"العدل والإحسان" تقاطع الانتخابات .. هل يشعل الصراع مع "إخوان المغرب"؟

السبت 22/أغسطس/2015 - 09:00 م
طباعة العدل والإحسان تقاطع
 
بعد أن دعا الملك محمد السادس المغاربة إلى المشاركة في الانتخابات الجهوية(النقابات) والجماعية (المحليات) المقرّرة في الرابع من سبتمبر القادم، واصفًا التصويت بـ"الحق والواجب الوطني، والأمانة الثقيلة التي تنتظر أداءها"، خرجت جماعة العدل والإحسان الإسلامية، إحدى أكبر الإسلامية المعارضة بالمغرب، ببيان صباح السبت 22 أغسطس 2015 تدعو فيه إلى مقاطعة هذه الانتخابات.

مقاطعة الانتخابات

مقاطعة الانتخابات
وأعلنت جماعة العدل والإحسان، مقاطعة انتخابات الجماعات الترابية المزمع تنظيمها يوم 4 سبتمبر المقبل، داعية "الشعب المغربي وكل القوى السياسية والمدنية الحية إلى مقاطعة هذه الانتخابات"، بسبب ما أسمته "فساد أساسها الدستوري والسياسي وشكلية مؤسساتها المنتخبة واستبداد آلياتها القانونية والتنظيمية" وفق تعبيرها.
واعتبرت الأمانة للدائرة السياسية التابعة لجماعة، في بيان صدر في الساعات الأولى صباح اليوم، وذلك بالرغم من الموقف المسبق للجماعة من المشاركة السياسية بشكلها الرسمي، أن المساهمة في الانتخابات المحلية سواء بالترشيح أو التصويت، "قبول بالحجر على الشعب والتنقيص من سيادته، خاصة وأن وزارة الداخلية ظلت محتكرة من قبل سلطة الحكومة، مما يجعل رهاناتها مختلفة تماما عن رهانات توسيع الهامش الديمقراطي"، متسائلة " كيف ينتظر من جهاز يعتبر اليد الطولى للمخزن العتيق أن يعمل من أجل أن يمارس الشعب ولايته على الجماعات الترابية" وفق تعبير بيان الأمانة العامة للدائرة السياسية للجماعة.

اساب المقاطعة

اساب المقاطعة
وعزت جماعة العدل والإحسان أسباب مقاطعتها للانتخابات ، إلى ما اعتبرته "إفراغ لكل التعديلات الدستورية التي بدت إيجابية من محتواها كالانتخاب المباشر للمجالس الجهوية وتقديم العرائض، من خلال تشديد المراقبة القبلية والبعدية على أعمال المجالس الترابية، والإضعاف من سلطة الرئيس المنتخب، وإبقاء الأجهزة المنتخبة تابعة لسلطة غير منتخبة، والحيلولة دون بناء جماعات محلية قوية ومتجانسة وذات تمثيلية حقيقية للساكنة المحلية".
وأوضح البيان، أن الجماعات المحلية توظف لترويض الساكنة على القبول تدريجيا بالسلطة الاستبدادية، ودفعها إلى التسليم بعجز الجماعات المحلية عن القيام بدورها، مما يولد سخطا تستغله السلطات الحاكمة في إسناد كل الإنجازات لجهة واحدة ووحيدة" وفق تعبير الوثيقة.
وقالت الجماعة، إن "تكريس الاستبداد وترسيخه هو العنوان البارز لكل مشاركة في مسرحيات سميت زورا وبهتانا "انتخابات محلية"، إذ أن فاقد الشيء لا يعطيه، فجماعات فقيرة لا تملك صلاحيات حقيقية، وعليها أعباء متزايدة بسبب الطلب الاجتماعي الكبير"، قبل أن تتساءل "أنى لها أن تقوم بأية تنمية محلية فعلية؟".
وأوضحت الجماعة عن "عدم استغرابها في أن تكون أغلب الفئات الشعبية خاصة الشباب، عازفة عن المشاركة في الانتخابات والمؤسسات الرسمية، وترى في ذلك عبثا واستخفافا وإلهاءً". معتبرة أن عزوفها سياسي بالأساس وليس انتخابيا، وسببه "سياسات المخزن التي عملت منذ عقود على تجريف المشهد السياسي من كل جدوى ومصداقية" وفق تعبير البيان.

