الوطني الليبي يهاجم ميناء طرابلس والرد التركي يكشف هشاشة حكومة الوفاق

الأربعاء 19/فبراير/2020 - 01:43 م
طباعة الوطني الليبي يهاجم حسام الحداد
 

شهدت المواجهات الدائرة في العاصمة الليبية تطوراً عسكرياً لافتاً، إذ أعلن مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا غسان سلامة أن ميناء طرابلس البحري تعرض لهجوم مساء الثلاثاء 18 فبراير، في حين تحدثت قناة العربية عن إسقاط طائرة مسيرة تركية في عين زارة جنوب العاصمة الليبية.

واستدعى قصف الميناء رداً سياسياً من المجلس الرئاسي  لحكومة الوفاق الوطني الحاكم في العاصمة، إذ أعلن تعليق مشاركته في مفاوضات جنيف العسكرية التي ترعاها الأمم المتحدة بشأن ليبيا احتجاجاً.

وجاء في بيان أصدره المجلس الرئاسي "نعلن تعليق مشاركتنا في المحادثات العسكرية التي تجرى في جنيف حتى يتم اتخاذ مواقف حازمة مع المعتدي وانتهاكاته". وأضاف "سيكون لنا الرد الحازم على هذه الخروقات بالشكل والتوقيت المناسبين".

وكانت مصادر عسكرية تابعة لـ "الجيش الوطني" أكدت قصف السفينة التركية التي رست الثلاثاء في ميناء طرابلس، فيما تحدثت مصادر أخرى عن قصف مستودع للسلاح في الميناء. وتحدث مدير إدارة التوجيه المعنوي في الجيش الوطني الليبي اللواء خالد محجوب عن استهداف مدفعي لباخرة تركية حملت اسم فاف VAV كانت رست في تمام الساعة العاشرة صباحاً محملة بالأسلحة والمعدات للميليشيات التابعة لحكومة الوفاق. وأضاف أن "ثلاث قذائف استهدفت السفينة، اثنتان منها سقطتا في البحر والقذيفة الثالثة أصابت السفينة".

وقد اثبت رد الفعل التركي بان الحكومة التركية تسعى للهيمنة بشكل تام على قرار حكومة السراج التي تحولت الى مجرد اداة بيد انقرة لتنفيذ اجنداتها في الهيمنة على ليبيا.

واكدت الرئاسة التركية هذا الاتجاه بعد ان صرح المتحدث باسمها إبراهيم قالن، بان بلاده ردت على الهجوم الذي شنته قوات الجيش الليبي على ميناء طرابلس واصفا ذلك بالتحرش.

جاء ذلك في مؤتمر صحفي عقده، الثلاثاء، عقب اجتماع الحكومة التركية في المجمع الرئاسي بالعاصمة أنقرة، وذلك في معرض رده على سؤال أحد الصحفيين حول الهجوم على ميناء في العاصمة طرابلس.

وأشار قالن إلى أنّ الحكومة بحثت حادث الاعتداء على ميناء طرابلس في اجتماعها، قائلا: "كان هجوما فاشلا، بقصد التحرش، وتم الرد عليه بالمثل وأكثر على الفور" دون توضيح ماهية الرد.

وأردف: "هذه الحادثة وقعت ليلة أمس، وبعد ردنا عليها، يمكننا القول بأنّ الوضع هدأ تماما".

ويظهر من تصريحات المتحدث باسم الرئاسة التركية ان قرار شن الهجمات على الجيش الليبي يتم اتخاذه في انقرة وان حكومة السراج ليست سوى اداة يتم استخدامها في الوقت الذي تراه الحكومة التركية.

ولم يتحدث قالن ولو تلميحا عن تنسيق او حتى اعلام حكومة الوفاق بالرد التركي على الاراضي الليبية ما يشير ان تركيا اصبحت هي المتحكم في مختلف قرارات حكومة طرابلس وانها تعمل على استعراض قوتها.

