الطيب تيزيني.. ونقد الفكر العربي والإسلامي

الأحد 19/مايو/2019 - 12:43 م
طباعة الطيب تيزيني.. ونقد حسام الحداد
 
رحل عن دنيانا المفكر الطيب تيزيني، مساء يوم الجمعة 17 مايو 2019 في مدينة حمص السورية، تلك المدينة التي ولد فيها عام 1934، وتلقى علومه في مدارسها، ثم غادر إلى تركيا بعد أن أنهى دراسته الأولية ومنها إلى بريطانيا ثم إلى ألمانيا لينهي دراسته للفلسـفة فيها ويحصل على شهادة الدكتوراه في الفلسفة عام 1967 أولاً، والدكتوراه في العلوم الفلسفية ثانياً عام 1973، عمل في التدريس في جامعة دمشق، وشغل وظيفة أستاذ في الفلسفة.
وجرى اختياره واحداً من مائة فيلسوف في العالم للقرن العشرين عام 1998، من قبل مؤسـسة Concordia الفلسفية الألمانية الفرنسية.
مشروعه الفكري:
يعتبر "مشروع رؤية جدية للفكر العربي في العصر الوسيط"  للطيب تيزيني من أهم مشاريعه الفكرية والنقدية حيث يعبر عن فلسفته القائمةً على إثبات فكرة واحدة احتلت الصدارة و النواة في اعماله، ألا و هي أن الفكر العربي - متضمناً للفكر العربي قبل الإسلام و الذي اصطلح على تسميته جهلاً و عدواناً بالعصر الجاهلي - هو مرحلة أساسية على سلم تطور الفكر العالمي. هذا التأكيد الذي جاهد البروفيسور الطيب في مناقشته و تحليله و إثباته اتي نتيجة الجور الواقع على هذه الحضارة سواءً من اعتبارها أولاً تابعة للدين الإسلامي؛ أي انتفاؤها عن الوجود إلا بوجوده و التي نفاها من خلال الفلسفة المادية الجدلية التي طورها كل من كارل ماركس و فريديريك إنجلز، و تتلخص فكرتها في مبدأ تطور العالم الطبيعي و انبثاق نوعيات جديدة من الوجود في مراحل مستحدثة من ذلك التطور، أو ثانياً كونها ناقلة فقط لما أبدعته الحضارة الإغريقية و هي الفكرة المسيطرة على الغرب و المسماة بالمركزية الوروبية و التي يعتبر مؤيدوها الحضارة صناعةً غربيةً بحتة مجتثين بعقليتهم تلك و ناكرين لأي فضلٍ أسهمت به الحضارات الشرقية أو اللاأوروبية و اعتبارهم صلة وصل فقط بتجريدهم من أية إبداعات حضارية أو إسهامات حقيقية في تطور الحضارة.
وعلى هذا فإن إسهامات الدكتور تيزيني تعمل على تحرير الفكر العربي المعاصر من السيطرة الغربية و التبعية العمياء له على اعتبار أنه ليس وحده من ساهم بإيصالنا نحن البشر إى هذا المستوى من الحضارة و أنهم - الغرب - على الرغم من الكثير الذي طوروه في الحضارة ما هم إلا مرحلة حضارية على السلم التطوري الطويل. كما ان كتاباته و أبحاثه التريخية و الفلسفية تعطي القدرة من جديد للعرب على استئناف التفكير العربي كجزء من تطور الفكر الإنساني. إضافةً إلى ذلك فإن فكر الدكتور الطيب ينحو بالفكر العربي نحو الاستقلالية عن الفكر الإسلامي دون إنكار أن الأخير قد لعب دوراً هاماً في تطور الحضارة شأنه في ذلك شأن أنواع الفكر الأخرى. و على هذا فإن فكر هذا الفيلسوف العظيم يضعنا أمام مسؤولية كبيرة و ضرورية؛ ألا و هي وجوب إعادة قراءة الفكر العربي على ضوء المعطيات و النتائج التي خلص لها البروفيسور و ذلك حتى نتمكن من استئناف فكرنا العربي و التوقف النهائي عن محاولة الانصهار في أنواع الفكر المختلفة من حولنا و التي تضفي إلى تشويه فكرنا بل و التبرأ منه في كثير من الأحيان كما فعل الكثير من المفكرين العرب و الكتاب و الشعراء الذين نبذوا الفكر العربي وراء ظهورهم. هذه المسؤولية لم يلقها الطيب تيزيني على من سيأتي بعده و يمشي مبتعداً معللاً فعله بأن رسالته قد انتهت بوضعنا على الطريق الصحيح فحسب، بل على العكس تماماً كان ذلك التجلي عن الفكر العربي هو أساس مشروعه الفلسفي.
