لعبة «الغرام الناسف».. «الحب» وسيلة المتطرفين للتجنيد وإثبات الذات

الجمعة 14/فبراير/2020 - 08:44 م
طباعة لعبة «الغرام الناسف»..
 
منة عبد الرازق
«الحب» وسيلة من وسائل الإرهابيين لجلب المراهقات والنساء إلى صفوف التنظيمات؛ إذ انتهج تنظيم «داعش» الإرهابي هذا المسلك لجذب مجندات جدد، ولعبت أيضًا قصص الحب غير المكتملة بالزواج دورًا في تحولهم من أسوياء الفكر إلى التطرف، وكان «حب الذات» والرغبة في إثباتها دافعًا قويًّا لدى البعض للانخراط في صفوف الجماعات المتطرفة.
في أكتوبر 2011 تناول الكاتب الأمريكي كين بالين، المحقق بالكونجرس سابقًا، في كتابه «الإرهابيون في الحب.. الحياة الحقيقية للمتطرفين»، قصص إرهابيين، وكيف تحولوا من أشخاص مرهفي الحس إلى متطرفين.
«عبد الله الجيلاني» أحد الشباب الذي دفعهم الحب إلى التحول للتطرف، بسبب ضيق الحال وارتفاع تكاليف زواج فتاة كان يحبها، ورُفض طلب زواجه بها من أسرتها، لتتزوج بعدها ثريًّا مسنًّا، ويقرر الجيلاني على إثر ذلك السفر للعراق، والانضمام لصفوف داعش، عله يموت شهيدًا ــ حسب اعتقاده ــ ويلقى حبيبته في عالم آخر، لكن انتهى به المطاف إلى عملية انتحارية فاشلة ليقبع داخل أحد السجون.
أيضًا "الشايع" الذي افتقد العاطفة الأسرية، بسبب تعنيفه المستمر من قبل أبيه، ليقرر الانضمام إلى تنظيم القاعدة في عام 2004، ويسافر بعدها إلى سوريا ثم العراق للجهاد ضد الولايات المتحدة، إلا أنه اكتشف أنه مجرد «علف بشري» كما يصف، يضحي به التنظيم وبغيره في عمليات انتحارية، وكُلف الشايع بعملية انتحارية لم يكن يعلم عنها شيئًا، فتراجع عقب بدء زملائه في تفجير أنفسهم، لكن تراجعه لم يقيه من تشوه جسده ووجهه ويديه، ليكون أول ناج من عملية انتحارية.

التجنيد بالعاطفة
برع تنظيم داعش في ابتكار طرق مختلفة لجذب عناصر جديدة، وكان للعلاقات عبر شبكة الإنترنت نصيب كبير من عمليات الاستقطاب تلك، ولم يقتصر التجنيد باستخدام العاطفة على النساء فقط، ففي محافظة ديالي بالعراق وقع علاء فريسة لفتاة أرسلت له فيديوهات عن داعش، وتم استدراجه للانضمام لخلية تابعة للتنظيم.
وهو ما أكده المتحدث باسم شرطة ديالي العقيد غالب عطية أنه أنقذ 18 شخصًا كانوا على وشك الانضمام لـ«داعش» عبر التواصل على موقع «فيس بوك» في عام 2018.
«الحب واصطناع المشاعر وسيلة للتجنيد، يعتبر من أقوى الأمور التي تحفز الرغبة والدافع والتركيز، وتجعل الشخص مستعدًا لبذل أي شيء أو تعريض نفسه للمخاطرة أحيانًا من أجل الآخر»، هكذا وصفت «كيمبرلي ميهلمان» أوروزكو أستاذة علم الاجتماع، في كتابها «الجهادي في الجوار» الذي نشر في عام 2019، استخدام العاطفة في الإيقاع والتجنيد المتطرف، ورجحت انجذاب نساء ورجال من الدول الغربية للتنظيمات الإرهابية عن طريق الحب الزائف.

جهاديات على صفيح ساخن
«قصة حب» حولت حياة «عائشة» الإسبانية التي غيرت اسمها بعد انضمامها لـداعش، فبعد انضمام شقيقها إلى التنظيم عقب وصوله تركيا في عام 2014، تواصل مع أسرته بإسبانيا التي تبرأت منه بعد ذلك، لكن عائشة التي ربطتها علاقة قوية بأخيها، ظلت تتواصل معه عبر تطبيقي «واتس آب» و«تيليجرام»، ثم تعارفت على صديق شقيقها الذي خطط أيضًا للذهاب إلى سوريا، وتطورات العلاقة بينهما إلى صداقة ثم سافرت إلى سوريا وتزوجته، وأنجبت طفلها «يونس»، وهو أول مولود إسباني يولد داخل نطاق تنظيم داعش.
وعقب مقتل زوجها فى إحدى العمليات، تواصلت مع والدتها لإقناعها بالهجرة إلى «داعش»، رافضة أي محاولة من أسرتها لإقناعها بالعودة إلى بلادها مرة أخرى، قائلة: «إن لها في داعش استقلاليتها وهدفها في الحياة وراتب شهري وفرصة للمشاركة في بناء شيء ذات أهمية تاريخية عالمية»، وذلك وفقًا لما وثقه مركز «كارتر» بعنوان «النساء في داعش: تفكيك الديناميات المعقدة بين الجنسين في دعاية داعش للتجند»، فبراير 2017.
أيضا «سالي جونز» البريطانية، أشهر جهاديات «داعش» والملقبة «بأم حسين»، انضمت للتنظيم عقب قصة حب «إلكترونية» مع زوجها الباكستاني البريطاني جنيد حسين، الذي يعتبر من أقوى «قراصنة الإنترنت» في التنظيم، وعقب مقتله نعته «سالي» بعدد من التغريدات على موقع التواصل تويتر، قائلة: إنها فخورة بأن زوجها قُتل على يد أكبر أعداء الله، وإنها لن تحب بعده أبدًا.
ولم يتوقف نشاط جونز بعد مقتل زوجها، فقد كان لها دور بارز في حشد النساء؛ خصوصًا من الغرب لتجنيدهن لصفوف «داعش»، بجانب نشرها قوائم لأفراد الجيش الأمريكي بهدف اغتيالهم.
حب الذات.. سيكولوجية التطرف
وتشرح دراسة نشرت في جامعة «ماريلاند.. كوليج بارك» الأمريكية فى عام 2013، تحت عنوان «الإرهاب - قصة حب ذاتية»، دور «حب الذات» في جنوح البعض نحو العنف والإرهاب، إذ لعب فقدان الأمان العائلي أو الوظيفي أو المادي دورًا ـــ بحسب الدراسة ـــــ في لجوء البعض لمجموعات «متطرفة» قادرة على تقبلهم، رغبة في إشباع تلك الاحتياجات.

شارك