قتلته رسالة «مسمومة» من والدته.. قصة «خطاب» سفير بن لادن في القوقاز

الأربعاء 22/أغسطس/2018 - 02:05 م
طباعة قتلته رسالة «مسمومة» شيماء حفظي
 
مشوار يُشبه مراحل «جهاد» أسامة بن لادن (زعيم تنظيم القاعدة السابق)، بدأ بحياة ترف في السعودية، ثم التحق بالقتال في أفغانستان ضد الاتحاد السوفييتي، ثم تركها ليؤسس فرعًا لـ«القاعدة» في القوقاز، ويكون «سفير» زعيم التنظيم في الشيشان، إنه سامر صالح عبدالله السويلم العنزي، الملقب بـ«خطاب».

وُلد «سامر» في 14 أبريل 1969، وتربَّى في بيت والده صالح السويلم، في مدينة «عرعر» شمال السعودية، حتى بلغ 18 عامًا، عاشها مجتهدًا في دراسته، حتى عمل في عملاق النفط بالمملكة، «شركة أرامكو»، لمدة عام ونصف العام، حتى جاءت حرب أفغانستان ضد السوفييت، تلك التي أشعل فتيلها مواطنه أسامة بن لادن، زعيم تنظيم القاعدة السابق، فقرر «سامر» الانضمام لذلك الركب، وسافر إلى أفغانستان.

شارك «سامر» في العمليات الجهادية منذ عام 1988 حتى عام 1994، وخلال تلك الفترة تَعرَّف على «بن لادن»، ثم تحوَّل -خلال عام 1994- من مجرد مقاتل إلى مسؤول عسكري لتدريب المقاتلين في مخيم «خوست»، وهي إحدى الولايات الـ34 في أفغانستان، وتقع في شرقي البلاد.

ومع انتهاء الحرب ضد السوفييت، اتجه «سامر»، الذي تغيَّر اسمه خلال تلك الفترة إلى «خطاب» -وهو اختصار للقبه القديم «ابن الخطاب» بسبب إعجابه وتأثره الشديد بالصحابي عمر بن الخطاب– مع مجموعة صغيرة من المقاتلين إلى طاجيكستان، لمتابعة القتال ضد الجيش الأفغاني، وفي العام 1995، أصبح «سامر» قائدًا للمقاتلين في حرب الشيشان، ولقبه أنصاره بـ«الأمير خطاب».

وكان «خطاب» قد دخل الشيشان ومعه 8 مقاتلين، وأسهم في حرب الشيشانيين ضد الجيش الروسي، واتهمته المخابرات الروسية، بأنه العقل المدبر لتفجيرات عام 1999 في الأحياء سكنية.

و«كان جنود خطاب يشترون السلاح من الجنود الروس»، وفقًا لما قاله العميل المزدوج «رمزي»، في حوار كشف خلاله عن رحلته مع تنظيم «القاعدة» والسفر إلى الشيشان.

وقال «رمزي»، لصحيفة «الحياة»، في 2014، إن مرتب الجندي الروسي كان 20 دولارًا شهريًّا، ونظرًا لأن حكومة روسيا لم تكن تملك مالًا، كان الجنود يحصلون على رواتبهم من محاصيل القرنبيط والملفوف، ويبيعون أسلحتهم للمقاتلين لجني الأموال.

واحدة من المعتقدات الغريبة لدى «خطاب» كان تصديقه بأن «المايونيز» به بروتينات تساعد على القتال والصمود وتحمّل البرد ووعورة الجبال.

ومع انضمامه للشيشان، خلق «خطاب» علاقة جيدة مع حكومة أذربيجان، وكان يدفع لقادتها نحو 40 ألف دولار شهريًّا للواحد، من أجل عدم التدخل في عمليات الجماعة، إضافة إلى استمرار العلاقة الطيبة بين «القاعدة» في أفغانستان ومجموعة «خطاب» في الشيشان، حتى إن «رمزي» قال: «إنه قبل ذهاب بن لادن إلى السودان، قام أيمن الظواهري -زعيم القاعدة الحالي- بزيارة خطاب، عام 1996».

وخلال هذه الزيارة، تعرَّض «الظواهري» للاعتقال، بعدما رفض أحد الجنود على الحدود رشوة بقيمة 10 آلاف دولار، دون أن يعلموا منصبه –وقد تم إطلاق سراحه بعدما دفعت مجموعة «خطاب» لمركز الشرطة الداغستاني مبلغ 40 ألف دولار، بدلًا من 100 ألف دولار، بعدما سجن 7 أسابيع، بحسب «رمزي».

ولأن التعامل مع «القاعدة» من مكان خارج أفغانستان يحتاج لتنسيق، أسندت تلك المهمة لـ«حمزة الغامدي»؛ حيث كان حلقة وصل بين «بن لادن» في أفغانستان و«خطاب»، الذي بقي في الشيشان بعد انتهاء حربها الأولى، لكن الوضع لم يستمر مستتبًا، مع وجود مناوشات بين شباب داغستانيين يدربهم «خطاب» والجيش الروسي.

اشتعل الفتيل مرة أخرى، في نهاية 1997؛ حيث توجه «خطاب» ومجموعة من المقاتلين إلى قاعدة روسية في داغستان، وفجَّروا نحو 60 دبابة، ودارت معارك طاحنة بين الجانبين راح ضحيتها نحو 100 جندي روسي.

بعدها، هاجم السوفييت 5 قرى مسلمة في داغستان، من باب الانتقام، لكن هذا قابله رد مضاد؛ حيث انتشرت العمليات والاغتيالات للشرطة والمتعاونين مع الروس، وزاد عدد المقاتلين الشيشانيين في داغستان، حتى وصل الروس لاتفاق مع حليف «خطاب»، وهو «شامل باساييف»، لمنع المقاتلين الشيشان من مهاجمة الروس؛ ما جعل «بن لادن» يدعم «خطّاب»؛ لأنه كان يخطط لفتح جبهة ضد الروس في شمال أفغانستان وطاجيكستان لشغل الروس في الشمال.

وبحسب ما ذكره العميل المزدوج «رمزي»، كان «بن لادن» يرى أن الإمارة الإسلامية في أفغانستان يجب أن تتوسع لتشمل طاجيكستان وأوزبكستان وغيرهما، ولذلك أرسل حمزة الغامدي -أحد منفذي هجمات 11 سبتمبر- إلى الشيشان لبحث إمكانية فتح جبهات قتال هناك، وليكون حلقة وصل مع «خطاب».

وفي عام 2002، قُتل «خطاب» برسالة مسمومة، كانت مرسلة من أمه في السعودية، لكنها تسممت لدى الجيش الروسي، وسلمها له عميل مزدوج لدى الروس، وحين تسلمها، قرأها وهو يأكل، فدخل السم في فمه، ثم مات.

شارك