إخوان المغرب.. سياسة "التمكين" هل تُسقط الجماعة؟

الثلاثاء 06/يناير/2015 - 05:11 م
طباعة اخوان المغرب اخوان المغرب
 
من الواضح أن دولة المغرب، ستدخل في الصراعات التي شهدتها عدد من الدول على مدار المرحلة الماضية على رأسها مصر وتونس؛ حيث بدأ التنافس الإخواني يخيم على المشهد في المغرب، وبالأخص عقب الجهود التي يبذلها حزب "العدالة والتنمية"، المحسوب على جماعة الإخوان المسلمين في المغرب، وذلك من أجل الاستحواذ على مناصب في كافة مؤسسات الدولة، وإغراقها بكادر حزبي؛ الأمر الذي أغضب تيار المعارضة وطالب بوقف الاكتساح الإخواني للوزارات والتحذير من نتائجه المستقبلية على المملكة.
في ظل سعي الإخوان إلى تمكينهم خلال الفترة المقبلة، هل يؤدي ذلك إلى إسقاطهم تمامًا كما حدث في معظم الدول العربية في المرحلة الأخيرة؟
إخوان المغرب.. سياسة
وأكد خبراء في الشأن المغربي، على تنفيذ عبدالإله بنكيران، رئيس الحكومة، خطة لاستبدال القيادات العليا للحكومات السابقة، بأخرى موالية له ولحزبه الإخواني، محاولة منه لزرع مسئولين مدينين له في مراكز القرار.
وأشار الخبراء إلى أن بنكيران يسعى جادا إلى استعمال كل الطرق بهدف إغراق المراكز الحساسة والوزارات التي يديرها وزراء من حزبه بالكادر الإخواني.
في الوقت نفسه، أكد الأمين العام لحزب "العدالة والتنمية" الحاكم في المغرب عبدالإله بنكيران، أنه بعد ثلاث سنوات من قيادة حزبه للحكومة المغربية أصبحت كل الفئات تثق في وطنه وفي سياسته وفي إجراءاته وقراراته السياسية والاقتصادية.
وأرجع بنكيران أن دليل هذه الثقة هو استرجاع الأموال المهربة، التي كشف عنها أخيرًا.
وبلغ حجم الأموال المسترجعة إلى المغرب ما لا يقل عن 26 مليار درهم، في الوقت الذي كانت الحكومة قد أعلنت أن سقف الأموال المهربة المنتظر دخولها إلى المغرب هو 5 مليار درهم.
وصرح بنكيران في لقاء داخلي جمعه بمنظمة "شبيبة العدالة والتنمية" الذراع الشبابي لحزبه- أن استرجاع هذه الأموال بعدما تم تهريبها خارج أرض المغرب لعقود خلت يؤكد ثقة المقاولات ورجال الأعمال وأصحاب الثروة والمستثمرين في وطنهم وفي سياسته ونظامه وحكومته.
إخوان المغرب.. سياسة
يأتي ذلك في الوقت الذي يسعى بنكيران جاهدًا، لرئاسة اللجنة المشرفة على الانتخابات البرلمانية القادمة، لاستحواذ الإخوان على مقاعد البرلمان، ولكن يبدو أن سعيه سيبوء بالفشل الذريع حيث إن الانتخابات من المحتمل أن تؤجل، بعدما كشفت مصادر برلمانية أن أحزابا من المعارضة، قررت اللجوء إلى القضاء؛ من أجل الحسم في مسألة الإشراف عليها، حيث اشتد الخلاف بعد منح صلاحيات لبنكيران.
وبخصوص إشراف وزارة الداخلية على التحضير لانتخابات الجماعات الترابية المقبلة، دعا بنكيران شبيبة حزبه إلى عدم التشكيك في نزاهة عمل الولاة، والعمال، والقواد، والبشوات، وأعوان السلطة، الذين سيعملون على تنظيم الانتخابات.
وأكدت المصادر أن موقف الأغلبية سيُرغم أحزاب المعارضة على مقاطعة المشاورات الجارية مع وزارة الداخلية، وانتظار كلمة قضاة المجلس الدستوري في الموضوع؛ مما ينذر بتأجيل موعد الانتخابات الجماعات الترابية والجهوية إلى موعد آخر.
وتنص الأجندة الموضوعة على إجراء الانتخابات الخاصة بمجالس الجماعات الترابية، والغرف المهنية وكذا ممثلي المأجورين والانتخابات الخاصة بالمنظمات المهنية بدءا من يونيو المقبل، في أفق استكمال تشكيل مجموع الهيئات الناخبة المدعوة للمشاركة في انتخابات مجلس المستشارين قبل الدخول البرلماني لأكتوبر 2015.
هذا وقد ألمح مراقبون بأن المرحلة المقبلة ستشهد صراعات كبيرة في المغرب، وبالأخص قبيل إجراء الانتخابات البرلمانية، قد تؤدي إلى انتصار الإخوان، وقد تؤدي إلى تراجعهم كما حدث في تونس تمامًا، وفاز حزب "نداء" العلماني على حزب "النهضة" الإخواني في الانتخابات البرلمانية، وكذلك برئاسة تونس.
