الخطاب الوهابي.. ابن باز نموذجا (1)

الخميس 14/مايو/2015 - 07:42 م
طباعة الخطاب الوهابي.. حسام الحداد
 
منذ سبعينيات القرن الماضي تقريبا، والخطاب الوهابي يسيطر على الفكر الديني ليس في مصر وحدها بل في معظم البلاد التي تنتمي للإسلام ، نسبة للإمام محمد بن عبد الوهاب النجدي، وان اختلف الخطاب من دولة الى دولة ومن جماعة الى اخرى فالمرجعية الفكرية التي يستمد هذا الخطاب امكاناته للتعايش والانتشار هي مرجعية وهابية في المقام الاول، واذا تتبعنا هذا الخطاب من حيث مرجعياته التراثية سوف نجده يضرب بجذوره في القرن الثالث الهجري عند الإمام أحمد بن حنبل ومن بعده ابن تيمية، فيختزل هذا الخطاب الإسلام في رأي ثلاثة من علماء الفقه بداية من ابن حنبل ثم ابن تيمية ثم محمد بن عبد الوهاب، دون الالتفات الى ما انتجه الفقه الاسلامي من علماء ومذاهب على امتداد تاريخه وأراضيه فلم ينظر الى فقهاء المغرب العربي بداية من فتح الأندلس حتى الآن كذلك لا ينظر للفقهاء المصريين بداية من الليث بن سعد في القرن الثاني الهجري وحتى الآن، بل تركز الفكر الإسلامي حول الوهابية ليس لشيء أكثر من أن الراعي الرسمي لهذا الخطاب هي الدولة السعودية والتي تزيد الإنفاق بما لديها من موارد بترولية على هذا الخطاب.
وفي حالتنا نأخذ الشيخ محمد بن باز مفتي المملكة السعودية حالة دراسة لنقد هذا الخطاب الذي اعيا الاسلام وانت جماعات اقل ما توصف به انها إرهابية اعتمادا على هذا الفكر الوهابي الذي يتخذ من التكفير والإرهاب سلاحا يشهره ضد المخالفين له.

الولاء والبراء

الولاء والبراء
تلك العقيدة التي تجعل من الآخر كافرًا مباح ماله ودمه وعرضه فيعرِّف الشيخ ابن باز في «مجموع فتاوى ابن باز» (5/ 246) الولاء والبراء بأنه: محبة المؤمنين وموالاتهم، وبغض الكافرين ومعاداتهم، والبراءة منهم ومن دينهم، هذا هو الولاء والبراء كما قال الله سبحانه في سورة «الممتحنة»: {قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَاء مِنكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاء أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ} (الممتحنة:4)
وقد يتصور البعض أن مجرد إقامتهم للصلوات وذهابهم للحج والعمرة كافٍ في بقائهم على عقيدة الإسلام، ولو ظاهروا أعداء الله على المسلمين، وهو خطأ محض، يقول عنه أبو الوفاء بن عقيل، الفقيه الحنبلي: «إذا أردت أن تعلم محل الإسلام من أهل الزمان، فلا تنظر إلى زحامهم في أبواب الجوامع، ولا ضجيجهم في الموقف بلبيك، وإنما انظر إلى مواطأتهم أعداء الشريعة، عاش ابن الراوندي، والمعري - عليهما لعائن الله - ينظمان وينثران كفراً، وعاشا سنين، وعُظم قبراهما، واشتُريت تصانيفهما، وهذا يدل على برودة الدين في القلب».
وموالاة الكافرين لها صور وأقسام، أهمها: الرضا بكفر الكافرين، وعدم تكفيرهم، أو الشك في كفرهم، أو تصحيح أي مذهب من مذاهبهم الكافرة، والإيمان ببعض ما هم عليه من الكفر، أو التحاكم إليهم دون كتاب الله تعالى، ومودّتهم، ومحبّتهم، واتخاذهم أولياء، والركون إليهم، ومداهنتهم، ومجاملتهم على حساب الدين، واتخاذهم بطانة من دون المؤمنين، وطاعتهم فيما يأمرون فيما فيه معصية لله ورسوله، ومعاونتهم على ظلمهم ونصرتهم على المسلمين، والتآمر معهم، وتنفيذ مخططاتهم والتجسس لمصلحتهم والقتال في صفوفهم.
وقال الشيخ عبدالعزيز بن باز: «أما الكفار الحربيون فلا تجوز مساعدتهم بشيء، بل مساعدتهم على المسلمين من نواقض الإسلام لقول الله عز وجل: { وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ }» (فتاوى إسلامية، الفتوى رقم 6901).
فعلى المسلم أن يقيس أعماله بميزان الولاء لله ولرسوله وللمؤمنين، والبراء من الشرك والكفر والكافرين، وأن يخشى على دينه وأمته، فهذا من تمام الإيمان، ومظاهرة الكافرين من نواقض الإسلام.
وفي تحديد المؤمن والكافر فكل من هو متمسك بمذهب الشيخ ابن باز هو مؤمن ومن خارج هذا المذهب هو مشرك او كافر حتى لو ادى الفروض! حج وصام وصلى، فالتعامل مع المسيحي ولو كان جارك في السكن او زميلك في العمل هو موالاة للكفار وشرك بالله. 