ملخص عن مشروعه الفلسفي:
أولاً: محاكمة الفكر العربي:
و يقسم إلى ثلاثة محاور: المحور الاجتماعي و الاقتصادي و السياسي. و قد اعتمد الدكتور في تقسيمه هذا على أسس المنهجية الجدلية المادية كما ذكرنا آنفاً. كانت باكورة مشروعه هذا، رسالة الدكتوراه بعنوان: ((مقدمة في الفلسفة العربية في العصور الوسطى)) لتتبلور هذه الباكورة بعدها و تنمو إلى مشروع فلسفي يضم العديد من المجلدات بعنوان: ((مشروع رؤية جديدة للفكر العربي في العصور الوسطى)) و يعتبر هذا المشروع أول محاولة حقيقية لمحاكمة الفكر العربي موضوعياً بعيداً عن كلي المثالية الرومانسية في نقد هذا الفكر و الإجحاف التام لأهميته.
ثانياً: مشروع النهضة العربية:
بعد إنهائه لستة مجلدات في الرؤية الجديدة للفكر العربي و محاكمته تحول البروفيسور تيزيني إلى مشروعه الثاني، ألا و هو النهضة العربية و معوقاتها. هذا المشروع دفعه إلى تمييز ثلاث قضايا أساسية على أنها العقبات الرئيسية التي تحول دون تحقيق ما يعرف بالـ "العصرنة العربية". و هذه المعوقات تتلخص بـ:
1- الفكر البنيوي غير التاريخي: و الذي يفرض أحكاماً غير تاريخية على العقل و المنطق العربي. هذا النوع من التفكير يعمل على إجهاض أية محاولة للقيام بنهضة عربية على اعتبار أنه إذا افترضنا كون هذا الفكر العربي بطبيعته ناقصاً فإن ذلك سيدفعنا إلى الإيمان بعجزنا التام على إفراز التفكير الواقعي المبدع الضروري لإتمام هكذا نهضة.
2- إشكالية قراءة و فهم الفكر الديني بشكل عام و القرآن بشكل خاص. فالطيب يرى أنه من الممكن قراءة القرآن قراءة جدلية تاريخية، و بالتالي توضيحه على ضوء هذه القراءة لصياغة المبادئ الضرورية للنهضة العربية. بهذه الطريقة و تبعاً لرؤية التيزيني، يصبح من الممكن إيجاد أرضية مشتركة بين فكرة النهضة المبنية على المنطق و تلك المبنية على التراث العربي و الإسلامي.
3- يعالج الطيب تيزيني في القسم الثالث من مشروعه مشاكل الحياة العربية الحقيقية التي تنتمي للفكر الفلسفي. و تقسم هذه المشاكل في رأيه إلى قسمين هما أشبه بوجهين لعملةٍ معدنيةٍ تجثم على صدورنا منذ أزمانٍ سحيقة: القسم الأول متلخصاً في فساد الواقع العربي المعاصر سياسياً و اجتماعياً و حتى فكرياً (و هو الأهم و أول ما يجب البدء به في رأيي كونه منبع الشرور أو باندورا واقعنا المتخلف)، و القسم الثاني متلخصاً في التحدياتالحضارية المفروضة على العالم العربي من قبل الحضارة الغربية المعاصرة.
