استهداف شيعة الخليج.. "داعش" توظف الصراع المذهبي من أجل البقاء

السبت 17/أكتوبر/2015 - 12:05 م
طباعة استهداف شيعة الخليج..
 
عاد تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" إلى تنفيذ هجمات جديد ضد المملكة العربية السعودية، وخاصة في مناطق ذات أغلبية شيعية؛ مما يشير إلى محاولة زعزعة الأمن الاجتماعي والسياسي عبر إثارة الفتنة المذهبية بالبلاد.

هجوم حسينية الحيديرية

هجوم حسينية الحيديرية
فقد نجحت قوات الأمن السعودية في السيطرة على إطلاق نار في حسينية الحديرية في حي الكوثر في مدينة سيهات، التي تبعد أقل ‏من خمسة كيلومترات عن الدمام (شرق السعودية). 
 وأكد المتحدث الأمني لوزارة الداخلية السعودية أنه نحو الساعة السابعة من مساء أمس، الجمعة، تم رصد شخص يحمل سلاحاً من ‏نوع رشاش، بالقرب من مسجد +الحيدرية بمدينة سيهات في محافظة القطيف، وشروعه في إطلاق النار عشوائياً على المارة في ‏محيط المسجد؛ فبادرت دورية أمن في الموقع بالتعامل معه بما يقتضيه الموقف، وتبادل إطلاق النار معه؛ ما أدى إلى مقتله. ‏وأضاف المتحدث: "نتج عن قيامه بإطلاق النار مقتل خمسة مواطنين من المارة، بينهم امرأة، وإصابة تسعة آخرين"، فيما لا ‏يزال الحادث محل المتابعة الأمنية‎.
وقتل خمسة أشخاص وجرح تسعة آخرون مساء الجمعة عندما أطلق مسلح النار بالقرب من مسجد للشيعة بمحافظة القطيف في شرق المملكة العربية السعودية، كما أعلنت وزارة الداخلية السعودية في بيان، موضحة أن القتلى من المارة وبينهم امرأة.

"داعش" وشيعة السعودية

داعش وشيعة السعودية
يأتي إطلاق النار بعد يومين من بدء احتفالات عاشوراء لدى الشيعة. وخلال احتفالات عاشوراء العام الماضي، شهدت السعودية أول هجوم لداعش، واستهدف حسينية للشيعة بقرية الدالوة في محافظة الأحساء شرقي المملكة في 3 نوفمبر الماضي، وأسفر عن مقتل 8 مواطنين، أتبعه عمليات مداهمة واعتقالات أسفرت عن مقتل 3 من المطلوبين و2 من رجال الأمن.
وشهدت السعودية، في 22 مايو الماضي، مقتل 21 شخصاً وإصابة 101 آخرين، إثر قيام انتحاري بتفجير نفسه أثناء صلاة الجمعة، داخل مسجد في بلدة "القديح" بمحافظة "القطيف"، ذات الغالبية الشيعية شرقي البلاد، وبعدها بأسبوع، قتل 4 أشخاص في تفجير، استهدف مصلين بأحد المساجد بمدينة الدمام، شرقي السعودية، أثناء أدائهم لصلاة الجمعة يوم 29 مايو الماضي، وحملت وزارة الداخلية في 18 يوليو الماضي، تنظيم "داعش" المسئولية عن الهجومين، وأعلنت القبض على 190 مشتبهاً بالتورط في الاعتداءين.
وتبني هجوم حسينية "الحديرية" في مدينة سيهات ذات الأغلبية الشيعية، جماعة تطلق على نفسها اسم "تنظيم الدولة الإسلامية في البحرين". وقالت في بيان: إن شجاع الدوسري- أحد "جنودها" قام بمهاجمة "معبد للكفرة الشيعة بسلاح رشاش" في سيهات، محذرة من أن "الكفرة لن يكونوا بأمان في جزيرة محمد".
ويقول رجل الدين الشيعي السعويد الشيخ الدكتور عبدالله أحمد اليوسف، في خطبة أمس الجمعة 16 أكتوبر 2015: إن هدف الإرهابيين من تهديداتهم المتكررة لشيعة المنطقة بالقيام بأعمال إرهابية ضدهم هو صناعة الخوف والرعب عند الناس لإبعادهم عن منهج الإسلام المحمدي الأصيل، وعن ثقافة وفكر ومنهج أئمة أهل البيت الأطهار.
وأضاف قائلاً: إن علينا ألا نخاف من تهديداتهم الإرهابية، ولكن يجب أخذ الحذر والحيطة؛ تحسباً من قيام أي شخص مشبوه أو إرهابي يسعى للقيام بعمل إجرامي ضد المؤمنين في المساجد أو الحسينيات أو الأماكن العامة.
وتابع بالقول: إنه ينبغي تكثيف الحضور في المساجد والمآتم والمجالس الحسينية، وإحياء أمر عاشوراء بأفضل صورة، رداً على التهديدات الإرهابية التي تستهدف المواطنين الشيعة بالدرجة الأولى، مستطرداً أن المجالس والمأتم الحسينية عندنا مليئة بالحضور- والحمد لله- غير عابئة بتلك التهديدات الإرهابية.

