سوريا التي تكاثفت في العاشر من أكتوبر 2015 ضمن "تحالف القوى الديمقراطية في سوريا". هذه هي التسمية الرسمية. وهي مؤلفة من نحو 20 ألف مقاتل كردي من وحدات الدفاع الشعبي و 5000 عربي سني من شمال سوريا. كلهم اجتمعوا تحت قيادة الولايات المتحدة الأمريكية ويتم دعمهم عسكريا من قبل الولايات المتحدة. وهذه الوحدات حققت مكاسب أرضية كبيرة ضد "داعش"، إذ أنهم استولوا قبل أسبوعين على سد على نهر الفرات، وبالتالي قطعوا طريق إمدادات هام على "داعش" بين حلب والموصل. وهم يتقدمون حاليا في اتجاه حلب. ومدينة منبج السورية، من أهم مراكز "داعش" قد تسقط في الأيام المقبلة. وعلى هذا النحو فإن هذا التحالف حقق نجاحات كبيرة بدعم الولايات المتحدة الأمريكية.

مع خسارة المدينة السورية تل أبيض فقد "داعش" أهم خط اتصال مع تركيا. هل يريد "داعش" بعد هذه الهزيمة البرهنة للجميع على أنه مازال موجودا وأنه قادر على توجيه الضربات؟
هذا يمكن بلا شك أن يكون محتملا. فالتنظيم الإرهابي فقد نحو 30 في المائة من مداره التوسعي، وهذا يعني أن هذه الخسارات التي يتكبدها "داعش" قد تكون سببا مباشرا في التحرك ضد تركيا لمواصلة ممارسة الضغط ضد الحكومة التركية.

ما مدى قوة تنظيم "داعش" داخل تركيا؟
تنظيم "داعش" يملك الكثير من الأنصار، هناك حسب التقديرات أكثر من 500، بل حتى 1500 من المناصرين الأتراك للتنظيم الذين التحق عدد كبير منهم بعمليات القتال في سوريا والعراق.

هل يرمي الاعتداء إلى إضعاف قطاع السياحة أم يريد "داعش" ربما إيجاد فراغ للسلطة في تركيا؟
هجوم مباشر ضد تركيا غير محتمل، لكن الوصول إلى زعزعة تركيا وتوجيه تهديد، والرسالة هي "إذا واصلتم العمل ضدنا، فالاعتداءات ستزداد". ومن زاوية اقتصادية بالتحديد برهن "داعش" في الشهور الماضية على أن هذه الاعتداءات لها مفعول. فالاعتداءات في تونس أظهرت أن السياحة انهارت في جزء كبير منها. والوضع الاقتصادي هناك يتدهور. والاعتداء بالمتفجرات على الطائرة الروسية التي كانت تنقل سياحا روس فوق شبه جزيرة سيناء أدى إلى انتكاسة كبيرة في السياحة المصرية. تنظيم "داعش" يسلك طريق زعزعة تركيا اقتصاديا لإضعاف الحكومة في أنقرة.

حوار لدويتشه فيله 

شارك