بدأوا يشعرون بالضجر.. الأيكونومست تبحث عن سر انضمام شباب أوربا لـ"داعش"

الخميس 04/ديسمبر/2014 - 10:42 م
طباعة بدأوا يشعرون بالضجر..
 
بدأوا يشعرون بالضجر..
كتب شاب فرنسي لولده بعد التحاقه بصفوف تنظيم داعش: "لقد سئمت، فالآيباد لا يعمل هنا وأريد العودة للبيت، ولا توجد أي وسائل راحة هنا مثل التي بفرنسا".
بينما كتب آخر، حسبما ذكرت فضائية "العربية" الإخبارية السعودية، اليوم الخميس: "يريدون إرسالي بالجبهة، ولكني لا أعرف كيف يكون القتال"، جدير بالذكر، أن كثيرًا من الشباب في الغرب التحق بـ"داعش" في سوريا أو العراق، وبعد ذلك يكتشفون أن التحاقهم يجعلهم يعيشون في بؤس وخوف وملل، وأن معاني المغامرة الكبيرة التي قاموا بها انهارت بانضمامهم للتنظيم الإرهابي ومازال انضمام الشباب الغربي   إلي تنظيم داعش يثير التعجب ويدعو للبحث عن إجابات تقنع العقول.وفي الوقت الذي اشار فيه  مساعد وزير الخارجية الايرانية حسن قشقاوي الى  ان ذلك يعود إلى  ضعف نظام التربية والتعليم لدى الغرب الذي يدعي العلمانية. وأكد  ان احصاءات انضمام الشباب البريطاني والالماني والفرنسي ومن دول اوروبية اخرى الى تنظيم داعش، تشير الى اعداد مرتفعة وتتراوح اعمار هؤلاء بين 20 الى 25 عاما وهم من الجيل الرابع في اوروبا، اذن ماذا فعلت التربية العلمانية؟ ان نظام التربية والتعليم الاوروبي يجب ان يتحمل مسئولية انضمام الجيل الأوروبي الرابع الى تنظيم داعش الارهابي.بينما طرحت مجلة الايكونومست ايضا السؤال وقالت إن المقاتلين الأجانب يرحبون بل وينتهزون الفرصة للمشاركة في بناء الدولة الإسلامية الجديدة. وتقول "مجموعة صوفان" للاستخبارات والتي تتخذ من نيويورك مقرا لها إن عدد المقاتلين الأجانب في سوريا وصل بنهاية مايو إلى 12 ألف مقاتل من 81 دولة ومن بين هؤلاء 3 آلاف من الدول الغربية. وبعد ثلاثة أشهر زاد العدد، خاصة بعد إعلان داعش في  يونيه عن قيام "الخلاف"ويقول الخبراء إن سوريا جذبت إليها أعدادا أكثر من أي نزاع منذ الجهاد الأفغاني ومرورا بالغزو الأمريكي للعراق عام 2003.
وتشير المجلة للدور الذي يلعبه الجهاديون القادمون من بريطانيا، حيث سلط الضوء عليهم بعد ظهور ملثم إلى جانب الصحفي الأمريكي جيمس فولي، ويتحدث بلهجة أهل لندن، وذكرت المجلة بلندن التي كانت في التسعينيات من القرن الماضي ملجأ للإسلاميين الهاربين من دولهم، و"لا تزال لندن مركز جذب للجهاديين من كل أنحاء أوروبا" كما يقول توماس هيجهامر من مؤسسة أبحاث الدفاع النرويجية، مضيفا أن "مجتمع المتشددين في بريطانيا لا يزال يستكشف الأفكار والوسائل".

دور بريطاني

دور بريطاني
وفي الوقت الذي يشكل فيه المقاتلون العرب في سوريا غالبية المقاتلين، يعتبر المقاتلون القادمون من بريطانيا غالبية الأوروبيين. لكن المقاتلين من بلجيكا والدانمارك تظل نسبتهم أعلى مقارنة بحجم السكان في بلادهم. كما أن فرنسا التي أقرت قيودا وتشريعات على المتطرفين سافر عدد من أبنائها للجهاد في سوريا.
وترى المجلة أن أحد أسباب بروز البريطانيين هو سهولة التواصل باللغة الإنجليزية خاصة في الدول التي تحاول "داعش" التأثير عليها. 