وتصريحات قولن تثبت كذلك مدى ضعف قوات الوفاق وعدم تحليها بالمصداقية حيث اعلنت وسائل اعلامية ليبية عقب هجوم الجيش الليبي على الميناء ان الفصائل المتحالفة مع حكومة السراج "ردت بالمثل" على مهاجمة ميناء العاصمة ليتضح فيها بعد ان تركيا هي التي تكفلت بالرد.

في المقابل، صرح المتحدث باسم المركز الإعلامي لعملية "بركان الغضب" التابعة لحكومة الوفاق، مصطفى المجعي لوكالة أنباء الأناضول، أن "لا صحة لاستهداف سفينة تركية أو مخزن للذخيرة في ميناء طرابلس".وكانت وكالة "رويترز" تحدثت عن تصاعد دخان كثيف من منطقة الميناء، وقالت إن "مستودعاً ضُرِب في الهجوم. وأن الجيش يحاول السيطرة على العاصمة".

وفي وقت لاحق، أعلنت المؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا إخلاء كل ناقلات الوقود بشكل عاجل من ميناء طرابلس بعد سقوط قذائف بالقرب من ناقلة محملة بغاز النفط المسال (غاز الطهي) أثناء تفريغ شحنتها في الميناء، مضيفةً أن كل عمليات التفريغ في الميناء أُلغيت.

وفي ما يخص الاستمرار في إقفال الموانئ النفطية، ترى أوساط متابعة لمستجدات الشأن الليبي أن صمت المجتمع الدولي حيال غلق المنشآت ووقف صادراتها يعبر عن "قناعة دولية بأن القرار شعبي"، عكس قرارات سابقة مماثلة تقف وراء أطراف رئيسة في الصراع، تدخلت فيها الأمم المتحدة ودول كبرى من أجل وقفها، من بينها قرار القيادة العامة للجيش الوطني في يونيو 2018، بشأن "قرار إنتاج النفط وتصديره إلى إدارة المؤسسة الوطنية في بنغازي".

"النفط ورقة مساومة"

وأغلق مواطنون يوم 18 يناير الماضي أهم موانئ وحقول النفط، بدعوة من مؤسسات المجتمع المدني "احتجاجاً على التدخل العسكري التركي في ليبيا وذهاب إيرادات النفط إلى ميليشيات تقاتل الجيش الوطني"، بحسب بيان مشترك سابق لمؤسسات مجتمع مدني في بنغازي.

وإثر اتهام حكومة "الوفاق" للقيادة العامة للجيش بوقوفه وراء الخطوة، نفى المتحدث باسم قوات الجيش اللواء أحمد المسماري، "صحة مزاعم الحكومة"، قائلاً إنها "خطوة جبارة قام بها الشعب"، مؤكداً أن "الجيش استمع لنداء الشعب الليبي وبالتالي لن يتدخل في إرادته".

 لكن الحكومة في طرابلس لا تزال تتهم الجيش بالوقوف وراء الاحتجاج الشعبي، وآخرها تحذير رئيس المجلس الرئاسي لحكومة "الوفاق" فايز السراج بمناسبة مرور الذكرى التاسعة لثورة 17 فبراير، "من استخدام النفط كورقة مساومة سياسية". وعلى الرغم من تهديده بإمكان "التصعيد في مناطق استخراج النفط"، إلا أن مطالبته بــ "تحرك من المجتمع الدولي"، تعكس عجز الحكومة عن معالجة آثار القرار عليها.

الحكومة تتفرد في إيرادات النفط

وفي هذا الشأن، شدد صالح بومطاري أحد أعضاء المجلس الأعلى لمناطق حوض النفط والغاز، على أن "القرار شعبي ووطني في هدفه، وإن كنا من أنصار عملية الجيش في طرابلس لكن الجيش لم يتدخل في قرارنا"، مشيراً الى أن الحركة الشعبية في طريقها لبلورة قادة من القبائل للتحدث باسمهم لدى المنظمات الدولية.

