عين لا ترى وأسد لا يزأر.. مسرحية رديئة كتبتها أمريكا ومثلتها إيران انتقامًا لسليماني

الخميس 09/يناير/2020 - 07:29 م
طباعة عين لا ترى وأسد لا نورا بنداري
 
بعد مقتل قائد فليق القدس الإيراني، «قاسم سليماني»، في 3 يناير 2020، في غارة أمريكية، توالى مسؤولو نظام الملالي في إطلاق التهديدات، بأنهم سيردون بقسوة على واشنطن؛ للثأر لـ«سليماني»، وبات العالم بأكمله منتظرًا للرد الإيراني، الذي سيغلل المنطقة وفقًا لمزاعم نظام الملالي، إلا أن الضربة الإيرانية التي أطلقت في 7 يناير 2020، على قاعدتي «عين الأسد وأربيل»، اللتين تستخدمهما القوات الأميركية في العراق، تبرز أن إيران تقول كثيرًا، ولا تفعل إلا قليلًا، إذا أن هذه الضربة لم يسفر عنها وفقًا لوسائل الإعلام الدولية والعربية، مقتل أي جندي أمريكي، بل أغلب الضحايا كانوا عراقيين، وأيضًا أوكرانيين.

طرق التنسيق
واشنطن كانت على علم مسبق بالضربة الإيرانية على قواعدها بالعراق؛ لذلك أبعدت جنودها عن مسرح الأحداث، وفقًا لما نشرته شبكة «سي إن إن» الأمريكية، إضافةً إلى أنه في 6 يناير 2020 ، أعادت واشنطن  تمركز قواتها في الخليج العربي وبحر عمان، باتجاه قاعدة «دييجو جارسيا» في المحيط الهندي؛ لإبعاد القوات الأمريكية عن مرمى الصواريخ الإيرانية، وفي هذا الوقت تكون إيران ردت، وأمريكا لم يصبها أي ضرر.

ردود إيرانية
بدوره، أعلن وزير الخارجية الإيراني «محمد جواد ظريف»،  عقب الضربة، بأن إيران ردت، ولا تريد التصعيد أكثر من ذلك، على الناحية الأخرى، أعلن قادة الحرس الثوري الإيراني، بأن إيران ستواصل ردها إذا وجهت أمريكا أي ضربات أخرى لإيران، وأضاف  المرشد «خامنئي»، بأن الرد العسكري الذي تم، كان مجرد صفعة، وهو ليس بحجم الجريمة، والرد الأساسي، هو خروجهم من المنطقة، وفقًا للتليفزيون الإيراني الرسمي.

تداعيات الضربة الخفيفة
كيف ستنتهي هذه المسرحية بالتفاوض أم بالتصعيد؟ سؤال يطرح نفسه، خاصة وأن تصريحات مسؤولي الملالي، تُبرز رأيين حتى هذه اللحظة، الأول متمثل في وزارة الخارجية، وهذا الرأي يدعو للتهدئة وعدم التصعيد؛ من أجل الحفاظ على هامش من مناورة سياسية لإيران أمام المجتمع الدولي، في والرأي الثاني صوت داع للحرب، مهما كانت تكاليفها ونتائجها، وهذا متمثل في الحرس الثوري الإيراني.
لذلك، أوضح «إياد المجالي»، الباحث المتخصص في العلاقات الدولية، أن الهجوم الصاروخي الإيراني الذي استهدف قاعدة عين الأسد الأمريكية في العراق، يمثل عملًا عسكريًّا، ذا دلالات إستراتيجية؛ حيث حدد صانع القرار الإيراني رمزية وقيمة الهدف، إذا  أظهرت هذه الهجمات  قراءة غير دقيقة للمشهد وعدم توازن بين الضربة الأمريكية الموجعة، التي أسفرت عن اغتيال «سليماني»، والهجوم الانتقامي الإيراني الباهت، الذي كان غير مقنع للمجتمع الإيراني وحلفائها الإقليميين، 
ولفت «المجالي»، في تصريح له، أن التصعيد الإيراني غير وارد حاليًّا؛ لأنه يحتاج إلى جملة من الإجراءات، أبرزها أن تقوم إيران بتحديد هدف ذي مواصفات محددة وذي قيمة رمزية، بحيث يحقق خسائر موجعة، وما ستفعله إيران أنها ستسعى للحصول على مكاسب سياسية أكبر من خسائرها؛ لتخفيف حدة العقوبات الاقتصادية الأمريكية، كما ستقوم بتوظيف هذه العملية؛ لتحشيد الداخل الإيراني لصالحه، بحيث يظهر للداخل أن إيران مستهدفة من قوة خارجية، هي الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل.

ثلاث سيناريوهات
ومن جهته، أشار «أسامة الهتيمي»، الكاتب الصحفي، المتخصص في الشان الإيراني، أن طبيعة الرد الإيراني على اغتيال «سليماني»، تعكس وبوضوح شديد، رغبة إيرانية في تفادي وقوع حرب شاملة بين أمريكا وإيران؛ إذ كان لدى إيران خيارات للتصعيد، كون أن القواعد الأمريكية في المنطقة، ليست بمنأى عن الصواريخ الإيرانية، ومن ثم كان يمكن لإيران أن تشن هجمات بحجم التصريحات العنترية التي صدرت على ألسنة قادتها، بعد عملية الاغتيال، لكن يبدو أن صوت العقل كان الأعلى في تحديد طبيعة الرد، التي جاءت محاولة لحفظ ماء وجه إيران في الداخل والخارج، وغير متجاوزة للخطوط الحمراء التي كان يمكن أن تستفز أمريكا للتصعيد.
أشار «الهتيمي»، في تصريح له، أن السيناريو الأول، أن تتقبل أمريكا عملية الرد الإيراني، وتعتبرها محاولة لامتصاص غضب الإيرانيين، ومن ثم تمرير العملية الإيرانية، خاصةً أنه ليس هناك ما يثير استياء الشارع الأمريكي؛ إذ لم تنتج عن الهجمات الإيرانية أي خسائر بشرية، وعليه فالإدارة الأمريكية لن تقع تحت ضغط شعبي للمطالبة بالرد.
السيناريو الثاني، أن تعتبر أمريكا الهجوم على قواعدها، ورغم عدم وجود خسائر، استفزازًا جديدًا لها، يختبر قدراتها ويهدر ماء وجهها، وأن الصمت بإزائه ربما يدفع إيران لتكرار ذلك مجددا فيكون ردا أمريكا جديدًا.
أما السيناريو الثالث، وفقا لـ«الهتيمي»، أن لا تكتفي إيران بالهجمات التي شنتها على القاعدتيين العسكريتين في العراق، خاصة إذ ما عبرت القطاعات الجماهيرية الإيرانية والأذرع في الخارج، عن عدم رضاها بذلك، فتضطر إيران إلى التحرك مجددًا، وهو ربما الذي دفع المرشد الأعلى للثورة على خامنئي إلى القول: بأن الرد يمثل صفعة، لكنه غير كاف؛ ما يعني احتمال أن يكون هناك رد إيراني آخر، يمكن أن يصعد الموقف مرة أخرى.

شارك