مقاتلات:

مقاتلات:
تلاحظ أن مشاركة النساء في سوريا هي الأكبر مقارنة مع حروب أخرى، وتبلغ نسبة الفتيات المسافرات الغربيات من  10- 15% وذلك حسب تقديرات بيتر نيومان، من المركز الدولي لدراسات التطرف والتشدد في كلية كينغز- لندن، ويقدر عدد من سافرن بحوالي 30، بعضهن للزواج وأخريات للمشاركة في الفرق العسكرية المكونة من النساء ويقاتلن تحت راية داعش ممن يستخدمن في فرق الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ويراقبن النساء وطريقة لبسهن وتصرفاتهن في الساحات العامة.
داعش ليس التنظيم الوحيد الذي يتدفق إليه الجهاديون الغربيون، ولكنه الأكثر جذبا نظرا للدعاية والأيديولوجية التي تريد نشر الخلافة في كل أنحاء العالم وتريد تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية وبسبب نجاحاته العسكرية.
وفي سلسلة مكونة من 6 حلقات قامت قناة "فايس" وهي شبكة تلفزيونية على الإنترنت حيث استضافتها الدولة الإسلامية، ظهرت شرطة داعش وهي تقوم بتعليم السوريين، وتدير المحاكم الشرعية وتثقيف الأطفال وترفيهم.

الدوافع:

الدوافع:
وعن دوافع الذين ينضمون لـ"داعش"  فهي متنوعة تنوع جوازات سفرهم. ففي الأيام الأولى للحرب في سوريا ذهب الأجانب لمساعدة إخوانهم أو للقتال إلى جانبهم، استجابة لموقف دول الحكومات الغربية التي قالت إنه يجب وقف نظام الأسد وحكومته، ومنهم أطباء مثل عباس خان، الطبيب البريطاني الذي سافر للمناطق التابعة للمقاتلين في حلب حيث اعتقل ومات في زنازين النظام.
ونظرا لتحول الحرب الأهلية، ودمويتها واتخاذها بعدا طائفيا، زاد عدد القتلى من المدنيين، حيث وصل إلى 190 ألف سوري، وهو ما فتح المجال أمام العناصر المتطرفة للدخول في الثورة السورية. فلم يعد القتال من أجل تحرير سوريا أو بلاد الشام من النظام السوري، بل لم يعد أحد يستمع لمن رفض تحويل بلاده لساحة قتال دولية بناء على رؤية ان سوريا-بلاد الشام- لا تخص أهلها فقط فبحسب شيراز مهر من المركز الدولي لمكافحة التشدد "ليس من حقهم" الرفض فالإسلام وحده هو من يطبق الشريعة حسب مقاتل أوروبي والذي قال إنه ترك بلاده لشعوره أنها ليست إسلامية بما فيه الكفاية. ويقول إنه جاء "لتعليم السوريين لا قطع رؤوسهم".
وتشير المجلة إلى أن داعش هي الرد الأكثر تطرفًا على ما جرى للعالم الإسلامي في القرون الماضية مع صعود القوى الغربية الذي قاد لإلغاء الخلافة الإسلامية. لا أحد يجادل من المسلمين أن ما تقوم به من أفعال هي جرائم، ولكن التنظيم يحاول تقديم رؤيته من خلال النصوص الدينية مثل فرض الجزية على غير المسلمين.

الملل:

الملل:
وفي محاولة للبحث عن الدوافع التي تجذب الشباب لداعش، تقول المجلة إن الفقر ليس سببا كاف لتفسير الظاهرة، فناصر المثنى (أبو المثنى) 20 عاما، من ويلز هو من عائلة متوسطة، وحصل على قبول لدراسة الطب من أربع جامعات. كما لا يمكن ربط الظاهرة بفشل الاندماج في المجتمع، فصور محمد حميد الرحمن، وهو بريطاني آخر قتل قبل فترة تظهر شابا يتابع الموضة في حياته وقص شعره بطريقة "شيك" وكان يعمل في فرع محل الألبسة المعروف "بريماك" في المدينة الساحلية "بورتسموث" ويدير والده مطعما للمأكولات الهندية. وكذا لا يمكن ربط الظاهرة بالتدين، فقبل سفرهما إلى سوريا طلب كل من يوسف سراوار ومحمد أحمد كتبًا لتعليم الإسلام للمبتدئين من مكتبة أمازون الإلكترونية، ويقول مهر إن معلومات بعض المقاتلين الغربيين عن الإسلام ضعيفة. 
وعليه فالتفسير الأقرب لدوافع الشبان هو أنهم يحاولون البحث عن مهرب من جو البيت وتأكيد هويتهم. ويرى رفائيل بانتوشي من المعهد الملكي للدراسات المتحدة في لندن إن بعضهم دفع للسفر "لعدم وجود شيء مهم في حياتهم. وتقترح صور المقاتلين وهم يلعبون سنوكر ويتناولون الحلوى ويرشقون الماء على بعضهم تقترح أن الجهاد على خلاف رحلات الطلاب ليس بدون مرح. 
بالبنسبة للشبان الذين يعملون في وظائف بلا مستقبل في مدن مملة، ففكرة الإخوة والمجد والبندقية مثيرة. ويلحظ أن معظم الجهاديين القادمين من بلجيكا جاءوا من أكثر المدن رتابة والتي تركز فيها المتشددون لتجنيد الشبان.

