إصلاح الجماعة الإسلامية ومبادرة جديدة للمصالحة ونزع العنف
السبت 14/نوفمبر/2015 - 03:32 م
طباعة
بعد الهدوء النسبي الذي ساد الأوساط السياسية، خاصة تيار الإسلام السياسي في المطالبة بتصالح الدولة مع جماعة الإخوان الإرهابية، وتبني هذه الدعوة الكثير من الشخصيات السياسية المتحالفة أو المتعاطفة مع الجماعة الإرهابية- بدأ نوع جديد من المطالبة بالتصالح مع الدولة وتقوده هذه المرة جبهة إصلاح الجماعة الإسلامية، والتي كانت- الجماعة الإسلامية- متحالفةً مع جماعة الإخوان الإرهابية وما زال قياداتها الزمر وعبد الماجد يحرضان الشباب على العنف، مطالبين الشباب بالداخل ببذل الكثير من الجهد وتنفيذ أكبر معدل من العمليات الإرهابية لتركيع النظام الحالي، فقد كشف ربيع شلبي، القيادي بجبهة إصلاح الجماعة الإسلامية، عن مبادرة لإصدار ميثاق شرف يشارك فيه عدد كبير من شباب الجماعة الإسلامية، الرافضين للعنف والراغبين في العودة إلى أكناف الدولة، تنطلق من المراجعات الكبرى التي بدأتها الجماعات الإسلامية من طرف واحد عام 1997، ووافقت عليها الدولة عام 2002، وأطلق على إثرها سراح 29 ألف سجين من الجماعة الإسلامية. وقال «شلبي»: إن المبادرة عبارة عن ميثاق شرف بعنوان «العودة»، يستهدف إجراء مصالحة من طرف الجماعة الإسلامية مع الدولة، لنبذ فكر العنف والداعين إليه، ويدعم المبادرة غالبية شباب الجماعة، في مواجهة التيار الذى يتبنّى العنف، وتقوده القيادات المعروفة بأمراء الدم، وعلى رأسهم عاصم عبد الماجد، وطارق الزمر، وإسلام الغمري، الهاربين إلى الخارج، الذين انقلبوا على مبادرة وقف العنف، رغم مشاركتهم فيها وصياغة موادها.
وأشار «شلبي» إلى أن عدداً من قيادات الجماعة الرافضة للعنف، اتفقوا مع الشباب على عدد من البنود، كميثاق شرف لمبادرة العودة، أهمها الانطلاق من المراجعات الفقهية الكبرى التي أطلقتها الجماعة الإسلامية في السجون خلال التسعينيات من طرفها فقط، لتكون مرجعيةً فقهيةً لمبادرة العودة، ونبذ العنف بجميع مظاهره وفعالياته، ومقاطعة جميع فعاليات تنظيم الإخوان، سواء المظاهرات أو المسيرات على الأرض، أو عبر مواقع التواصل، ورفض دعوات العنف وإعلان موقف واضح وصريح للجماعة الإسلامية من العنف والعمليات الإرهابية، ومظاهرات الإخوان وفعالياتهم، وعدم الترويج لها أو الدعوة إليها. وأضاف «شلبي»: «من شروط المبادرة، عقد جمعية عمومية لاختيار أعضاء مجلس شورى الجماعة، وتقتصر الانتخابات على قيادات الداخل من غير المتورطين في عنف، دون قيادات الخارج، مع العمل على عزلهم وإعلان أعضاء الجماعة غير المتورطين في العنف وقضاياه، بياناً يتبرّءون فيه من أعمال العنف. وفيما يخص العمل السياسي، فإن المبادرة تتضمن تجميد عمل حزب البناء والتنمية، لفترة لا تقل عن 5 سنوات، والعودة إلى العمل الدعوي والخدمي والاجتماعي، وإتاحة الحرية لأعضاء الجماعة وشبابها في ممارسة السياسة دون العمل الحزبي، كالمشاركة في الانتخابات بوجه عام، بالتصويت دون الترشُّح لمناصب سياسية في الدولة، واستثناء العمل النقابي، بإتاحة الترشح على مقاعد مجالس إدارات النقابة المهنية والعمالية، دون منصب النقيب».
وأكد «شلبي» أن المبادرة في طور الصياغة، لإرسالها إلى قيادات الجماعة، وعلى رأسهم الشيخ أسامة حافظ، أمير الجماعة الإسلامية الحالي، للموافقة عليها، وإعلانها رسمياً، وفي حالة تجاهلها، فإنه وعدداً من شباب الجماعة سيعلنون المبادرة من طرفهم، ويدعون إلى جمعية عمومية، للقضاء على دعوات العنف والداعين إليه، لافتاً إلى أن الهدف منها إعادة أعضاء الجماعة إلى حضن الدولة، وإنهاء الخصومة معها، خصوصاً أنها لا ترفض عودة أحد إليها، طالما لم يخالف القانون، ولم تصدر قانوناً للعزل السياسي، مما يعني اهتمام الدولة بجميع أبنائها.
من جانبه، قال الدكتور كرم زهدي، أحد مؤسسي الجماعة، إنه يؤيد العودة إلى الوسطية والاعتدال ونبذ العنف، وإعلاء كلمة الإسلام الوسطى المعتدل، مضيفاً: «أتمنى من كل الإسلاميين أن ينبذوا العنف ويشاركوا في بناء البلاد بشكل يسوده التسامح والحب والوسطية، وننتظر خروج المبادرة إلى النور وعرضها عليَّ، لتوضيح ما يمكن تطبيقه فيها».
في المقابل، قال عادل معوض، محامى الجماعة: إن المبادرات التي يطلقها تيار إصلاح الجماعة مجرد كلام لا يطبّق على الأرض، مضيفاً: «الجماعة الإسلامية حريصة على عدم انتهاج العنف، والمطالبة بتجميد حزبها يراد بها باطل، واستمراره أكبر دليل على الانتهاج السلمي وتصحيح أخطاء العنف».
وإن كان لهذه الدعوة قيمتها في تخفيض معدلات العنف أو تراجع الجماعة الإسلامية وذراعها السياسية حزب البناء والتنمية عن التحالف مع جماعة الإخوان وتحالفها المسمى "تحالف دعم الشرعية"، فإنه لشيء مهم. بينما يؤكد المحللون في مجال الإسلام السياسي أن المقصود من الدعوة هدنة لالتقاط الأنفاس بعدما سيطرت الأجهزة الأمنية على مجريات الأمور، وأصبح العمل الحركي من الصعوبة أن يتم كما كان من قبل، هذا بجانب تقديم الكثير من الشباب للمحاكمات بتهمة استخدام العنف والإرهاب، فتعد هذه المصالحة في المقام الأخير هدنة لالتقاط الأنفاس وترتيب أوراق الجماعة أو ترتيبها من الداخل لتحين فرصة أخرى للانقضاض على السلطة.