"علي جمعة" يفتح النار على الإخوان ويتحدث عن خلاف الأزهر مع المثقفين

الخميس 20/أغسطس/2015 - 03:44 م
طباعة علي جمعة يفتح النار
 
في حواره مع "البوابة نيوز" قال الدكتور علي جمعة مفتي الديار المصرية السابق: "إن خلاف الأزهر مع المثقفين لا يفسد للود بينهم قضية، مشيرًا إلى أن جهود تجديد الخطاب الديني مستمرة منذ فترة طويلة، ولم تتحرك بتعليمات من الرئيس عبد الفتاح السيسي، إذ إنه يعمل في مشروعه لتجديد الخطاب منذ ١٨ عامًا، ولكنه لم يهدف للشهرة من وراء ذلك، وأحاط عمله بالسرية خوفًا من إفساد المتشددين لما يقوم به." 
وأضاف جمعة لـ«البوابة» أن الفترة التي تمر بها البلاد تشهد تدنيًا في قطاعات كثيرة والتعليم الأزهري جزء منها، فهو يعاني منذ عقود بسبب تدني النواحي المالية، ما وصل بالأمر إلى أن اضطر المدرسون إلى الاشتغال بأعمال أخرى وهو ما أساء إلى صورة المدرس. 
وهاجم المفتي السابق جماعة الإخوان وشبههم بالخوارج، قائلا: إنهم قادوا البلاد نحو فوضى شاملة، لكن عناية الله أنقذتها من أيديهم، كما دافع عن نفسه نافيًا الاتهام الموجه إليه بأنه عدو للمرأة.
وحول أزمة التربية في النشء الجديد قال جمعة: "نحن في زمن انتشر فيه العنف وأصبحت القسوة رمزا للتعامل، لكن الأجيال الجديدة لا تفرق في التعامل مع أبنائها بين الشدة والحزم وبين القسوة، وهو ما يخلق خللا في السلوك العام للأبناء، فلا أعتقد أن أبي قد ضربني أبدًا إلا مرة واحدة، وعندما ضربني أخذ يطيب خاطري وأحضر لي ملابس جديدة، وأشياء من هذا القبيل ولم يكن قاسيًا أبدًا، إنما كان حازمًا، وكانت طريقته في التربية العتاب والتأنيب، وهذا ما يجب أن يعتمد عليه الآباء في تربية أبنائهم، حتى نتمكن من خلق مناخ اجتماعي سليم، فنحن نبحث عبر الخمسة وثلاثين عامًا الماضية في المؤتمرات العالمية والندوات أصول التربية ثم التربية؛ لأنها هي الإنسان".
علي جمعة يفتح النار
وقال معلقًا على تدني مستوى تعليم أبناء الأزهر: "الفترة التي نمر بها تشهد تدنيًا في قطاعات كثيرة والتعليم الأزهري يعانى منذ عقود بسبب تدني الجوانب المالية، فقد وصل الأمر إلى أن اضطر المدرسون إلى الاشتغال بأعمال أخرى، وهو الأمر الذي أساء إلى صورة المدرس، وعلى ما أذكر لم نر في زماننا من يشتكى من المعلم أو يسئ إليه، ولم يوجد بيننا من يحاول النيل من أستاذه، كان الأستاذ موقرًا، أما الآن انقلبت الآية وانتشرت هذه الجرائم، ومن يفعل ذلك يكون قد ارتكب جريمة تستوجب التوبة مدى الحياة، بعض الناس يتهور ويخرج عن حدوده ويرتكب من الخطايا ما قد يكون لا غفران له، بأن يقول لأستاذه أنت أخطأت.. يمكن بعض الناس من أصحاب الحرية أو غيره لا يعجبه هذا، ولكن هذا هو الذي يحدث وعلى الأجيال الشابة الآن أن تحافظ على أبنائها بغرس القيم داخلهم وتعليمهم كيفية احترام العلم والمعلم؛ لأن ذلك هو سبب كل الأزمات الذي يمر بها التعليم في الأزهر أو غيره."
