ساحة حرب.. مستقبل العراق على المحك بعد مقتل «سليماني»

الأحد 05/يناير/2020 - 08:32 م
طباعة ساحة حرب.. مستقبل شيماء حفظي
 
عاد العراق مرة أخرى ليكون ساحة نزاعات؛ بعدما نفذت الولايات المتحدة الأمريكية ضربةً قتلت قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني، في بغداد، في وقت تسعى فيه الدولة الهشة إلى محاولة إصلاح ما خلفه الغزو الأمريكي وتنظيم داعش على التوالي خلال سنوات.
يعاني العراق من انقسامات طائفية، تمتد من قاع المجتمع، وتصل إلى رأس السلطة، فيما نجحت إيران في اختراق العراق على المستويين، وهو ما يُعد بعدًا خطيرًا يهدد أمن بغداد فيما يمكن تسميته بفترة «ما بعد قتل سليماني».
وقتل سليماني، فجر الجمعة 3 يناير 2020، في غارة نفذتها طائرة أمريكية من دون طيار استهدفت السيارة التي كانت تقله بالقرب من مطار بغداد الدولي، بعد وصوله إلى العاصمة العراقية.

رد إيراني على أراضي العراق
في أول رد فعل على الأرض من جانب الجماعات الموالية لإيران، حذرت ميليشيا «كتائب حزب الله» في العراق، قوات الأمن من الاقتراب من القواعد الأمريكية ابتداءً من يوم الأحد 5 يناير 2019، في تهديد مبطن باستهداف هذه القواعد.
وقالت الكتائب في بيان «على الأجهزة الأمنية الابتعاد عن القواعد مسافة 1000 متر، ابتداءً من مساء الأحد.. على قادة الأجهزة الأمنية الالتزام بقواعد السلامة لعناصرهم، وعدم السماح بجعلهم دروعًا بشرية».
جاء ذلك التهديد بالتزامن مع سقوط صاروخين في محيط السفارة الأمريكية في المنطقة الخضراء في العراق.

موقف العراق من العملية
اختلف مستوى رد الفعل العراقي على العملية، باختلاف الطرف وعلاقته بإيران؛ حيث وصفها الجانب الشيعي المدعوم من إيران بأنها اعتداء غاشم، فيما اكتفى الرئيس الكردي الأصل، برهم صالح، بالمطالبة بضبط النفس، ودعا حزب الدعوة الإسلامية الشيعي لإعادة تقييم العلاقة مع الولايات المتحدة الأمريكية.
وعلى المستوى التنفيذي فتحت السلطات العراقية تحقيقًا مع موظف استخبارات بمطار بغداد وطاقم الطائرة التي أقلت قائد فيلق القدس بالحرس الثوري الإيراني، الجنرال قاسم سليماني، إلى العاصمة العراقية، كما اعتقلت شخصين سوري وعراقي.
وفيما احتفل العراقيون بمقتل سليماني، تحاول قوات الحشد الشعبي، والموالين لها إظهار اعتراضات على عملية القتل، والمطالبة بوقف التدخل الأمريكي في العراق، ومواجهة بقاء القوات والمواطنين الأمريكيين بأراضيها.
وهو موقف أيضًا عبر عنه المتحدث باسم القائد العام للقوات المسلحة العراقية، اللواء عبد الكريم خلف، السبت 4 يناير 2020، قائلا: إن العراق أصدر قرارًا بتقييد عمل القوات الأمريكية بالبلاد.
ووصف خلف، الغارة الأمريكية الأخيرة التي قتل خلالها سليماني، بأنها «طعنة في الظهر»، مُشددًا على أن العمليات الأمريكية في البلاد «يجب أن تتم بموافقة العراق».

ساحة حرب
تعتبر هذه العملية أول اشتباك مباشر بين أمريكا وإيران بعد شهور من مواجهات غير مباشرة وحرب كلامية صاحبتها تأكيدات من الطرفين على أن لا أحد يسعى لحرب مباشرة.
ويقول المحلل السياسي واثق الهاشمي: إن الهجوم الأمريكي يعني أن العراق تحول فعليا إلى «ساحة معلنة ومكشوفة للحرب بين طهران وواشنطن».
وأضاف أنه على مستوى الأزمة الحكومية «سيصعب الهجوم بشكل أكبر إمكانية التوصل إلى توافق حول شكل الحكومة الجديدة ومن يترأسها».
وأوضح الخبير العراقي في مقابلة مع DW عربية، «من كان مَرِنا قبل التصعيد الأخير سيصبح متزمتا الآن أكثر»، والمقصود بذلك السياسيين العراقيين المحسوبين على كل من إيران والولايات المتحدة.
ويشير المحللون إلى أن إيران ستجني الآن ثمار تعميق أذرعها في العراق، واستخدام العراق كورقة ضغط أمام أمريكا، أو على الأقل ستجعلها منطقة محتملة للرد على العملية التي استهدفت أبرز قيادات طهران.
وبحسب وثائق نشرتها صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية 2019، تمكنت إيران من زيادة تغلغلها في الجنوب العراقي، لبسط نفوذها الشعبي والأمني، حتى تمكنت من تجنيد ضباط مخابرات.
ويقول هوشيار زيباري وزير خارجية العراق سابقا: إن أهداف أمريكا وإيران تلتقي في مناطق ما، مثل إسقاط نظام صدام حسين في العراق فساعدوا واشنطن في ذلك واستفادوا من ذلك الوضع، وأسسوا لنفوذ وتوسع، معتمدة على أن أغلب القيادات العراقية عاشوا قبل ذلك في إيران.
ويشير الوزير السابق، إلى أن الأزمة التي تواجه العراق هو عدم سيادة بلاده كدولة مستقلة في ظل التدخل والتواجد الإيراني الكبير لديها.
هذا التوغل، ظهر تأثيره في موقف البرلمان العراقي الذي يمثل غالبيته موالون لإيران، والذي دعا لجلسة نقاش عاجلة لاتخاذ إجراءات حول العملية الأمريكية، فيما ظهرت حركات وفصائل تتولى الدفاع عما أسموه سيادة العراق ضد واشنطن.

مستقبل العراق على المحك
يُعاني العراق منذ فترة طويلة من تراجع في مستوى الخدمات، وسوء الأوضاع الاقتصادية خلقت حراكا شعبيا ومظاهرات ممتدة منذ أشهر؛ إضافة إلى اعتماد كبير على إيران في إمدادات الكهرباء والغذاء، وهو ما يجعل الموقف يزداد سوءًا على كل الأصعدة.

شارك