الهجوم على البرث.. بين الادانة ودلالات المواجهة

السبت 08/يوليو/2017 - 03:48 م
طباعة الهجوم على البرث..
 

أحبط الجيش المصري محاولة لسيطرة مسلحين من تنظيم «داعش» على منطقة البرث جنوب مدينة رفح، شمال سيناء، وصد هجوماً كبيراً لعشرات من مسلحي التنظيم ظهر من تفاصيله أنه خُطط له بعناية وكان يهدف إلى إخلاء المنطقة من التواجد العسكري واحتلالها ورفع علم التنظيم عليها. وأسفر الهجوم في حصيلة مبدئية أعلنها الجيش عن مقتل 40 مسلحاً من «داعش» تناثرت جثثهم في مناطق صحراوية، فيما نقلت وكالة «رويترز» عن مصادر أمنية أن خسائر الجيش المصري كانت 23 قتيلاً وأكثر من 30 مصاباً سقطوا في الهجومين اللذين استهدفا نقاطاً عسكرية في سيناء أمس الجمعة 7 يونيو 2017. واستخدم المهاجمون أكثر من سيارة مفخخة في الهجوم، الذي يعتبر الأكبر الذي يشنه مسلحو «داعش» في شمال سيناء منذ هجمات الشيخ زويد في يوليو من العام 2015.
الهجوم على البرث..

وتعهدت السلطات المصرية بـ «النيل من كل من نفذ وخطط وموّل وتستر وبرر» هذا الإرهاب. وقال المتحدث باسم القوات المسلحة العقيد تامر رفاعي في بيان، إن «قوات إنفاذ القانون في شمال سيناء نجحت في إحباط هجوم إرهابي للعناصر التكفيرية على بعض نقاط التمركز جنوب رفح، ما أسفر عن مقتل أكثر من 40 تكفيرياً وتدمير ست عربات»، لافتاً إلى تعرض قوات إحدى النقاط لانفجار عربات مفخخة أدت إلى استشهاد وإصابة عدد من أبطال القوات المسلحة، وجارٍ تمشيط المنطقة ومطاردة العناصر الإرهابية.
وأشار الجيش إلى مواصلة القوات عمليات تمشيط المناطق المتاخمة لمحيط الهجوم الإرهابي، الذي عاونت القوات الجوية في التصدي له. وقالت القوات المسلحة إنه عقب وقوع الهجوم الإرهابي وحدوث عملية لتبادل إطلاق النار، بدأت القوات على الفور عمليات التمشيط، بهدف القضاء على بقية العناصر الإرهابية التي فرت هاربة في مناطق الزراعات والدروب الصحراوية في المنطقة. وتحركت عناصر الدعم لمعاونة أعمال قتال القوات داخل نقاط الارتكاز الأمني بمشاركة عدد من الطائرات المقاتلة وتمكّنت من حصر وتدمير العناصر الإرهابية، التي ارتدت ملابس شبه عسكرية، وإصابتها إصابات مباشرة وتكبيدها خسائر فادحة.