انتقادات لدستور2011

انتقادات لدستور2011
ولم تفوت جماعة العدل والإحسان الفرصة لتجديد انتقاد دستور 2011، معتبرة أن الانتخابات المحلية المقرر إجراؤها بداية شهر سبتمبر أول انتخابات محلية في ظل دستور "ظهرت عوراته مباشرة بعد إعماله، فبدأ الحديث عن "التنزيل الديمقراطي" و"التأويل الديمقراطي" للتغطية على عيوب النص والمضمون والصياغة وطريقة الإقرار".
وأضاف بيان الدائرة السياسية للجماعة المقاطعة للانتخابات ، "لقد تبنى المغرب منذ عقود "نظام اللامركزية"، ولكنه للأسف ظل شكليا بسبب الوصاية المتشددة والمراقبة المبالغ فيها التي تعكس غياب الثقة والخوف من إرادة الشعب، وتجرد نظام اللامركزية والمؤسسات المنتخبة من جدوى وجودها، وتجعلها تابعة للأجهزة المركزية غير المنتخبة". داعيا إلى "تخفيف الوصاية لتصبح بعدية، ومن اختصاص قضاء مستقل فعلا، ووصاية ملاءمة فقط، حتى تتحمل الهيئات المنتخبة مسؤوليتها أمام الشعب صاحب القرار والكلمة الأخيرة".

جماعة العدل والاحسان

جماعة العدل والاحسان
وجماعة العدل والإحسان من أكبر التنظيمات الإسلامية ذات الطبيعة السياسية التي تعارض بشكل واضح النظام الملكي في المغرب. في المقابل، تضيّق السلطات على أعضائها وتمنع أنشطتها.
بدأ الشيخ عبد السلام ياسين تأسيس الجماعة بمفرده -بين عامي 1974 و1981- بما أسماه حينها مرحلة "جهاد الكلمة والنصح لأئمة المسلمين"، وفي سبتمبر 1974 أرسل نصيحة مفتوحة مكتوبة للملك الحسن الثاني في أكثر من 100 صفحة بعنوان "الإسلام أو الطوفان" سجن على إثرها -دون محاكمة- ثلاث سنوات ونصفا.
بعد خروجه من السجن (1978-1979) اتصل بأقطاب الحركات الإسلامية بالمغرب من أجل توحيد الجهود لإنشاء جماعة إسلامية موحدة في إطار "حزب إسلامي" بهدف توسيع الدائرة الإسلامية، لكن دعوته لم تقبل بسبب مفهومه لتوحيد العمل الإسلامي.
وفي 1981 أعلن تأسيس أسرة الجماعة، ليتغير الاسم لاحقا إلى جمعية الجماعة ثم إلى الجماعة الخيرية في أبريل 1983.
اعتقل الشيخ ياسين سنة 1983 وحكم عليه بالسجن عامين وبعد خروجه عام 1985 بدأت مرحلة التأسيس الفعلي للجماعة تحت شعار "العدل والإحسان" عام 1986 واختيار المجلس التنفيذي للجماعة واللجان التنفيذية.
وفي سبتمبر 1987 تحول اسم الجماعة رسميا إلى جماعة العدل والإحسان، وهو شعار أخذته من الآية القرآنية (إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون).
أكدت في أهدافها ووسائلها أنها لا ترضى بهدف اجتماعي سياسي دون العدل على شريعة الله، ولا بغاية دون الإحسان. وتعتبر أن العدل والإحسان هما أم القضايا وأبوهما في الدين والدنيا، في الدعوة والدولة، في المصير السياسي والمصير الأخروي.
يهدف مشروع الجماعة -غير المعترف بها قانونيا من طرف السلطات المغربية- إلى إقامة دولة الخلافة ولا تعترف بشرعية "إمارة المؤمنين في المغرب".
 تتخذ الجماعة في سبيل تحقيق أهدافها وفق رؤيتها، أولا: إيجاد الكيان الجماعي المنظم المنوط به القيام بعملية التغيير. ثانيا: الفهم الشمولي للإسلام وفق اتجاه تربوي سياسي واضح، يشمل الدعوة والدولة. ثالثا: التربية المتكاملة الشاملة العميقة، ورابعا: ترتكز ممارسة الجماعة على مرجعية فكرية وبناء نظري وفق المنهاج النبوي.

