بعد رفضها إدراج الإخوان على قوائم الإرهاب.. هل تدخل "بريطانيا" في صراعات سياسية مع الدول العربية؟

الثلاثاء 17/مارس/2015 - 01:56 م
طباعة بعد رفضها إدراج الإخوان
 
بعد ما يقرب من عام على إجراء التحقيقات التي بدأتها بريطانيا، بشأن إدراج جماعة الإخوان المسلمين على قوائم الإرهاب، جاءت نتيجة التقرير الذي تم سحبه من قبل رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، مخيبًا لآمال الكثير من الدول العربية.
التقرير الذي استمر على مدار عام كامل، ومنذ عزل الرئيس المصري محمد مرسي وارتكاب الإخوان عمليات إرهابية في بعض الدول- لم يتم نشره رسميًا حتى الآن، ولكن كل البراهين والشواهد منذ أمس تؤكد على أن بريطانيا رفضت إدراج الإخوان على قوائم الإرهاب.

التحقيق منذ عام بشأن الإخوان

التحقيق منذ عام بشأن
كان ديفيد كاميرون رئيس الوزراء البريطاني، أطلق تحقيقًا حول جماعة الإخوان في وقت سابق من العام الماضي، بدافع من المخاوف إزاء تحريضها على أيديولوجية متطرفة تحث المتشددين البريطانيين على القتال في سوريا والعراق، وشكل كاميرون في أبريل 2014، لجنة السير "جون جنكينز" لإعداد تقرير عن أنشطة جماعة الإخوان في بريطانيا وعلاقتها بالتطرف.
قبل إصدار التقرير النهائي أكدت مصادر مسئولة أن تقرير الحكومة البريطانية حول جماعة الإخوان الإرهابية سيصدر أمس الاثنين، بعد شهور من المماطلة والتردد بين مختلف الهيئات والوزارات البريطانية، موضحة أن التقرير المنتظر سينشر "محدودًا" وسيقتصر على النتائج الأساسية فقط.
في ذات الوقت أكد بعض الخبراء، أنه من غير المرجح أن يوصي بحظر أو تسمية تلك الجماعة بأنها منظمة إرهابية، وهو ما تم تأكيده أمس.
وقال المتحدث باسم داوننغ ستريت، "موقفنا لم يتغير وصرحنا دائمًا أننا سوف ننشر النتائج الأساسية في الوقت المناسب، وليس هناك أي نوع من التغيير أو التحديث، فيما يخص ذلك بقدر ما يهمنا الأمر"، مضيفًا أنه لا يمكنه التكهن بشأن ما سوف يُنشر في التقرير.

رفض إدراج الجماعة على قوائم الإرهاب

رفض إدراج الجماعة
وجاء التقرير أمس على حد نشر بعض الصحف البريطانية، رفض الحكومة البريطانية تصنيف الإخوان كجماعة إرهابية.
وأفاد التقرير الذي قاده جون جينكيز السفير البريطاني لدى المملكة العربية السعودية، أن الجماعة لن تدرج على قائمة الإرهاب، ودعا التقرير منظمة الإخوان إلى أن تكون أكثر شفافية حول المنظمات التي لها صلة بها بما في ذلك المساجد والجمعيات الخيرية.
من جانبها رأت صحيفة "الإندبندنت" البريطانية أن توقيت الإعلان عن التحقيق، والذي يأتي قبل 48 ساعة فقط من تسليم وزير المالية البريطاني جورج أوزبورن الميزانية النهائية للحكومة الائتلافية، سيشعل الشكوك بأن الحكومة تحاول التقليل من الدعاية السلبية، وتوقعات حجب التقرير وتجنب ذكر التفاصيل.
وأضافت الصحيفة أن السعودية والإمارات العربية المتحدة ومصر، حظرت الإخوان وصنفت الجماعة كمنظمة إرهابية، وفي المقابل تلاقى دعمًا من قطر وتركيا.
وأكد متابعون، أن ديفيد كاميرون قام في اللحظة الأخيرة بالتدخل لتأجيل نشر التقرير، موضحين أنه من غير المحتمل أن ينشر قبل الانتخابات العامة في المملكة المتحدة التي ستجري 7 مايو المقبل هذا إذا نشر على الإطلاق.
وقال كاميرون: إنه ينبغي بدلاً من ذلك أن ينشر بالتوازي مع الاستراتيجية الجديدة للحكومة الائتلافية في مجال مكافحة التطرّف.