تشابه مع هجمات سابقة

تشابه مع هجمات سابقة

وتشابه الهجوم في آليات تنفيذه والقوة النيرانية التي استخدمها الإرهابيون وعدد المهاجمين وعتادهم مع هجوم الشيخ زويد في يوليو من العام 2015، الذي قال الرئيس عبدالفتاح السيسي إنه كان يهدف إلى إعلان «ولاية سيناء». وقال شهود عيان في شمال سيناء لـ «الحياة» إن أهالي في رفح أبلغوهم بأن جثامين القتلى في صفوف الإرهابيين تناثرت في المناطق الصحراوية، نتيجةَ قصف المروحيات العسكرية تجمعات الإرهابيين الفارين في أعقاب الهجوم، الذي بدا أنه كان يهدف إلى إخلاء منطقة البرث من الوجود العسكري تمهيداً للاستيلاء عليها.
وشنت سيارات عدة تُقل متطرفين مدججين بالسلاح أتت من جنوب رفح هجمات على نقاط عسكرية عدة في المنطقة، واستخدمت سيارات مفخخة في الهجوم على «معسكر الصاعقة» الأكثر تحصيناً وتسليحاً في المنطقة، واستشهد في الهجوم قائد المعسكر العقيد أحمد المنسي. وأفيد بأن قوات الدعم التي توجهت إلى النقاط الأمنية تحت الهجوم لدعمها واجهت تحدي العبوات الناسفة المزروعة في طريقها. ومنع تشبث ضباط الجيش المصري وجنوده بنقاطهم العسكرية مسلحي «داعش» من السيطرة عليها قبل أن تأتي قوات الدعم، وربما كان هدف المتطرفين الاستيلاء على مخازن أسلحة وذخيرة تلك النقاط. ومع وصول قوات الدعم من القوات البرية ودخول القوات الجوية ساحة المعركة تكبد الإرهابيون خسائر فادحة، وافترشت جثثهم ساحات المواجهة، فاضطر المتبقون إلى الفرار حتى من دون سحب قتلاهم.
وأفيد بأن عدداً كبيرا من الإرهابيين قتلوا في مناطق بعيدة نسبياً من مواقع المواجهة بعد مطاردة القوات الجوية الفلول الفارة، وأن عبوات ناسفة كان المتطرفون زرعوها في طريق تحرك قوات الجيش انفجرت في سياراتهم جراء عشوائية الانسحاب من موقع الهجوم، ونشر الجيش مقاطع مصوّرة أظهرت عشرات الجثث من مسلحي «داعش» متناثرة في الصحراء بعد قصف جوي لسياراتهم أثناء فرارهم.
وأتى الهجوم بعد فترة طويلة من الهدوء الميداني في شمال سيناء، وفي وقت بسط الجيش سيطرته على المناطق الجنوبية لمدينتي رفح والشيخ زويد التي ظلت ملاذاً آمناً للمتطرفين لفترة، كما أنه نُفذ فيما تنخرط قبائل في شمال سيناء في قتال مسلحي «داعش» بتنسيق مع الأجهزة الأمنية. وبدا أن «داعش» أراد إيصال رسالة بأنه لا يزال قادراً على شن هجمات كُبرى في شمال سيناء على رغم الطوق المُحكم الذي يفرضه الجيش والقبائل على مناطق طالما استخدمها التنظيم للانطلاق في شن هجماته.

دلالات الهجوم:

دلالات الهجوم:

تراجع في قدرة التنظيم
تعتبر هذه العملية الإرهابية بحسب التقرير الذى أعدته الهيئة العامة للاستعلامات بمشاركة أحمد كامل البحيري (باحث بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية)، هي العملية الثانية ضد قوات الجيش المصري خلال 18 شهر منذ نهاية عام 2015 فكانت العملية الأولي خلال تلك الفترة يوم 9 مارس 2017.
وتعتبر العملية الإرهابية اليوم هي الأولى خلال عامين من حيث ارتفاع عدد الشهداء من قوات الجيش، منذ العملية الإرهابية الأكبر في 1 يوليو 2015، فخلال فترة ما يقرب من عام ونصف نجح الجيش المصري في الحد من نسبة العمليات الإرهابية الموجهة إلى قوات الجيش في منطقة الصراع والتي تمتد من شرق مدينة العريش وحتي غرب مدينة رفح وصولا لمنطقة الحسنة جنوبا وتشمل مساحة (30 ، 50 كم) من مجمل مساحة محافظة شمال سيناء٬ فخلال عام ونصف ومنذ بدا عمليات حق الشهيد (1 ـ 2 ـ 3 )٬ وتمكنت قوات الجيش المصري من تحقيق هدفين ساعدا على خفض معدل العمليات الإرهابية والتي وصلت ( 6 عمليات إرهابية خلال النصف الأول من العام الجاري 2017 في سيناء وما يقرب من 25 عملية إرهابية علي مستوي الجمهورية) مقارنة بنفس الفترة من عام 2015 والتي شهدت 532 عملية إرهابية علي مستوى الجمهورية منها ما يقرب من 120عملية إرهابية في سيناء.
ويعني هذا انخفاض كبير في عدد العمليات الإرهابية في مصر عموما وسيناء خصوصا وذلك نتيجة لضعف بنية التنظيم الإرهابي ونجاح العمليات العسكرية للجيش المصري منذ بدء عملية حق الشهيد.
وتحقق الهدفان لعمليات الجيش المصري في:
أولا: سيطرة قوات الجيش علي القري التي كان يتمركز بها عناصر التنظيمات الإرهابية قبل 1 يوليو 2015.
ثانيا: إعادة انتشار وتمركز قوات الجيش بشكل ساعد على تقليل عدد الارتكازات الأمنية الثابتة، والسيطرة علي مناطق استراتيجية تتحكم في الطرق بين المناطق المختلفة .

