حركة "النهضة" تعرقل مسار الانتقال الديمقراطي بتونس وتنسحب من تشكيلة الحكومة المقترحة

الأحد 16/فبراير/2020 - 12:16 م
طباعة حركة النهضة تعرقل فاطمة عبدالغني
 
أعلنت حركة النهضة الإخوانية في تونس، أمس السبت 15 فبراير، سحب مرشحيها من حكومة إلياس الفخفاخ المقترحة وعدم منحها الثقة، قرار مجلس شورى الحركة جاء قبل ساعات قليلة من عرض الفخفاخ حكومته على الرئيس التونسي قيس سعيد.
وقال رئيس مجلس الشورى الحركة عبد الكريم الهاروني عقب اجتماع المجلس للصحافيين: "أمام إصرار رئيس الحكومة المكلف عدم الاستجابة لمطلب حركة النهضة في حكومة وحدة وطنية لا تقصي أحداً، فإن الحركة قررت سحب مرشحيها من تشكيلة الحكومة وعدم منحها الثقة". وأضاف: "أن القرار نهائي ويلزم النهضة بكامل مؤسساتها".
وعلق رئيس الحكومة المكلف إلياس الفخفاخ، على انسحاب حركة النهضة في اللحظات الأخيرة من التشكيلة ورفض منحها الثقة بالبرلمان بأنه يضع البلاد أمام وضعية صعبة، وفق ما ذكرت "سي إن إن" الأمريكية.
ونقلت وكالة الأنباء التونسية الرسمية على لسان الفخاخ الذي وصف حركة النهضة بـ"الشريك الأساسي"، قوله: "خيرت النهضة قبل ساعة من الإعلان على هذه التركيبة، إلا أنها انسحبت ورفضت منح الحكومة الثقة، وذلك لعدم تشريك حزب قلب تونس في الائتلاف الحكومي".
وأضاف: "هذا الخيار يضع البلاد أمام وضعية صعبة تقتضي التمعّن في الخيارات الدستوريّة والقانونيّة والسياسيّة المتاحة"، مشيرا إلى أنه ومن "باب المسئولية، استغلال ما تبقى من الآجال الدستورية لأخذ التوجه المناسب، بما يخدم مصلحة البلاد العليا".
وتبعا لذلك، أكد الفخفاخ أنه قرر مع الرئيس قيس سعيد تمديد مشاورات تكوين الحكومة إلى حين انتهاء الآجال الدستورية المحددة لذلك، وسط توقعات بأن يقوم بإدخال بعض التعديلات على القائمة الوزارية المقترحة.
وردًا على إعلان حزب حركة النهضة سحب وزرائها من الحكومة المقترحة، قال الرئيس التونسي قيس سعيد ليل السبت إنه لن يسمح بالمناورة تحت عباءة الدستور، ما قد يفتح الباب أمام مأزق سياسي.
وجاء رد سعيد في لقاء جمعه برئيسي الاتحاد العام التونسي للشغل واتحاد الأعراف، أكبر المنظمات الوطنية. 
وقال سعيد: "تونس فوق الاعتبارات الظرفية وفوق الصفقات التي يتم إبرامها في الظلام أو تحت الأضواء. المناورات تحت عباءة الدستور لا يمكن أن تمر".
وتابع الرئيس "النص الدستوري واضح فليكن الجميع في المستوى هذه اللحظة التاريخية. لن تترك تونس تتقاذفها المصالح المعلنة أو المخفية".
يشار إلى أنه التشكيلة الجديدة ضمت 29 وزيرا وكاتبين للدولة، كانت لحركة النهضة النصيب الأكبر باعتبارها الكتلة الأكبر في البرلمان، حيث حصلت على 6 حقائب وزارية، بينما حصل حزب التيار الديمقراطي على 3 حقائب وزارية، في حين حصل كل من حزبي تحيا تونس وحركة الشعب وكتلة الإصلاح الوطني بالتساوي على وزارتين، أما حزب نداء تونس فحصل على وزارة واحدة، وآلت بقية الوزارات إلى شخصيات مستقلة.
ومن أبرز الوزراء في الحكومة التونسية المقترحة، الأمين العام للتيار الديمقراطي محمد عبو، الذي اقترح على رأس وزارة الإصلاح الإداري.
كما تضمنت الأسماء القيادي في النهضة عماد الحمامي على وزارة النقل، أما وزارة الدفاع فكانت من نصيب المستقل عماد الحزقي، ووزارة الداخلية للمستقل هشام المشيشي، والعدل للمستقلة ثريا الجريبي، بينما آلت حقيبة الخارجية إلى السفير التونسي لدى الكويت نورالدين الري.
ويرى المراقبون أن قرار حركة النهضة الإخوانية في تونس، أمس، سحب مرشحيها من حكومة الفخفاخ المقترحة وعدم منحها الثقة يعد بمنزلة عصي في دواليب الحياة السياسية التونسية، أو كما اعتبره البعض "نصب أفخاخ" لرئيس الحكومة المكلّف، خاصة أن قرار مجلس شورى الحركة جاء قبل ساعات قليلة من عرض الفخفاخ حكومته على الرئيس التونسي قيس سعيد.
كما أن من شأن قرار حركة النهضة أن يلقي بالمزيد من التعقيد في طريق الفخفاخ لنيل ثقة البرلمان، بعد أن فشلت الحكومة السابقة المقترحة من الحبيب الجملي في يناير الماضي في نيل الثقة.
وانضمت حركة النهضة إلى حزب "قلب تونس" الحزب الثاني في البرلمان الذي أعلن أيضاً عدم منح الثقة للحكومة.
وأمام توسع خارطة الأحزاب المعارضة لحكومة الفخفاخ، يرى مراقبون أن إمكانيات نجاحها ضعيفة، وفرضية الذهاب إلى انتخابات تشريعية مبكرة أصبحت واردة بشكل كبير.
من ناحية أخرى اعتبر أستاذ علم الاجتماع السياسي عبدالرزاق الجمل، انسحاب التنظيم الإرهابي يعد محاولة يائسة من حركة النهضة للضغط على الفخفاخ، لتعيين قياداتها على رأس وزارتي الداخلية والعدل، لعدم افتضاح جهازها السري.  
وقال الجمل، في تصريحات صحفية له، "إن النهضة تريد وضع يدها على الوزارات الحساسة في حكومة الفخاخ، من أجل مشاريع التمكين الإخواني". 

شارك