بسبب «سليماني».. دوافع التصعيد والتهديد بين بريطانيا وإيران

الثلاثاء 07/يناير/2020 - 09:13 م
طباعة بسبب «سليماني».. نورا بنداري
 
بعد مقتل قائد فليق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني الجمعة 3 يناير 2020؛ إثر استهداف أمريكي، فإن مسؤولي نظام الملالي بدأوا  إطلاق التعويل والتهديد لاستهداف واشنطن، وحذروا كل من يؤيد الضربة الأمريكية، وكان آخرهم بريطانيا؛ حيث طالب قائد في فيلق القدس القوات البريطانية في المنطقة بالانسحاب  لكي تتجنب الإصابة بأضرار في حال الهجوم الإيراني على القوات الأمريكية، وأتي هذا التحذير بعدما أعلنت بريطانيا تأييدها للعملية الأمريكية التي أدت لمقتل الرجل الثاني في إيران.

تهديد إيراني
وأضاف مسؤول إيراني (لم يذكر اسمه) في تصريحات لصحيفة «ذا نيويوريك تايمز» الأمريكية الاثنين 6 يناير 2020، أن إيران ستستهدف القوات الأمريكية في الشرق الأوسط دون أن تقلق من أن حلفاء الولايات المتحدة سوف يقتلون، وحث بريطانيا، باعتبارها الحلیف الرئيسي للولايات المتحدة.

استعداد بريطاني
وبعد التهديدات الإيرانية، فإن مصدرًا عسكريًّا بريطانيًّا، أفاد في تصريحات لصحيفة «ذا صن» البريطانية أن بريطانيا مستعدة لضرب إيران في حال قامت حرب بين إيران والولايات المتحدة، مشيرًا إلى أن لندن ستكون أول من يهاجم عندما يتصاعد الصراع بين الطرفين لدعم حليفها الأمريكي؛ وذكر  أنه في هذه الحالة ستنشر  بريطانيا أسطول الغواصات- الذرية المسلحة بصواريخ «توماهوك»، إذا أن واحدة من هذه الغواصات جاهزة على مسافة كافية لمهاجمة إيران.
ليس ذلك فقط بل أن بريطانيا أعلنت استعدادها لتزويد قواتها المتواجدة بالعراق والبالغ عددها نحو 400 جندي، بالأسلحة الثقلية في حال تصاعد التهديد بين الجانبين الأمريكي والإيراني، ويرجع ذلك إلى أن بريطانيا لديها تخوف من احتمالية قيام إيران بهجوم مباشر على السفن الأمريكية والبريطانية في الخليج ومضيق هرمز، إذا إن هناك الآن سفينتين حربيتين بريطانيتين في الخليج لتأمين الشحن التجاري.
بيد أنه بعد إعلان البرلمان العراقي الأحد 5 يناير 2020 إعداده مشروع قانون لإنهاء الوجود الأمريكي في العراق؛ طالب وزير الخارجية البريطاني «دومينك راب» الحكومة العراقية بعدم تنفيذ ذلك، لرؤيته أن انسحاب قوات واشنطن من العراق سيؤدي إلى تواجد داعش بدلًا منها. وطالبهم بالبقاء لتدريب القوات العراقية ومساعدتهم على قتال داعش في مواقع التحالف الدولي.
يذكر أن بريطانيا كانت من الدول المؤيدة لمقتل «سليماني» حيث أشار رئيس الوزراء البريطاني «بوريس جونسون»، أن «سليماني» كان يشكل خطرًا على كل مصالح بريطانيا، وأنه اضطلع بدور بارز في أعمال أدت إلى مقتل آلاف المدنيين الأبرياء وأشخاص في الغرب، وأعلن «جونسون» أن بريطانيا اتخذت إجراءات لتعزيز أمن البريطانيين ومصالح بريطانيا في الشرق الأوسط، كما أعلنت وزارة الخارجية البريطانية، 6 يناير 2020، تخفيض بعثتها الدبلوماسية في سفارتيها بإيران والعراق للحد الأدنى بعد مقتل «سليماني».

تعويل إيراني
وأوضح «أسامة الهتيمي» الكاتب الصحفي المتخصص في الشان الإيراني؛ أن إيران حرصت على توظيف عملية قتل «سليماني» والاستفادة منها بقدر إمكانياتها وقدراتها ومن ثم فإنها اعتمدت لتحقيق ذلك على إصدار العديد من التصريحات على ألسنة مسئوليها وهي التصريحات التي يمكن أن نصفها بأنها «ذات سقف مرتفع»، التي لا يمكن على الإطلاق التعويل عليها للتكهن بمسار الأحداث فالجميع يدرك أنها لا تعدو عن كونها تعبيرًا عن مشاعر غضب تتسق مع جلل الحدث.
وأشار «الهتيمي»، الى أن ما قاله أحد قادة الحرس الثوري بشأن القوات البريطانية باعتباره أداة ضغط على أمريكا كون أن تحالفًا قويًّا يربط بين واشنطن ولندن فكلتاهما داعمة لسياسة الأخرى فيما أنه ربما يكون ردًّا ضمنيًّا أيضًا على موقف رئيس وزراء بريطانيا على عملية الاغتيال والذي بدا أنه داعم للعملية الأمريكية وهو الموقف الذي بطبيعة الحال يثير حفيظة إيران تجاه بريطانيا خاصة وأنه لم تمر إلا شهور قليلة على أزمة احتجاز السفن بين البلدين وهي الأزمة التي أجبرت خلالها إيران الجانب البريطاني على الاستجابة لمطالب طهران ومن ثم فإن تكرار ممارسة الضغط يمكن وفق التصور الإيراني أن يضطر بريطانيا أيضًا إلى سحب قواتها من العراق ومنطقة الخليج وهو ما سيضعف بلا شك التحالف الأمريكي.

منهج السياسة الضاغطة
وعلى صعيد متصل أوضح «اياد المجالي» الباحث المتخصص بالعلاقات الدولية، أن عملية مقتل «سليماني» تشكل جولة جديدة من جولات الصراع الأمريكي الإيراني، ولفت «المجالي» في تصريح له، إلى أن التصعيد البريطاني بهذا الجانب لمواجهة أي رد فعل إيراني على عملية الاغتيال، يأتي لأنه لن يكون هناك أي رد فعل حاليًا خاصة أن إيران تستخدم استراتيجية حافة الهاوية في معالجة كافة محاولات التصعيد والتوتر الأمريكي، وتفضي هذه الاستراتيجية على الدوام إلى سعي إيران للحصول على مكاسب سياسية أكبر من خسائرها، لذلك فإن فكرة التغير في خارطة الصراع غير قائمة في المرحلة الحالية.

شارك