الصحفى الغربي الوحيد الذي حصل على أمان "داعش" يكشف أسرار التنظيم من الداخل

الإثنين 27/أبريل/2015 - 03:35 م
طباعة الصحفى الغربي الوحيد
 
حاورت دويتشه فيله الخبير السياسي والصحفي الغربي الوحيد الذي حصل على أمان "داعش" 
وقضى 10 أيام مع تنظيم "الدولة الإسلامية" في الموصل بعد أن حصل على خطاب أمان من زعيم التنظيم. هذا الحوار يكشف أسرار الرحلة إلى مملكة الدم. 
 * أمضيتَ عشرة أيام داخل ما يسمى "تنظيم الدولة الإسلامية" وكانت فرصة للتعرف عليه من الداخل، ما هي الخلاصة التي خرجت بها من هذه الرحلة المحفوفة بمخاطر كبيرة؟
- أولا: تنظيم "الدولة الإسلامية" هو أخطر جيش إرهابي شهده التاريخ الحديث. ثانيا: هذا الإرهاب تسببنا نحن بإنشائه من خلال حروبنا ضد الإرهاب هناك خلال حرب العراق. فبعد أحداث سبتمبر 2001 كان هناك حوالي ألف إرهابي عالمي في أفغانستان، والآن أصبح لدينا مئة ألف إرهابي دولي. يعني أننا أنشأنا هذا التطرف بأنفسنا من خلال استراتيجية القصف بالقنابل التي اتبعناها. ولهذا أنادي الحكومة الألمانية بدعم حل سياسي في العراق وأيضا في سوريا، ويعني هذا عمليا حقوق أكثر للسنة. 
ثالثا: بعدما استنتجت هناك بأن ما يقوم به التنظيم لا علاقة له بالإسلام، أقول للشباب في أوروبا وفي بقية دول العالم لا تلتحقوا بالتنظيم، فكل ما جرى هناك يشبه نشاط عصابات كلوكلس كلان ونشاطها الإجرامي الذي ينسب إلى المسيحية. فالتنظيم في عمقه ليس "دولة إسلامية" بل هو "ضد دولة إسلامية"، وهو الاسم الذي يجدر به. 

* نحن نحمل التنظيم محمل جد كمنظمة إرهابية. فمدينة الموصل التي قمت بزيارتها تكشف العلاقة بين وصف الدولة الذي يحمله التنظيم وبين حقيقة الأمر على أرض الواقع. أليس كذلك؟
- في الموصل لا يوجد شيء مما يظهرونه في الأشرطة الدعائية. فكثيرون يظنون أن سيارات يقودها رجال ملثمون بثياب سوداء ويطلقون الرصاص من رشاشاتهم في السماء تمخر شوارع المدينة ليل نهار، وأنه يجري قطع رءوس الناس بشكل مستمر، هذا ليس هو الحال، فالأمور تبدو عادية في الموصل، رغم وجود رايات التنظيم الإسلامي ورغم وجود سيارات تحمل شعارات وعلامات التنظيم وشرطة يرتدون زي التنظيم. حتى في ظل الشر يمكن أن تكون هناك حياة طبيعية، وهذا ما يواجه المرء عندما يذهب إلى مناطق وجود تنظيم "الدولة الإسلامية" .