من الإستشراق الغربي الى الإستغراب المغربي 
واستكمالا لمشروعه الفكري في نقد العقل العربي يقدم لنا طيب تزيني كتاب آخر يناقش من خلاله قضية شغلت المفكرين العرب كثيرا حيث يحمل الكتاب عنوان "من الإستشراق الغربي الى الإستغراب المغربي"، ويقدم لنا تزيني في هذا الكتاب بحثًا ودراسة في منهج وقراءة المفكر المشهور محمد عابد الجابري للفكر العربي وآفاقهما التاريخية. وخلال استعراض هذا المنهج يناقش تيزيني العديد من الموضوعات والأفكار التي أثارها محمد عابد الجابري ويناقشها بشكل موضوعي وعلمي يوضح الخطأ فيها، مثل مسألة الاستقلال التاريخي التام، ورأي الجابري تجاه العقلية- البنية العربية الأزلية، ومسألة الصراع على التراث، وكذلك يناقش المؤلف فكرة الشرق شرق والغرب غرب ولا يلتقيان، والمسألة الاجتماعية والنهوض العربي في الأفق الجابري، وغير ذلك من الموضوعات المنهجية الخاصة بفكر محمد عابد الجابري يطرحها هذا الكتاب للنقاش.
في مسوغات ما نحن بصدد البحث فيه ليس من الصعوبة ان يتبين الباحث المدقق وجود حالة من التأزم العميق والشامل في المجتمع العربي الراهن واذا كانت تلك الحالة تنطوي على احتمالات مفتوحة من التراكم المتسارع او الانفجار او الترويض لمرحلة مديدة او قصيرة فان منشاها الارهاصي ربنا يرتد الي بداية السبعينات من هذا القرن فمع هذه البداية التقريبية أخذت مجموعة من الظاهرات تبرز في المجتمع المذكور معلنة عما قد يكون مرحلة جديدة في التاريخ العربي اما اهم تلك الظاهرات فلعله يتمثل بالتالية منها: الذيول المريرة لهزيمة الـ 67 التي جسدت انكساراً لكثير من المشاريع السياسية الوطنية والقومية العربية نشوء الحقبة النفطية التي جعلت من النفط العربي قوة إذلال للعرب وتبعية جديدة لقوى الرأسمالي الإمبريالي بروز لهاث استهلاكي بعيد عن امكانات المجتمع العربي وحاجاته الموضوعية والذاتية هبوط متسارع للعملات العربية مع تضخم اقتصادي متسارع احكام قبضة الدكتاتوريات واستفحال الاستبداد السياسي بصيغة تفصح عن نفسها اكثر فاكثر تعاظم اتجاه تحلل الفئات الوسطى كقوة سياسية وثقافية وتشظيها نحو الادنى تبلور ازمة في النظم السياسية الحاكمة وفي التنظيمات السياسية الاهلية بروز ارهاصات اولى لاستقطاب اجتماعي وطبقي ينشر الفقر والبؤس والفلاكة في اوساط الفقراء والمفقرين الجدد ويعمل على نشر الدعارة والرشوة والمخدرات والتهريب في المجتمع برمته مع اهمال شنيع لمكافحة التلوث البيئي وتعميم للتلوث الاخلاقي والسياسي والثقافي.