الموقف من الحكام

الموقف من الحكام
وفي الرد على سؤال حول الذين يحتكمون الى القوانين الوضعية أجاب ابن باز " رأيي في هذا الصنف من الناس الذي يسمون أنفسهم بالمسلمين، في الوقت الذي يتحاكمون فيه إلى غير ما أنزل الله، ويرون شريعة الله غير كافية، ولا صالحة للحكم في هذا العصر، هو ما قاله الله سبحانه وتعالى في شأنهم حيث يقول سبحانه وتعالى: {فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا}(65 النساء ). ويقول سبحانه وتعالى: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ}(المائدة 44 ) {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ}( المائدة 45) {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ}(المائدة 47 ). إذاً فالذين يتحاكمون إلى شريعة غير شريعة الله، ويرون أن ذلك جائزٌ لهم، أو أن ذلك أولى من التحاكم إلى شريعة الله، لا شك أن يخرجون بذلك عن دائرة الإسلام، ويكونون بذلك كفاراً ظالمين فاسقين، كما جاء في الآيات السابقة وغيرها. وقوله عز وجل: {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ}(المائدة 50 )
هكذا دون الرجوع الى تفسير الآيات أو معناها أو أسباب نزولها، ولا حتي سياقها القرآني فيحكم على الحكام المسلمين ليس فقط بل على الشعوب الاسلامية طبقا لنظرية الحاكمية التي يتبناها المودودي وسيد قطب ومحمد قطب كذلك تتبناها معظم الجماعات الإسلامية في الوقت الحالي من القاعدة الى داعش ومن قبلهم الاخوان والدعوة السلفية، تلك النظرية التي تؤصل لتكفير المجتمع ومحاربة المسلمين وهدم المساجد عليهم كما فعلت بوكو حرام في نيجيريا وغيرها من الجماعات مثل طالبان باكستان، 
مجموع الفتاوى ج1، ص 278

الموقف من المذاهب السياسية

وجريًا على تكفير الحكام والشعوب حسب نظرية الحاكمية فقد قام الشيخ ابن باز ايضا بتكفير المنتمين الى المذاهب السياسية فيقول ابن باز في مجموع الفتاوى ج1، ص 274/ 277 : "الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، لا ريب أن الواجب على أئمة المسلمين وقادتهم: أن يحكموا الشريعة الإسلامية في جميع شئونهم، وأن يحاربوا ما خالفها، وهذا أمر مجمع عليه بين علماء الإسلام، ليس فيه نزاع بحمد الله، والأدلة عليه من الكتاب والسنة كثيرة معلومة عند أهل العلم، منها قوله سبحانه: {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}(النساء 65 ) وقوله عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا}(النساء 59 ) وقوله سبحانه {وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ}(الشورى 10 ) وقوله سبحانه: {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ}(المائدة 50)