وفي محاولة منه لإظهار نجاح الإخوان في إدارة شئون البلاد، أكد بنكيران، أن حكومته نجحت بالفعل في تحقيق التنمية للبلاد وأكثر من ذلك نجحت في إعادة الاستقرار السياسي في المغرب فأصبح وجهة للمستثمرين المغاربة والأجانب ونموذجًا في التدبير السياسي للبلدان الأخرى.
وأضاف: أن الثلاث سنوات التي مرت من عمر الحكومة، أكدت للجميع أنها نجحت في القيام بواجبها، والعالم اليوم يشهد لها من مختلف الفاعلين السياسيين والاقتصاديين والاجتماعيين والدينيين هذا النجاح، مشيرًا إلى أنه لا يمكنه كرئيس للحكومة إصلاح كل شيء بعدما تراكم الفساد في المغرب لأزيد من 50 سنة.
ولوح بنكيران خلال تصريحاته، إلى أنه يحتاج الدعم من كل الأحزاب السياسية، ومن قبل كل القوى الفاعلة والمؤثرة؛ لأن ذلك سيجعل المغرب تخطو خطوات كبيرة في درب الإصلاح والإنجازات للشعب المغربي.
إخوان المغرب.. سياسة
وكشف مصطفى الخلفي وزير الاتصال المنتمي إلى العدالة والتنمية، الطريقة التي حاول أن يفرض بها سعد لودي أحد أقطاب حركة "التوحيد والإصلاح، الذراع الدعوية للعدالة والتنمية، في منصب الكاتب العام لوزارة الاتصال، مباشرة بعد تفجير فضيحة تدخله لدى مؤسسة القرض الفلاحي لتوظيف ابن رئيس الحركة.
وبعد أن تم تعيين أحمد اليعقوبي في منصب الكاتب العام للوزارة، لم يتردد الخلفي في طلب إعفائه وتشكيل لجنة تضم خاصة الوزيرة المنتمية إلى حزبه سمية +بن خلدون.
وضمت وزيرة التضامن والمرأة والأسرة والتنمية الاجتماعية، بسيمة الحقاوي، إلى الوزارة مسئولين جددا لا تتوفر فيهم الكفاءة.
وأكدت مصادر من داخل الوزارة، أن الحقاوي تعتمد في التعيينات على المحسوبية والقرابة الحزبية والقبلية كمعيار أساسي؛ مما أثار تذمر الكوادر غير المنتمية إلى العدالة والتنمية، والتي تشكل الأغلبية داخل الوزارة.
وعين وزير الاتصال مصطفى الخلفي، صديقه خليل الهاشمي الإدريسي، مديرا للوكالة المغربية للأنباء، على خلفية الحزب الحاكم؛ ليكون بذلك تم أخونة وسائل الإعلام.
وأشرف بنكيران شخصيا على إنشاء ترسانة إعلامية حزبية قوية، وأسند الإعلام الحزبي إلى سليمان العمراني، أحد كوادر العدالة والتنمية.
ووصف الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، إدريس لشكر، حكومة بنكيران بـ"المد الظلامي"، قائلا: الحكومة تختار دائما المواجهة من خلال حركة دعوية رجعية، هي حركة التوحيد والإصلاح.
ونبه لشكر إلى أن هناك شخصية خطيرة تلعب دور المسير والمعارض في نفس الوقت، وهذه الشخصية يمثلها رئيس الحكومة، فهو يمتلك السلطة التنفيذية، وبيده الإدارة والشرطة وكل شيء، ويحاول بسط نفوذه على أجهزة الدولة وأخونتها.
وقال: إن حزب العدالة والتنمية جاء ليشارك في الحكم تحت مظلة الاكتساح الإخواني، الذي ضغطت من أجل إنجاحه قوى إقليمية ودولية.
ويمتلك حزب العدالة والتنمية شبكة من الجمعيات والحركات النسائية والشبابية والطفولية، وأخرى تُعنى بالرياضة والقوافل الطبية، والمال والأعمال والاقتصاد والدراسات الاستراتيجية، وغيرها من المجالات.
وأوضح مراقبون أن نجاح المعارضة في تسليط الضوء على الخطة الخفية لإخوان المغرب باكتساح المؤسسات في تناقض مع دورها كحكومة لخدمة الشعب، جعل بنكيران يلجأ إلى المناورة والاحتماء بالعرش.
وقال رئيس الحكومة المغربية إن حزبه لا يحكم المغرب، وإنما يقود حكومة ائتلافية في إطار الدولة المغربية، التي يرأسها الملك محمد السادس.
إخوان المغرب.. سياسة
من ناحية أخرى، تحاصر ملفات الفساد المالي والإداري حكومة "بنكيران" التي تواجه اليوم ضغوطا من الرأي العام، وتوجه أصابع الاتهام إلى مديري ومسئولي المؤسسات العامة بسوء التدبير وانتهاك القانون.
وشهدت المرحلة الأخيرة في حكومة الإخوان، توالي عمليات الفساد، كان أولها تورط وزير التجهيز والنقل بسقوط جسر في الجنوب جراء الفيضانات، وآخرها الفضيحة التي تورط فيها وزير الشباب والرياضة محمد أوزين، على خلفية غرق ملعب مولاي عبدالله بالرباط، بسبب صفقات مشبوهة.