دوافع العملية الإرهابية

 دوافع العملية الإرهابية
هناك بعض الأهداف سعت المجموعات الإرهابية إلى تحقيقها من خلال العملية الإرهابية أمس٬ وبتحليل طبيعة وتكتيكات تلك العملية نجد التالي :
أولا: من حيث طبيعة المستهدف: أن تلك النقطة الأمنية هي ارتكاز أمني يقع علي تبة تكشف كافة ممرات وطرق الربط بين قري المنطقة وتقوم بالحد من تنقل العناصر الإرهابية فيما بينها.
ثانيا: تسعي المجموعات الإرهابية من هذه العملية إلى ادعاء أنها لا تزال تمتلك القدرة القتالية في ظل الخسائر الفادحة التي تكبدتها علي يد الجيش المصري منذ بدء عمليات حق الشهيد.
ثالثا: تأتي تلك العملية الإرهابية مع نجاح الجيش المصري في تصفية وقتل العديد من قيادات التنظيم الإرهابي وهو ما انعكس علي إضعاف بنية التنظيم وزيادة هشاشة قدراته.
السياق الإقليمي
تأتي هذه العملية الارهابية بعد ساعات من تحرير الموصل في العراق من تنظيم ( داعش) من جانب٬ وفقدان تنظيم داعش مساحات كبيرة من الأرض في سوريا نتيجة الضربات الامنية من كلا الطرفين التحالف الدولي والقوات الروسية والسورية كذلك الهزائم الكبيرة التي اصابت التنظيم وحلفائه في ليبيا علي يد الجيش الوطني الليبي خلال الأيام السابقة٬ هذا الوضع يدفع تنظيم داعش لفتح بؤر جديدة في بعض المناطق خارج منطقة ارتكازه الرئيسية التي يخسرها في سوريا والعراق حتي يحقق هدفين:
الاول: لفت انتباه وسائل الاعلام العالمية بعيدا عن انهيار قدرات التنظيم في سوريا والعراق مما يساعد علي تقليل الضغط النفسي على جمهور التنظيم الارهابي.
وثانيا: يحاول تنظيم داعش ان يظهر بانه مازال يمتلك القدرة التنظيمية في الاقليم.

العملية الإرهابية أقرب للانتحار الجماعي للتنظيم


إن استخدام ما يقرب من 12 سيارة منها ثلاث سيارات مفخخة في الهجوم الارهابي يشير الي ان تلك العملية الارهابية لم تستهدف السيطرة علي نقطة الارتكاز العسكري كما كان هدف التنظيم في عملية ( كرم القواديس 2 ) في 1 يوليو 2015 وذلك نتيجة عدم وجود تواجد للتنظيم في كافة القري القريبة من نقطة الارتكاز واختباء عناصره في المناطق الصحراوية، وكذلك لأن الموقع الاستراتيجي للنقطة الأمنية علي منطقة مرتفعة تسهل علي قوات الجيش المصري التعامل مع العناصر الارهابية المهاجمة والقضاء علي اكثر من 40 من العناصر الارهابية .
كل ما سبق يجعل من تلك العملية مختلفة عن مجمل العمليات الارهابية قبل 1 يوليو 2015، والتي كانت تهدف الي السيطرة علي الأرض٬ ولذلك يمكن أن نطلق علي تلك العملية مسمي (الانتحار الجماعي)٬ فهي عملية انتحارية جماعية وليست عملية للسيطرة او التمركز ولكنها تهدف فقط إلى ادعاء تحقيق انجاز.

