أردوغان .. ومحاولة اثارة البلبلة وشق الصف الجزائري

الأحد 02/فبراير/2020 - 12:05 م
طباعة أردوغان .. ومحاولة حسام الحداد
 
يصر أردوغان في كل خطاباته ومقابلاته على استخدام تصريحات إعلامية لإثارة البلبلة وشق الصفوف بحثا عن كسب دعم داخلي يفتقر إليه بسبب سياساته الفاشلة حتى يبرر تدخله في شؤون الدول، وبعد مغادرته الجزائر فوجئ الشعب الجزائري بتصريح أردوغان " نسب فيه إلى رئيس البلاد عبدالمجيد تبون، حديثا أخرج عن سياقه حول قضية تتعلق بتاريخ الجزائر".
وقالت الخارجية الجزائرية في بيان لها أمس السبت " فوجئت الجزائر بتصريح أدلى به رئيس جمهورية تركيا، السيد رجب طيب أردوغان، نسب فيه إلى السيد رئيس الجمهورية حديثا أخرج عن سياقه حول قضية تتعلق بتاريخ الجزائر".
وأضاف البيان "بداعي التوضيح، تشدد الجزائر على أن المسائل المعقدة المتعلقة بالذاكرة الوطنية التي لها قدسية خاصة عند الشعب الجزائري، هي مسائل جد حساسة، لا تساهم مثل هذه التصريحات في الجهود التي تبذلها الجزائر وفرنسا لحلها".
وكان أردوغان، كشف لوسائل إعلام تركية أن نظيره الجزائري أكد له أن فرنسا قتلت أكثر من 5 ملايين جزائري خلال احتلالها لبلاده، وأنه طلب من تبون وثائق تتعلق بجرائم الاستعمار الفرنسي في الجزائر.
وقال أردوغان" علینا أن ننشر هذه الوثائق لیتذكر الرئيس الفرنسي مانويل ماكرون أن بلاده قتلت 5 ملايین جزائري". 
وأضاف "الرئيس تبون ينظر إلى فرنسا بطريقة مختلفة تماما عمن كان قبله".
وكان أردوغان التقى تبون الأحد الماضي في العاصمة الجزائرية، في مستهل جولة أفريقية قادته إلى جامبيا والسنغال. لكنه لم يحصل على دعم الجزائر التي استضافة الخميس "مؤتمر للمصالحة الوطنية" بين طرفي النزاع في ليبيا وهي الخطوة التي يمكن أن تنهي أطماع الرئيس التركي الباحث عن نفوذ تؤمنه له الميليشيات على ضفاف المتوسط.
وأثارت زيارة الرئيس التركي إلى تونس في ديسمبر الماضي أيضا جدلا كبيرا، بعد أن حاول الزج بتونس في الصراع الليبي عبر تصريحه بانه اتفق مع نظيره التونسي على دعم حكومة الوفاق الليبية التي تقدم لها أنقرة دعما سياسيا وعسكريا وجعلتها مطية لتبرير تدخلها المباشر والسافر في ليبيا عبر إرسال جنود ومرتزقة للقتال إلى جانب الميليشيات في طرابلس.
وتحدث أردوغان في خطاب من أنقرة بعد عودته من تونس عن وجود اتفاق مع قيس سعيّد لدعم حكومة الوفاق برئاسة فايز السراج.
ونفت المستشارة الإعلامية بالرئاسة التونسية رشيدة النيفر وجود أي تحالف مع أحد أطراف النزاع في ليبيا.
وأوضحت "لم تطرح هذه المسألة بالمرة والدولة التونسية تبقى متمسكة بالحل السلمي للأزمة الليبية، كما جاء في بيان تونس للسلام (مبادرة تونسية) وكما أكده أيضا رئيس الجمهورية قيس سعيّد خلال زيارة الرئيس التركي مؤخرا".
وحاول أردوغان استخدام نفس الأسلوب الاستفزازي بعد زيارته إلى الجزائر عن طريق اللعب على وتر الجزائريين الحساس تجاه المستعمر القديم فرنسا، وذلك بعد يومين فقط من انتقادات ووجهها له الرئيس الفرنسي إمانويل ماكرون الذي استنكر التدخل التركي في النزاع الليبي معتبرا ذلك "انتهاكا صريحا" للتعهدات التي قطعتها أنقرة خلال مؤتمر برلين الدولي.
واتهم الرئيس الفرنسي نظيره التركي بتأجيج الوضع في ليبيا عبر إرسال جنود أتراك ومرتزقة سوريين والسلاح إلى الميليشيات في طرابلس.
وأصدر مؤتمر برلين بشأن ليبيا في اختتام أعماله في 19 من يناير الماضي، إعلانا أعرب فيه المشاركون عن التزامهم بقرار الأمم المتحدة الخاص بحظر تصدير السلاح إلى ليبيا ووقف تقديم الدعم العسكري لأطراف الصراع، ورفض التدخل الخارجي وبذل جهود دولية لتعزيز مراقبة حظر تصدير السلاح، وبتسريح ونزع سلاح الميليشيات وفرض عقوبات على الجهة التي تخرق الهدنة.
لكن تركيا التي شاركت أيضا في مؤتمر برلين  لم تلتزم بتلك القرارات، حيث رصدت حاملة الطائرات الفرنسية شارل ديغول الأربعاء قبالة السواحل الليبية فرقاطة تركية تواكب سفينة تقل آليات نقل مدرعة في اتجاه طرابلس، وفق ما أمصدر عسكري فرنسي.
وندد ماكرون بإرسال سفن تركية تقل مقاتلين سوريين إلى ليبيا "في هذا الوقت"، دعماً لحكومة الوفاق الوطني في طرابلس.
وقال ماكرون "رأينا في الأيام الأخيرة سفناً تركية تقلّ مرتزقة سوريين تصل إلى الأراضي الليبية"، معتبراً أن ذلك "يتعارض صراحةً مع ما التزم الرئيس إردوغان القيام به أثناء مؤتمر برلين".
ولم يجد أردوغان طريقة ينفي بها تصريحات ماكرون إلا بمحاولة الاستثمار في تاريخ فرنسا مع الجزائر التي بدأ النظام الجديد فيها باستعادة علاقاته مع فرنسا في الأسابيع الأخيرة، بعد توتر نسبي وجمود رافق الاحتجاجات الشعبية التي أطاحت بالرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة في ابريل الماضي.  
كما يحاول أردوغان الرد على اتهام فرنسا لتركيا بإبادة الأرمن التي تنكرها تركيا وتؤكدها الأمم المتحدة وتصنفها أكثر من 20 دولة مذبحة.

شارك