تخوفات من الدول العربية

تخوفات من الدول العربية
 فيما ربط البعض ذلك بإرادة كاميرون تجنب الدخول في جدل محتمل مع السعودية ومصر حول التقرير، مع مبررات وذرائع أخرى.
وكانت جماعة الإخوان قد حظرت في المملكة العربية السعودية وفي دولة الإمارات العربية المتحدة؛ ولذلك يقول بعض الوزراء بأن هاتين الدولتين الخليجيتين هما اللتان بادرتا بالضغط على كاميرون لإجراء تحقيق في الجماعة.
وكان بعض المسئولين في وزارة الخارجية قد أعربوا عن قلقهم من أن التقرير يمكن أن يضر بعلاقات بريطانيا بالدول الخليجية الحليفة لبريطانيا.
كان ناطق باسم مكتب رئيس الوزراء أكد بأن نشر التقرير سيحدث "في أقرب فرصة ممكنة"، ولكنه لم يعط ضمانات بأن ذلك سيحدث قبل أن يحل مجلس العموم في نهاية هذا الشهر الجاري. 
وقال السير مالكولم ريفكند، وزير الخارجية السابق =-في حكومة المحافظين، بأن التأخير "سيثير تساؤلات كثيرة"، مضيفًا: أن "الطريقة التي تم التعامل من خلالها مع التقرير ليست الأمثل في التعامل مع مثل هذه القضية الحساسة".
وكان شركاء كاميرون في التحالف الحاكم من حزب الأحرار الديمقراطيين قد وافقوا يوم الجمعة على نشر التقرير، وأخذوا على حين غرة حينما علموا بأن رئيس الوزراء غير رأيه في اللحظة الأخيرة.

بريطانيا تدعم الإرهاب

بريطانيا تدعم الإرهاب
من جانبه قال عماد عوني الخبير في الشئون السياسية والاقتصادية: إن قرار الحكومة البريطانية يؤكد على دعم بريطانيا وجهاز المخابرات البريطاني لفوضى وإرهاب الإخوان في كل مكان وتحديدا في مصر.
وأضاف عوني أن جماعة الإخوان الإرهابية مدعومة من عدة دول غربية وأجنبية، وكذلك أجهزة مخابرات أجنبية على رأسها الـ "سي أي أيه"، و"إم أي 6"، لاستخدام الإخوان كأداة لنشر الإرهاب والفوضى من أجل تقسيم المنطقة.
ويقول متابعون للتقرير، إنه لا يخلص إلى توصيات بتغيير سياسة الدولة في التعامل مع الإخوان، وكل ما يفعله هو تسمية شبكة من المنظمات ذات الارتباط والتي وُجهت لبعضها تهم بممارسة نشاطات متطرفة.
يقول حلفاء كاميرون: إن رئيس الوزراء كلف جينكينز بإعداد التقرير، بعد أن تعرض لضغوط شديدة ومتكررة من المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، وخلص إلى أن الحكومة لم تكن تعرف ما يكفي عن نشاطات الإخوان في بريطانيا.
يقول ستيفين ميرلي، محرر نشرة مراقبة الإخوان المسلمين على مستوى العالم: "بريطانيا هي مركز القيادة والتوجيه للإخوان المسلمين في أوروبا، وهذا أمر معروف ولم ينفيه أحد".

تشويه الإخوان بصورة أخرى

تشويه الإخوان بصورة
الدكتور عزام التميمي القيادي الإخواني المقيم ببريطانيا قال: إن تأخير الإعلان عن نتائج التقرير؛ لأنه جاء على غير هوى رئيس الوزراء البريطاني والدول التي طلبت التقرير، لافتا إلى أن كاميرون أراد تشويه الإخوان بصورة أخرى، وهو ما واجهه الإخوان بالتهديد بمقاضاته أمام المحاكم البريطانية إذا قام بتشويه الجماعة دون دليل.
وقال التميمي عبر حسابه بتويتر: سألني أحد السياسيين والمحللين البريطانيين عما إذا كانت مثل هذه النتيجة "تبرئة الإخوان" ستمثل تناقضا مع الدعم العلني الذي أعلنت عنه الحكومة البريطانية لنظام السيسي، وخاصة في مؤتمر شرم الشيخ الأخير، فقلت: "بإمكان الحكومة البريطانية تبرير دعمها لنظام السيسي باسم المصلحة، ولكن لا يمكنها تبرير اتهام جماعة الإخوان المسلمين بالإرهاب إذا كانت لا تملك تقديم دليل على ذلك".
وأضاف: "أخشى ما تخشاه الحكومة البريطانية إن افترت ما ليس لها به علم أن تتورط في معركة قضائية لها أول وليس لها آخر، وقد تبدأ في محاكم بريطانيا وتنتهي في المحكمة الأوروبية العليا إذا اقتضى الأمر، مع ملاحظة أن القضاء البريطاني ليس كقضاء الأنظمة العربية المستبدة.... يتلقى تعليمات فيصدر الأحكام التي يريدها الدكتاتور، ويمكن أن تجد الحكومة البريطانية نفسها في ورطة إذا افترت على أحد دون أن تثبت ادعاءاتها عليه، ولقد هدد الإخوان المسلمون فعلا بمقاضاة الحكومة البريطانية في محاكم بريطانيا إذا ما تعمدت الحكومة تشويه سمعة الإخوان والإساءة إليهم".