وقوله سبحانه: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ}(المائدة 44 ) {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ}(المائدة 47 ) {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ}(المائدة 45 ) والآيات في هذا المعنى كثيرة وقد أجمع العلماء على أن من زعم أن حكم غير الله أحسن من حكم الله، أو أن هدى غير رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن من هدي الرسول صلى الله عليه وسلم فهو كافر، كما أجمعوا على أن من زعم أنه يجوز لأحد من الناس الخروج عن شريعة محمد صلى الله عليه وسلم أو تحكيم غيرها فهو كافر ضال، وبما ذكرناه من الأدلة القرآنية، وإجماع أهل العلم يعلم السائل وغيره، أن الذين يدعون إلى الاشتراكية أو الشيوعية أو غيرهما من المذاهب الهدامة المناقضة لحكم الإسلام، كفار ضلال، أكفر من اليهود والنصارى لأنهم ملاحدة لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر، ولا يجوز أن يجعل أحد منهم خطيبا وإماما في مسجد من مساجد المسلمين، ولا تصح الصلاة خلفهم، وكل من ساعدهم على ضلالهم، وحسن ما يدعون إليه، وذم دعاة الإسلام ولمزهم، فهو كافر ضال، حكمه حكم الطائفة الملحدة، التي سار في ركابها وأيدها في طلبها، وقد أجمع علماء الإسلام على أن من ظاهر الكفار على المسلمين وساعدهم عليهم بأي نوع من المساعدة، فهو كافر مثلهم"
فالتكفير لدى الشيخ ابن باز بالجملة دون النظر في هذه المذاهب سياسية كانت او اقتصادية ومدى نفعها للمسلمين، فهكذا يرمي جميع المذاهب السياسية بالكفر والضلال وتلك هي نفسها مفاهيم تلك التيارات الموجودة حاليا، انه خطاب الدعوة السلفية وزراعها السياسية حزب النور ليس فقط بل هو نفسه خطاب الجماعة الإسلامية والمنشقين عنها تلك هي أزمتنا الكبرى مع الفكر الوهابي "التكفير" ذلك السلاح الذي يهدر دماء المسلمين هنا وهناك. 