وقال بومطاري لــ "اندبندنت عربية"، إن الخطوة تهدف إلى "تحرير مؤسسات الدولة من لوبيات الفساد وعصابات الاعتمادات الممولة للميليشيات والمجموعات الإرهابية"، مؤكداً أن انفراد سلطة الحكومة بالتصرف في إيرادات النفط أثر سلباً وبشكل مباشر في المواطن.

لم تتوقف المؤسسة الوطنية للنفط في طرابلس من جهتها، عن إصدار بياناتها المواكبة لقرار وقف صادرات النفط لبيان خسائر المؤسسة، آخرها اليوم الثلاثاء 18 فبراير، التي انتهت إلى أن "إجمالي الخسائر الناتجة من إغلاق حقول وموانئ وخطوط أنابيب النفط، تجاوزت حتى الآن 1.6 مليار دولار".

وبينما أشار بيان المؤسسة إلى تراجع إنتاج النفط الخام إلى 135745 برميلاً يومياً، طالب بــ "سرعة إنهاء الوقف غير المسؤول والمخالف للقانون للمنشآت والسماح لها باستئناف عمليات الإنتاج فوراً".

في المقابل، لم تزد المواقف الدولية عن حد التعبير عن "القلق"، لكن الباحث السياسي عبد القادر امشالي لفت الانتباه إلى أن بيانات بعض الدول الكبرى أشارت إلى ضرورة معالجة قضية توزيع الثروة بشكل عادل بين الليبيين، ما اعتبره امشالي في حديث إلى "اندبندنت عربية"، مؤشراً إلى " قناعة دولية بأن القرار شعبي"، موضحاً أن توقيت القرار المتزامن مع إطلاق الأمم المتحدة مسارات لحل الأزمة في ليبيا منها المسار الاقتصادي، زاد من أهميته.

ويتهم القائمون على قيادة قرار غلق المنشآت النفطية حكومة "الوفاق"، كونها تدير بقرار أممي إيرادات النفط، بــ "الفساد وتمويل الميليشيات من إيرادات النفط"، على الرغم من نفي الحكومة في طرابلس ذلك، وبحسب بيان وزارة الاقتصاد فإن مصارف الميزانيات السنوية ثابتة وبنودها لا تتجاوز صرف مرتبات المواطنين ودعم المحروقات والسلع الغذائية والدوائية الضرورية.

لكن صراعات قادة حكومة طرابلس وميليشياتها تكشف بين الحين والآخر تجاوزات كبيرة تستهدف موارد الدولة المالية، آخرها ما كشف عنه آمر سلاح المدفعية في قوات "الوفاق" العقيد فرج اخليل، عن سعي نائب رئيس المجلس الرئاسي أحمد معيتيق إلى "تمرير اعتماد مستندي بقيمة 35 مليون يورو" لتوريد أسلحة، مشيراً إلى أن القيمة المالية للاعتماد مرصودة في المصرف الليبي الخارجي، لكنها أوقفت "لاستكمال بقية الأوراق من طريق رئاسة الأركان الجوية" في قوات الحكومة.

وإن جاء هذا الاتهام من طرف واحد، إلا أن حديث اخليل، على صفحته على "فيسبوك" أمس الاثنين، كشف أيضاً عن تعاقدات من قبل بعض قادة الميليشيات كــ "آمر ميليشيا قوة الردع الخاصة عبدالرؤوف كاره برفقة ثلاثة ضباط يحملون رتبة لواء، للإيقاع برئيس أركان الدفاع الجوي اللواء عبد الباسط بن جريد"، من خلال "توريد منظومات دفاع جوي غير مطابقة للشروط وتعتبر بضاعة رديئة في العالم وثمن المنظومة مليونا يورو لكن وُثّقت بستة ملايين يورو".

شارك