الثقافة ورقة قطر للسيطرة على النخبة السودانية

الخميس 30/يناير/2020 - 03:26 م
طباعة الثقافة ورقة قطر علي رجب
 

الثقافة تعد أبرز ادوات النظام القطري للتغلغل والسيطرة على القرار السوداني عبر «ربط»  المثقفين والنخبة السودانية بالدوحة وصناعة هوية سودانية تتماشي مع مخططات تنظيم الحمدين وجماعة الإخوان، بمغريات عديدة ومنح متعددة، لتضمن سيطرة قطر على الشارع الثقافي السوداني، ومن ثم الشارع السلطة في السودان.

ويشكل الملحق الثقافي القطري في السودان والمؤسسات الثقافية والاجتماعية القطرية، أذرع الدوحة وتنظيم الحمدين من اجل السيطرة على وعي  النخبة والشارع الثقافي السوداني بما يخلق ظهير شعبي وثقافي لمخططات الدوحة في بلاد النيل، بدعم من نظام عمر البشير والذي كان على رأس نظام الإخوان الحاكم في السودان.

المكتبة الوطنية السودانية
فقد وقعت قطر مع نظام البشير في 2018مذكرات تفاهم لإنشاء مبنى المكتبة الوطنية السودانية.
وبانشاء قطر المطتبة الوطنية تكون وضعت يدها على التراث القومي والانتاج الفكري والوثائق التاريخية للسودان، وفي مقدمتها الوثائق المحفوظة في دار الوثائق القومية والذي تأسس في عام 1916م .

وفي 2 يناير الجاري  أصدر وزير الثقافة والإعلام السوداني فيصل محمد صالح، قرارا بتكشيل لجنة لدراسة وضع المكتبة الوطنية في السودان. ونص القرار على دراسة وضع المكتبة الوطنية في السودان، واقتراح سبل تطويرها، وإعداد مشروع لقانون المكتبة الوطنية، والهياكل الادارية المقترحة.

الدوري القطري
ولفت  الدكتور حسب الرسول أحمد الشيخ بدر وزير الدولة بوزارة الثقافة السودانية الأسبق، في تصريح لوكالة الأنباء القطرية ، أن السودان استفاد بصورة مباشرة من الخبرات والتجارب القطرية في إعلاء مجالات التنمية الثقافية، كما وفرت اتفاقية سلام الدوحة منصة دولية لنشر ثقافة السلام والتنمية الاجتماعية، مما مكن السودان من التواصل العالمي، مستفيدا من المنصات القطرية المعرفية الدولية التي فتحت مجالات متقدمة في هذا الخصوص، خاصة فيما يتعلق بالمحافظة على التراث وتشجيع الاكتشاف والابتكار وصقل الجانب الروحي الإنساني ليكون دافعا لتحقيق استدامة الاستقرار والتنمية، على حد قوله.
كذلك هناك العديد من مذكرات التفاهم بين الدوحة ونظام البشير، في المجال الثقافي فقد وقعت مؤسسة جاسم وحمد بن جاسم الخيرية في يونيو 2018، مذكرة تفاهم جمعتها بالمركز الثقافي السوداني بالدوحة والتي تتضمن بناء قاعة متعددة الأغراض لفائدة أبناء الجالية السودانية بتكلفة مليون ريال قطري.

مؤسسات قطرية
كذلك تنشط مؤسسة جاسم وحمد بن جاسم الخيرية في السودان وجمعية قطر الخيرية ومؤسسة الشيخ عيد الخيرية، وايضا عبر استضافة المؤسسات الثقافية القطرية للأدباء والمفكرين السودانيين.
وافتتحت قطر الخيرية، في اكتوبر 2018، مكتبة الجابر الوقفية بالجامع الكبير بالخرطوم بحري، بحضور رجل الأعمال القطري محمد سلطان الجابر وعدد من الشخصيات الرسمية السودانية والدبلوماسية القطرية والعربية.
وتبلغ مساحة المكتبة حوالي 1000 متر مربع، وتتكون من 4 طوابق، وتتضمّن قاعات للمطالعة ومكاتب إدارية إضافة لقاعات خاصة بالورش والندوات، وتم تزويدها حتى الآن بـ 5000 كتاب من أمهات الكتب. وتهدف المكتبة إلى المساعدة في توفير مصادر المعرفة والمعلومات للتشجيع على البحث العلمي والتعلم الذاتي، والتثقيف الذاتي، وتنمية مهارات أفراد المجتمع وتعويدهم على المطالعة وتحبيب القراءة لهم.