تجنيد سهل:

تجنيد سهل:
لم يعد الجهاديون العاملون في شبكات التجنيد بحاجة للبحث عن مركز مثل مسجد، كما فعل أبو حمزة المصري في مسجد فينزبري بارك، شمال لندن. وهذا لا يمنع من اتخاذ بعض المتشددين الحذر حيث يلتقون في جماعات صغيرة ويعرفون من يلتقون حيث يعقدون اجتماعاتهم في مرآب سيارة أو شقق، حيث من الصعب اكتشاف نشاطاتهم. ويمكن للجهادي الأوروبي العثور على كل ما يريده من خلال الإنترنت، فيسبوك والتويتر وهم ليسوا بحاجة للدخول في غرف حوار تحتاج لمعلومات شخصية.
ويسهل على الجهادي الوصول إلى سوريا عبر تركيا رغم قيام الدولة التركية بتشديد الرقابة على الحدود في الآونة الأخيرة، بعضهم يقرر السفر بدون معارف. وكل ما يحتاجه هو تذكرة لمطار إسطنبول ومنه يسافر في رحلة داخلية لواحدة من المدن الحدودية مع سوريا حيث يبلغ طول الحدود 822 كم.
ورحلات كهذه تعرف حسب البعض "بجهاد إكسبرس". حال وصول المتطوعين يذهبوا لبيوت آمنة في انتظار تهريبهم إلى داخل سوريا. وقد ينجح البعض منهم بالمرور عبر نقاط العبور التركية مستخدما أوراق سفر سورية مزورة. 
ومعظم هؤلاء القادمين خاصة من بريطانيا لا خبرة له قتالية ولم يحمل سلاحا في حياته، وعندما يدخلون سوريا يتلقون تدريبات في معسكرات للمقاتلين. وبحسب الكثيرين منهم فهم يشعرون بالراحة كونهم في بلد مسلم وإن لم يكن مسلما بما فيه الكفاية. ويؤكد معظمهم أنهم لا يخططون لنقل تجربتهم لمكان آخر. يقول جهادي أوروبي "أشعر بالسعادة هنا وراحة البال".

خيبة أمل:

خيبة أمل:
لكن هناك من ذهب لقتال الأسد واكتشف أنه أخطأ في قراره كما يقول نيومان، ويشعرون بالقلق مما يرونه اقتتالا بين الفصائل وقتل المسلمين "ليس من أجل هذا جئنا". ومن هنا فالعودة للبلد ليست سهلة، خاصة أن السلطات الغربية تعرف من سافر ويمكنها التعرف عليهم عندما يعودون. فقد أخبر أحد المقاتلين نيومان أنه لن يمانع من الدخول في برنامج مكافحة التشدد ومراقبة السلطات الأمنية لو كان باستطاعته العودة للبلاد ويتجنب إقامة طويلة في السجن. هذا على اعتبار ما اقترحه في 24 آب/أغسطس عمدة لندن، بوريس جونسون أن من سافر لمناطق الحرب دون إخبار السلطات فسيواجه تهمة الإرهاب.

العودة:

العودة:
وتظل عودة المقاتلين هي أخشى ما تخشاه الحكومات الغربية. وفي الوقت الحالي ركز معظم من ذهب منهم وقاتل مثل الأمريكي دوجلاس ماكين، على القتال في الساحة السورية أو العراقية وليس بلده الأصلي. وهذا لا يمنع قيام أفراد عادوا للتصرف بطريقة فردية مثلما فعل قتلة الجندي البريطاني لي ريجبي العام الماضي في لندن. والفرنسي- الجزائري مهدي نموش الذي اعتقل بشبهة قيامه بالهجوم على متحف يهودي في بروكسل بداية العام الحالي. ولا يمكن للسلطات الأمنية التوصل لعمليات كهذه بسهولة أو حتى وقفها.

شارك