لماذا شيعة الخليج؟

لماذا شيعة الخليج؟
قبل بضعة شهور، أصدر تنظيم داعش فتوى تجيز تفجير مساجد الشيعة في أي بلد في العالم، ونشر داعش ما اعتبره أدلة لإثبات جواز استهداف مساجد الشيعة وتفجيرها، منها أن تلك المساجد "ضرار" أي يتم فيها الضرر للإسلام والمسلمين ولا تمت لصحيح الإسلام بأي صلة، بالإضافة إلى أن المذهب الشيعي مذهب "شركي"، وأن طائفة الشيعة طائفة ردة ممتنعة، حسب الفتوى.
ويرى خبراء ومراقبون، أن استهداف تنظيم داعش الإرهابي مساجد الشيعة في السعودية، يشير إلى وجود مخططًا لإحداث حالة من الفوضى في منطقة الخليج وحرب مذهبية في منطقة الشرق الأوسط، مؤكدين أن "داعش" بدأ بالفعل في التركيز على الدول المستقرة في المنطقة.
فضرب الشيعة في دول الخليج وخاصة السعودية، معناه أن «داعش» يحشر أنظمة تلك الدول ويهددها بالانهيار والتداعي، كما يهدّد مجتمعاتها بالتفكك. إذ إن استهداف الشيعة في أي دولة خليجية، سيدفع النظام إلى التحرك اعتراضاً على هذا الإرهاب، وتنفيذ إجراءات وقائية، ومن ضمنها إجراءات حماية للشيعة. فإن تحرك النظام في هذا الاتجاه معناه أن «داعش» المتغلغل في المجتمعات الخليجية، ولا سيما المجتمع السعودي، سيرى في ذلك مبرراً له لمحاربة النظام الحاكم.
الصراع الأخير يشير إلى أن مسرح عمليات «داعش» ومَن معها قد تبدّل، فبدل أن يكون القتال في العراق، وقتال بشار الأسد في سوريا حصراً، يتمدّد مسرح العمليات إلى الداخل الخليجي، وهو ما يعني دخول دول الخليج في مهب الفوضى. فالعمليات الإرهابية التي نفذها أو قد ينفذها «داعش» في الخليج، من شأنها أن تضرب الوحدة الوطنية لتلك الدول، وضرب الوحدة الوطنية نتيجته الحتمية تفكيك المجتمع وخلخلة النظام، فليس مستبعَداً أبداً أن يأتي من ينادي في لحظة ما بـ «الحماية الذاتية»، و«الحماية الذاتية» باب من أبواب التقسيم.
وربما هذا الخطر استشعره ولي العهد السعودي ووزير الداخلية الأمير محمد بن نايف الذي سارع شخصياً إلى الدمام للتعزية بضحايا التفجير الإرهابي والوقوف على خاطر المنكوبين، وكانت تظاهرة القطيف معبرة آنذاك، إذ إنها المرة الأولى في تاريخ السعودية تخرج تظاهرة تزيد عن نصف مليون شخص.
الخطر نفسه استشعره أمير الكويت ما دفعه للمسارعة إلى المسجد المستهدَف في الكويت قبل تأمين المنطقة، ليقول: «هؤلاء هم عيالي»، ويتبع ذلك بالتعازي المشتركة، وبصلاة الجمعة المشتركة أيضاً، فقط للتأكيد على الوحدة الوطنية، وأن ما يُضرب هو المجتمع وليس الشيعة فقط.

المشهد الخليجي

المشهد الخليجي
داعش يسعى إلى حرب مذهبية، وهو لا يفرق بين الشيعة والسنة في التفجيرات والمذابح، ويناصب الفريقين العداء فمذابح التنظيم ضد سنة العراق وسورية كبيرة جدا وخاصة ضد عشيرة" البونمر"، ولكن "داعش" بدأ في تركيز عملياته الإرهابية في مناطق الخليج، كما حصل في السعودية والكويت والبحرين، وهو ما يشير إلى وجود مخطط لزعزعة استقرار هذه الدول؛ مما يعجل بثورة شيعية، فتحول إلى مزيد من الصراع والحرب الأهلية، واتساع رقة الصراع الشيعي السني.
الخلاصة أن "داعش" توظف المذهبية والطائفية وتستثمر قدراتها من أجل مزيد من الفوضى في المنطقة بما يخدم مصالحها وأهدافها بالاستمرار مع ازدياد الضربات ضدها في العراق وسوريا، وليبيا مما يشير إلى وجود مخطط لزعزعة استقرار الخليج وخاصة السعودية؛ من أجل اسقاط انظمتها والاستيلاء على خيراتها تحت دعاوي محاربة "داعش".

شارك