إدانات إقليمية ودولية

إدانات إقليمية ودولية
وبعث أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح برقية تعزية إلى الرئيس عبدالفتاح السيسي، في ضحايا الهجوم عبّر فيها عن خالص تعازيه وصادق مواساته، واستنكار دولة الكويت وإدانتها الشديدة هذه الأعمال الإجرامية الشنيعة التي استهدفت زعزعة الأمن والاستقرار في مصر. ودانت وزارة الخارجية في البحرين بشدة الهجوم الإرهابي معربة عن بالغ التعازي وصادق المواساة لشعب مصر وأهالي الضحايا وذويهم. وأكدت موقف المملكة الثابت والداعم مصر في حربها ضد الإرهاب والمتضامن تماماً معها في ما تتخذه من إجراءات لتعزيز الأمن وترسيخ الاستقرار. ودانت السفارة الأميركية في القاهرة الاعتداء، وقال حساب السفارة على موقع «تويتر»: «هجوم إرهابي شنيع آخر في مصر. تقف الولايات المتحدة مع مصر ضد الإرهاب».
ودان مجلس الوزراء المصري الهجوم، مشيداً بشجاعة رجال القوات المسلحة في التصدي له، وقتل عدد كبير من العناصر التكفيرية الآثمة، وتدمير جانب من العربات التي كانت تقلهم. ونعى رئيس الوزراء المهندس شريف إسماعيل ضحايا الهجوم من رجال القوات المسلحة، وثمّن التضحيات التي يبذلونها في سبيل الذود عن حدود الوطن وحماية أمن المواطنين.
وأكد ضرورة تكاتف جهود دول العالم في مواجهة الإرهاب، بما يساهم في وضع حد للدول الداعمة له، ومحاصرة عناصره الإجرامية، وتجفيف منابع تمويله، وتقويض قدرته على تنفيذ مخططاته الخبيثة، التي ترفضها الشرائع السماوية وتتنافى مع كل القيم الإنسانية. كما دان المتحدث باسم وزارة الخارجية أحمد أبو زيد الهجوم. وقال: «مع كل قطرة دم ينزفها شهيد نزداد إصراراً على دحر الإرهاب. معركتنا ضد من استباحوا الدم الطاهر ستنال من كل من نفذ وخطط وموّل وتستر وبرر». ونعت دار الإفتاء «الشهداء»، وأشادت بيقظة القوات المسلحة في مواجهة التنظيمات الإرهابية، داعية إلى ضرورة تكثيف توجيه الضربات الاستباقية الناجحة ضد التنظيمات الإرهابية.

الهجوم على البرث..

كما أدان الأزهر الشريف بشدة الهجوم الإرهابي الخسيس على حاجز أمني جنوب مدينة رفح، ما أسفر عن استشهاد وإصابة 26 من عناصر القوات المسلحة المصرية. كما أدان الأزهر الشريف الهجوم الإرهابي الذي استهدف أحد التمركزات الأمنية التابعة للإدارة العامة للمرور أعلى محور 26 يوليو في مصر مساء أمس، وأسفر عن إصابة مجند ومواطن مصري.
وأكد الأزهر الشريف في بيان أمس رفضه القاطع لأشكال العنف والإرهاب كافة، مشدداً على أن مثل هذه الأعمال الإرهابية تتنافى مع تعاليم الإسلام السمحة والأديان السماوية والتقاليد والأعراف الإنسانية كافة. ودعا إلى ضرورة التصدي بقوة وحسم لهذه العناصر الإرهابية المارقة التي لا تريد الخير للبلاد والعباد، مجدداً دعمه لقوات الجيش والشرطة في مواجهة هذه القوى الظلامية، وطالب جموع الشعب المصري بالوقوف وراء رجال الجيش والشرطة في حربهم ضد الإرهاب.
من جانبها، دعت دار الإفتاء المصرية إلى ضرورة تكثيف توجيه الضربات الاستباقية الناجحة ضد الجماعات والتنظيمات الإرهابية لتقويض قدرتها على نشر العنف والتخريب، والعمل على نشر الأمن والاستقرار في مصر. وأدانت دار الإفتاء المصرية الهجوم الإرهابي الذي استهدف بعض نقاط التمركزات في جنوب رفح المصرية صباح أمس. وأشادت في بيان أمس بالضربات الناجحة والمتلاحقة للقوات المسلحة والشرطة في مواجهة الجماعات التكفيرية والتنظيمات الإرهابية التي تسعى لنشر العنف والتخريب.

الهجوم على البرث..
ندد الناطق باسم حماس فوزي برهوم بـ«العمل الإجرامي» الذي استهدف جنوداً مصريين في سيناء واعتبره «عملاً إرهابياً جباناً». وقال برهوم في بيان صحفي إن الهجوم «‎لا يستهدف أمن مصر واستقرارها فحسب، بل أمن الأمة العربية جمعاء واستقرارها، وإدخال المنطقة في دوامة من العنف والقتل والإرهاب تماشياً مع مخططات تقسيمها ونهب مقدراتها وثرواتها». وأضاف أن «هذه الجرائم لا تخدم سوى أعداء مصر والأمة العربية والإسلامية جمعاء». من جانبه قال نائب أمين سر المجلس الثوري لحركة «فتح» فايز أبو عيطة في بيان صحفي، إن الشعب الفلسطيني واثق في قدرة جيش مصر العظيم في القضاء على الإرهاب بشتى أشكاله.

شارك