بيان الحكومة ... ولا عزاء للنواب

السبت 09/أبريل/2016 - 10:12 م
طباعة
 
حقا ما وصفه المحللين السياسيين حول بيان الحكومة الذي القاه رئيس الوزراء امام البرلمان . بانه البيان الاخطر والاهم تاريخيا وذلك لعدة اعتبارات اهمها :- 
1) يأتي هذا البيان بعد استكمال المرحلة الانتقالية بجميع استحقاقاتها ( دستور – رئيس جمهورية – مجلس نواب – حكومة معينة من قبل رئيس الجمهورية ) 
2) جاء البيان في حالة من الترقب الشديد من جميع طبقات الشعب المصري خاصة الطبقات الفقيرة بعد ان تعقدت سبل الحياه و اصبحت اكثر صعوبة منذ ثورة 25 يناير 
3) انه لأول مرة يستطيع الشعب المصري تحديد عمر الحكومة الذي يبدا من 30 مارس 2016 و ينتهي 30 يونيو 2018 و من هنا فهي فرصة لتؤكد الحكومة علي برنامجها و امكانية تحقيقه 
4) من المؤكد ان مجلس النواب الحالي سيعمل بكل جهد لتمرير بيان الحكومة خوفا من البدائل المطروحة دستوريا في حالة رفض بيان الحكومة و التي قد تصل الي حل المجلس . و المعروف ان كثير من النواب قد تسللوا الي هذا المجلس – خاصة في القوائم – بصعوبة بالغة و من الصعب المراهنة علي عودتهم مرة اخري في حالة حل المجلس و الترويج الي شعار ( خلي العجلة تمشي ) 
لقد اعترض كثير من المصريين خصوصا في العقود الاربعة الماضية او مع الحكومات المؤقتة بعد 25 يناير النظر الي هذا النوع من البيانات في قدر من الريبة والحذر و في احيان كثيرة بعدم المصداقية و ذلك بسبب تعاظم الامنيات المنشودة مقارنة بتواضع النتائج و استمرار تدني مستوي المعيشة و ارتفاع معدلات البطالة و سوء قطاع الخدمات بشكل عام ( صحة – تعليم – اسكان ... ) و اخيرا استشراء سرطان الفساد و فواتيره الباهظة التي يختلف عليها الكثير و الكثير ومن الضروري مراجعتها و محاولة السيطرة علي اليات هذا الفساد حتي لو كان هناك خلاف علي نسبة تواجده 
لقد اتسم بيان الحكومة بالنمطية والتكرار حيث المبالغة في الاهداف و التمنيات دون ان يصاحبها برامج و سياسات عملية و توقيتات زمنية و تكاليف مالية تخضع للمحاسبة عن طريق الاجهزة الرقابية و التشريعية . كما غاب عن البيان مصادر تمويل كل هذه المشروعات و لازال بيان الحكومة يعتمد علي اليات السوق الحر التي ورثناها منذ عصر الانفتاح الاقتصادي حتي الان و لازالت البلاد تجني من نتائج هذه السياسات التي ركزت الثروة في ايدي بعض المحتكرين من رجال الاعمال وعمدت علي تخريب مؤسسات الدولة المنتجة واتباع اساليب الخصخصة و البيع و تدمير بنية صناعية كانت قابلة للتطور كصناعة الحديد والصلب و الالومنيوم و النسيج و غيرها 
ان بيان الحكومة يعتمد علي ضخ او جذب المزيد من الاستثمارات و هذا جيد لكن هناك بنية صناعية مصرية تحتاج الي اعادة بنائها و تطويرها لتلعب دورها الحقيقي في خطط التنمية خاصة في مجالات الطاقة و الثروة المعدنية والزراعة كما ان هناك الاف المصانع المتعثرة لأسباب مالية و فنية لو ان بيان الحكومة تضمن التعامل مع هذه الازمة نستطيع ان نتحدث عن خلق فرص عمل مجمدة نتيجة اغلاق الاف المصانع و الورش . لقد تعمدت الحكومة الحديث عن القطاع العام و قطاع الاعمال و عدم ادخالها المنظومة الاقتصادية في الوقت الذي يعاني الاقتصاد من سيطرة كبار رجال الاعمال الاحتكاريين و الذي من شانه ان يزيد من الفاتورة السياسية للاحتجاجات الاجتماعية من قبل الطبقات الفقيرة و من ناحية اخري تقلل قدرة الدولة علي السيطرة علي الفائض الاجتماعي و اعادة تشغيله و توظيفه في صورة خدمات و لقد تجنب بيان الحكومة عن الحديث عن الاموال المنهوبة و المهربة خلال الاربعين عام الماضية و التي تبلغ اكثر من 200 مليار دولار و هذا المبلغ او اقل منه بكثير سيعطي دفعة للاقتصاد في حالة جدية التعامل مع هذا الملف فقد اتيح لنا الفرصة في العمل علي المشروعات العملاقة و كن غياب الارادة السياسية و عدم توافر النية لملاحقة الاموال المنهوبة و اعادتها او محاصرة الفساد الذي يطبق علي اعلي مؤسسات الدولة و اقتصر بيان الحكومة علي استخدام بعض العبارات الرنانة عن الشفافية و النزاهة دون الحديث عن الاهداف و الآلات التي تحقق هذه النزاهة او الشفافية 
اخيرا نتعرض لكيفية تعامل بيان الحكومة مع الطاقة البشرية فلازالت الحكومات المتعاقبة تتعامل مع الطاقة البشرية علي انها عبء ثقيل علي الحكومة بدلا من النظر الي انه العنصر الفعال في اي خطر تنمية مستقبلية علما بان الشباب يشكل حوالي 60% من مكونات هذا الشعب فلا يصح ان نتحدث مع الشباب في بيان الحكومة بهذا الاختصار الشديد و ان يتحدث بيان الحكومة عن مشكلة الشباب انها مشكلة مراكز الشباب الرياضية الا تعلم الحكومة ان مشاكل الشباب المصري هو المكون الاساسي لهذا الشعب هو لقمة العيش و التعليم الحقيقي لبناء كوادر قادرة علي خوض سوق العمل و الي خطة تنمية حقيقية لاستيعاب ملايين من الشباب و ما يتم الترويج له اعلاميا عن المشروعات الصغيرة والمتناهية في الصغر في الحقيقة هذه المشاريع صادمة لمعظم الشباب ولا تختلف عن مشروع الاسكان المتوسط و محدودي الدخل بالياته الحالية حيث مقدم الحجز والاقساط و السعر النهائي الذي يتجاوز قدرات الشباب بكثير اذا لم يحسن نواب البرلمان التعامل مع بيان الحكومة و محاولة تعديله بما يتناسب مع طموحاته الحقيقية للشعب المصري ستكون النتائج العكسية كاليأس و الاحباط خاصة لدي الشباب 
 

شارك