ليبيا.. تكتب الفصل الأخير من أكذوبة أردوغان

الخميس 13/فبراير/2020 - 12:31 م
طباعة ليبيا.. تكتب الفصل جبريل محمد
 
محمد حسين: لم يتعلم الدرس ووضع نفسه في الزاوية بسعيه لسرقة ثروات البحر المتوسط 
رضا سلامة: المغرب والجزائر رفضتا الانجرار وراء مغامرته في ليبيا 

بعد نحو عقد من التدخل التركي في سوريا، ودعمه للإرهابيين الذين كانوا يتخيلون أن النظام السوري أيامه معدودة، يجد الرئيس رجب طيب أردوغان نفسه غارق حتى أذنيه في المستنقع السوري، وحلفائه منهزمون، ومشاكله الداخلية تتفاقم. 
وبدلا من محاولة لملمة جراحة والتعلم من الدرس، سعى أردوغان لمقامرة جديدة، وهي التدخل في ليبيا لسرقة ثرواتها ومنازعة أصحاب الحق ثرواتهم في البحر المتوسط، ومن أجل ذلك وقع مع حكومة الوفاق الليبية، برئاسة فايز السراج، اتفاقًا في نوفمبر الماضي لإعادة رسم الحدود البحرية في المنطقة، منحت أنقرة مقعدًا على الطاولة.
أو على الأقل هذا ما يأمله الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ولكن "الأمل" و"ليبيا" ليسا كلمتين تتشابك بسهولة، وأنقرة تجد أن التدخل يشبه إلى حد كبير مناورة من الطراز القديم، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه لماذا اعتقد الأوتوقراطي التركي أن دعم أحد الأطراف في الحرب أهلية فكرة جيدة، خاصة بعد كارثته في سوريا؟. 
وعندما اندلعت الحرب الأهلية السورية عام 2011، قفز أردوغان بكلتا قدميه، وقام بتسليح الفصائل المعارضة لحكومة الرئيس بشار الأسد، ومساعدة إرهابي القاعدة الذين يعبرون الحدود التركية وتوقعوا أن أيام نظام دمشق معدودة، ولكن بعد تسع سنوات، يغمر تركيا 3.8 مليون لاجئ، ولا يكاد حلفاء أنقرة يتمسكون بمقاطعة إدلب السورية في الشمال الغربي.
وفي حين أن غزو تركيا لسوريا في العام الماضي دفع معظم الأكراد من الحدود الشرقية لسوريا مع تركيا، إلا أن القوات السورية والروسية أجهضت خطط أنقرة، وسعيها لإقامة منطقة منزوعة السلاح، يمكن أن تنقل إليه ملايين اللاجئين.
وقال محمد حسين أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة،:" بعد ما يقرب من عقد من التدخل، يجد أردوغان نفسه وجيشه مستعصى على الجانب الخاسر من الحرب الأهلية، ويزداد الغضب في الداخل بشأن اللاجئين والاقتصاد، ويتطلع إلى المناورة من موسكو ودمشق.
وأضافت في تصريحات لـ "بوابة الحركات الإسلامية"، أردوغان لم يتعلم من الدرس السوري، ومرة أخرى يحاول التدخل في حرب الأهلية، ولكن هذه المرة على بعد أكثر من 1000 كيلومتر من حدودها، في ليبيا، الذي يعتبر مستنقع أردغان الأخير 
وتابع، أردوغان رغبته في الحصول على ثروات البحر المتوسط، جعله يسعى بكل وسيلة لسرقتها، خاصة أن مطالبه بتلك الموارد استنادا على احتلال شمال قبرص، ليس كافيا مع رفض العالم كله الاعتراف بتلك السيادة فقد تم استبعاد أنقرة من اتفاقية الطاقة الإقليمية التي وضعها "الكونسورتيوم".
وعندما شكلت مصر وإسرائيل وقبرص وإيطاليا والأردن وفلسطين منتدى شرق المتوسط العام الماضي، وتم تجاهل أنقرة، أصيب أردوغان بالجنون.
التوترات بين أثينا وأنقرة أصبحت مرتفعة، والصدام العسكري ليس مستبعدا، رغم أن تركيا واليونان عضوان في الناتو، ويبدو أن حنكة الرئيس التركي المعتادة تخلت عنه، بإعلانه علانية إرسال قوات إلى ليبيا، قد أضرت بقدرتها على التأثير على الأحداث. 
