بعد عقود من ظلم الإخوان.. عودة «ضحايا التمكين» بالسودان إلى وظائفهم

الأحد 09/فبراير/2020 - 02:10 م
طباعة بعد عقود من ظلم الإخوان.. شيماء يحيى
 
«ضحايا التمكين»، هو وصف المواطنين السودانيين، الذين تعرضوا للاضطهاد والفصل التعسفي من وظائفهم، إبان حقبة الرئيس الأسبق، عمر البشير؛ إذ قررت لجنة حكومية، الأربعاء 5 فبراير 2020، إعادة 621 موظفًا إلى الخدمة المدنية، تعرضوا للفصل التعسفي، خلال السنوات الماضية.



وأكد بيان صادر عن لجنة النظر في قضية المفصولين تعسفيًّا، أن الموصي بإعادتهم للخدمة، كانوا يعملون بوزارة المالية وصندوق دعم الطلاب والجمارك وهيئة الطباعة والمخازن، وأن اللجنة ستواصل دراسة ملفات الوزارات والمؤسسات المختلفة بشأن المفصولين تعسفيًّا، بمجرد اكتمالها وتقديمها لها



ويذكر أن لجنة النظر في قضية المفصولين تعسفيًّا، قررت في يناير الماضي، إعادة 23 موظفًا وتسوية معاشات 6 آخرين.

التغلغل في مفاصل الدولة

عمل نظام عمر البشير وجماعة الاخوان «المحرك الأول له»، منذ تولي سدة الحكم في البلاد، قبل ثلاثين عامًا، على السيطرة على مفاصل الدولة السودانية، فيما يعرف بـ«التمكين»، وأسلمة الدولة.

 

كما عمل إخوان السودان، على فصل كل من لا يتوافق مع مشروعهم الكبير، من الوظائف العامة في البلاد، وأدى ذلك إلى تشريد آلاف الكوادر المهنية والفنية والكفاءات، وتدمير نظام الخدمة المدنية.

 

واتخذ الإخوان شعار «الخصخصة» ذريعة؛ لتصفية كل من يخالف أيديولوجياتهم، فبيعت مشروعات ومؤسسات الدولة، مثل مشروع الجزيرة الزراعي الرابح ومشروع جبال النوبة ودلتا طوكر والقاش وخور أبو حبل وغيرها، إضافةً إلى ميناء بورتسودان وهيئات الكهرباء والمياه ومصنع النيل الأزرق ومصانع الدباغة والسكر وغيرها، من مؤسسات الشعب الرابحة التي كانت تعيل الآلاف من العاملين وأسرهم.

 

350 ألف موظف

وقدرت اللجنة القومية للمفصولين أعدادهم، بحوالي 350 ألف موظف، عانوا من تردي أوضاعهم المعيشية هم وأسرهم، مع ما صاحب إجراءات فصلهم التعسفية، من امتناع النظام السابق عن دفع مستحقاتهم ومخصصات نهاية الخدمة.

 

ومن المثير في الأمر أيضًا، أن رئيس الوزراء الحالي الدكتور عبدالله حمدوك كان أحد ضحايا التمكين أيضًا، أو ما عرف وقتها بـ«قانون الصالح العام»؛ إذ تم فصله عندما كان موظفًا بوزارة المالية؛ بتهمة انتمائه للحزب الشيوعي، كما تم فصل وزيرة الخارجية أسماء محمد عبدالله، وهي بدرجة وزير مفوض في وزارة الخارجية؛ لذات التهمة التي أبعد بها حمدوك.

تحديات 

ويقود إخوان السودان المسيطرون نسبيًّا على مفاصل الدولة السودانية حاليًّا، ثورة مضادة، مستفيدين من سياسة التمكين، التي ظلوا ينفذونها منذ سيطرتهم على الحكم في منتصف عام 1989، ولذا يرهن نشطاء سودانيون تحقيق أهداف ثورة ديسمبر 2019، التى أطاحت بالبشير ورفاقه، بإزالة سياسة التمكين، وتفكيك نحو 200 مؤسسة سياسية وأكثر من 350 شركة تجارية، أسسها نظام الإخوان؛ للسيطرة على اقتصاد البلاد ومجاله السياسي.

 

وهناك العديد من التحديات أمام النظام الحالى، أولها، أن الإخوان أقحموا الآلاف من عناصرهم في وظائف الدولة وهم بلا مؤهلات؛ ليشغلوا مناصب حساسة في الخدمة المدنية، والكهرباء والجمارك والضرائب وغيرها، من المؤسسات المهمة، ويتمتع هؤلاء بامتيازات وحصانات لا تتوفر لدى نظرائهم من غير المنتمين للتنظيم.

 

وعلى موعد مع تجرع مرارة ما أذاقوه لغيرهم، على مدار 30 عامًا، تبنت فعاليات شعبية، دعوات لأن تنتهج السلطة السودانية الجديدة، مبدأ التعامل بالمثل مع كوادر «الحركة الإسلامية السياسية»؛ لضمان تعافي القطاعات الحيوية في البلاد، وعدم تعطيل مسيرة فترة الحكم الانتقالي.


ويري المحلل السياسي السوداني، راشد التجاني، في تصريحات صحفية، أن القضاء على عناصر الإخوان في مفاصل الدولة يتطلب وقتًا؛ لضعف أجهزة الخدمة المدنية؛ بسبب سياسة التمكين؛ إذ إنها كانت تقوم على تعيين العمالة على أساس الولاء السياسي بدلًا من الكفاءة، وبالتالي غادرت الكفاءات البلاد بعد أن طالتها عمليات الفصل التعسفي الواسعة، واعتبر «التيجاني»، أن إصلاح جهاز الخدمة المدنية مدخلًا مهمًا؛ لتعافي السودان سياسيًّا واقتصاديًّا وأمنيًّا.

شارك