* هل يوجد عندهم ما يشبه بنية دولة، مؤسسات ومحاكم ومستشفيات؟
- أنا شخصياً كنت في مرحلة سابقة قاضياً، وتحدثت مع قضاة أكفاء، وكلهم يرون بأن الأمر يتعلق في تنظيم "الدولة الإسلامية" بمبدأ "العمل بالأمر الواقع"، وهو ما يتم تطبيقه في العديد من المناطق دون وجود قانون ساري ينظمه. السكان بدورهم يقبلون ذلك بنسبة كبيرة. هناك شرطة مرور، وشرطة عادية ولا يتعلق الأمر بمقاتلي التنظيم. هناك معالجة قضائية للنزاعات المدنية يشيد بها الناس لأنها تتم بدون فساد ولا رشوة. كما أن هناك مصالح لاستخلاص الضرائب، وهو من بين الأولويات التي تحرص الدول على القيام بها. كما أن النظام الصحي يشتغل، غير أن هناك نقصاً في الأدوية؛ لأن هناك مقاطعة للأدوية التي تأتي من بغداد. سبق لي أن زرت الموصل قبل حرب العراق عام 2002 ولم أسجل فرقاً كبيراً. لكن هنا يجب أن أكون دقيقاً: لو كنت في الموصل عام 2002 في الحي المسيحي هناك وفي الأحياء ذات تعدد ثقافي، لرأيت فرقاً مع اليوم. هذا يعني أن كل الشيعة وكل المسيحيين والإيزيديين طردوا من المدينة أو فروا منها. لكن هذا لا يظهر للعيان عندما يذهب المرء للأماكن التي كان يعيش فيها المسيحيون والإيزيديون والشيعة.

* اندهش كثيرون في أوروبا بسبب التحاق آلاف المتطوعين "للجهاد" في صفوف الميليشيات المتطرفة التابعة للتنظيم والتقيت بعضهم وتحدثت إليهم، فلماذا يذهبون إلى هناك؟
- كنت في أحد مراكز التجنيد قرب الحدود، وكان يأتي يوميا أكثر من خمسين شخصاً. كما توجد مراكز عديدة أخرى للتجنيد هناك. القادمون يأتون بحماس كبير، والأمر لا يتعلق بأشخاص بلداء، بل بأشخاص بدرجة كبيرة من الذكاء.
أحد الشباب جاء من الكاريبك، بمظهر أنيق وبنظارات شمس من ماركة راي ـ بان. قال لي لما سألته ماذا تفعل هنا: "اجتزت امتحانات التخرج الثاني في تخصص القانون، وحصلت على ترخيص للعمل لدى المحاكم، لكنني فضلت الالتحاق بـ"الدولة الإسلامية" والقتال في صفوفها"... كما قال لي أحد السويديين: "أنا أقضي هنا أروح فترات حياتي". 
فالأمر يتعلق بعمليات ناجحة لغسل الدماغ. فالتنظيم ليس فقط تنظيماً قويا ويسيطر على مساحة جغرافية تبلغ مساحة بريطانيا، بل هو أيضاً هو بالنسبة لمجموعة معينة من الشباب جذاب. فالشباب يرون كيف يقوم التنظيم بعمليات قطع الرءوس والحرق والتعذيب وكيف تقطع الأيادي، لكنهم يقولون: هناك أسباب تبرر صحة تلك الممارسات. فالضعيف لا يستطيع أن يكون كريماً بل وحشياً. إنه حسب نظري تطور مروع وخطير للغاية.

* ماذا يمكن أن تقدمه المنطقة في نظرك في سبيل مكافحة تنظيم "الدولة الإسلامية"؟
- الحل السياسي هو الوحيد الممكن، ولن يكون هناك حل عسكري. فالنجاحات التي تعلن عليها الولايات المتحدة الأمريكية لا يُعتمد عليها. فبعد ساعات من إعلان الأمريكان "تطهير تكريت" احتل التنظيم مدينة الرمادي، التي هي أكبر حجماً من تكريت. وفي الوقت الحالي يسيطر على محافظة الأنبار، وأجزاء من ليبيا، ويقوم بعمليات إرهابية بأفغانستان. إنها ظاهرة سرطانية وأحذر من كل أخبار الانتصارات العسكرية، فالقضاء على تنظيم "الدولة الإسلامية" سيتم فقط بإعادة إدماج السنة الذين يشكلون ربما 35 بالمائة من العراقيين. بدون هذه المصالحة الوطنية لن يتم القضاء على التنظيم الإسلامي.
حوار "دويتشه فيله"

شارك