ضغط قطري

ضغط قطري
من جانبها ذكرت صحيفة  العرب اللندنية  أن ضغوطا قطرية ساعدت في تأجيل الحكومة البريطانية نشر التقرير الذي أعدته حول علاقة الإخوان المسلمين بالإرهاب، وأن السفير جون جينكينز وأعضاء فريقه قاموا بإرسال التقرير النهائي إلى الحكومة في الصيف الماضي.
وأسهمت الخلافات الداخلية في تأخر نشر التقرير كل هذه المدة، حيث يدافع المحافظون عن اتخاذ إجراءات قاسية تجاه تنظيم الإخوان المسلمين، لكن الديمقراطيين الأحرار يعارضون ذلك.
كما أن هناك عوائق حالت دون نشر الكثير من المعلومات شديدة الحساسية التي تم الحصول عليها من خلال وثائق استخباراتية مصنفة على أنها سرية.
ولئن تجنب التقرير تصنيف الجماعة كتنظيم إرهابي، إلا أنه كشف أنها لم تتخل عن العنف بشكل كامل كنهج لتحقيق أهدافها السياسية.
وسبق أن طالبت مصر الحكومة البريطانية بأن تجري تحقيقا حول تورط الإخوان المسلمين في العنف منذ يونيو 2013 تاريخ عزل الرئيس الإخواني محمد مرسي.
وأصدر التقرير جملة من التوصيات تأتي في سياق مراقبة أنشطة التنظيم، ومن بينها أن تراقب الحكومة البريطانية أنشطة قيادات الجماعة والمنظمات التابعة لها، وفتح تحقيقات حول ملفاتهم الضريبية والمالية.
وطالب التقرير الحكومة بأن تضع توقعات استراتيجية لتصرفات التنظيم من خلال الخبرة والمعرفة التي تمتلكها تجاهه.

سحب التقرير

سحب التقرير
ونشرت صحيفة "الفايننشيال تايمز" البريطانية، مقالاً لجورج باركير بعنوان "رئيس الوزراء البريطاني يسحب تقريراً عن نشاط الإخوان المسلمين في بريطانيا".
وقال كاتب المقال: إن رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون قد تدخل في الساعات الأخيرة لتأجيل نشر تقرير مثير للجدل، قد يخلص إلى أن جماعة الإخوان المسلمين ليست تنظيماً إرهابياً، ولكن عليها أن تكون أكثر شفافية وتبقى خاضعة للرقابة في بريطانيا.
وأضاف باركير، أن سبب تدخل كاميرون وسحبه لهذا التقرير هو لتجنب نشوب خلاف محتمل مع السعودية ومصر كونهما تفرضان حظراً على هذه الجماعة.
وأشار كاتب المقال إلى أن الوزراء كانوا يدركون أنه إذا كانت نتيجة التقرير "صارمة"، فإن ذلك قد يزعج قطر التي تدعم جماعة الإخوان.
واختتم بالقول: إن مسئولاً حكومياً كبيراً عبر في أبريل الماضي عندما بدأت التحقيقات في نشاط الإخوان عن أن هذا الأمر "قد يهدد بتحويل الداعمين المعتدلين للجماعة إلى متطرفين".
المشهد يؤكد أن بريطانيا ستواجه موجه غضب عارمة، وستدخل في صراعات سياسية مع الدول العربية، وعلى رأسهم مصر والسعودية والإمارات؛ بسبب دعمها للإرهاب، فالموقف الذي اتخذته مصر تجاه تركيا وقطر، سيكون هو مصير بريطانيا في المرحلة المقبلة.

شارك