التصوف العربي الإسلامي 
ويأتي كتاب "التصوف العربي الإسلامي .. فرادة في الحضور الوجودي والاستحقاق القيمي"، للدكتور طيب تيزيني حيث يناقش التصوّف من حيث هو- في أحد تعريفاته الأولية - نمط من المجاهدة والرؤية النفسية، التي قد يرافقها سلوك عملي جسدي، في حين يُراد منها أن تستجيب لحاجات ‹‹التصوّف›› الروحية والنفسيّة والمجتمعية العامة. وهو بوصفه نتاجاً ذهنياً، نُظر إليه على أنه مادة متممة للفلسفة العربية. لذلك سنعود إلى الوراء قليلاً،  لتبيُّن ذلك في أوّلياته. فالفلسفة العربية لم تنشأ - كما يقول مستشرقون - مستقلة استقلالاً أًوّلياً، بل هي ظهرت بوصفها حيثية يونانية. وهنا تبرز فضيلة العودة إلى الماضي المتمثلة في وضع يدينا على خصوصية الفلسفة العربية. وقد تبين لنا أن هذه الخصوصية ظهرت من موقع أنها نشأت على نحو مغاير لنشأة الفلسفة اليونانية، حيث إن نشأة هذه الأخيرة كانت في صلب الدين، بينما اليونانية قد اقتضت مواجهة الدين والأسطورة. فخصوصية الفلسفة اليونانية كمنت في أنها قامت برفض الدين والأسطورة؛ أما خصوصية الفلسفة العربية فقد كمنت في أنها قد نتَجتْ داخل الدين، ثمّ عملت على تجاوزه.
يطرح الدكتور تيزيني  في مقدمته السؤال التأسيسي التالي : كيف نشأ التصوف في قلب الفكر العربي ؟ وسؤال اخر : ماهي الشروط التاريخية والاجتماعية والسياسية الثقافية , التي حفزت على نشأة هذا التصوف , وكذلك الفلسفة , او الفقه , او العلم , او الفن , بوصف كون هذه الانساق انماطا من الوعي العربي .
ويرفض تيزيني البحث عن التصوف خارج تاريخيته , وخارج خصوصيته التكوينية البنيوية . ويقول ان المحيط التاريخي الذي انطلق منه الاسلام في مقدمات القرن السابع الميلادي , لم يكن صفرا او خواء لا تاريخيا  , بل مضمخا ومفعما بالثقافات المحلية القريبة والخارجية البعيدة , مما يضعنا امام  المعطى الهام التالي على الصعيد المنهجي : ان مقاربة الموضوع عبر معطيات التحليل النقدي السوسيولوجيوالتاريخي يمكن ان تضع يدنا على تلك الثقافات ضمن سياق اكتشافها في نسيج الاسلام نفسه , اي في مكوناته السوسيو ثقافية والنفسية والاعتقادية .
ويؤكد تيزيني بان يعبر التصوف العربي الاسلامي عن نفسه بما جاء عليه بصيغة اصطلاحية محددة لهويته , اي بكونه تصوفا عربيا اسلاميا .وانه سيكون من قبيل القصور المعرفي والمنهجي وضع حاجز حاجب بين التصوف وبين انطلاقه في فضاء فضاء الفكر العربي الاسلامي الفسيح . هاهنا ويصبح التصوف شأنا من شؤون المجتمع , قبل ان يكون شأنا من شؤون الاسلام الاعتقادي والمذهبي المحدود .