الموقف من المناسبات الدينية

 الموقف من المناسبات
لا يقوم الخطاب الوهابي فقط بتحريم مشاركة غير المسلمين بأعيادهم فهذا طبقا لعقيدة الولاء والبراء كما بيناها من قبل تدخل المسلم دائرة الشرك بالله حسب هذا الخطاب الوهابي، بينما يقوم ابن باز بتحريم اي احتفال يقوم به المسلمين بعيدا عن عيدي الاضحى والفطر فاعتبر الاحتفال بالمولد النبوي بدعة ومرتكبها آثم فيقول ابن باز في الرسالة الاولى من رسائله المعنونة "التحذير من البدع": لا يجوز الاحتفال بمولد الرسول صلى الله عليه وسلم ولا غيره؛ لأن ذلك من البدع المحدثة في الدين؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يفعله، ولا خلفاؤه الراشدون، ولا غيرهم من الصحابة رضوان الله عليهم، ولا التابعون لهم بإحسان في القرون المفضلة، وهم أعلم الناس بالسنة، وأكمل حبا لرسول الله صلى الله عليه وسلم ومتابعة لشرعه ممن بعدهم، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد) أي: مردود عليه، وقال في حديث آخر: (عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة). ففي هذين الحديثين تحذير شديد من إحداث البدع، والعمل بها. ويستكمل ابن باز حديثه عن التدليل على اثم وضلالة الاحتفال بالمولد النبوي فيقول "ثم إن غالب هذه الاحتفالات بالموالد- مع كونها بدعة لا تخلو من اشتمالها على منكرات أخرى، كاختلاط النساء بالرجال، واستعمال الأغاني والمعازف، وشرب المسكرات والمخدرات، وغير ذلك من الشرور، وقد يقع فيها ما هو أعظم من ذلك، وهو الشرك الأكبر، وذلك بالغلو في رسول الله صلى الله عليه وسلم أو غيره من الأولياء ودعائه والاستغاثة به، وطلبه المدد، واعتقاد أنه يعلم الغيب، ونحو ذلك من الأمور الكفرية التي يتعاطاها الكثير من الناس، حين احتفالهم بمولد النبي صلى الله عليه وسلم وغيره ممن يسمونهم بالأولياء"، وهنا لا يكتفي ابن باز بتأثيم الفعل فقط بل يرمي من يحتفل بالمولد النبوي بالكفر والشرك بالله عز وجل.
وحول الاحتفال بالإسراء والمعراج يقول ابن باز " وهذه الليلة التي حصل فيها الإسراء والمعراج، لم يأت في الأحاديث الصحيحة تعيينها لا في رجب ولا غيره، وكل ما ورد في تعيينها فهو غير ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم عند أهل العلم بالحديث، ولله الحكمة البالغة في إنساء الناس لها، ولو ثبت تعيينها لم يجز للمسلمين أن يخصوها بشيء من العبادات، ولم يجز لهم أن يحتفلوا بها؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم لم يحتفلوا بها، ولم يخصوها بشيء ولو كان الاحتفال بها أمراً مشروعاً لبينه الرسول صلى الله عليه وسلم للأمة، إما بالقول وإما بالفعل، ولو وقع شيء من ذلك لعرف واشتهر، ولنقله الصحابة رضي الله عنهم إلينا، فقد نقلوا عن
 نبيهم صلى الله عليه وسلم كل شيء تحتاجه الأمة، ولم يفرطوا في شيء من الدين، بل هم السابقون إلى كل خير، فلو كان الاحتفال بهذه الليلة مشروعاً لكانوا أسبق الناس إليه، والنبي صلى الله عليه وسلم هو أنصح الناس للناس، وقد بلغ الرسل غاية البلاغ، وأدى الأمانة فلو كان تعظيم هذه الليلة والاحتفال بها من دين الله لم يغفله النبي صلى الله عليه وسلم ولم يكتمه، فلما لم يقع شيء من ذلك، علم أن الاحتفال بها، وتعظيمها ليسا من الإسلام في شيء وقد أكمل الله لهذه الأمة دينها، وأتم عليها النعمة، وأنكر على من شرع في الدين ما لم يأذن به الله" ويستطرد في الرسالة الثانية فيقول " وقد ثبت عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعن السلف الصالح بعدهم، التحذير من البدع والترهيب منها، وما ذاك إلا لأنها زيادة في الدين، وشرع لم يأذن به الله، وتشبه بأعداء الله من اليهود والنصارى في زيادتهم في دينهم، وابتداعهم فيه ما لم يأذن به الله، ولأن لازمها التنقص للدين الإسلامي، واتهامه بعدم الكمال، ومعلوم ما في هذا من الفساد العظيم، والمنكر الشنيع".
هكذا ينكر الشيخ ابن باز اي احتفال للمسلمين بحجة انه لم يكن حادثا في عصر الصحابة كأن الزمان والتاريخ توقف عند هؤلاء الصحابة فيريد ابن باز وهذا الخطاب الوهابي بنا ان نعيش لحظة تاريخية ماضوية لا تتعدي القرن الاول الهجري.
كذلك يحرم ابن باز الاحتفال بليلية النصف من شعبان في الرسالة الثالثة فيقول "ومن البدع التي أحدثها بعض الناس: بدعة الاحتفال بليلة النصف من شعبان، وتخصيص يومها بالصيام، وليس على ذلك دليل يجوز الاعتماد عليه، وقد ورد في فضلها أحاديث ضعيفة لا يجوز الاعتماد عليها، أما ما ورد في فضل الصلاة فيها، فكله موضوع، كما نبه على ذلك كثير من أهل العلم، وسيأتي ذكر بعض كلامهم إن شاء الله وورد فيها أيضا آثار عن بعض السلف من أهل الشام وغيرهم، والذي أجمع عليه جمهور العلماء أن الاحتفال بها بدعة، وأن الأحاديث الواردة في فضلها كلها ضعيفة، وبعضها موضوع، وممن نبه على ذلك الحافظ ابن رجب، في كتابه: (لطائف المعارف) وغيره، والأحاديث الضعيفة إنما يعمل بها في العبادات التي قد ثبت أصلها بأدلة صحيحة، أما الاحتفال بليلة النصف من شعبان، فليس له أصل صحيح حتى يستأنس له بالأحاديث الضعيفة.
وقد ذكر هذه القاعدة الجليلة الإمام: أبو العباس شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وأنا أنقل لك: أيها القارئ، ما قاله بعض أهل العلم في هذه المسألة، حتى تكون على بينة في ذلك، وقد أجمع العلماء رحمهم الله على أن الواجب: رد ما تنازع فيه الناس من المسائل إلى كتاب الله- عز وجل، وإلى سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فما حكما به أو أحدهما فهو الشرع الواجب الاتباع، وما خالفهما وجب اطراحه، وما لم يرد فيهما من العبادات فهو بدعة لا يجوز فعله، فضلا عن الدعوة إليه وتحبيذه" 
هكذا يحرم الخطاب الوهابي الاحتفال بأي مناسبة دينية بحجة أنها لم تكن موجودة في عهد الاسلاف، دون الالتفات الى البعد الاجتماعي والديني ايضا لهذه المناسبات من حيث انها تعمل على لم شمل الاسرة واعلاء قيم التواد والتراحم والمشاركة الاجتماعية بعدما أثرت ضغوط الحياة والعمل على هذه الاسرة فيجدون متنفسا في الاحتفال بهذه المناسبات.

يتبع
سنتناول في الجزء الثاني من قراءة الخطاب الوهابي مواقف ابن باز من:
1- الديموقراطية والأحزاب السياسية.
2- نظام الحكم.
3- المرأة.
4- الأقباط.

شارك