وعن احتياج المجتمع المصري في الوقت الراهن قال: "المصريون يحتاجون للتماسك والاعتصام والعمل على قلب رجل واحد؛ لأننا في فترة تاريخية شديدة الحساسية، فنحن ننتقل من فترة انعدم فيها الأمن والأمان وانتشر الإرهاب بسبب جماعة الإخوان الذين تسببوا في خسائر للأمة الإسلامية كلها."
وعن سر تقدم الغرب قال: "العمل والجدية هما سبب تقدم الغرب، وللأسف المسلمون الآن لا يلتفتون إلى قيمة العمل، وينسون تعاليم الرسول (صلى الله عليه وسلم) التي كان حريصا عليها."
وعن الإخوان ووصفهم بالخوارج قال: "الخوارج منافقون ليس لديهم عهد انقلبوا على سيدنا علي رضى الله عنه وهم لا يريدون إلا نشر الفوضى بين المصريين، ولا يسعون إلا لمصلحتهم الخاصة، والإخوان تتوافر فيهم هذه الصفات، وأنا لا أفتري عليهم ولا يوجد بيني وبينهم أي عداوة، أنا فقط أقول الحق في جماعة ساعدت على نشر الفوضى، وكادت أن تصل بالبلاد إلى الخراب الكامل لولا أن الله تعالي أنقذ مصر منهم."
وحول تجديد الخطاب الديني قال: "أنا أعمل في مشروع تجديد الخطاب الديني منذ ١٨ عامًا ولم أنتظر أي نداء من أحد، وهذا لا يعني أن دعوة السيد الرئيس دعوة محمودة وإيجابية جدا وأنها صدرت من عقل لديه وعي بما تحتاجه مصر الآن، وهذا يجعلنا لا نخاف أو نقلق على مصر في الفترة المقبلة، وقد قام بتلبية هذه الدعوة كل علماء الأزهر وكل المسئولين فيه، وهذا واجبنا وكلنا نعمل للصالح العام من أجل مستقبل هذا البلد." واستطرد قائلا: "لأن الدولة تشجعنا وهذا مناخ طيب، وعلى العلماء أن يساندوا الدولة إذا وجدوا عندها الحافز لمساعدتهم، كل ما في الأمر أنني لم أسع للشهرة بهذا المشروع فقط كنا نعمل في صمت حتى لا يحاول المتشددون تخريب ما نقوم به."
وقال معلقًا على الأحداث الإرهابية: "هم لا يحاربون الأعداء، إنما يفجرون منشآت وأشخاصا مدنيين لا علاقة لهم بالعسكرية، ويتركون العدو بشكل صريح وهؤلاء يتلاعبون بالدين وأهدافهم واضحة ومعروفة، وعلى المجتمع كله بجميع أطيافه وفئاته مواجهتهم.. هؤلاء يحاربون الإسلام ولا يخدمونه بهذه الأفعال والواقع والتاريخ يردان عليهم؛ لأن الدولة الإسلامية منذ ظهور الإسلام ضمت كل الأديان ولم تطالب بالذبح أو سفك الدماء، والذين يحملون راية الذبح يستحقون الشفقة، ويحتاجون لدراسة أسباب وصولهم لهذا الحال، وفهمهم الخاطئ للشريعة ومواجهتهم واجبة؛ لأن الإسلام لم يرغم أحدًا على اعتناقه ولم يكبل حرية الناس، ولم يدع للعنف وهؤلاء نسوا قوله تعالى {ادفع بالتي هي أحسن}".