ويمكن القول بان التصوف العربي الاسلامي لم ينشأ ليسوغ ما قدمه رجال الفقهاء والمشرعين والمحدثين, وانما نشأ ليملأ فضاء لم يكن لهؤلاء ان يملئوه في الحضارة العربية الاسلامية , ذلك هو الفضاء الروحي الانساني المفعم بالشوق الى العدل والحرية والمساواة والتسامح والاخوة بين البشر , وذلك عبر جدلية الانساني إلهيا , والالهي انسانيا .وفي هذا اشترك شعوب كثيرة ضمن ذلك الفضاء , مما عزز البحث المشترك عن تلك القيم , وعمق النزوع الانساني ضمنها . وقد اسهم ذلك كله في انتاج تراث اممي يمثل – حتى الان – رصيدا غنيا في تاريخ الشعوب الثقافي . ان ذلك يوصل كما يرى المؤلف الى حقيقتين اثنتين , تتحدد الاولى في ان التصوف الاسلامي العربي وان شددنا على انتمائه الاسلامي العربي والعربي الاسلامي , فانه يظل كذلك حصيلة التصوفات الاسلامية ضمن الشعوب الاخرى , وإذ ذاك , يصح التحدث خصوصا عن التأثير الفارسي . لكن ذلك لا يخرج عن كونه فارسيا , مثله في ذلك مثل تأثيرات اخرى كالهندي والمسيحي , وهذه هي الحقيقة الثانية .ويرى تيزيني ان ضبط ما ذكره يمكن ان يفصح عن نفسه بصيغة الاطروحة التالية : تتحدد مشروعية مصطلح " التصوف الاسلامي العربي " في ضوء الاخذ بعين الاعتبار ان هذا الأخير ( التصوف ) أتى بفعل وعبر الأنساق الدينية والثقافية والقومية والاثنية والقيمية وغيرها , التي تراكمت واندمجت فيما بين نسجها تحت خط ناظم لها تحدد أساسا في اطار المحور الجيوسياسي والثقافي الاسلامي العربي عموما .
وفي التصوف لغة – اصطلاحا ورمزا وتأويلا , يرى البعض في اللغة ان التصوف كلفظ تعبيرا عن " الرداء " الصوف ودلالته : الزهد .
ويرى الدكتور تيزيني ان الحركة الصوفية الاسلامية أتت – في المجال العربي السوسيو ثقافي – بمثابة دعوة الى الحرية في تلقف النص المقدس والى الحرية في فهمه وتصيره فعلا تنويريا مضادا للظلامية , التي كانت آخذة مداها في القرنين الرابع والخامس للهجرة . اما المنهجية التي قادت الى ذلك , فقد انطلقت من النص الديني ذاته , مما منحها قدرة على الانتشار في العمق كما في السطح , في اوساط المهمشين المذلين المفقرين الباحثين عن الحرية والكرامة . وسيبقى التأويل الصوفي مهمازا لأنسنة العالم . وتتكشف عبرها الاسئلة الموجهة الى ثلاث مرجعيات ترى انها هي وحدها تملك حق تأويل النص الديني وغيره من النصوص , نعني السلطة الفقهية , والاخرى السياسية الايديولوجية , والثالثة الاستشراقية في عصرنا . اما اخص خصيصة للتأويل الصوفي فتكمن في انه اسهم – بعمق – في انتاج نصوص على نص , فاتحا بذلك ابوابا لاتغلق امام ما يراد له ان يكون مهيمننا في عالم الفكر والثقافة .
النص القرآني أمام اشكالية البنية والقراءة 
ويأتي كتابه "النص القرآني أمام اشكالية البنية والقراءة" حيث شكلت قراءة النص القرآني محور الدراسات الحداثية العربية، باعتباره العنصر الأساس في تشكيل العقل العربي، وباعتباره المرجع المحوري لكل القراءات الإيديولوجية في زمن استقالة العقل العربي لحساب السلطة. وإذا كان القدماء قد عالجوا النص القرآني باعتباره مصدرا للاستثمار التشريعي والتوظيف العلمي داخل الزمن البشري، فإن القراءات الحداثية قد سعت إلى تأسيس نوع من القطيعة المعرفية والمنهجية مع الكتابات القديمة تحت دعاوى التجديد والأنسنة والعقلنة.... مما وسم هذه القراءات بطابع التجرؤ على قداسة النص الديني وإخضاعه لسلطة المنهجية العقلانية بحثا عن تجاوزه معرفيا ونقله من مستوى التعالي والمفارقة إلى الاعتراف باتصاليته وخضوعه لمؤثرات الزمن الطبيعي.