ومن خلال ضمان حماية تركيا لحكومة الوفاق الوطني في طرابلس، وضعت تركيا نفسها في الزاوية، حليفها الحقيقي الوحيد هو قطر، وإيطاليا (سراً)، بحسب محمد حسين. 
خطة أردوغان لاستخدام الجنود الأتراك رفضت بالإجماع من جامعة الدول العربية التي تضم 22 دولة ومؤتمر برلين في 20 يناير، ويبدو أن خطة تركيا لاستخدام المرتزقة السوريين ماتت.
ويرى رضا سلامة الخبير في الشأن الليبي، أن اعتقاد أردوغان برغبة السوريين في القتال بليبيا يوحي بفك ارتباط كبير مع الواقع، فقد افترض أردوغان في البداية أن تدخله سيكون مدعومًا من المغرب، حيث يرتبط حزب العدالة والتنمية الحاكم، ارتباطًا وثيقًا بالحزب الحاكم في الرباط، لكن بدلاً من فتح مطاراتها للطائرات الحربية التركية، ظل المغرب محايدًا، وكذلك الجزائر.
وتابع في تصريحات "لبوابة الحركات الإسلامية"، وفي الداخل، أردوغان يواجه العديد من المشاكل التي تتفاقم ومن بينها البطالة وارتفاع التضخم، الاقتصاد التركي في حالة ركود والبطالة بلغت 14 %، وسيتعين على تركيا قريبًا التعامل مع مئات الآلاف من اللاجئين السوريين الفارين من الجيش السوري والقوات الروسية في الشمال الغربي.
وأضاف، أن مغامرات أردوغان تعجل بنهايته، ففي الشهر الماضي، استُهدف عدد من المقاولين وأفراد الشرطة الأتراك في انفجار قنبلة على جانب الطريق بالصومال، لقد ضخت تركيا أكثر من مليار دولار في تلك الدولة التي مزقتها الحرب، واستولت على المطار الرئيسي والميناء البحري، ولكن إذا كنت تريد تعريف "المستنقع"، فليس هناك أكثر من الصومال.
في الجولة الأخيرة من الانتخابات التركية المحلية ، حصل حزب العدالة والتنمية على ضربة ساحقة، حيث فقد البلديات الكبيرة مثل أنقرة، خطته الباهظة الثمن لحفر قناة ضخمة لربط البحر الأسود ببحر مرمرة قد وواجهت نبرة معارضة في اسطنبول، وكان أحد الأسباب التي جعلت خسارة العدالة والتنمية مدوية في الانتخابات.
كانت الخسارة ضربة مزدوجة لأن إسطنبول كانت مهمة لأردوغان لأن بدايته الحقيقة في السلطة كانت هناك، وكان بنكًا صغيرًا لحزب العدالة والتنمية، الذي استفاد من رشاوى شركات البناء، وتمثل المدينة أكثر من 30٪ من الناتج المحلي الإجمالي لتركيا.
مغامرات أردوغان وخاصة ليبيا تعجل بنهايته، ومنذ ما يقرب من 20 عامًا، سيطر أردوغان على البلاد من خلال مزيج من السياسة الذكية والقبضة الحديدية، لقد بنى آلة انتخابية هائلة من خلال مخططاته الإنشائية، وأزال فعليًا أي معارضة ، وألقى الآلاف من خصومه في السجن.
لكن كارثة سوريا، ثم ليبيا، والاتحاد الإفريقي يفكر في سحب قواته من الصومال، وترك تركيا لترث الحرب المستمرة منذ عقدين، اردوغان على خلاف مع الاتحاد الأوروبي ودول الشرق الأوسط فيما عدا قطر، وحتى قطر يبدو أنها تستعد لتسوية خلافاتها مع اثنين من خصوم تركيا الإقليميين، السعودية والإمارات.
وفي الداخل، تشهد الليرة التركية انخفاضًا، ولا تزال البطالة مرتفعة، ولم تعد مشاريع البناء الضخمة تبقي الاقتصاد على قدميه، وفي الماضي، كان يمكن لأردوغان الاعتماد على الأكراد المحافظين دينياً لدعم حزب العدالة والتنمية، لكن سياساته القمعية تجاه الجالية الكردية أبعدت تلك الأقلية.
وأخيرًا، انشق حزب العدالة والتنمية، حيث خرج عن حزب يمين الوسط لجذب أولئك الذين سئموا من حكم أردوغان الفردي، وبدا العد التنازلي ليلم أردوغان.

شارك