إخوان المغرب.. سياسة
وفي أحد التصريحات التي يشنها ضاحي خلفان، قائد شرطة دبي السابق، توقع بسقوط حكومة الإخوان في القريب العاجل؛ ما أدى إلى اشتعال التصريحات بينه وبين رئيس الحكومة بنكيران، حيث رد عليه قائلا:  "لا أريد أن أقوم بشيء قد يسيء إلى العلاقات بين المغرب والإمارات، وإن تصريحات خلفان وصلت للملك العاهل المغربي السادس، للتدخل لدى المسئولين الإماراتيين".
وكان خلفان قد نشر تغريدة له على موقع التواصل تويتر، قال فيها إنه خلال عام أو يزيد سيسقط إخوان المغرب سقوطا مدويا، قاصدا حزب العدالة والتنمية المغربي، الذي يقود الائتلاف الحكومي بالمغرب، ليرد بنكيران أن المستقبل بيد الله، وهو من يعلم الغيب، وهذا الشخص في إشارة لخلفان يخرف، ويقوم بدور العرافات أو يحلم.
تأتي هذه التصريحات في ذات التوقيت التي شهدت تراشقا إعلاميا بين المغرب ومصر، وتجاوز فيها نائب رئيس الشرطة والأمن العام في دبي الحدود المتعارف عليها بين دولتين صديقتين، فقد وصف فيها الإخوان بأنهم أجسام بغال وعقول عصافير، مشيرًا إلى أن الحزب الحاكم في المغرب لا "عدالة ولا تنمية لديه"، معتبراً أنه "لا فوارق بين تنظيماتهم في المشرق والمغرب؛ لأن كلهم زي بعض"، متابعاً: "الإخوان أصلاً عصابة في أي دولة"، بحسب قوله.
المشهد يوضح أن الإخوان في المغرب يسيرون على خطى ما حدث في مصر وتونس، ويسعون إلى فرض سيطرتهم داخل البلاد؛ الأمر الذي أكده عدد من المراقبين بالفعل، وقالوا: إن الحزب الحاكم يسعى إلى فرض سلطته في المرحلة المقبلة، ما يؤكد أن نهايتهم اقتربت بعد فرض سياسة "التمكين"، في حين أن التيار المعارض يرفض ذلك رفضا قاطعًا.

شارك

موضوعات ذات صلة