صراع مع حزب العدالة والتنمية

صراع مع حزب العدالة
تعتبر العلاقة بين حزب العدالة والتنمية الحاكم( الذراع السياسي لجماعة الاخوان المسلمين في المغرب)، وجماعة العدل والاحسان علاقة تصادمية منذ وصول ا لحزب الي الحكم، وتمثل مقاطعة الانتخابات المحلية ضربة قوية لحكومة عبدالإله بنكيران.
فالعلاقة بين الطرفين يعتبر امتداداً لصراع إيديولوجي طويل بين التنظيمين. هذا الجفاء يجد جذوره في الافتراق العقائدي بين الجماعة بصفتها حركة صوفية متوغلة في السياسية وبين حركة التوحيد والإصلاح، الجناح الدعوي لحزب العدالة والتنمية. وتختلف رؤى وتصورات كل من الحركتين للشأن العام. فبينما تؤمن العدل والإحسان بفكرة "القومة" (الثورة) لتحقيق التغيير السياسي، يتبنى حزب العدالة والتنمية فكرة الإصلاح من الداخل.
للمزيد ............ أضغط هنا
فجماعة العدل والاحسان، تعتبر اكبر القوي السلامية المعارضة لحكومة بنكيران، في المغرب، وقد شاركت الجماعة الإضراب العام، والذي تم في 29 أكتوبر، وبعدما فشل حزب العدالة والتنمية في احتواء الأزمة.
لا ترى الجماعة في تجربة إسلاميي العدالة والتنمية في الحكومة أيّة إيجابية ما دامت المنظومة لم تتغير. وتعدّ مؤسسة الحكومة مسخرة وتفضّل توجيه سهام النقد مباشرة إلى المؤسسة الملكية. وفي الجهة المقابلة يعتبر إسلاميو العدالة والتنمية الجماعة تنظيماً عدمياً عليه حسم خياراته، وهو ما عكسه تصريح لرئيس الحكومة عبد الإله بنكيران قبل بضعة أسابيع، قال فيه إن العدل والإحسان أمامها ثلاثة خيارات، "إما أن تشارك في العمل السياسي أو تدخل في صراع مع السلطة أو تبقى جماعة كبيرة، تستعرض قوتها، كلما اقتضت الضرورة". ولفت إلى أن خيار الانتظار خارج المؤسسات السياسية حتى يتحسن الوضع والحالة الاجتماعية وحتى القضاء على الفساد هو "خيار غير منطقي".

مشهد المقاطعة

مشهد المقاطعة
جاءت مقاطعة الانتخابات من قبل جماعة العدل والاحسان، لوتجه ضربة قوية لحكومة حزب العدالة والتنمية، وهو ما يوضح حجم الصراع بين التنظيميين، في ظل رفض وعدم رضي لجماعة ياسين علي ابناء بنكيران، وهو ما يشير الي أن الأمور ستخذ منحي تصاعدي بين الكيانات المحسوبان علي التيار الإسلامي، فالي أي مدي ستؤثر انسحاب جماعة العدل والاحسان علي الانتخبات المقبلة وعلا علاقتها بحزب العدالة والتنمية والتي تشهد توترا من وقت الي آخر؟

شارك