حيث انطلقت جلها من محاولة إنقاذ النص القرآني من سلطة المرجعيات المختلفة وجعله متاحا للتناول الإنساني كأي نص أدبي أو فكري عادي بعيدا عن مفاهيم الإطلاق والتعالي والانفصال والقدسية। والواقع أننا لو رمنا التدقيق في التصنيف القرائي للنص لجعلنا كل محاولة حداثية هي صنف قائم بنفسه وباب منعزل عن البقية لكثرة المناهج وتعدد المحاولات التطبيقية. لكننا نعتقد باقتضاب أن أهم هذه القراءات التي تتداول كثيرا في النقاشات المتعلقة بالنص هي ثلاث قراءات: تأويلية وأدبية وإيديولوجية، وأضيف لها صنف رابع للجابري في كتابه "مدخل لدراسة القرآن" ـ هو القراءة المعرفية.
رحل المفكر السوري وقد ترك عشرات المؤلفات القيمة التي أغنت المكتبة العربية، إضافة إلى الدراسات والمقالات التي نُشرت في مختلف الدوريات العربية، وبرحيله تكون سورية قد خسرت أهم مفكريها ومثقفيها. 

أهم مؤلفاته :
- مشروع رؤية جديدة للفكر العربي في العصر الوسيط ، دار دمشق - دمشق 1971، خمس طبعات.
 - حول مشكلات الثورة والثقافة في العالم الثالث، الوطن العربي نموذجاً، دار دمشق، دمشق 1971، ثلاث طبعات.
 - من التراث إلى الثورة - حول نظرية مقترحة في التراث العربي، دار ابن خلدون، بيروت، 1976، ثلاث طبعات.
- روجيه غارودي بعد الصمت، دار ابن خلدون،بيروت، 1973.
- فيما بين الفلسفة والتراث، المؤلف نفسه، 1980.
- تاريخ الفلسفة القديمة والوسيطة، بالاشتراك مع غسان فينانس، جامعة دمشق، 1981.
- التفكير الإجتماعي و السياسي : أبحاث في الفكر العربي الحديث و المعاصر، جامعة دمشق، 1981.
- مشروع رؤية جديدة للفكر العربي منذ بداياته حتى المرحلة المعاصرة من 12 جزءا، دار دمشق، 1982.
- الفكر العربي في بواكيره وآفاقه الأولى، مشروع رؤية جديدة للفكر ، الجزء الثاني – دار دمشق، دمشق 1982.
- من يهوه إلى الله ( في مجلدين)، مشروع رؤية جديدة للفكر العربي، الجزء الثالث، دار دمشق، دمشق 1985.
- دراسات في الفكر الفلسفي في الشرق القديم، جامعة دمشق، 1988.
- ابن رشد وفلسفته مع نصوص المناظرة بين محمد عبده و فرح انطون / تأليف فرح أنطون ؛ تقديم طيب تيزيني، دار الفارابي، بيروت، 1988.
- في السجال الفكري الراهن : حول بعض قضايا التراث العربي، منهجا و تطبيق ، دار الفكر الجديد، بيروت، 1989.
- على طريق الوضوح المنهجي – كتابات في الفلسفة والفكر العربي، دار الفارابي، بيروت، 1989.
- فصول في الفكر السياسي العربي ، دار الفارابي، بيروت، 1989، طبعتين.
- مقدمات أولية في الإسلام المحمدي الباكر نشأةً وتأسيساً، مشروع رؤية جديدة للفكر العربي، الجزء الرابع، دار دمشق، دمشق 1994.
- من الاستشراق الغربي إلى الاستغراب المغربي – بحث في القراءة الجابرية للفكر العربي وفي آفاقها التاريخية، دار الذاكرة، حمص 1996.
- النص القرآني أمام إشكالية البنية والقراءة، مشروع رؤية جديدة للفكر العربي، الجزء الخامس – دار الينابيع، دمشق 1997.
- من ثلاثية الفساد إلى قضايا المجتمع المدني، دار جفرا، دمشق، 2001.
- من اللاهوت إلى الفلسـفة العربية الوسيطة، منشورات وزارة الثقافة، سوريا، 2005.
- بيان في النهضة والتنوير العربي، دار الفارابي، 2005.

شارك