علي جمعة يفتح النار
وعن اتهامه باضطهاد المرأة قال: "لا يمكن لأحد أن يضطهد المرأة، وجميعنا نعلم كيف كرمت الشريعة الإسلامية المرأة، وأنا كنت أول من أفتى أن للمرأة حقًا في تولي رئاسة الجمهورية وهاجمني المتشددون بعدها، وقالوا إنه يوجد في الكتب أنها لا تتولى الإمامة العظمى، قلت هذه ليست الإمامة العظمى، هذه هي الخلافة التي لا تتولاها المرأة، وهناك فرق كبير، فبعض الناس ظن أني أقول بأنها لا تتولى الرئاسة، وبعض الناس قالوا إنه يقصد الإمامة العظمى، وهذا لا يفهم الأمر والآخر لا يفهم الأمر أيضًا، إنما هذا منصب.. فأنا أتبع الشريعة في كل ما ذكرته عن المرأة، والإسلام رفعها إلى مصاف الرجال فهل أخالف ذلك أيضًا؟ إن هناك تساويًا من أصل التكليف فالله تعالى عندما أمر آدم وحواء ولما وقعا، وقعا معًا وعندما غرر بهما الشيطان كانا معًا، ولما جاء الخروج خرجا معًا، هنا مساواة تامة في التكليف وفي التشريف، وأيضًا مساواة تامة في المألات والمقاصد.. في الميراث المرأة تأخذ ولا يأخذ الرجل في بعض المسائل، المرأة تأخذ أكثر من الرجل، المرأة تأخذ مثل الرجل، والمرأة تحجب الرجل، والرجل في بعض الحالات يأخذ أكثر من المرأة وضعف المرأة، وفي حالات أخرى يأخذ مثل المرأة، وفي حالة ثالثة يأخذ أقل من المرأة، وفي حالة رابعة لا يأخذ وتأخذ المرأة، إذًا هناك فرق بين التمييز وبين النظام هذا نظام متكامل والشريعة لم تظلم المرأة في ذلك."
وحول مخالفة القانون المصري للشريعة قال: "هذا كلام جهلاء، القصة تبدأ منذ أن حكم محمد على، ففي ذلك الوقت كانت مصر تعيش عقب الاحتلال في ظل الدولة العثمانية التي كانت تفرض قوانين الغرب، ثم جاء محمد علي وحاول تغيير هذه القوانين، وبعده الخديوي إسماعيل الذي استعان بمجموعة من الخبراء بهدف الانفصال عن الدولة العثمانية، ونجح في ذلك واستقل بالتشريع وبدأ بقانون الفلاح إلى آخره، وحاول أن تكون له شخصية مستقلة بمساعدة مجدي محمد باشا، الذي كان مكيًّا من آل البيت، وكان من الأولاد الذين أرسلهم محمد علي إلى فرنسا للعلم ويجيد الفرنسية، وأخذ يترجم القانون الفرنسي، وكان رفاعة بك الطهطاوي يراجع عليه، وعندما كان ينتهي من مراجعة ملزمة يبعثها إلى مخلوف المنياوي المالكي، مفتي الصعيد الذي لديه القدرة على معرفة المذهب المالكي، ومعرفة ما إذا كان هذا موافقًا للمذهب المالكي أم مخالفًا له، فألَّف مخلوف المنياوي العدوي مجلدين أسماهما «المقارنات التشريعية»، وعندما ذهب بالمجلدين إلى الخديوي وجده قد رحل ونفي، فقام بوضعهما في دار الكتب، وانتهى الأمر بأنه أدى ما عليه، لكن الشائع أننا ترجمنا القانون الفرنسي وطبقناه، وهذا كلام ليس صحيحا وهؤلاء المتشددون يقولون ذلك؛ لأنهم على باطل ويستغلون دائما قلة معلومات الناس لينشروا سمومهم في المجتمع."
واستكمل حديثه عن الدستور قائلا: "الدستور الجديد لم يحاول تغيير ذلك والمادة التي تنص على أن الشريعة هي مصدر التشريع، ليست جديدة لكن الإسلاميين أرادوا أن يقنعوا أنفسهم أنهم يجددون ويغيرون في الدستور، فظهر الخلاف بسبب حبهم للجدال؛ خاصة أن الليبراليين اعترضوا أيضًا على المادة، وهي في الحقيقة لا تتعارض مع الديمقراطية أو الليبرالية، وهي واضحة لأن الإسلام لم يأت ليكبل الناس أو يسلبهم حريتهم."
