رياح ربيع الثورات..ومآسى قاصرات العرب

الخميس 23/يونيو/2016 - 05:10 م
طباعة
 
فى تقرير صدر مؤخرا عن الأمم المتحدة حمل التحالف العسكري بقيادة السعودية فى الحرب اليمنية مسئولية سقوط الأطفال ما بين قتلى ومصابين بنسبة  60 % من الوفيات والإصابات العام الماضي، بالرغم من المحاولات السعودية لنفى هذه الاتهامات.
وحسب تقرير صادر عن مركز دراسات وأبحاث النوع الاجتماعي في جامعة صنعاء، أكد أن نسبة حالات زواج الصغيرات تبلغ 65 % من مجموع حالات الزواج، و70 % من هذه الزيجات تحدث في المناطق الريفية، وقبل اندلاع شرارة الحرب اليمنية في مارس 2015، كان هناك محاولات لإنهاء زواج القاصرات، إلا أن الحرب خلفت تزايد هذه الظاهرة وأصبحت هناك حالات زواج عديدة يتم توثيقها دون السن القانوني.
فى ليبيا الأمر لا يختلف كثيرا، وبالرغم من عدم توفر أرقام موثقة لهذا الظاهرة،  إلا أن هناك تقارير صحفية تشير إلى تزايد الظاهرة فى أماكن تمركز الجاهديين والجماعات المتطرفة وخاصة فى درنة، وتنتشر حالات زواج الفتيات القاصرات في حي السيدة خديجة وإمباخ في شمال شرق وجنوب شرق المدينة، وقبل الزواج تختفي العائلات ولا تخرج، ولكن بعد زواج الفتاة من جهادي تتحرك العائلة بشكل عادي وسهل في المدينة، مع الاشارة إلى أن العائلات تخشى من اغتصاب بناتهن، وتنظر إلى الزاوج كونه وسيلة للحماية بدلا من حدوث مكروه لهن، وكلما زادت قوة هذه الجماعات انتشر هذا الوضع وزاد.
وفى تقرير تناقلته وكالات الأنباء مؤخرا عن قاضي شرعي سوري كشف أن عدد معاملات زواج القاصرات في دمشق بلغ نحو 5 معاملات يومياً، أي بنسبة 10 إلى 15 % من معاملات الزواج، والتي وصل عددها نحو 50 معاملة، والاشارة إلى أن  ارتفاع حالات زواج القاصرات سببه الأوضاع الراهنة وسوء المعيشة، وأن القاصر تصر على الزواج من أي شخص بهدف الإنفاق عليها، ولو كان عمرها غير مناسب للزواج، مع وجود حالات زواج قاصرات اللواتي تزوجن خارج المحكمة الشرعية بـ100 حالة يومياً، والاشارة إلى أن عدد حالات الزواج العرفي في سوريا للقاصرات بلغ ما يقارب 400 حالة يوميا.
فى العراق انتشرت ظاهرة زواج القاصرات، مع غياب القوانين الرادعة إلى جانب انتشار الفقر والوعي الاجتماعي، وأصبح معتادا الكشف عن طفلات صغيرات حُرمن من متعة الألعاب وبراءة الطفولة، ليتحولن بين ليلة وضحاها إلى سيدات في منازل، لم يتجاوزن سن الـ18 بعد، لكنهن يتحملن مسؤولية تسيير بيت الزوجية، بعضهن تأقلمن مع الوضع وتعايشن مع حياتهن الجديدة، ومنهن من رفضن ذلك وأعلن الثورة على الزواج القسري، وقمن بالهرب من بيت الزوج إلى أماكن مجهولة.
وفى مصر وحسب تقرير صادر عن المركز المصرى لحقوق المرأة أكد أن نسبة زواج القاصرات فى بعض المحافظات وصلت إلى 74% وحالات زواج القاصرات فى مصر تزيد عن 40 ألف فتاة سنويا، ومواليد هذه الزيجات وصلت إلى 150 ألف بينما تبلغ نسبة زواج القاصرات فى مصر حوالى 11%.
الأمر لم يقتصر على الدول التى شهدت ثورات الربيع العربي فحسب، بل وصلت الأزمة إلى أوروبا، وخاصة مع تزايد عدد اللاجئين الوافدين إلىها ، وهو ما كشفت عنه السلطات الألمانية من خلال رصد مئات من حالات زواج الأطفال بين مئات الآلاف من اللاجئين الذين قدموا إلى البلاد خلال الأشهر الماضية، وحسب ما نشرته صحيفة "بيلد" الألمانية اعتمادا على أرقام صادرة عن الولايات الألمانية ومؤتمر وزراء العدل أن أغلب الحالات كانت متعلقة بزواج قاصرات في أوطانهن من أشخاص بالغين قبل أن يأخذ الزوجان طريقهما إلى ألمانيا،ففى ولاية بافاريا جنوبي ألمانيا سجلت حتى نهاية أبريل الماضي 161 حالة زواج بين طالبي لجوء تحت سن السادسة عشر و550 حالة زواج لطالبي لجوء تحت سن الثامنة عشرة، وفي ولاية بادن فورتمبرغ تثبتت السلطات من وجود 117 حالة من ذلك النوع، ووصل عدد زواج القاصرات بين طالبي اللجوء في ولاية شمال الراين وستفاليا إلى ما لا يقل عن 188 حالة.
يبدو أن ثورات الربيع العربي بقدر ما كانت تحمل آمالا كبيرة لمستقبل أفضل لشعوب المنطقة، تحولت إلى كوابيس محزنة لمنطقة الشرق الأوسط تنذر بمستقبل مظلم وكئيب..وما لم تتوقف الحروب ستظل الجراح مستمرة.. أوقفوا الحرب وحافظوا على أطفالكم وانتصروا للإنسانية.

شارك