استضافة الادباء والمفكرين
وقد استضاف الملتقى القطري للمؤلفين، ادباء سودانيين  لمناقشة أعمالهم الاديبية،  كمناقشة رواية «بنفسج في حديقة البارود» للكاتبة الدكتورة زينب السعيد، كنموذج من الأدب السوداني المعاصر. 
وقالت الكاتبة مريم ياسين الحمادي مديرة الملتقى القطري للمؤلّفين، إن الملتقى ينظم أسبوعياً جلستين إحداهما نقدية والثانية للتعريف بكتاب جديد للمبدعين القطريين، كما يتم تنظيم ندوات شهرية تتم خلالها استضافة مبدعين ممن لديهم خبرات تفيد الكتّاب الشباب، وتسهم في إثراء الحراك الثقافي بالدولة، ومن هنا جاءت استضافة الكاتبة السودانية الدكتورة زينب السعيد كأحد الأصوات الروائية المتميزة، في إطار التعاون مع المركز الثقافي السوداني بالدوحة.

جائزة كتارا
كذلك تشكل  جائزة «كتارا للأدب الروائي»  وهي احدي الجوائز القطرية في مجال الادب، جسرا للاختراق القطري للسودان والسيطرة على مذاج الشارع الثقافي السوداني ومصادرة النخبة السودانية لصالح المشروع القطري الإخواني في المنطقة.
وقد الكاتب والروائي السوداني، عمر أحمد فضل الله، بجائزة «كتارا للأدب الروائي» للعام 2018، وذلك عن روايته «أنفاس صليحة".
كما فاز الروائي السوداني علي الرفاعي بجائزة كتارا في 2016 عن روايته «جينات عائلة ميرو» في فئة الروايات غير المنشورة .
وقال الروائي السوداني عمر فضل الله، إن جائزة كتارا خلقت مجتمعا أدبيا جديدا في العالم العربي، واستطاعت في غضون خمس سنوات أن تكون في طليعة الجوائز الأدبية في المنطقة.
ويوضح فضل الله -في حديث للجزيرة نت- أن كتارا أوجدت كيانا جديدا قابلا للحياة والاستمرار، وستكون له تأثيرات إيجابية كبيرة على مسار الرواية العربية في المستقبل، فضلا عن تمكين الروائي من لقاء خلاصة العقول العربية في مجال الرواية من نقاد وأدباء ومثقفين، وتبادل المعرفة والأفكار واكتساب مهارات جديدة.


اعادة هيكلة الثقافة
ويري كثيرون أن وزارة الثقافة والإعلام السودانية تعرضت الى التفكيك والتجريف في عهد نظام عمر البشير، وسلمت الشارع الثقافي السوداني لقطر وتنظيم الإخوان.
وقال وكيل أول وزارة الثقافة والإعلام السودانية رشيد سعيد يعقوب، لـ «الشرق الأوسط» إنهم يعملون على تفكيك المؤسسات التابعة لجهاز الأمن واعادة الثقافة إلى اداء دورها في الشارع السوداني.
وأضاف يعقوب أن وزارته تعمل على خطة ثقافية استراتيجية شاملة، تلبي متطلبات المرحلة الحالية وتعزز السلام، ويقول: «فشل الدولة السودانية يرجع إلى الفشل في إدارة التنوع الثقافي»، ويتابع: «ستتيح الخطة المجال واسعاً أمام الثقافات السودانية المتنوعة، لتعبر عن نفسها في كل أجهزة إعلام الدولة، بما يجعل الثقافة جسراً يعبر به السودانيون من الحروب والمجاعات إلى فضاءات السلام والتعايش السلمي والبناء الوطني».
وتعهد يعقوب أن تستوعب وزارته الشباب، لأنهم الوقود الذي أسهم في انتصار الثورة، ويقول: «سنعمل على استيعاب 250 من الشباب ضمن الميزانية الجديدة للوزارة، ونفتح الباب لتمويل المبادرات الشبابية في الفنون والسينما والمسرح والموسيقى».


شارك