وعن التمييز الطائفي قال: "الجماعات المتشددة خطابها بالكامل مبني على الطائفية، والصحيح هو أننا في بلاد تجاوزت هذه الأزمة، وعلينا أن نحافظ على هذا، ولو عدنا إلى التفرقة بين المواطنين، لأصبحنا مثل تلك البلدان التي تحتوي على أكثر من ٢٠ طائفة مختلفة يحاربون بعضهم بعضًا، فالحرب الأهلية لا تأتي بخير والشعب المصري له تاريخ من التعاون؛ لأن الله تعالى يحفظ مصر من هذه الصغائر، ولن يستمع الشعب إليها، وسيظل سائرًا في طريقه إلى مزيد من التقدم والإصلاح وإلى مزيد من الإنسانية والمشاركة في الحضارة."
علي جمعة يفتح النار
وفيما يخص التصوف قال: "هو العلم الذي يختص بدراسة مرتبة الإحسان، وأعتقد أن ذلك هو غرض الدين كله، فالغرض من الصلاة والزكاة وغيرها أن تخشع، وأن تكون مؤدبًا، وأن تكون جميلًا، وأن تخلي قلبك من القبيح وأن تحليه بالصحيح أي التخلية، ثم التحلية أن تتجلى بالأنوار وكشف الأسرار وتصبح بني آدم.. والتصوف أيضًا هو الحب للناس ولله.. والتصوف يجعل المسلم قويًّا وشجاعًا ومؤمنًا بقدر الله، لو فقد كل ما هو فيه لا تهتز له شعرة من رأسه؛ لأن قدر الله كذلك.. للأسف هناك بعض المتصوفة يلجئون إلى أساليب خاطئة لتوصيل أصواتهم للمجتمع، وهذا لا يعني أن كل الصوفية يرتكبون هذه الأفعال وأغلب الظن أن أكثر أهل الصوفية طيبون في أصلهم، حتى لو أخطئوا الطريق."
وحول المؤتمر العالمي للإفتاء قال: "دار الإفتاء تعمل بكل من فيها بجد وعزم للتصدي للأفكار الهدامة، وهذا هدف جليل يخدم المجتمع والعالم الإسلامي كله؛ لأن الفتوى هي أصل صلاح المجتمع، لو صلح القائمون عليها لاستقام المجتمع، وهم يحاولون الآن إصلاح ما تم تخريبه في العقود الماضية، والمؤتمر عقد في الوقت المناسب وهو طفرة في عالم الفتوى على مستوى العالم.. المفتي يجب أن يكون مستقلا عن كل المؤثرات التي تعيق عمله؛ لأنه موجه للأمة وأي تأثير على دوره يعود بالضرر على الأمة كلها، فاستقلاله في الرأي أحد أهم شروط نجاحه.. خلال الأعوام الثلاثة الماضية قامت دار الإفتاء بطفرة في هذا الشأن ودربنا مجموعة كبيرة من الشباب المؤهلين للفتوى من مصر ومن مختلف البلاد الإسلامية، كي يعودوا إلى بلادهم بالخبرة الكافية، وهي تسعى إلى ما يسمى بدار الإفتاء العالمية، والتي بها تتحد الفتوى عبر الإنترنت بين الجهات المختلفة."
وعن معاداة الأزهر للمثقفين قال: "هذا افتراء لأننا نعقد معهم الاجتماعات، ونقوم باستشارتهم في أمور عديدة وفي أوقات الأزمات التي تمر بها البلاد، وقد أخرج الأزهر وثيقة باسمهم وأنا نفسي أعمل جاهدا لاستمرار التواصل معهم، أما الخلاف فهو وارد بين الجميع والخلاف لا يفسد للود قضية.
وحول الأزهريين وعبد الناصر: "لا يوجد مصري لا يحب عبد الناصر جدا حتى من يختلف عليه أو معه، وأنا أذكر عندما أعلن ناصر تنحيه، كانت مصر بكل فئات شعبها وأبناء الأزهر رافضين لهذا التنحي وطالبناه جميعًا بالعودة، خاصة أنه كان يشعر بالمسئولية تجاه الوطن، وأن المرشح في ذلك الوقت للرئاسة زكريا محيي الدين، لكن المصريين أحبوا عبد الناصر ورفضوا رحيله، والأزهر كان جزءًا من مصر واتخذ نفس الموقف".

شارك